ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 28/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كاتب وكتاب

كاي سوكولوفسكي.. صورة المسلم العدائية 

نشأتها.. صانعوها.. تفنيدها 

العنوان: صورة المسلم العدائية - Feindbild Moslem

المؤلف: كاي سولكولوفسكي- Kai Solkolowsky

دار نشر: "الكتاب الأحمر" - Rotbuch

صدر في برلين - 2009م

عدد الصفحات: 256

نبيل شبيب

لم تعد المكتبة الألمانية -كما كانت قبل فترة وجيزة- خالية من الكتب المنصفة تجاه الإسلام والمسلمين، وبين أيدينا أحدها بقلم الكاتب كاي سولكولوفسكي، أو الكاتب الناقد لوسائل الإعلام، نقدا منهجيا، ولا غرابة إذن أن يتعرض -رغم منهجيته- لحملة انتقادات مضادة، لا سيما عندما يظهر مدافعا عن الإسلام والمسلمين في مثل هذا الكتاب. إنما تدعم قدرته على الكتابة المنهجية خلفية علمية قامت على دراسته الأدب الألماني والتاريخ والفلسفة، وقد تخصص فيما يعرف بمدرسة فرانكفورت الجديدة للفلسفة، ويمارس التدريس في جامعة هامبورج، وهو أقرب إلى الاتجاه اليساري، مما يظهر في ثنايا كتابه هذا أيضا، الصادر عن دار نشر "الكتاب الأحمر"، ويشير اسمها إلى اتجاهات الكتب التي تصدرها.

صدرت له كتب عديدة منذ عام 1998م، وانتقد في بعضها عددا من الشخصيات المعروفة، مثل آليس شفايتسر من الحركة النسوية، وهارالد شميدت من عالم الترفيه في التلفزة، وله أيضا كتاب عن مايكل مور، من عالم هوليوود الأمريكي، والذي اشتهر بمعارضته الشديدة لحروب الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن.

وصدر كتابه هذا: "صورة المسلم العدائية" عام 2009م، في 256 صفحة موزعة على قسمين، يتناول أحدهما الصورة العدائية المصنوعة في ألمانيا عن المسلمين، بمنطلقاتها ومقدماتها وصانعيها، ويتضمن الثاني سلسلة حوارات مع عدد من ذوي العلاقة الذين يحذرون من خطورتها وعواقبها وانتشارها.

ويمكن القول إن الكاتب يتحدث عن الصور "النمطية" العدائية العديدة، وإن لم يقصد المؤلف تحديد معالمها من منطلق أنها نمطية، بل جعل من كتابه دراسة منهجية تفصيلية حافلة بشواهد لا حصر لها حول الظاهرة نفسها، مع تعزيز رؤيته الشخصية برؤى سواه، ممن أورد ما يقولون به بصورة مستفيضة في عدة فصول حوارية.

ضمّ الباب الأول بعنوان "العدو- صورة وحقائق" ستة فصول، والثاني بعنوان "دون صورة عدائية- محادثات" أربعة فصول أخرى. وقد يجد القارئ تكرارا للمعاني الواردة في كثير من هذه الفصول العشرة، وهو ما يدعو إلى الاكتفاء بالتركيز على بعضها كنماذج لسواها، إنما يعود التكرار إلى حرص المؤلف على استعراض عدد كبير من الاستشهادات ومناقشتها وتفنيد كثير من محتوياتها، لتأكيد ما ذهب إليه أن هذه الصورة العدائية مصنوعة صنعا، وقائمة على منطلقات وممارسات خاطئة، إعلامية وغير إعلامية.

 

الخائفون

يعتبر الفصل الأول بعنوان "الخائفون" مقدمة، وقد افتتحها بعبارة معروفة لآلبرت آينشتاين تقول "هذه حقبة تبعث على الانقباض أن يكون تحطيم الذرة أهون من تحطيم حكم مسبق".

