ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 23/11/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

كتاب أمريكا على مفترق الطرق

ما بعد المحافظين الجدد

تأليف فرانسيس فوكوياما*

مناقشة الدكتور مهند العزاوي**

يناقش منظر المحافظين الجدد "فرانسيس فوكوياما" في كتابه "أمريكا على مفترق الطرق" وبشكل خجول الأخطاء التي وقعت بها السياسة الخارجية الأمريكية, ويركز على حروب المحافظين الجدد منذ عام 2000 وخصوصا في رئاسة بوش وهندسة تشيني ورامسفيلد ورايس, موجها نقدا هامشيا إلى طريقة التعاطي مع غزو العراق ويصفها أخطاء" تدبر وحيطة"ولا تعدو سوء حظ وطالع, ولا يختلف فوكوياما في طريقة تسويق أفكار اليمين الامريكي عن سلفه كيسنجر وليو شتراوس وألبرت ووهلستيتر, ويلتزم في طرح فلسفة المحافظين الجدد بشكل جذاب وعبر محاور ذات طابع استراتيجي, ويؤكد تمسك العقلية السياسية الأمريكية بمنهجية السطوة والقوة ,ويطرح مفاهيم الهيمنة الكونية, والهيمنة الخيرة, والهندسة الاجتماعية للشرق الأوسط, والنظام الديمقراطي وفق المنظور الامريكي, وضرورة استخدام القوة واتساقها بالقوة الناعمة, وشمولية الحرب على الإرهاب, ويسفه المجتمع الدولي والمؤسسات الأخرى ويشكك في قدرته على تحقيق العدالة, ويشدد على تجديد النظام العالمي وفق مفهوم المحافظين المتسق بالاستثنائية الأمريكية , ورغم انه انتقد بوش وإدارته ولكنه بنفس الوقت امتدح ضمنا المحافظين الجدد وسوق لمدرسة المحافظين بعمقها التاريخي , وقسمها إلى ثلاث مراحل, وقد أوحى بان بوش ورامسفيلد وتشيني ورايس وولفيتز لم يحافظوا على مفاهيم المحافظين وانتهجوا فلسفة الحرب الاستباقية وامتدادها الوقائي كإستراتيجية حربية أمريكية دائمة وقد ثبت فشلها , ونقد  مبررا إدارة بوش بتضخيم التهديد العراقي وأسلحة الدمار الشامل وإخفاقها في تقدير متطلبات الحرب دون الإشارة إلى العدوان على العراق كان خارج إطار الشرعية الدولية وفاقد للمبررات الواقعية أو مسوغات حربية أو تهديدات حقيقية تجيز شن الحرب, وأكد قد تم توظيف أحداث 11 أيلول لتنفيذ مخططات الهيمنة الكونية, والتي أطلق عليها الهيمنة الخيرة, مستعرضا الفلسفة الأمريكية الكولينالية , وبطريقة النقد الخجول مستاء من عدم انجاز الهندسة الاجتماعية  (1) على نطاق واسع أي هندسة المجتمعات الأخرى وفق القالب الامريكي ( سياسة إلحاق المجتمعات) ليس في العراق فقط بل في الشرق الأوسط, وناقش الكتاب الذي يشكل تنصل واضح من جرائم الحرب الأمريكية وإعادة تسويق فكر المحافظين الجدد وبإطار النقد والإيحاء بنجاعة أفكار اليمين الامريكي المتطرف, وقد احتوى الكتاب على سبع فصول, ولن يختلف "فوكوياما" عن غيره من عتاة اليمين الامريكي المتطرف فهو دافع عن الحرب ضد العراق , وشدد على إن أمريكا غيرت النظام في العراق دون الآخذ بنظر الاعتبار حجم الخسائر والضحايا العراقيين, وحسابات الكلفة والتأثير, والفشل العسكري والسياسي والمؤسساتي كنتاج لتطبيقاتهم المتطرفة, وتناسى ابرز المرتكزات الدولية والقانونية التي يعمل بها المجتمع الدولي وفق معاهدة "ويستفاليا" والتي أرست ركائز العمل الاممي , وتنص على "عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها" خصوصا أن المجتمع الدولي وكذلك الشعب العراقي لم يفوض أمريكا بتغيير النظام العراقي وفقا للقوانين والأعراف الدولية, وعل كل حال فان الكتاب يمثل تسويق لمدرسة المحافظين الجدد بفكرها المتطرف, ويغفل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها طلابها من بوش وتشيني ورايس ورامسفيلد وبول وولفيتز في العراق ودول أخرى, وانتهى إلى أن المحافظة الجديدة كما وصفها على أنها "نظام سياسي وهيئة فكر معا قد تطورت إلى شي من الصعب مساندته" وإنها مجموعة من المبادئ المنسجمة التي أنتجت في الحرب الباردة سياسات معقولة على وجه العموم في أمريكا وخارجها, وأعترف "أنها ومنذ عام 1990 استخدمت المبادئ لتبرير سياسة أمريكا الخارجية وأفرطت في التشديد على استخدام القوة وأدى ذلك منطقيا لحرب العراق" وشدد على ضرورة أتباع المنهجية الطائفية في العراق وتحويلها إلى دولة مكونات وطوائف كحل مثالي وهذا جرى تطبيقه مؤخرا في أخراج الحكومة المقبلة.

