ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كتاب
: على خطا اوباما الحلقة:
(3) الصفحات:
233 صفحة الكتاب:
على خطى اوباما تأليف:
نيل بلانيل عرض
ومناقشة : د. محمد مخلوف الناشر:
هاشيت ـ باريس ـ 2009 رئاسة
بوش انتهت بخسارة إيديولوجية
لليمين الأميركي يفتقر
الملايين من الأميركيين إلى أي
نظام ل«الضمان الصحي»، ذلك على
خلفية فكرة مفادها «اعملوا من
أجل تأمين عيشكم وضمانكم الصحي».
وجرت محاولات عديدة منذ روزفلت
وحتى بيل كلينتون لإيجاد نظام
ضمان صحي على المستوى الوطني
الأميركي، لكن الفشل كان دائما
هو النتيجة. وهناك اليوم حوالي 45
مليون مواطن أميركي لا يتمتعون
بأي ضمان صحي. مشاريع
الإصلاح وتعميم الضمان الصحي
على جميع الأميركيين تحدثت عنها
إدارات أميركية عديدة منذ ما
يزيد عن نصف قرن. لكنها كلها
ظلّت حبرا على ورق. الولايات
الأميركية الخمسين حاولت اتخاذ
إجراءات محلية في هذا الميدان،
لكن النتيجة هي أنه هناك اليوم
حوالي 45 مليون أميركي بدون أي «غطاء
صحي». بالمقابل إذا كان «الحلم
الأميركي» يقوم على قناعة أنه
بإمكان أي فرد في أميركا الوصول
إلى أعلى المراتب الاجتماعية
إذا كانت لديه المؤهلات، فإن
الإحصائيات تقول أن 3. 37 مليون
أميركي يعيشون في مستوى دون
عتبة الفقر. وتصحيح هذا المسار
كله هو أكبر تحديات اوباما
الداخلية... هناك
الملايين من الأميركيين بدون أي
«غطاء ضد المرض» في ظل افتقارهم
ل«الضمان الصحي» العام أو الخاص.
ثم إن البدانة تمثل مشكلة كبيرة
أخرى. وفيما هو أبعد من البعد
الأخلاقي. يشير مؤلف هذا الكتاب
إلى أن «عدم حماية أولئك
البائسين يحرم أميركا أيضا من
قوة عملهم». وأغلبية الأميركيين
الذين يتمتعون بضمان صحي قد
حصلوا عليه بفضل رب عملهم،
وفقدان هذا العمل يعني إذن
فقدانه أيضا. وبهذا المعنى أخذ
أرباب العمل دور الدولة بتقديم
الضمان لمستخدميهم. ويؤكد مؤلف
هذا الكتاب أن الرئيس «روزفلت»
كان قد «حلم» بتأسيس نظام
للضمان على المستوى الوطني «لكنه
كان يعرف أن الكونجرس لمن يدع
المشروع يمر». ذلك على خلفية
فكرة مفادها أنه «إذا عرفتم أن
المجتمع سوف يترككم تموتون
جوعا، فإنكم سوف تبحثون عن
العمل لإيجاد سبل عيشكم». ومثل
هذه الفكرة عزيزة جدا على قلب
معسكر اليمين الأميركي خاصة. الحكمة
وراء ذلك، كما يقال، هي حث
الجميع على العمل. لكن الواقع
يدل على أن هناك ما هو أبعد من
ذلك. وينقل المؤلف عن روبرت
كروغمان، الأميركي الحائز على
جائزة نوبل للاقتصاد عام 2008
قوله: «كانت هناك معارضة حاسمة
لإنشاء ضمان صحي وطني من قبل
الديمقراطيين الجنوبيين على
الرغم من فقر الجنوب حيث يوجد
كثر لا يستطيعون دفع تكاليف
غطاء طبي مناسب وحيث كان لمثل
ذلك الضمان أن يمثل متنفسا
ماليا هاما. لكن رجال السياسة
اعتقدوا أن وجود ضمان صحي وطني
سيرغم المنطقة على أن تفتح
أبواب مستشفياتها أمام جميع
الأجناس. بالتالي كان الإبقاء
على السود خارج المستشفيات
البيضاء أكثر أهمية لأولئك
الساسة من تقديم إمكانية العلاج
الطبي للفقراء من البيض». الضمان
الاجتماعي وخلال
عامي 1993- 1994 حاول الرئيس الأسبق
بيل كلينتون، وزوجته هيلاري،
وزيرة خارجية أميركا حاليا،
إيجاد ضمان اجتماعي شامل في
الولايات المتحدة. وكانت
النتيجة ليس الفشل فحسب، وإنما
فوز الجمهوريين بأغلبية مقاعد
الكونجرس. هذا ما عبّر عنه أحد
مستشاري كلينتون السابقين
بالقول آنذاك «لقد خسرنا معركة
الإقناع». وخسارة مثل هذه
المعركة في السياسة تعني خسارة