ويبدأ بشرح عنوان الفصل، فهو يعتبر "الخوف" منطلقا لتكوين الصور النمطية العدائية، وليس للخوف ما يسوّغه، إذ لا يصدر عن المعرفة والخبرة، بل عن تصورات خاطئة، ومنطلقه "الاضطراب الذاتي" عند الخائف وليس ما يصنع أو لا يصنع الآخر، بل حتى عند التعرف على الآخر، يبقى الاضطراب الذاتي سببا في عدم التغلب على الخوف، ومن هنا تتردد كلمات "الخطر" و"التهديد" وما شابه ذلك، دون تحديد مصدر ملموس، أو معالم موضوعية له، وهنا يستخرج الكاتب عددا كبيرا من الاستشهادات من موقع شبكي عنوانه "سياسات خاطئة"، وقد تخصص بنشر المخاوف من الإسلام والمسلمين، فيناقش الكاتب مضامينها مناقشة موضوعية تبين مدى افتقارها إلى مستند حقيقي من وراء اللهجة التعميمية والتصعيدية للتحذير من "خطر داهم"!.

ويستخدم الكاتب تعبير "المضطربين خوفا" مبينا الانحرافات النفسانية في التفكير والتعبير، ليختم بالقول "إن عداء الأجانب تحت رداء نقد الإسلام يسمّم المجتمع الألماني إلى أعماق تكوينه الاجتماعي بما في ذلك الجناح اليساري فيه، ولهذه العنصرية المتسترة وراء وصف الصراع الحضاري تاريخ طويل، بدأ مع يوم نهاية تقسيم ألمانيا".

 

روّاد التخويف

"السابقون" عنوان الفصل الثاني، ويعني به واقعيا الروّاد على طريق صنع مقدمات الصورة العدائية، وتتصدر الفصلَ عبارة للمستشار الألماني الأسبق هلموت كول "ليست ألمانيا بلد هجرة"، إشارة إلى انطلاق الحملات العدائية ضد الأجانب من مفعول عبارات سياسية من هذا القبيل.

يشير المؤلف في البداية إلى أن الخوف من الآخر يعني الخوف من التغيير، فالخائف يود لو بقي العالم دوما كما يعرفه، وهو لم يعرفه على حقيقته بل وفق ما تصور أن يكون. يتشبث بأحكامه المسبقة فلا تزول لأنه لا يتعرف أصلا على ما يمكن أن يزيلها من معلومات وأرقام وحقائق ملموسة، وهو عندما تثور مخاوفه على كل ما يزعم الاعتزاز به من ثقافة وقيم وأسرة، بما في ذلك طبيعة تكوين عالمه الغربي، لا يقف -كشخص- وحيدا، فوسائل الإعلام تقوم بدورها في تعزيز تلك المخاوف ونشرها.

ولعل للخلفية اليسارية للكاتب دورا في انطلاقه من يوم الوحدة الألمانية -وبالتالي سقوط ألمانيا الشيوعية في شرق البلاد- ليعتبر ذلك منعطفا حاسما في طريق الصور العدائية للإسلام والمسلمين، إنما يعتمد هنا على وجهة نظر واقعية تستند إلى ما شهدته تسعينات القرن الميلادي العشرين من موجات الاعتداء المباشر على الأجانب عموما، والمسلمين تخصيصا.

ما يطرحه بهذا الصدد يتجاوز حدود التعبير عن اتجاه إلى التعبير عن تحول تاريخي بات معروفا بحلول "عداء الإسلام" مكان العداء للشيوعية، الذي كان مناسبا -وفق قوله- لممارسة العنصرية تجاه الآخر بصورة مقبولة اجتماعيا.

آنذاك، في السنوات الأولى لألمانيا الموحدة، انتشرت مقولات عديدة ركزت على الأجانب، واللاجئين، واستغلال المعونات الاجتماعية، وما شابه ذلك، وكثير منها صادر عن شخصيات معروفة وأحزاب سياسية، فكأنما تحولت المصطلحات المستخدمة في الحرب الباردة تجاه الشرق من "الشيوعية الحمراء" إلى "تيار اللاجئين". وكانت تلك هي البداية، فازدادت نسبة الاعتداءات على الأجانب، حتى أصبح كثير من الأطروحات السياسية الرسمية ينطوي على القول بضرورة "التخلص من الضحية المتعرضة للهجوم، وليس من القلة التي تمارسه". من ذلك ما يستشهد به من أقوال السياسيين في إطار متابعة إقدام اليمين المتطرف على إحراق أحد مراكز طالبي اللجوء السياسي، وكذلك ما كانت تكتب عنه وسائل الإعلام على اختلاف مستوياتها واتجاهاتها، مثل مجلة "دير شبيجل" المعروفة، أو صحيفة "بيلد" الشعبية. وقد أدت هذه الحملات السياسية بالفعل إلى تعديلات دستورية وقانونية عام 1993م تحد من تطبيق حقّ اللجوء السياسي، فكانت -حسب قول الكاتب- بمثابة احتضان المتطرفين وشعارهم المعروف: "ألمانيا للألمان وعلى الأجانب الرحيل"، وبات قبول طلب اللجوء مقترنا -بمختلف الوسائل القانونية والمالية- ألا يشعر اللاجئ بالاستقرار في ألمانيا.

وواضح أن الكاتب لا يخرج بهذا الطرح -وهو صحيح من حيث جوهره- من نطاق التعامل مع الوجود الإسلامي في ألمانيا باعتباره وجودا "وافدا".

لم يكن ذلك نهاية المطاف، فالخائف "يحتاج إلى القلق"، ولهذا لا يمكن أن يزول القلق، بمعنى أنه يصنعه لنفسه صنعا، فإذا بلغ غاية مرحلية انتقل إلى ما بعدها، فمنذ ذلك الحين بدأ التحول من العداء للأجنبي إلى عداء للمسلم، ولذلك شواهد عديدة يوردها الكاتب، ومن بينها مثلا استخدام تعبير "الاختلاف الثقافي" -في إشارة إلى الدين- مكان تعبير "الاختلاف العرقي"، وبالتالي أصبح على الآخر أن يمارس ما يختلف به عن المجتمع -وهو الخصوصيات الدينية- في النطاق الخاص، وليس علنا، وبالتالي انقلب مفهوم "الحماية" العريق في التصورات الديمقراطية الغربية، من حاجة الأقلية وثقافتها للحماية، إلى مفهوم حماية الغالبية وثقافتها منها.

وتثبيتا لما أراد بيانه في هذه الفصل حول دور "روّاد" صناعة الصورة العدائية، يختم الكاتب بقوله: "إن المعالم العامة لصورة المسلم العدائية تكونت قبل عشرة أعوام على الأقل من أحداث الحادي عشر من إيلول/ سبتمبر".

 

العداء صنعة!

في مطلع الفصل الثالث بعنوان "صانعو العداء"، يورد الكاتب أمثلة من عناوين "مواضيع الغلاف" لعدد من المجلات، مثل "ما مدى خطورة الإسلام؟" و"شباب الله الغاضبون" و"القرآن دليل لصناعة القنابل".. لمجلة شتيرن عام 2007م، و"شركة الإسلاميين في ألمانيا المساهمة" و"كيف يخطط المتعصبون للإرهاب" لمجلة فوكوس عام 2009م. هذا مع أن ألمانيا لم تشهد أعمالا إرهابية تحت عنوان إسلامي كسواها!..

بعض وسائل الإعلام بات ينقل عن خطب الإسلاميين حتى العبارات التي لا تتجاوز "دعوة المسلم أن يعيش كما يريد له الله" ليطرح ذلك كمصدر تهديد، وليصوره بدايةً لتكوين جيل قادم من المجاهدين. ويستعرض الكاتب أمثلة عديدة من "مواضيع الغلاف" لمجلة دير شبيجل، عاما بعد عام، ليبين نوعية الحملات الإعلامية التحريضية ضد الإسلام والمسلمين، ومن ذلك حديث المجلة مثلا عن "تكوين المسلمين الألمان عالما خاصا بهم، حتى في عالم الشبكة الافتراضي" مبينا ما يعنيه التركيز على التعميم، إذ لا يدور الحديث عن "بعضهم أو غالبيتهم"، بل عنهم جميعا، ولا يقتصر الأمر على العالم الافتراضي كما تشير كلمة "حتى"!..

كما يورد الكاتب استشهادات أخرى في الاتجاه نفسه، منها مقتطفات من حيثيات الحكم الذي صدر في قضية حجاب المدرّسة الأفغانية الأصل فريختا لودين، إذ أيّد قضاة المحكمة الدستورية العليا" دعواها بصدد عدم مشروعية حظر التدريس عليها قانونيا، ولكن على النقيض مما يقتضيه منطق القضاء الدستوري وممارساته المألوفة، لم يقترن ذلك بمطالبة الإدارات الرسمية في الدولة بعدم ممارسة مثل ذلك الحظر، بل طالب القضاة المسؤولين في السلطات الألمانية بتغيير القوانين للتمكين منه، واستخدمت في حيثيات الحكم عبارة "ليكون عالم التدريس خاليا مما يتناقض مع القيم الثقافية للغرب المسيحي وغايات التدريس"، وهنا يأتي ذكر "المسيحية" رغم عدم ورود ذكرها في الدستور الألماني نفسه. ويفسر الكاتب موقف "كبار القضاة الدستوريين" بتأثير ضغوط كبيرة ناجمة عن إثارة المخاوف من كل ما يرتبط بالإسلام والمسلمين.

لا تنقطع الأمثلة من هذا القبيل وزيادة، فيورد الكاتب بعضها على ألسنة جهات شديدة العداء للإسلام مثل "آليس شفارتسر" من الحركة النسوية، ويطرح بعضها تحت عنوان "النقطة الأولى من القائمة السوداء: الخطر المصنوع"، ثم "النقطة الثانية: الهجوم على المقاتلين باسم الشريعة"، ومن بين العديد من الأمثلة الإعلامية يركز الكاتب على مجلة دير شبيجل الأنشط من سواها في تلك الحملات، مستثنيا إقدامها لأول مرة في نهاية عام 2007م على نشر ملف ينتقد من يعادون الإسلام.. حيث بدأ على الأقل شيء من التمييز بين أكثر من "تفسير" للإسلام ومصادره في أوساط المسلمين أنفسهم، ولا يستبعد الكاتب أن هذا التطور جاء بعد تبديل طاقم إدارة تحرير المجلة.

 

أيها القارئ.. احترم الآخر!

على غرار هذه الفصول الثلاثة تمضي الفصول الثلاثة التالية في الباب الأول، فيغني ما سبق من التفصيل عن المزيد، وقد أعطى المؤلف الفصل الرابع عنوان "الشهود" وصدّره بترجمة الآية الكريمة {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} -محمد: 24- واستعرض فيه نماذج صارخة لحملات عدائية تجاه الإسلام والمسلمين، عبر المواقع الشبكية واختار مثالا عليها موقعا غوغائيا باسم "سياسة خاطئة"، وصاحبه هنريك برودر، وكذلك عبر الكتب وذكر مثالا عليها "مذكرات هارب" ومؤلفه رالف جيوردانو، وحتى عبر "الدراسات والبحوث" ومثال ذلك دراسة عن تعرض المسلمات من أصل تركي في ألمانيا للعنف المنزلي، جرت بتكليف من جانب وزارة شؤون الأسرة، وقد وضعها مؤلف الكتاب مقابل دراسة جامعية أخرى مشابهة، ليتبين في الحصيلة أن جميع ما تقوله الدراسة الأولى بصدد المسلمات التركيات، يسري بنسب متقاربة على النساء الألمانيات من غير المسلمين، متسائلا علام يتم اعتمادها فيما يقال عن الإسلام تحديدا، وهو ما يمارسه كثيرون، اشتهرت من بينهم نجلاء كيليك، التي تحتفي وسائل الإعلام بها بصورة واضحة، لا سيما بعد أن شملها اختيار وزير الداخلية السابق شويبلي للمشاركة مع "مسلمين علمانيين" آخرين، في "مؤتمر الإسلام في ألمانيا"، ويشابهها في ذلك نموذج آخر يورده المؤلف، وهو سيريان آطش، التركية الأصل، ولها حملات مشابهة تحت عنوان وضع المرأة في الإسلام.

وخصص الفصل الخامس لاستعراض الممارسات "العنصرية" تجاه فئة "دينية" وليس تجاه مجموعة عرقية أخرى، بينما تناول الفصل السادس الممارسات العدائية -وليس المقولات فقط- تحت رداء سياسي رسمي، ويستشهد على ذلك بما صدر من قوانين واتخذ من إجراءات، محورها الحيلولة دون اندماج المسلمين في المجتمع، وهو ممّا شمل قطاعات اكتساب الجنسية وحق اللجوء السياسي وغيرهما.

ويختتم المؤلف هذا الفصل من الباب الأول بقوله: "لا يمكن تحقيق مجتمع ديمقراطي دون احترام الآخر، وأود ألا يستمر ذلك الاستهزاء ونشر الأكاذيب على هذا النحو تجاه الإسلام والمسلمين دون عقوبة، ويبقى لدي الأمل أن يكون هذا موقفك أيضا".. والخطاب للقارئ الألماني.

 

مرافعة الدفاع

الباب الثاني عبارة عن سلسلة حوارات يدعم محتواها -ويفرض الإيجاز التعميم هنا- ما ذهب إليه المؤلف في كتابه هذا، وهي على التتالي مع المؤرخ الألماني بروفيسور فولفجانج بينز، المتخصص فيما يعرف بالعداء للسامية، متحدثا عن وجوه التشابه بين كراهية اليهود والعداء للإسلام، والثاني مع النائبة الديمقراطية الاشتراكية د. لالي آكجو، من أصل تركي، ومتخصصة في الطب النفساني، وتحدثت عن الاندماج والوسط السياسي وتعدد الثقافات، والثالث مع بولاند كاياتوران، المعروف باسم "بيدو"، درس علم الاجتماع واشتهر من خلال تقديمه لبرنامج تلفازي ساخر، وتناول بالحديث ما يواجهه الألمان ووسائل الإعلام من صعوبات مع المهاجرين المستوطنين، والحوار الرابع والأخير مع آن لوفن، المتخصصة في العلوم السياسية والآداب الألمانية، واستعرضت في حديثها حول دورات دعم الاندماج، معالم العنصرية المنتشرة عبر الدوائر الرسمية، وعزل المهاجرين المستوطنين.

والكتاب بمجموعه أشبه بمرافعة دفاع قانونية إعلامية مستفيضة، يكمن مفعولها في قوة الأدلة والاستشهادات التي يوردها وكثافتها، وفي عرضها المبوّب في الفصول المذكورة، بحيث يتكامل البحث حول ظاهرة العداء للإسلام وما تصنع من صور نمطية عن المسلمين بمحاورها الرئيسية، سواء من حيث جذورها ونشأتها الأولى، أو من حيث مرتكزاتها في مختلف الميادين والقطاعات الرسمية والإعلامية في الدرجة الأولى.

واتبع الكاتب في ذلك أسلوبا يجعل الاستشهادات الواردة تفند نفسها بنفسها، وتؤكد صدورها عن الجهل أحيانا، وعن العنصرية المحضة غالبا، كما تكشف عن أن ما أورده من أمثلة يتطابق مع كثير سواها، وتكتمل الصورة من خلال الحوارات الواردة في الباب الثاني ليبين أن تلك النماذج الصارخة للعداء نماذج شاذة فكريا رغم وفرتها كميا، وأن الصيغة المنهجية في متابعة المعلومات وعرض الوقائع يمكن أن تُفقدها مفعولها، وهنا بالذات تكمن المشكلة الحقيقية، إذ لا تزال الكتب من هذا القبيل قليلة نسبيا، وإن تجاوزت في هذه الأثناء حقبة سابقة كانت فيها غائبة تماما أو نادرة للغاية.

يضاف إلى ذلك أن انتشار الكتب في ألمانيا، وبالتالي تأثيرها على قطاعات كبيرة من المواطنين، يعتمد غالبا على انتشار الاهتمام الإعلامي بها، وظاهر أن مما ينتقده الكتاب بحق أن وسائل الإعلام الأكبر تأثيرا من سواها، تمثل جزءا من المشكلة، وبالتالي فلا ينتظر أن تساهم -حتى الآن على الأقل- في إيجاد حل لها..

إنما لا بد من السؤال: هل يعفي ذلك الجهات الإسلامية في ألمانيا، وعلى وجه التحديد التنظيمات القائمة، من مسؤوليتها، على الأقل للعمل ألا تبقى الجهود القليلة المبذولة من جانب الأطراف المنصفة في ألمانيا خارج نطاق اهتمامها، كما هو الحال في الوقت الحاضر.

--------------------

هذا الكتاب يعبر عن رأي كاتبه

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