الفصل الأول-  المبادئ والحصافة

يبين فوكوياما في هذا الفصل كيفية توظيف إدارة بوش أحداث 11 أيلول 2001 ,واستحداث سياسات جديدة غير مسبوقة مؤثرة وكاسحة , وقد انشأ وكالة فدرالية جديدة سميت وزارة الأمن الوطني, ودفعت من خلال مجلس الشيوخ القانون الوطني , وهو مصمم ليعطي تنفيذ القانون المحلي سلطات اكبر للتصرف ضد الطامحين ليكونوا إرهابيين حسب وصفه, وعلى أثرها جرى غزو أفغانستان وهي بلاد داخلية محصورة تقع في الجانب الأخر من العالم, وأعلنت أيضا عقيدة إستراتيجية جديدة من العمل ألاستباقي "عقيدة الحرب الوقائية" التي تأخذ القتال إلى العدو بدلا من الاعتماد على الردع والاحتواء اللذين كانا الأساسيين في سياسة الحرب الباردة, وكذلك جرى غزو العراق على أساس امتلاكه أسلحة دمار شامل , وهنا ينتقد فوكوياما الإجراءات وليس قرار الحرب , ويتجاهل عن عمد أن غزو العراق هو قرار سياسي مخطط له مسبقا, وقد وافق عليه الكونغرس عام 1998 , وخرج على شكل قانون سمي "تحرير العراق", وناقش فوكوياما اندثار المبادئ الأمريكية الأربع, الاهتمام بالديمقراطية, حقوق الإنسان,الاهتمام بالسياسية الداخلية للولايات, واستخدام القوة لإغراض أخلاقية, وناقش ما اسماه أخطاء بوش والمبالغة بتقدير التهديد فيما يخص العراق , وفشل مجتمع الاستخبارات في تقدير حالة برامج أسلحة التدمير الشامل العراقية, وحمل الإدارة عند توليها مهامها انحيازا إيديولوجيا ضد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى, وأخيرا إخفاق إدارة بوش في توقع المتطلبات  اللازمة من اجل تهدئة العراق وإعادة بنائه, وهنا يطرح فوكوياما تبريرات مزيفة لفشل بوش لان تهديم الدولة العراقية ونهب ثرواتها كانت منهجية أساسية لإدارة بوش, وكان يعي هو إدارته ما يعمل في العراق من تفكيك سياسي وتفتيت مجتمعي وتمزيق قيمي وتحطيم الدولة, وأشار إليها "فوكوياما" قائلا "مع تردي عملية حرية العراق وانحطاطها من تحرير منتصر إلى احتلال طاحن وحرب عصابات وفشلت في ترويج التنمية السياسية والاقتصادية" وبذلك يسوق العدوان على العراق كتحرير وهذا جوهر التدليس والتزييف والتضليل الامريكي.

الفصل الثاني- تراث المحافظين الجدد

يبين فوكوياما في هذا الفصل هيمنة المحافظين على إدارة بوش ومسؤوليتهم عن الذهاب لغزو العراق لتحقيق امن إسرائيل وفق رؤية الجناح الاشتراوسي في حركة المحافظين الجدد, وكان "ليو شتراوس" متهما بترويج فلسة "الكذب النبيل"  (2) , كما واستعرض الكاتب الجذور الفكرية لحركة المحافظين الجدد  وأكد أن غالبيتهم من اليهود المهاجرين, واللذين درسوا في كلية "المدينة" في "نيويورك" في ثلاثينيات القرن الماضي, واستعرض التأثير الاشتراوسي, والذي يؤمن بفكرة نظام الحكم ومركزية نظام الحكم للحياة السياسية, واستعرض أيضا فلسفة "ألبرت ووهلستيتر" الذي عمل في مؤسسة "راند" التابعة لوزارة الدفاع وطريقة تعامله مع "الردع المتطاول" وبمفهوم الضربة الأولى والضربة الثانية, وكذلك انتشار الأسلحة النووية وعلاقتها بالردع المتطاول, وزاوج فوكوياما طرائق تفكير المنظرين وأدائهم واسماه "الاندماج الكبير للمحافظين", كما واستعرض المدرسة الويلسونية والتي انتهجتها إدارة "ريغان", وقارن بينه وبين جورج دبليو بوش, وهذا الفصل يعد  تمهيدا وتسويقا لمدرسة المحافظين.

الفصل الثالث –التهديد والخطر والحرب الوقائية

استعرض فوكوياما بيئة التهديد بعد 11 أيلول, وتحول فلسفة التهديد من الجيوش إلى الفاعلين الغير حكوميين , وكان فوكوياما أمريكي الوصف وإيديولوجي التفسير ومتشدد الفكر ,خصوصا عندما يضع الإسلام في مقدمة التهديد , وفق فلسفة "الحرب العالمية على الإرهاب", مع تركيزه على نظرية المؤامرة وصناعة الخوف ,والمخاوف من مزاوجة الدين بالسياسة, دون ذكر أن بوش كان رجل دين وذهب لغزو العراق وفق دوافع دينية متشددة, وبهذا يكون التهديد والخطر هو الإسلام والدول العربية وفق نظرية "الإسلام فوبيا" التي نجد شواهدها منتشرة في أمريكا والدول الأوربية, وانتقلت مؤخرا إلى دول أسيوية, وناقش فوكوياما حجج غزو العراق وطريقة صناعاتها لتبدوا خطر داهم, واستعرض خطوط الحضر الجوي والحصار الاقتصادي الذي ذهب ضحيته مئات الآلاف من الأطفال والنساء, مع مهاجمته الطوعية للنظام العراقي ضمن فلسفة شيطنة النظام, وإذا ما قورن سلوك أي نظام عربي مع سلوك إدارة بوش الدموية سنجد أن البون شاسع, ولكنهم يسخرون وسائل الدعاية لشيطنة الدول وحسب منهج الاستهداف الاستراتيجي ,وتلك ازدواجية المعايير الأمريكية, وتناول في هذا الفصل إستراتيجية الأمن القومي وما يتعلق بعقيدة "الحرب الاستباقية" والذي أعلنها جورج دبليو بوش في كلية "ويست بوينت"2002 ,وكيفية توظيف المفاهيم لتضخيم التهديد والذي يقود إلى إدامة ماكينة الحرب, وكيفية تعريف إدارة بوش للاستباقية وامتدادها الوقائي, وبذلك دمجت الإرهاب النووي مع الدول المارقة, وحولت الإستراتيجية الواقعية المعتمدة على وقائع ومعلومات ممحصة إلى إستراتيجية توقعية , وتكمن في الإشارة إلى الضجيج في المعلومات الغير كافية, ومن المعروف استمرار القدرة على التقاط الإشارات معتمدة على عوامل معرفية مثل التوقعات السابقة والأطر العقلية, والحوافز, وهكذا وضح فوكوياما أن مجتمع الاستخبارات الامريكي كان يمتلك الحوافز لكي يبالغ في تضخيم تهديد أسلحة التدمير الشامل العراقية, وافتقر لعقلانية الربط بين النظام العراقي والقاعدة وأوجه الخلاف بينهما, وخلص في هذا الفصل إلى أن كثير من الناس اليوم يودون أن يعتقدوا "أن الحرب ضد العراق كانت من البداية مؤامرة جنائية استندت إلى تلفيقات مختلفة تماما عن الحقيقة وان مسئولي الإدارة مذنبين بالمبالغة والكذب خصوصا بعد أن قدمت مجموعة مسح العراق تقريرها عن فشلها في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق" وهكذا اختزلت الجريمة.

الفصل الرابع –الاستثنائية الأمريكية والشرعية الدولية

تناول فوكوياما في هذا الفصل الاستثنائية الأمريكية وكيفية تعامل إدارة بوش مع الرأي العام الدولي والشرعية بازدراء, وشخص عدائية  وازدراء "جون بولتون" للأمم المتحدة وكان يمثل الولايات المتحدة هناك, وذكر باستحياء دور الرأي العام في رفض الحرب وخروج المظاهرات المناوئة للحرب في الدول المتحالفة مع أمريكا في لندن ورما ومدريد , ويعزي فوكوياما الاستثنائية لإستراتيجية الأمن القومي وعقيدة الحرب الوقائية, خصوصا أن عدد كبير من الدول تعاني من تهديدات إرهابية, ويتطرق إلى تجميل الهيمنة الأمريكية ويطلق عليها "الهيمنة الخيرة" متناسيا أن أي هيمنة هي مقززة وخارج إرادة المقابل, وتناول فلسفة أمركة الاقتصاد الكوني وعبر الشركات الأمريكية والمؤسسات المالية, وعرف تلك السياسات باسم "أجماع واشنطن"  (3) وهي مرتكزات لمنح الاقتراض وإلحاق الدول اقتصاديا , والسيطرة عليها ويطلق عليه فرانسيس فوكوياما "الهيمنة الخيرة", وبذلك تلغي الشرعية الدولية ومؤسساتها وشهدنا محافل مختلفة للتعويض عن مؤسسات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.

الفصل الخامس – الهندسة الاجتماعية ومشكلة التنمية

يشرح فوكوياما رؤية المحافظين الجدد ويصورها أخلاقية داعمة لحقوق الإنسان, وتبيح لهم اختراق الدول وتشكيل مؤسساتها الأساسية غير مبالية بطبيعة الشخصية الداخلية للدول الأخرى, وجميع تلك الخروق تحت مسمى الديمقراطية, ويؤكد فوكوياما أن الديمقراطية تحتاج إلى دولة لتطبيقها وتلك المؤسسات صعبة التأسيس, وينتقد سلوك الإدارة في العراق وبنائها الهش وسوء تقديراتها, وناقش أيضا التنمية الاقتصادية والتشديد على تنمية رأس المال البشري,  والتعليم, وانتقد سياسات ريغان وتاتشر واسماها بدعة "العثور على تنمية",عبر سياسات تحول التوازن المرغوب بين الدولة والسوق لصالح السوق, وتناول فوكوياما التنمية السياسية ويعرفها أنها "خلق مؤسسات رسمية للدولة تتصف بالتعقيد وبالمدى المتزايدين ليخدمان ترويج العمل الجماعي أو تخفيف النزاع الجماعي", ويشير إلى أن التنمية السياسية هي مجموعة كلية لترويج الديمقراطية, وقبل أن تمتلك ديمقراطية يجب عليك أن تمتلك دولة, وان بناء الدولة هو نشاط لا يتطابق إلا جزئيا فقط مع ترويج الديمقراطية, وتطرق أيضا لإصلاح مؤسسات القوة الناعمة الأمريكية وهي من صياغة "جوزيف ناي" وهذا التعبير ليصف "القدرة على الحصول على ما تريد لا من خلال الإرغام العسكري والاقتصادي بل من خلال الجاذبية الايجابية لقيميك ومجتمعك" (سياسة التأثير والإلحاق), وشدد على مزاوجة القوتين الناعمة والصلبة.

الفصل السادس-  معاودة التفكير في مؤسسات من اجل نظام عالمي

شدد فوكوياما على هشاشة المؤسسات الأممية وعجزها في منع أمريكا من شن العدوان على العراق أو تأيده بقرار, واقترح تشكيل مؤسسات جديدة تستطيع إن توازن المتطلبات الشرعية الفاعلة , وقال انه الواجب الأساسي للجيل القادم, وبرر أن فشل المؤسسات الأممية يعود إلى ظاهرة "العولمة" والتي تغلغلت من الناحية الثقافية والاقتصادية , وكذلك وزن الولايات المتحدة في العالم وهيمنتها على دول العالم بالقوة, وبذلك يتجه الكاتب لترويج أمريكا كبديل , وبمنظومة مؤسساتية جديدة وهذا ما يجري اليوم حقا, حيث لا وجود للشرعية الدولية والقانون الدولي, ويشخص سبب ضعف الأمم المتحدة هو معاهدة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية ,وقد حرصت ليكون ميدان ضعيف وخصوصا فيما يخض استخدام القوة, وبالتأكيد جميع المخاطر والتهديدات التي يتناولها الكاتب من وجهة نظر قطبية أمريكية, ويحاول الإيحاء بان تطبيق القوانين طوعيا غير ملزم, وبذلك يدعو لعالم جديد تقوده أمريكا وفق فلسفة الهيمنة الخيرة.

الفصل السابع- نوع مختلف من السياسة الخارجية الأمريكية

ناقش فوكوياما في هذا الفصل السياسة الخارجية الأمريكية وطريقة التعاطي مع العراق, وشدد على بناء عراق ديمقراطي يسيطر عليه الشيعة كما يقول, وهو بذلك يروج لعقيدة بوش التي تمحو العراق أرضا وشعبا وتقسمه لمكونات ودولة طوائف واثنيات ومحميات عائلية وصولا للتقسيم, ولعل مسارات السياسة الخارجية الأمريكية في العراقي تؤكد ما ذهب إليه الكاتب, وقد أكدته التركيبة الحكومية الأخيرة وبتخادم إيراني أمريكي على حساب العراق, ويؤكد تعاظم النزعة العسكرية الأمريكية والعمل على تغيير الأنظمة بالقوة, كما ويوصف مقاومة الاحتلال في العراق بالتمرد وهو مصطلح مجافي للحقيقة والقانون, ويا ترى أن "فرانسيس فوكوياما" لو احتلت أراضي أمريكية من دولة غازية ماذا سيقول للمواطن الامريكي الذي يدافع عن التراب الوطني متمرد أم مقاوم؟ وهذه ازدواجية المعايير والتفسير والتعبير, ويتصف بها غالبية المنظرين والسياسيين الأمريكيين, ويؤكد أن الخروج الامريكي من العراق دون وجود حكومة قوية ومستقرة هناك سوف يترك ملاذ إرهابيا متقيحا في المثلث السني,  ويبدوا أن الكاتب يروج لمشروع الاحتراب الطائفي والتقسيم الاثني عبر توصيف مناطق معينة دون غيرها بالإرهاب, ولعلها أصبحت منهجية أمريكية حكومية وشهدها العراقيين طيلة السنوات الماضية وأثبتتها التقارير العسكرية الأمريكية والتي نشرت في موقع "ويكيليكس" ,وكان التدخل الامريكي المباشر في تشكيل الحكومة بقطبها الطائفي العرقي وإلغاء نتائج الانتخابات العراقية قد انطلق من فكرة منظر المحافظين "فرانسيس فوكوياما", وهذا التخندق العنصري يروجه الكاتب على أنها ديمقراطية, وذكر على استحياء فضائح سجن "أبو غريب", واعترف أخيرا أن  حرب العراق قد بينت عمليا أن هناك حدود واضحة للفاعلية العسكرية للولايات المتحدة, ولم تتمكن من خوض حروب طويلة الأمد في العراق, ويبرر الكاتب جرائم بوش وإدارته قائلا" أن أخطاء إدارة بوش في فترة ولايتها الأولى كانت "أخطاء تدبر وحيطة" ولم تكن أخطاء مبدأ؟, وشبهها برمي النرد والحصول على رقمي واحد في كل نرد واسماها "عين الأفعى" , وذهب مؤخرا وبعنجهية وغطرسة القوة وهوس التفوق قائلا"أن الأمريكيين يستحقون أن يقودوا لأنهم يستطيعون أن يروا ابعد مما يراه الناس الآخرون" ؟.

يستخلص القارئ من الكتاب البعد الايدولجي للكاتب خصوصا انه منظر المحافظين الجدد واحد دعاة الحرب على العراق, ويبدوا انه يتنصل من سلوك أدواتهم السياسية, ولكنه يمتدح حركة المحافظين الجدد, ويعظم حروبها , وينتقد الدور الدولي ويروج إلى الهيمنة الأمريكية الكونية, ويؤكد أن كارثة غزو العراق وبملفها الدموي وانتهاكاتها الإنسانية الدموية البشعة, ما هي إلا "أخطاء تدبر وحيطة" كما ورسم شكل النظام الطائفي في العراق ضمن فلسفة التفكيك السياسي والتفتيت الدموغرافي تحت يافطة محو العراق وإلغاء هويته العربية , وهذا يندرج ضمن مفهوم المحافظين الاستراتيجي, بإلغاء الأمم الشعوب وفق نظرية "الاستثنائية الأمريكية" , وبمبررات التهديدات والإخطار وصناعة الإرهاب  ضمن إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية , ولعل تاريخ أعداد الكتاب يعود لعام 2007 فان الشواهد الحربية الأمريكية في العالم العربي والإسلامي تدل على طبيعة المنهجية الإستراتيجية , ولعل استخدام الدبلوماسية المخادعة ابرز سمات الوضع الراهن وهذا ما أشار إليه الكاتب بمزاوجة القوة الناعمة مع الصلبة, هذه طبيعة التفكير والتدبير الأمريكية, وقد جسدها الكاتب حيث يوحي بالنقد ولكنه يدس السم بالعسل  .

فرانسيس فوكوياما, أمريكا على مفترق الطرق,العبيكان للأبحاث والتطوير&جامعة بيل, المملكة العربية السعودية,2007 نقله إلى العربية محمد محمود التوبة عدد الصفحات 274

-------------

(1) الهندسة الاجتماعية وفق منظور المحافظين الجدد إلغاء الجذر التاريخي والقيمي للشعوب والمجتمعات وممارسة سياسة الإلحاق للمجتمعات(أمركة الشعوب) والتشديد على تفكيك المجتمع إلى مكونات وطوائف وأعراق ودويلات لتكون تابعة خاضعة متلقية غير منتجة, وهذا مجسد في المشهد العراقي وحسب عقيدة بوش ومتكرر في لبنان والصومال واليمن والسودان ومصر والبحرين والكويت على شكل احتراب طائفي على السلطة وفي دول عربية أخرى تطبق "هندسة اجتماعية ناعمة" تجعلها متلقية هجينة عن بيئتها.

(2) فكرة ليو شتراوس تقوم على أساس أن من الواجب عمليا أن يتم الكذب على الجماهير وذلك لان نخبة قليلة فقط هي مؤهلة فكريا لتعرف الحقيقة

(3) أجماع واشنطن هو مجموعة من السياسات التي نشرها كثيرون من الاقتصاديين الجدد لتكون صيغة لتعزيز النمو الاقتصادي في أمريكا اللاتينية وغيرها لتلحق ببلاد العالم الأول وسميت بهذا الاسم لأنها كانت تلخص الموضوعات التي حظيت بالاتفاق المشترك بين المؤسسات التي تقدم المشورة الاقتصادية والمقيمة في واشنطن مثل صندوق النقد الدولي, البنك الدولي, وزارة الخزانة المالية, وشملت موضوعات:- ضبط السياسة المالية, الأنفاق العام, الاستثمار, أصلاح الضرائب, معدلات الفائدة, صرف العملات, تحرير التجارة, التعرفات الكمركية, الخصخصة, الاستثمار الأجنبي المباشر, انظر فرانسيس فوكوياما, أمريكا على مفترق الطرق,العبيكان للأبحاث والتطوير&جامعة بيل, المملكة العربية السعودية,2007,ص148

ــــــــــ

*فرانسيس فوكوياما مؤلف كتاب "نهاية التاريخ" وهو أستاذ كرسي برنارد ال.شوارتز للاقتصاد السياسي الدولي ومدير برنامج التنمية الدولية في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة هوبكنز, والفائز بجائزة الكتاب لصحيفة لوس انجيلوس تايمز.

_________

*رئيس مركز صقر للدراسات الإستراتيجية

--------------------

هذا الكتاب يعبر عن رأي كاتبه

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