كل شيء. بعد عشر
سنوات حاول جورج دبليو بوش أن
يقوم ب«إصلاح» في ميدان الضمان
الصحي عبر «خصخصة الضمان
الاجتماعي» كله تماشيا مع مبدأ
«جمهوري» قديم. قوبل ذلك أيضا
بغضب الرأي العام خشية ارتفاع
كبير في كلفة أي نظام للتأمين. وفي
محصلة ذلك كله هناك الآن حوالي 45
مليون أميركي ليس لديهم أي «غطاء
صحي» وبينهم نسبة كبيرة من ذوي
الدخل المتواضع. ويموت سنويا
بنتيجة هذا الوضع ما بين 18000 و20000
أميركي بسبب عدم القدرة على
العلاج. ثم إن كلفة العلاج في
الولايات المتحدة تبلغ ضعفي ما
هي عليه في بقية البلدان
المصنّعة. يضاف إلى هذا واقع أن
المستشفيات الأميركية مرغمة
على معالجة المرضى الذين يصلون
إليها غالبا وهم في أقصى درجات
المرض مما يجعل النفقات باهظة
أكثر فأكثر. وتشير الإحصائيات
إلى أنه في عام 2003 كانت هناك
نسبة 20 بالمئة من المرضى يحظون
بـ 80 بالمئة من النفقات على
الصحة. حلول
متعثرة أمام
هذه التحديات الكبرى تحاول
حكومات الولايات الأميركية
الخمسين إيجاد حلول خاصة بها
دون الانتظار على ما ستفعله
الحكومة الفدرالية. وبهذا
المعنى هناك «50 مختبرا سياسيا
في الولايات المتحدة بدلا من
مختبر واحد». هكذا مثلا في ولاية
ماساشوستس فرض الحاكم الجمهوري
السابق على السكان التزوّد
بضمان صحي بينما قامت حكومة
الولاية بمساعدة الأكثر فقرا
بعض أهالي الولاية فضّلوا دفع «غرامة»
مخالفة التعليمات على اعتبار
أنها أقل كلفة بكثير من
مستلزمات الضمان الصحي. هذه
المشاكل كلها ليست جديدة،
والحديث عن مشاريع تعميم نظام
الضمان الصحي على جميع
الأميركيين عمره أكثر من خمسين
عاما. لكن هذه المشاكل تزداد
تعقيدا بما يطرح بإلحاح من جديد
مسألة إصلاح النظام الصحي، خاصة
أن عدد المتقاعدين في ازدياد.
والاقتصاد يتراجع وقلق
الأميركيين وصل إلى حد غدا معه
من المطلوب التفكير جديا بإصلاح
ينتظر منذ أكثر من نصف قرن. وبعد
عرض مشاريع الإصلاح التي قدّمها
المرشحون الديمقراطيون
والجمهوريون للانتخابات
الرئاسية عام 2008 حول إصلاح
النظام الصحي، ونقاط ضعف وقوة
كل منهما، يسوق المؤلف الجملة
المعروفة القائلة: «الرؤساء
يلقون الخطابات والمشرّعون
يصيغون القوانين». ويكل الحالات
هناك أيضا حقيقة أن أي إصلاح
للنظام الصحي في الولايات
المتحدة سوف يصطدم بالضرورة
بمعارضة مجموعات المصالح
وستكون كلفته كبيرة بالنسبة ل«الرأسمال
السياسي» للرئيس، أي رئيس. ثم إن
اليمين الجمهوري يخشى حقيقة
نجاح إصلاح قد يُحدث ثورة جذرية
لمفهوم الدولة وللعقد
الاجتماعي في أميركا. بالتالي
لا يمكن لهذا اليمين إلا أن
يواجه مثل هذا الإصلاح. وما يتفق
حوله الجميع هو أن التوصل إلى
إصلاح في ميدان الضمان
الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق
بجانب الضمان الصحي باهظ
الكلفة، سوف يؤدي إلى «تغيير
أميركا بالعمق». ولعل هذا أكبر
تحديات اوباما الداخلية. بعث
الحلم الأميركي يجد
الحلم الأميركي جذوره، كما يرى
مؤلف هذا الكتاب، في التقاليد
الليبرالية لأوروبا عصر
التنوير. وتوجد في قرارة الفرد
الأميركي عامة القناعة أنه
يمكنه، إذا توفّرت لديه
الكفاءات، الصعود إلى أعلى
المراتب الاجتماعية. وهذا
يتضمّن عمليا القبول ببعض عدم
المساواة. إذ ليس مهما أن يكسب
رب العمل أكثر من العامل، فهذا
الأخير يمكنه تأمّل أن يصبح ربّ
عمل بدوره ذات يوم. على مثل هذه
الخلفية يسود جوّ من التفاؤل
والثقة بالمستقبل بالنسبة
للجميع. لكن
المؤلف يؤكد أن هذا «العقد
الاجتماعي» قد عرف تطورا كبيرا.
إذ رغم الإيمان بالحلم الأميركي
وإمكانية صعود كل فرد إلى القمة
والثراء أكثر من أهله، فإن
دراسات حديثة العهد قد أكّدت
أطروحة «تعاظم أشكال اللا
مساواة». لكن هذا لا يمنع واقع
أن متوسط دخل الأسر الأميركية
التي يتراوح عمر الأبوين فيها
بين الثلاثين والأربعين سنة
يزيد بثلاثة أضعاف عمّا كان
يكسبه أهلهم في سنوات الستينات.
كذلك انتقل متوسط عدد أفراد
الأسرة من 1. 3 خلال عام 1969 إلى 3. 2
عام 1998، وبالتالي زاد الدخل
بفعل توزيعه على عدد أقل من
الأفراد، أي ما يترجمه المؤلف
بالقول: «أصبح قرص الحلوى نظريا
أكبر وهو موزّع بين عدد أقل من
البشر». لكن
توزيع الدخل يتم في الواقع بقدر
أكبر من اللا مساواة. إن نسبة 1
بالمائة من الأميركيين
الأثرياء ازدادت مداخيلهم بعد
دفع الضرائب بنسبة 176 بالمئة ما
بين عام 1979 وعام 2004 مقابل 9
بالمئة فقط بالنسبة لشريحة
الأكثر فقرا. ثم إذا كان ثلثا
الأسر الأميركية يفوق دخلها ما
كان يكسبه جيل الآباء فإن أسر
الثلث الباقي تكسب أقل من الجيل
السابق. ثم إن وصول أعداد كبيرة
من النساء إلى سوق العمل شكّل
مصدر دخل إضافي للأسر على عكس ما
كانت عليه الحال في زمن إدارة
كندي وجونسون. في
المحصلة يصل المؤلف إلى القول
إنه على عكس ما يُستشف من الحلم
الأميركي يبقى مصير الطفل في
أغلب الأحيان مرتبطا بالمستوى
الاجتماعي لأهله. وإذا كان من
الصحيح القول أن أميركا لم تكن
غنية في يوم من الأيام كما هي
اليوم فإن التفاوت يضرب أطنابه
في المجتمع كله. وتدل إحصائية
أعدها مركز أميركي مختص عام 2007
أن 3. 37 مليون نسمة من
الأميركيين، أي ما يعادل 5. 12
بالمائة من مجموع عدد السكان،
يعيشون في مستوى دون عتبة الفقر.
وهؤلاء بينهم نسبة 5. 24 بالمائة
من السود مقابل 2. 8 بالمئة من
البيض. صورة
متناقضة ولا
يتردد مؤلف هذا الكتاب في
القول، وفيما هو وراء الأرقام،
أن الولايات المتحدة هي البلد
الحديث الوحيد الذي تتشابه بعض
الشوارع في مدنه الكبرى مع
شوارع العواصم الكبرى في
البلدان الإفريقية أو الآسيوية
الفقيرة. هكذا وباستثناء حي «جورج
تاون» الفخم، تستدعي أحياء
واشنطن الفقيرة بالشوارع
الهرمة لداكار أو نواكشوط. كما
تتم الإشارة إلى أن نسبة
المصابين بفيروس «الايدز» في
بعض الأحيان تعادل نسبتهم في
القارة السوداء. لكن
بالمقابل يؤكد المؤلف أن مثل
هذه الصورة التي ينقلها من
مشاهداته الشخصية المباشرة لها
ما يخالفها عند الولوج إلى داخل
المنازل، ففي الولايات المتحدة
قد يمتلك «الفقير» سكنا مؤلّفا
من ثلاث غرف ولديه جهازي تلفزة
وجهاز تكييف وسيارة. بالمقابل
لا يمتلك غالبا ما يدفع فيه قيمة
حصوله على الضمان الصحي. وليس
لديه أي وفر ولا يبقى له سوى
النذر اليسير من مرتبه بعد دفع
الفاتورات وتسديد القروض وبحيث
لا يعرف كيف سيؤمن الدراسة
لأطفاله وماذا سيفعل عند بلوغه
سن التقاعد. ويختصر
المؤلف الوضع في أميركا اليوم
بالقول: «الولايات المتحدة؟
إنها بلاد لم يعد أي شيء فيها
يعمل بصورة طبيعية بالنسبة
للأميركي المتوسط». ولا يتردد
في تحميل المسؤولية كاملة على
كاهل النظام السياسي «الذي
يعاني من الإفلاس منذ فترة
طويلة». وفي مواجهة تعاظم أشكال
التفاوت الاجتماعي وما يترتب
على ذلك من شروخ، لا يبدو أن
الجمهوريين عازمون جديا على
صياغة أي مشروع للإصلاح. أما
الديمقراطيون فهم رأسماليون
متمسكون باقتصاد السوق والحرية
الفردية، ولكنهم يؤكدون في
برامجهم على محاربة اللا مساواة
والفقر. ولم تكن جميع خطابات
أوباما أثناء الحملة
الانتخابية وبعد فوزه تشذ عن
هذه القاعدة. يتبع ـــــــ المصدر
: الراصد للتوثيق الإعلامي ---------------- هذه
الكتاب يعبر عن رأي كاتبه
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |