ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فلسفة
الإرهاب في الفكر الصهيوني جمال
عليوة - الجزائر " و يدفعهم الرب إلهك أمامك و يوقع بهم
اضطرابا عظيما حتى يفنوا . و
يدفع ملوكهم إلى يدك فتمحو
اسمهم من تحت السماء . لا يقف
إنسان في وجهك حتى تفنيهم " سفر التثنية ، إصحاح 7 " إن إسرائيل لا يمكن أن تعيش إلا
بالقوة و السلاح " ديفيد بن غوريون " لو لا مجزرة دير ياسين لما كان هناك
مجال لوجود إسرائيل " مناحيم بيغين بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الصهيونية حركة إرهابية . هذه حقيقة لا
لبس فيها . و تستمد ممارساتها
الإرهابية من عقيدتها العنصرية
التي تجد دعائمها الفكرية في
الأدبيات اليهودية الصهيونية
الدينية و السياسية. لقد ارتبطت الصهيونية بالارهاب منذ
نشأتها . فالإرهاب منهج طبقه
الصهاينة لتنفيذ مشروعهم
المشؤوم ، ولم يكن هذا المنهج
ممارسة تكتيكية و لا حتى
استراتيجية لديهم فقط ، بل
عقيدة راسخة في فكرهم الممتد
إلى آلاف السنين . فالإرهاب لدى
الصهاينة عقيدة و فلسفة و فكر
يصبغ كل جوانب حياتهم الدينية و
الاجتماعية و الاقتصادية و
السياسية في معاملاتهم مع الغير
. إن الصهيوني لا يمكن إلا أن يكون إرهابيا
بطبيعته لان الصهيونية هي
العقيدة التي تعتبر أرض فلسطين
ملك لليهود وحدهم بوعد من الله ،
كما يقول المتدينون منهم ، أو
بالاغتصاب وطرد سكانها
الأصليين منها ، كما يعتقد كل
الصهاينة سواء كانوا متدينين أو
غير متدينين ، و هو الاعتقاد
الذي يحاولون تنفيذه منذ وجدوا
و الذي تجسد في كيانهم البغيض و
اللاشرعي الذي أقاموه منذ سنة
1948 في فلسطين . إن مجرد اغتصاب أرض و طرد شعبها منها دون
وجه حق و إنكار عليه مجرد
الانتماء إلى هذه الأرض يعد
أقسى درجات الإرهاب ولو لم يفعل
الصهاينة إلا هذا لعدوا من أكبر
الإرهابيين والمجرمين . إن كل من يعتقد أن لليهود الحق في أرض
فلسطين فهو صهيوني و كل صهيوني
أتى إلى فلسطين و استوطن فيها
بعد طرد أهلها فهو إرهابي سواء
مارس العنف أم لم يمارسه . لا ريب أن الصهيونية هي مرحلة متقدمة من
اليهودية و لا يمكن فصل
الصهيونية عن اليهودية بأي حال
من الأحوال . فالدين اليهودي
يشكل المصدر الرئيسي للأفكار
الصهيونية التي ستفقد كل
دعائمها الإيديولوجية إذا ما
أفرغت من محتواها الديني
التوراتي . فالكتب الدينية
اليهودية ، خاصة التوراة و
التلمود ، تشكل المنطلق الفكري
و العقائدي الأول للفكر
الصهيوني لأن الفكرة الصهيونية
السياسية تنطلق أصلا من مقولة
" حق اليهود الإلهي "
الدينية . فإذا جردت الفكرة
الصهيونية من هذه الركيزة
الأساسية ، فإنها تفقد كل
دعائمها الأخرى . لقد قامت الدولة الصهيونية استنادا إلى
" حق تاريخي " ( * ) لليهود
على أرض فلسطين و هذا " الحق
" منحة إلهية لشعب الله
المختار و بالتالي فهي أرضهم
وحدهم دون غيرهم من الأمم . ـــــــــــــــــــ ( * ) يقول ميخا جوزيف بيرديشفسكي ( 1865 - 1921 ) Micah
Joseph Berdichevsky : " صحيح أن ماضينا هو الذي يمنحنا الحق
التاريخي و الإسم لكي نحيا في
المستقبل " الفكرة الصهيونية ، ص 182 إن الإرهاب الصهيوني إذا ، ليس وليد
الظروف والحسابات السياسية و
الاستراتيجية لقادة الحركة
الصهيونية فقط ، و إنما يستند
إلى عقيدة تستمد جذورها من
مصادر الفكر الصهيوني الدينية و
السياسية المختلفة بدأ
بالتوراة و التلمود وصولا إلى
أدبيات الحركة الصهيونية . لقد اعتمدنا في بحثنا هذا على أهم مصادر
الفكر الصهيوني انطلاقا من
فرضية أن الصهيونية هي أعلى
مراتب اليهودية . لقد حاول بعض المفكرين ( منهم مع الأسف
عربا و مسلمين ) الفصل بين
اليهودية و الصهيونية باعتبار
هذه الأخيرة حركة استعمارية
أوروبية مثلها مثل باقي الحركات
الاستعمارية التي ظهرت بين
القرنين 15 و 19 استعملت اليهود و
اليهودية كذريعة لتحقيق
أهدافها الاستعمارية . إننا نعتقد أن اليهودية و الصهيونية
مرتبطتين ارتباطا وثيقا و
تكادان تكونان شيئا واحدا ، و
الفصل بينهما يفقد كلا منهما
معناه الحقيقي بحيث لا معنى
لليهودية دون الصهيونية و لا
معنى للصهيونية دون اليهودية .
إن فكرة " صهيون و العودة إلى
صهيون " تأتي في صميم العقيدة
اليهودية و لا نتصور وجود يهودي
لا يؤمن بهذه الفكرة الدينية و
إنما يختلفون في كيفية تجسيد
هذا الإيمان . و نتيجة لذلك ، نعتقد أن كل يهودي هو
صهيوني بالقوة و تنتقل هذه
القوة إلى الفعل حسب ظروف
الزمان والمكان بالممارسة
العملية و لا وجود فعلا ليهودي
" معادي للصهيونية " و إنما
يختلفون في الطريقة التي يبرزون
بها صهيونيتهم و يتقاسمون
الأدوار فيما بينهم ليقال أن
الصهاينة فيهم الجيد و السيئ و
فيهم المعتدل و المتطرف و فيهم
الحمائم والصقور و الواقع أن
فيهم الصهيوني و الصهيوني و لا
شيء غير ذلك. فمنهم الصهيونيون الدينيون الذين يربطون
تأسيس الدولة اليهودية بمجيء
المسيح المنتظر و قد يصل الأمر
ببعضهم إلى الاعتقاد بعدم شرعية
" دولة إسرائيل " الحالية (
على عكس الكثير من العرب ) و منهم
من يعتقد أن مجيء المسيح
المنتظر ليس شرطا لتأسيس الدولة
اليهودية و هم الصهيونيون
السياسيون و لكن كلهم يتفقون
على ضرورة إقامة الدولة
اليهودية في فلسطين و طرد العرب
منها و حق اليهود في ذلك . و
الظريف ( و ليس غريبا ) انه حتى
أولئك الذين يعادون الدولة
اليهودية الحالية يعيشون في
فلسطين المحتلة مغتصبين أرض و
بيوت غيرهم دون وجه حق تحت حماية
قوانين الدولة التي لا يؤمنون
بشرعيتها . يجب التأكيد على أننا لا نعادي اليهود
كيهود و لا الدين اليهودي كدين و
إنما نعادي الصهيونية ، و لا
نعادي الصهيونية " النظرية
" و لا الصهيونية الروحية
التي يعتقد بها بعض اليهود ( و هم
أقلية لا تكاد تذكرو لا تأثير
لهم على التوجه العام للحركة
الصهيونية ) و التي لا تهدف إلى
تأسيس دولة يهودية في فلسطين أو
غير فلسطين ( على الأقل على
المدى المنظور ) ، فالناس أحرار
في أفكارهم و معتقداتهم ، و إنما
نعادي و نقاوم ( و لنا كل الحق في
ذلك ) الصهيونية " العملية "
( سواء كانت دينية أو سياسية ) و
التي أفرزت مأساة فلسطين و شعب
فلسطين و تجسدت في الاحتلال و
القتل و الطرد من الأوطان و
الاستيلاء على الممتلكات أو
تدميرها و غيرها من الجرائم
التي لا تقبل بها كل الشرائع . إن المشروع الصهيوني مشروع قديم . فمنذ
ظهر اليهود على مسرح الأحداث و
هم يخططون لتنفيذ هذا المشروع
المشؤوم . يمكن القول إن المشروع الصهيوني يرتكز
على ركيزتين أساسيتين :
الاستيلاء على أرض فلسطين و طرد
أهلها منها ، ثم السيطرة على
العالم و إخضاع جميع الشعوب
لسلطة اليهود المباشرة . فإذا كان هؤلاء هم الصهاينة و ذلك هو
مشروعهم المشؤوم ، فماذا علينا
أن نفعل لمواجهة ذلك ؟ باختصار ، علينا بالمقاومة ثم المقاومة
ثم المقاومة . إن مقاومة هذا
المشروع هي واجبنا و قدرنا و
أعلى مراتب المقاومة ، المقاومة
المسلحة التي يقوم بها الشرفاء
من الأمة في فلسطين و لبنان ، و
أقلها مرتبة ( و هو أضعف الإيمان
) عدم الاعتراف بشرعية دولة إسرائيل . و بين هذا و ذاك طرق عديدة و
وسائل كثيرة للمقاومة ، بالكلمة
و القلم لفضح أبعاد هذا المشروع
الخطير و الحث على عدم
الاستسلام للأمر الواقع ،
ومقاطعة البضائع " الصهيونية
" و غيرها من أشكال المقاومة . فالاحتجاج بالأمر الواقع هو احتجاج
الضعفاء و الجبناء و المتخاذلين
و المتواطئين . ألم يكن الاستعمار أمرا واقعا ؟ و كان
النظام العنصري في جنوب إفريقيا
، الشبيه بالنظام الصهيوني
العنصري في إسرائيل ، أمرا
واقعا . و كان نظام الشاه
المستبد في إيران أمرا واقعا . لكن الشعوب في هذه البلدان لم ترض بالأمر
الواقع فقاومته و غيرته بقوة
إرادتها فخلقت أمرا واقعا آخر
أفضل . كذلك مصير الأمر الواقع في فلسطين . سوف
يتغير بإذن الله تعالى و إرادة
شعوب المنطقة رغم أنف الأنظمة و
القوى الكبرى . " فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم و
ليدخلوا المسجد كما دخلوه أول
مرة و ليتبروا ما علوا تتبيرا
" صدق الله العظيم . و إن كنا لا نملك الطائرات ، و لا نملك
الدبابات ، و لا نملك الصواريخ ،
فإننا نملك التاريخ . التاريخ الذي يمنحنا الحق و يمنحنا القوة
لاسترجاع ذلك الحق . الفصل الأول أبعاد المشروع الصهيوني إن عناصر المشروع الصهيوني متكاملة في
مختلف المصادر الفكرية و
العقائدية التي يستمد منها
الصهاينة أفكارهم و تبريرات
ممارساتهم العدوانية و
الإجرامية تجاه الشعوب الأخرى . إن النواة الأولى للمشروع الصهيوني نجدها
في التوراة ( الكتاب المقدس
الأول عند اليهود و مصدر
عقيدتهم ) و قد نسجت مختلف عناصر
هذا المشروع انطلاقا من تلك
النواة و بالتالي ، فإن جميع
التفصيلات إنما هي تفرعات لما
جاء في التوراة . إن سبب و جود اليهود كأمة ( كما جاء في
التوراة ) ووظيفتهم التاريخية
هي تنفيذ مشروع ضخم يقوم على
الأركان التالية : 1 – التميز والتعالي على الشعوب و الأمم
الأخرى مما ولد لدى كل يهودي
الشعور و الإعتقاد بأنه مميز عن
غيره و أفضل من غيره و هي النظرة
التي لا يمكن إلا أن توصف
بالنظرة العنصرية . 2 – الاستيلاء على ما أسموه بأرض إسرائيل
و التي تمتد من النيل إلى الفرات
. 3 – أما الركن الثالث ، و هو غاية اليهود
الصهاينة الكبرى ، فهو السيطرة
على العالم بأسره و إقامة حكومة
يهودية صهيونية عالمية يرأسها
ملك يهودي . أولا - أبعاد المشروع الصهيوني في التوراة
: إن البعد الديني للمشروع الصهيوني هو
البعد الأكثر أصالة من بين
الأبعاد الأخرى السياسية و
الاقتصادية و غيرها ، و بالتالي
، فان التوراة تعد المصدر الأول
للفكر الذي ينظّر للمشروع
الصهيوني و النواة الأولى
للأفكار الصهيونية و للأفكار
الإرهابية التي يؤمن بها اليهود
الصهاينة . إن الفصل بين التوراة و الصهيونية مستحيل
حتى بالنسبة لمن يسمون أنفسهم
بالصهيونيين العلمانيين لأن
التوراة هي روح اليهودية و
الأساس الأول لمبادئها و
عقائدها . فعندما نتصفح التوراة
، نجد المشروع الصهيوني في شكله
الخام و هو " المادة "
والمنطلق لكل التفرعات الأخرى . يستند المشروع الصهيوني في التوراة إلى
ثلاثة مبادئ رئيسية : • الوعد الإلهي . • الاستيلاء على
الأرض . • السيطرة على
بقية الأمم . 1 - الوعد الإلهي : يدعي اليهود أن إلههم يهوه قد وعد إبراهيم
إعطاءه أرض كنعان ( فلسطين ) له و
لذريته من بعده . و يشكل هذا
الوعد نقطة الانطلاق للفكرة
الصهيونية و يعتمد عليه جميع
الصهاينة ، بما فيهم العلمانيون
و حتى " الملحدون " ، لإضفاء
الشرعية على مشروعهم اللاشرعي . و الغريب أن العالم المتحضر و المتمدن و
الذي يفصل الدين عن السياسة قد
منحهم تلك الشرعية بناء على هذا
المبدأ الديني . جاء أول ذكر لأرض كنعان ( فلسطين ) في
التوراة في سفر التكوين ( السفر
الأول) في الإصحاح الحادي عشرة : " و أخذ تارح أبرام ابنه و لوطا بن هاران
ابن ابنه و ساراي كنته امرأة
أبرام ابنه فخرجوا معا من أور
الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض
كنعان " ( 1 ) . كما جاء أول ذكر " للمنحة الإلهية "
في الإصحاح الثاني عشرة : " و قال الرّب لأبرام اذهب من أرضك و من
عشيرتك من بيت أبيك إلى الأرض
التي أريك " ( 2 ) و لما وصل إبراهيم إلى أرض كنعان ، تذكر
التوراة أن الأرض لم تكن خالية
من السكان بل عامرة : " و خرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان . فأتوا
إلى أرض كنعان و أجتاز أبرام في
الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة
مورة . و كان الكنعانيون حينئذ
في الأرض " ( 3 ) . و رغم ذلك ، تقول التوراة أن الرب ظهر
لإبراهيم و منحه هذه الأرض دون
أي اعتبار لأهلها و ساكنيها : " وظهر الرّب لأبرام و قال لنسلك أعطي
هذه الأرض " ( 4 ) . و هو أول ذكر في التوراة للوعد الإلهي
المزعوم . و توالى ذكر " الوعد الإلهي " في
التوراة مرّات متلاحقة : ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) تكوين : 11 -31 ، 32 ( 2 ) تكوين : 12 – 1 ( 3 ) تكويــــن: 12 – 5 ، 6 ( 4 ) تكوين : 12 – 7 " و قال له أنا الرب الذي أخرجك من أور
الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض
لترثها " ( 1 ) . " و في ذلك اليوم قطع الرّب مع أبرام
ميثاقا قائلا لنسلك أعطي الأرض
من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر
الفرات " ( 2 ) . " و لمّا كان أبرام ابن تسع و تسعين سنة
ظهر الرّب لأبرام و قال له أنا
الله القدير ، سر أمامي و كن
كاملا فأجعل عهدي بيني و بينك و
أكثّرك كثيرا جدا . فسقط أبرام
على وجهه و تكلم الله معه قائلا
أما أنا ، فهو ذا عهدي معك و تكون
أبا لجمهور من الأمم فلا يدعى اسمك بعد أبرام بل يكون
اسمك إبراهيم لأني أجعلك أمما
وملوك منك يخرجون و أقيم عهدي
بيني و بينك و بين نسلك من بعدك و
أعطي لك أرض غربتك كل أرض كنعان
ملكا أبديا و أكون إلههم " ( 3 )
. " فذهب إسحاق إلى ابيمالك ملك
الفلسطينيين الى جرار و ظهر له
الرب و قال لا تنزل إلى مصر ،
أسكن في الأرض التي أقول لك .
تغرب في هذه الأرض فأكون معك و
أباركك لأني لك و لنسلك أعطي
جميع هذه لبلاد و أفي بالقسم
الذي أقسمت لإبراهيم أبيك و
أكثر نسلك كنجوم السماء و أعطي
نسلك جميع هذه البلاد و تتبارك
في نسلك جميع أمم الأرض( 4 ) . إن هذا الوعد الثاني هو استدراك للوعد
الأول الذي أعطي لإبراهيم . و
الدليل على زيف الادعاء
الصهيوني هو التناقض الواضح بين
الوعدين . فبينما الوعد الأول يشمل جميع أبناء
إبراهيم بمن فيهم أبناء إسماعيل
، فان الوعد الثاني يحصر "
المنحة الإلهية " في أبناء
إسحاق وحدهم و هذا التناقض هو
نتيجة لحرص اليهود على تحريف
التوراة لجعلها تخدم مآربهم
ومصالحهم الخاصة و وضع اللبنة
الأولى لمشروعهم المشؤوم . و غلوا في عنصريتهم واستعلائهم ، حصروا
ميراث إبراهيم في يعقوب(
إسرائيل ) ولد إسحاق بعد أن
نسجوا مؤامرة دبرتها أم يعقوب
لاستبعاد أخيه البكر عيسو ( و هو
ابنها كذلك ! ) من بركة أبيه و
بالتالي من ميراثه ، و قد وردت
قصة هذه المؤامرة في الإصحاح
السابع و العشرين من سفر
التكوين : " و حدث لما شاخ إسحاق و كلت عيناه عن
النظر أنه دعا عيسو ابنه الأكبر
و قال له يا ابني فقال له ها انذا
فقال إنني قد شخت و لست أعرف يوم
وفاتي فالآن خذ عدتك جعبتك و
قوسك و أخرج إلى البرية و تصيد
لي صيدا و اصنع لي أطعمة كما أحب
و أتني بها لآكل حتى تباركك نفسي
قبل أن أموت. و كانت رفقة ( زوجة إسحاق ) سامعة إذ تكلم
إسحاق مع عيسو ابنه فذهب عيسو ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) تكوين : 15 – 7 ( 2 ) تكوين : 15 – 18 ( 3 ) تكوين : 17 - 1 ، 8 ( 4 ) تكوين: 16 - 1 ، 3 إلى البرية كي يصطاد صيدا ليأتي به . وأما
رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة
إني قد سمعت أباك يكلم عيسو أخاك قائلا ائتني
بصيد و اصنع لي أطعمة لآكل و
أباركك أمام الرب قبل وفاتي.
فالآن يا ابني اسمع لقولي فيما
أنا آمرك به ، اذهب إلى الغنم و
خذ لي من هناك جديين من المعزى
فأصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب
فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى
يباركك قبل وفاته " ( 1 ) . ففعل يعقوب كما أمرته أمه و تنكر في زي
أخيه و دخل على أبيه إسحاق و أخذ
منه بركته . " فدخل على
أبيه و قال يا أبي فقال ها أنذا ،
من أنت يا ابني فقال يعقوب لأبيه
أنا عيسوبكرك قد فعلت كما
كلمتني ، قم أجلس و كل من صيدي
لكي تباركني نفسك " ( 2 ) . " فقدم له فأكل فأحضر له خمرا فشرب فقال
له إسحاق أبوه تقدم و قبلني يا
بني فتقدم وقبله فشم رائحة
ثيابه و باركه وقال أنظر رائحة
ابني كرائحة حقل قد باركه الرب
فليعطك الله من ندى السماء و من
دسم الأرض و كثرة حنطة وخمر .
ليستعبد لك شعوب و تسجد لك قبائل
" ( 3 ) . و بعد أن بارك إسحاق يعقوب و نسله و جعلهم
" سادة " الشعوب و القبائل ،
" منحه " أرض فلسطين ملكا له
و لأبنائه من بعده " و يعطيك
بركة إبراهيم لك و لنسلك معك
لترث أرض غربتك التي أعطاها
الله لإبراهيم " ( 4 ) . و الغريب أن إبراهيم ( عليه السلام ) ، على
الرغم من الوعد و المنحة
الإلهيين ، فانه لما ماتت سارة
زوجته اشترى أرضا ليدفنها فيها .
و هو دليل آخر على زيف الادعاءات
الصهيونية . " و كانت حياة سارة مائة و سبعا و عشرين
سنة سني حياة سارة . و ماتت سارة
في قرية أربع التي هي حبرون ( * )
في أرض كنعان . فأتى إبراهيم
ليندب سارة و يبكي عليها . و قام
إبراهيم من أمام ميته و كلم بني
حث قائلا : أنا غريب و نزيل عندكم
، أعطوني ملك قبر معكم لأدفن
ميتي من أمامي . فأجاب بنو حث
إبراهيم قائلين له : اسمعنا يا
سيدي ، أنت رئيس من الله بيننا .
في أفضل قبورنا ادفن ميتك . لا
يمنع أحد منا قبره عنك حتى لا
تدفن ميتك . فقام إبراهيم و سجد
لشعب الأرض ( ** ) لبني حث و كلمهم
قائلا : إن كان في نفوسكم أن أدفن
ميتي من أمامي فاسمعوني و
التمسوا لي من عفرون ابن صوحر أن
يعطيني مغارة المكفلية التي له
التي في طرف حقله بثمن كامل
يعطيني إياها في وسطكم ملك قبر .
و كان عفرون جالسا بين بني حث . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) تكوين : 27 – 1 ، 10 ( 2 ) تكوين : 27 - 18 ، 19 ( 3 ) تكوين : 27 - 25 ، 29 ( 4 ) تكوين 28 - 4 ( * ) مدينة الخليل . ( ** ) و أجازوا لأنبيائهم أن يسجدوا لغير
الله . فأجاب عفرون الحثي إبراهيم في مسامع بني
حث لدى جميع الداخلين باب
مدينته قائلا : لا يا سيدي ،
اسمعني ، الحقل و هبتك إياه و
المغارة التي فيه لك وهبتها لدى
عيون بني شعبي وهبتك إياها .
ادفن ميتك . فسجد إبراهيم أمام
شعب الأرض و كلم عفرون في مسامع
شعب الأرض قائلا : بل إن كنت أنت
إياه فليتك تسمعني . أعطيك ثمن
الحقل . خذ مني فأدفن ميتي هناك .
فأجاب عفرون إبراهيم قائلا له :
يا سيدي اسمعني ، أرض بأربع مائة
شاقل فضة ما هي بيني و بينك ،
فادفن ميتك . فسمع إبراهيم فسمع إبراهيم لعفرون و وزن إبراهيم لعفرون
الفضة التي ذكرها في مسامع بني
حث ، أربع مائة شاقل فضة جائزة
عند التجار " ( 1 ) . لسنا بصدد مناقشة صحة أو عدم صحة هذه
القصة ، فهذا ليس موضوعنا ، و
إنما نناقش استثمار اليهود
الصهاينة لها من أجل مشروعهم
القديم . إن هذه القصة ، سواء كانت حقيقية أم لا ،
تعطي الانطباع بان لليهود حق (
إن لم يكن "الحق " ) في هذه
الأرض و تأتي لتدعم الوعد
الإلهي الذي أعطي لإبراهيم ( في
نظرهم ) . إنها تحتمل عدة معان أهمها معنيان اثنان . أول هذه المعاني أنها تسقط الادعاء
الصهيوني بأن الله قد منح هذه
الأرض إلى إبراهيم و نسله ملكا
أبديا و تضع هذا الادعاء في
تناقض واضح . فلو كانت الأرض
ملكا له بصك من الله و هو صك مقدس
، لماذا اضطر لشراء بقعة صغيرة
ليدفن زوجته فيها و يصر على دفع
ثمنها لأصحابها الشرعيين رغم
إصرارهم على منحها إياه دون ثمن
. و هذا يوحي بأن إبراهيم (عليه
السلام ) فهم الوعد الإلهي ( إن
كان هذا الوعد صحيحا ) بأنه حق في
الهجرة إلى هذه الأرض و الإقامة
فيها و ليس التملك و التسلط على
أهلها دون وجه حق . المعنى الثاني ، هو ادعاء اليهود أنهم
ليسوا غرباء عن هذه الأرض و أنها
أرضهم لأن جدهم إبراهيم "
اشترى " قطعة منها و دفع ثمنها
. و هو ادعاء سخيف لأن امتلاك
قطعة أرض في بلد ما لا يعطي حقا
في كل البلاد . و سواء أخذنا بعين الاعتبار هذا المعنى أو
ذاك ، فان هذه القصة تدحض
المزاعم الصهيونية و تبطلها . إن الوعد الإلهي الذي قطعه الله مع
إبراهيم و إسحاق و يعقوب ( و من
خلالهم الشعب اليهودي ) هو
الأساس الديني الذي تبني عليه
الصهيونية العالمية كل
مخططاتها العدوانية و تمنح
لنفسها الحق في الاستيلاء على
أرض فلسطين و طرد أهلها منها
بدعم من العالم " المتحضر"
و " الحر" و الذي يتباهى
بإنجازاته " العلمانية " . ـــــــــــــ ( 1 ) تكوين : 23 - 1 ، 16 2 – الاستيلاء على الأرض : إن القصة السالفة الذكر تشرع للصهاينة
سياسة الاستيلاء على الأرض عن
طريق الشراء ، و هي السياسة التي
سارت عليها الحركة الصهيونية في
بداياتها الأولى . إن هذه السياسة ( سياسة شراء الأراضي ) لا
تثبت سلمية و حسن نية الحركة
الصهيونية لأنها سياسة مرحلية
حين كانت هذه الحركة ضعيفة لا
تملك القوة العسكرية اللازمة
للاستيلاء على الأرض غصبا و
عنوة . و حين ملكت القوة
العسكرية و السياسية كشفت عن
وجهها الحقيقي. إن محرفي التوراة أرادوا أن يضعوا
الخطوات الواجب اتباعها
للاستيلاء على الأرض و هي نفس
الخطوات التي اتبعتها الحركة
الصهيونية . و اليهود منذ وجدوا
، وضعوا نصب أعينهم أرض كنعان و
خططوا لذلك منذ القدم . الاستيلاء على الأرض هو الهدف الأول
للصهيونية و أول حدث هام في
تاريخ اليهود ( و الذي يؤرخ
للبداية الحقيقية لهذا التاريخ
) هو " الوعد الإلهي "
بإعطائهم هذه الأرض . فالفكرة الرئيسية في التوراة تدور حول
استيلاء اليهود على أرض فلسطين
بكل الوسائل السلمية و غير
السلمية . إننا نجد مشاهد في
التوراة تحتوي على جميع هذه
الأمور منذ الدخول الأول
لإبراهيم و أفراد عائلته
القلائل ، و كان دخولا سلميا ،
إلى الغزو الدموي الرهيب الذي
مارسه اليهود في عهد يشوع . و سواء كانت هذه القصص حقيقية أم لا ، فإن
واضعي التوراة الحالية ( و هي
غير التوراة التي أنزلها الله
على موسى ( عليه السلام) بكل
تأكيد أو على الأقل ، تختلف عنها
اختلافا كبيرا ) و ضعوا بذلك
السياسة التي يجب على اليهود
اتباعها تجاه سكان فلسطين بشكل
خاص و تجاه جميع الأغيار بشكل
عام . إن الإرهاب الذي يمارسه الصهاينة على
سكان فلسطين يمتد لآلاف السنين
و الذنب الوحيد الذي اقترفه
هؤلاء السكان انهم وجدوا على
تلك الأرض محل الأطماع
الصهيونية منذ القدم. إن إبراهيم ، في نظر الصهاينة ، هو أول "
يهودي " ( * ) فتح باب الإستيلاء
التدريجي على الأرض . و أكثر من ذلك ، فإن التوراة حددت بدقة
الحدود الجغرافية لهذه الأرض
التي على اليهود أن يستولوا
عليها . و قد شكلت هذه الحدود
المرجع الرئيسي للمشروع
الصهيوني ـــــــــــــــــــــــ ( * ) هذا في اعتقاد اليهود الصهاينة لأن
إبراهيم ( عليه السلام ) لم يكن
يهوديا كما جاء في القرآن
الكريم " ما كان إبراهيم
يهوديا و لا نصرانيا " صدق
الله العظيم . بحيث لا يقتصر هذا المشروع على الإستيلاء
على فلسطين فقط و لكن تشمل
السيطرة الأرض التي تمتد من مصر
شرقا إلى العراق غربا ( ** ) . و رد ذكر هذه الحدود أول ما ورد في الإصحاح
الخامس عشر من سفر التكوين: " في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام
ميثاقا قائلا : لنسلك أعطي هذه
الأرض من نهر مصر إلى النهر
الكبير نهر الفرات " ( 1 ) . لقد حثت التوراة اليهود على السيطرة على
فلسطين و الاستيلاء عليها دون
وازع من حق أو أخلاق أو أي
اعتبار لساكنيها إلى درجة أن
قادة لحركة الصهيونية كانوا
يعتبرونها خالية من السكان و
الاستيلاء عليها لا يترتب عنه
أي إجحاف بأي كان و رفعوا شعارهم
المشهور " أرض بلا شعب لشعب
بلا أرض " . لقد اتبع اليهود الصهاينة منذ القدم
استراتيجيتين للاستيلاء على
فلسطين : استراتيجية التغلغل
السلمي و الاستيلاء "
القانوني " عن طريق الشراء
باستعمال كل الوسائل المشروعة و
غير المشروعة ، و استراتيجية
الغصب عن طريق استعمال القوة
والبطش و الإجرام ، و كلا
الإستراتيجيتين مذكورتين في
التوراة . الاستراتيجية الأولى حسب التوراة
استعملها إبراهيم عندما جعل
لليهود موطئ قدم في فلسطين و سن
لهم شراء الأرض رغم أن الله قد
ملكهم إياها حسب زعمهم و
الاستراتيجية الثانية اتبعت ،
كما سبق و ذكرنا سابقا ، في عهد
يشوع بن نون عندما استولى
اليهود بالقوة على فلسطين و
حاولوا إبادة أهلها ( كما يحاول
أحفادهم في العقيدة أن يقوموا
به في العصر الحديث ) . و مما جاء في التوراة عن الاستيلاء على
الأرض بالقوة و إبادة أهلها (
على أن نستعرض ذلك بشيء من
التفصيل في الفصول القادمة عند
تطرقنا لمسألة الإرهاب
الصهيوني ) ما يلي : " و كان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب
كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلا
: موسى عبدي قد مات فالآن قم اعبر
هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب
إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل . كل
موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم
أعطيته كما كلمت موسى من البرية
و لبنان هذا إلى النهر الكبير
نهر الفرات جميع أرض الحثيين و
إلى البحر الكبير نحو مغرب
الشمس يكون تخمكم " ( 2 ) إن عبارات التوراة هذه واضحة كل الوضوح و
هي خير رد على كل من يعتقدون أن
اليهود الصهاينة قد تخلوا عن
مشروعهم القديم و أنهم قد
يكتفون بالأراضي التي احتلوها
سنة 1948 إلا إذا اعتبرنا انهم في
الوقت نفسه قد تخلوا عن توراتهم
و عقيدتهم ! ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) تكوين : 15 – 18 ( ** ) الأحداث الأخيرة ( احتلال العراق من
قبل الصهاينة الأمريكيين ) تسير
في هذا السياق و وفق المخطط
المرسوم منذ آلاف السنين و من
المؤسف القول أن حدود "
إسرائيل " و صلت فعلا إلى
النيل باتفاقية كامب ديفيد و
إلى الفرات بغزو العراق . ( 2 ) يشوع : 1 - 1 ، 4 إن التوراة تأمرهم أن يستولوا على أرض
فلسطين بجميع الوسائل و بالتالي
اصبح الإستيلاء على هذه الأرض
واجبا دينيا مقدسا لدى جميع
اليهود أقرته شريعتهم وأمرت به . إن مشروعهم يشمل فلسطين و سوريا و الأردن
و لبنان و العراق و مصر و لا يمكن
أن يتخلوا عنه في يوم من الأيام
إلا إذا تخلوا عن عقيدتهم لأنهم
يعتبرون كل هذه المنطقة لهم
وحدهم و على من فيها أن يرحلوا
أو يخضعوا لسيطرتهم : " فقال يشوع لبني إسرائيل تقدموا إلى
هنا و اسمعوا كلام الرب إلهكم ثم
قال يشوع : بهذا تعلمون أن الله
الحي في وسطكم و طردا يطرد من
أمامكم الكنعانيين و الحثيين و
الحويين و الجرجاشيين و
الأموريين و اليبوسيين " ( 1 ) و خير دليل على زيف ما جاء في التوراة بهذا
الصدد و " خرافيته " أن الله
تعالى لم يطرد أحدا ممن كانوا
يسكنون هذه الأرض بل اليهود (
الذين وعدهم الله بمنحهم إياها
خالصة لهم وحدهم ) هم الذين
طردوا منها و يحاولون الآن
العودة إليها و قد حققوا جزء من
مشروعهم باستيلائهم على فلسطين
و سعيهم الدءوب للسيطرة على
المنطقة بأسرها باستعمال مختلف
الوسائل العسكرية ( الحرب و
الغزو و الاعتداءات ) و السياسية
( " اتفاقيات " الاستسلام ) . إن أول مجزرة قام بها اليهود الصهاينة (
حسب ما جاء في التوراة ) حدثت
عندما استولوا على أريحا : " و حرموا كل ما في المدينة من رجل و
امرأة من طفل و شيخ حتى البقر و
الغنم و الحمير بحد السيف . و قال
يشوع للرجلين الذين تجسسا الأرض
( * ) ادخلا بيت المرأة الزانية و
اخرجا راحاب و أباها و أمها و
اخوتها و كل مالها و أخرجا كل
عشائرها و اتركاهم خارج محلة
إسرائيل و أحرقوا المدينة
بالنار مع كل ما بها " ( 2 ) ( ** ) . إن فلسفة التوراة تقوم على الاستيلاء على
الأرض و إبادة أهلها حتى تكون
خالصة لليهود وحدهم و القتال
عند اليهود الصهاينة هدفه
الاعتداء و السيطرة و قتل
الآخرين و لم يكن في يوم من
الأيام غايته نشر العقيدة
الموسوية في العالم و بين الناس
( *** ) لأن كل ما عدا اليهود ليس له
أي اعتبار بل هم دون مستوى
البشرية يجب قتلهم و إبادتهم و
إذا لم يقتلوا فلأن في حياتهم
مصلحة لليهود و للمشروع
الصهيوني . إن التوراة تأمر اليهود بإبادة سكان
الأرض التي يستولون عليها . " فقال الرب ليشوع لا تخف و لا ترعب . خذ
معك جميع رجال الحرب و قم اصعد ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) يشوع : 3 – 9 ، 10 ( 2 ) يشوع : 6 - 21 ، 24 ( * ) انظر الإصحاح الثاني من سفر يشوع . ( ** ) ما أشبه اليوم بالبارحة . كأن التوراة
تحكي ما يحدث بالذات اليوم في
فلسطين من قتل للأطفال و النساء
و الشيوخ و تدمير للبيوت و حرق
للممتلكات . ( *** ) إن حقدهم و بغضهم للغير جعلهم يبخلون
عليهم حتى بعقيدتهم و دينهم . إلى عاي أنظر قد دفعت يدك ملك عاي و شعبه و
مدينته و أرضه فتفعل بعاي و
ملكها كما فعلت بأريحا و ملكها " ( 1 ) . " و دخلوا المدينة و أخذوها و أسرعوا و
أحرقوا المدينة بالنار . فألتفت
رجال عاي إلى ورائهم و نظروا و
إذا دخان المدينة قد صعد إلى
السماء . فلم يكن لهم مكان للهرب
هنا أو هناك و الشعب الهارب إلى
البرية انقلب على الطارد . و لما
رأى يشوع و جميع إسرائيل أن
الكمين قد أخذ المدينة و أن دخان
المدينة قد صعد ، إنثنوا و ضربوا
رجال عاي وهؤلاء خرجوا من
المدينة للقائهم فكانوا في وسط
إسرائيل هؤلاء من هنا و أولئك من
هناك . و ضربوهم حتى لم يبق منهم
شارد و لا منفلت " ( 2 ) . " كان لما انتهى إسرائيل من قتل جميع
سكان عاي في الحقل و البرية حيث
لحقوهم و سقطوا جميعا بحد السيف
حتى فنوا ، أن جميع إسرائيل رجع
إلى عاي و ضربوها بحد السيف فكان
جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم
من رجال و نساء اثني عشر ألفا
جميع أهل عاي " ( 3 ) . إن اليهود الصهاينة لا يعرفون سوى القتل و
الإرهاب لأنهم يحقدون على جميع
البشرية بطبيعتهم و تكوينهم
النفسي و رسالتهم التي يدعون
أنهم جاءوا بها للعالم مكتوبة
بالدماء . إنهم يريدون منذ القدم
أن يستولوا على العالم انطلاقا
من استيلائهم على فلسطين و
يسخروا البشرية جمعاء لخدمة
مصالحهم و مآربهم . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) يشوع : 8 – 1 ، 3 ( 2 ) يشوع : 8 - 19 ، 22 ( 3 ) يشوع : 8 – 24 ، 25 3 – التحكم في بقية الأمم : إن البعد الثالث للمشروع الصهيوني في
التوراة ( و في غير التوراة ) بعد
الوعد الإلهي و الاستيلاء على
الأرض هو السيطرة على العالم و
التحكم في بقية الأمم و الشعوب و
تسخيرها لخدمة مصالح اليهود . لقد نهض اليهود و نشأوا على هذه الفكرة
على أساس أنهم شعب الله المختار
و أن بقية الأمم هي أقل درجة
منهم بل و دون مستوى البشرية
لأنهم يعتبرون أنفسهم هم البشر
الحقيقيون و ما الشعوب الأخرى
إلا بهائم في شكل آدمي و ما خلقت
إلا لخدمة اليهود . فالتوراة صريحة في هذا الشأن . إن الأمم
الأخرى يجب أن تستعبد من طرف
اليهود. و الغريب أن التوراة
تغلو في هذا الشأن إلى درجة أن
الاستعباد يبدأ حتى بين أبناء
الأم الواحدة و الأب الواحد
إسحاق . فعندما كانت رفقة امرأة إسحاق حاملا
بتوأميها عيسو و يعقوب ( الذي
سمي فيما بعد إسرائيل ) ، تقول
التوراة : " فقال لها الرب في بطنك أمتان و من
أحشائك يفترق شعبان . شعب يقوى
على شعب و كبير يستعبد لصغير "
( 1 ) يقصد بالصغير هنا يعقوب لأنه جاء بعقب
أخيه فهو أصغرهما ( و إن كانا
توأمين ! ) كما يقصد به كذلك شعب
إسرائيل ( أبناء يعقوب ) الذي
يشكل أقلية بين الشعوب الأخرى و
التي تعطيه التوراة الحق في
استعبادها . فأما الذين لم يقتلوا و لم يبادوا ، فإما
لأنهم لم تطلهم يد اليهود
الصهاينة أو أن في حياتهم مصلحة
لليهود ( لجعلهم في خدمتهم و
خدمة مصالحهم ) . كما جاء في سفر التكوين فيما قال إسحاق
لابنه يعقوب : " فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم
الأرض و كثرة حنطة و خمر و
ليستعبد لك شعوب و تسجد لك قبائل
" ( 2 ) . إن تكوين الشخصية اليهودية الصهيونية
مبني على هذا الاستعلاء الذي
على أساسه تقوم كل تصرفاتهم
تجاه الشعوب الأخرى . إن هذا الموقف و التصرف الاستعلائيين
يمران عبر درجات مختلفة من
التطرف في العنصرية . فاقل هذه الدرجات عنصرية تعتبر الشعوب
الأخرى أقل درجة من اليهود و إن
كانت تشركها جميعا في نوع
البشرية . بينما أكثرها تطرفا في
العنصرية تلك التي تخرج ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) تكوين : 25 – 23 ( 2 ) تكوين : 27 – 29 الشعوب الأخرى من الآدمية التي تحصرها
فقط في اليهود وحدهم و تصفهم
بالبهيمية بل و حتى بالجماد . إن الفكر اليهودي الصهيوني يقوم على
العنصرية و العنصرية الصهيونية
هي مقدمة منطقية و مبرر "
أخلاقي " للممارسات
الإجرامية و الإرهابية التي
يقوم بها اليهود الصهاينة تجاه
الشعوب الأخرى . يمكن الاستخلاص مما سبق أن المشروع
الصهيوني الذي يستمد مبادئه
الأساسية من التوراة تتلخص
أبعاده في صيغتها التوراتية على
النقاط التالية : 1 – حق اليهود الإلهي في أرض فلسطين و
المنطقة بأسرها من النيل إلى
الفرات و هذا الحق لا يجب
منازعتهم عليه لأنه نتاج للوعد
الإلهي الذي أعطي لإبراهيم و
إسحاق و يعقوب و للشعب اليهودي
بأسره . 2 – حق اليهود في الإستيلاء على تلك
المنطقة بكل وسيلة متاحة و
أفضلها عندهم إبادة السكان
الأصليين و إخراجهم منها و
تدمير ممتلكاتهم أو استعبادهم و
السيطرة على قدراتهم
الاقتصادية وثرواتهم . 3 – الاستعلاء على الشعوب الأخرى و حقهم
في استعبادها تسخيرها لخدمة
مصالحهم . هذا ما جاء في التوراة حول المشروع
الصهيوني القديم و هو المنطلق
للأفكار الصهيونية التي تفرعت
من الأصل التوراتي في شكل
شروحات و تفصيلات ( كما جاء في
التلمود ) ، أو مخططات قابلة
للتنفيذ ( كما جاء في "
بروتوكولات حكماء صهيون " و
فكر الحركة الصهيونية المعاصرة
. ثانيا – أبعاد المشروع الصهيوني في
التلمود : يعتبر التلمود ( * ) أهم كتاب عند اليهود
بعد التوراة ( و ربما أهم من
التوراة ) لأنه يضم جميع
المعاملات الدينية لليهود و
خاصة ( و هو ما يهمنا الآن )
معاملاتهم مع الأغيار ( غير
اليهود ) و نظرتهم إليهم . لا يحتوي التلمود على تفاصيل عن المشروع
الصهيوني بمعناه الدقيق ، و
إنما يحتوي على عناصر هامة
ساعدت اليهود الصهاينة في و ضع
مخططاتهم و تنفيذها ، وقد لجأوا
إليها فعلا في مختلف المراحل . و تتمثل هذه العناصر في أسلوب التعامل مع
الأغيار و النظرة إليهم و يتلخص
هذا الأسلوب في الموقف العنصري
المتطرف تجاه هؤلاء الأغيار و
الأمر بممارسة العنف والإرهاب و
القتل في حقهم و هو أسلوب اتبعته
الحركة الصهيونية العالمية
تجاه كل من وقف عقبة في وجه
مخططاتها و من لم يقف . لن نطيل الحديث عن هذا و نرجئه للفصول
القادمة عندما نتحدث عن الإرهاب
الصهيوني و نكتفي ببعض النماذج
مما جاء في التلمود بهذا الصدد . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) و هو الكتاب الذي يحتوي على التعاليم
اليهودية و يشرحها و يتكون في
الواقع من عدة كتب . 1 – الاستيلاء على أموال غير اليهود : يقوم الفكر اليهودي على مبدأ "
الاختيار " و هو المبدأ الذي
يعتبر اليهود " شعب الله
المختار" و أن الله أبرم عهدا
مع الشعب اليهودي و خلق من أجله
الكون و كل شيء على وجه الأرض هو
ملك لليهود و حق لهم يمكن لهم
الاستيلاء على أي شيء مهما كانت
الوسيلة . جاء في التلمود : " الحقيقة المقررة عند الرابيين أنه
يمكن لليهودي أن يأخذ أي شيء يخص
المسيحيين أيا كان السبب ، حتى
بالاحتيال ، و لا يمكن أن يعتبر
هذا العمل لصوصية لأنه ( أي
اليهودي ) لم يأخذ سوى ما يخصه هو
" ( 1 ) . " جميع ما يخص الغويم ( * ) هو كالصحراء ،
يستطيع أن يدعي أنها ملكه أول من
يسرع مستوليا عليها " ( 2 ) . حتى البشر من غير اليهود فهم ملك لليهود .
ألم تقل التوراة أن الأمم يجب أن
تستعبد للشعب اليهودي ؟ يقول التلمود : " إن حياة الغويم و جميع قواه الجسدية
هي ملك لليهودي " ( 3 ) . " يجوز ليهودي المجيء إلى الآكوم ( ** ) . .
. والتعامل معه ، للإحتيال عليه
و اقتناص ماله . . . لأن ثروة
الآكوم يجب أن تعتبر مشاعة
الملكية تخص أول من يفوز بها ( من
اليهود طبعا ) " ( 4 ) . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) فضح التلمود . الأب آي . بي . براناتيس .
ص 131 ( 2 ) نفس المصدر ، ص 131 ( 3 ) نفس المصدر ، ص 131 ( 4 ) نفس المصدر ، ص 133 ( * ) و هو التعبير الذي يطلق على غير اليهود
. ( ** ) تعبير يطلق على المسيحيين . 2 - قتل الأغيار و إبادتهم : إن حقد اليهود على الأغيار يعمي بصيرتهم
يجعلهم يأملون إبادتهم و كتبهم
الدينية ، التي ألفها حاخاماتهم
على مدى آلآف السنين تأمرهم
ببغضهم و السعي إلى إيذائهم و
إبادتهم خاصة إذا شكلوا عقبة
أمام مشروعهم المشؤوم . " يجب إلقاء المهرطقين و الخونة و
المرتدين في البئر و الامتناع
عن إنقاذهم " ( 1 ) . " سكان عالم الحياة الفانية هم وثنيون ،
ومكتوب عنهم : ليبادوا عن وجه
الأرض " ( 2 ) . " من المؤكد أن أسرنا سيدوم ما لم نحطم
أمراء الأغيار الذين يعبدون
الأوثان"( 3 ) . " لأنه حين تتحطم روما ، سوف تستعيد
إسرائيل الحياة " ( 4 ) . هذا القليل مما جاء في التلمود و هو اقدس
كتاب عند اليهود بعد التوراة
يدرّسهم كيف يتعاملون مع غير
اليهود . و أقل ما يأمرهم به هو
بغضهم و الحقد عليهم ، و إذا
سنحت لهم الفرصة ، قتلهم و
إبادتهم إلا إذا كانت حياتهم
فيها مصلحه لمشروعهم . " إن الكوثائيين و هم ليسوا أعدائنا ،
الذين يرعون الخراف
الإسرائيلية ،ليس من الضروري
قتلهم في الحال ، لكنهم يجب ألا
ينقذوا من الموت " ( 5 ) . " يقول الرابي يهودا للرابي شيزكيا :
يجب الثناء على من يقدر تحرير
نفسه من عدو إسرائيل، و من حقه
الثناء عليه أكثر فأكثر الذي
يتحرر منهم ( الغويم ) و يقاتل
ضدهم . سأل شيزكيا كيف يجب
مقاتلتهم ؟ فقال الرابي يهودا
بالخطة الحكيمة تستطيع
محاربتهم . ما نوع الحرب ؟ نوعها
هي أن على كل ابن رجل مقاتلة
أعدائه ،بالطريقة التي
استخدمها يعقوب ضد عيسو ،
بالخداع و المقاتلة ، كلما كان
ذلك ممكنا . عليهم الاستمرار في
المقاتلة بدون كلل و لا توقف
،إلى أن يعاد النظام الصحيح ( * ) .
و هكذا ، فإنني أقول باقتناع أنه
يجب أن نحرر أنفسنا منهم و نسيطر
عليهم " ( 6 ) . هذه هي حقيقة المشروع الصهيوني . ليست
الغاية منه تحرير اليهود من
سيطرة و اضطهاد الغير ، كما
يقولون في أدبياتهم العلنية ، و
إنما السيطرة على العالم و شعوب
العالم و خيرات العالم و
تسخيرها لخدمة مصالح اليهود
الصهاينة وحدهم . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) نفس المصدر ، ص 139 ( 2 ) نفس المصدر ، ص 142 ( 3 ) نفس المصدر ، ص 144 ( 4 ) نفس المصدر ، ص 145 ( 5 ) نفس المصدر ، ص 138 ( 6 ) نفس المصدر ، ص 136 ( * ) أي دولة اليهود الصهيونية العالمية . 3 – تسخير الغير لخدمة اليهود : يعلم التلمود اليهود أن الله خلق الشعوب
الأخرى كبهائم في أشكال آدمية
لغاية واحدة هي خدمة اليهود و
الشعب اليهودي لأن كل ما في
الكون هو في خدمة اليهود و
بالتالي يحق لليهود ( بل عليهم
أن يعملوا لذلك ) أن يسخروا تلك
الشعوب لهذه الخدمة . جاء في ميدراش تالبيوث : " خلقهم الله في أشكال آدمية لتمجيد
إسرائيل . إلا أن الآكوم خلقوا
لغاية وحيدة هي لخدمتهم ( لخدمة
بني إسرائيل ) ليل نهار . و هم لا
يستطيعون التخلص من هذه الخدمة.
و من اللائق أن يقوم على خدمة
ابن ملك ( إسرائيلي ) حيوانات
بأشكال طبيعية ، فالحيوانات
الكائنة بأشكال إنسانية عليها
أن تخدمه " ( 1 ) . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) فضح التلمود ، ص 92 . ثالثا - أبعاد المشروع الصهيوني في
بروتوكولات حكماء صهيون : يعتبر كتاب " بروتوكولات حكماء صهيون
" ( نشر لأول مرة سنة 1905 ) من
أكثر الكتب إثارة للجدل في
تاريخ الحركة الصهيونية
الحديثة . لقد اختلفت فيه المواقف من إنكار نسبته
إلى اليهود أو التشكيك في هذه
النسبة إلى التأكيد على صحة
إنتساب هذا الكتاب الغريب و
الخطير إلى الصهيونية العالمية
و أنه يمثل حقيقة المشروع
الصهيوني في بعده العالمي . يتميز المشروع الصهيوني ببعدين أساسيين :
بعد إقليمي و بعد عالمي . البعد الإقليمي يتمثل في سعي اليهود
الصهاينة الدؤوب للسيطرة على
منطقة الشرق الأوسط ( أو ما
يسميه المستعمرون الغربيون
بمنطقة الهلال الخصيب ) . أما
البعد العالمي فيتمثل في سعيهم
إلى السيطرة على العالم بأسره و
إقامة حكومة يهودية صهيونية
عالمية و يتضمن كتاب
البرتوكولات تفاصيل خطيرة عن
ذلك . لسنا بصدد مناقشة صحة نسبة هذا الكتاب إلى
الصهيونية العالمة أم لا ، فهذا
ليس موضوعنا ، إلا أننا ننطلق من
فرضية إن كتاب البرتوكولات صحيح
النسبة إلى اليهود وإلى
الصهيونية العالمية و ذلك
لسببين اثنين : السبب الأول : إن ادعاء أن المخابرات
الروسية القيصرية هي التي ألفته
لإيجاد المبرر لإبادة اليهود في
روسيا هو ادعاء ضعيف لأن
المخابرات الروسية و السلطة
الروسية الاستبدادية في نهاية
القرن التاسع عشر و بداية القرن
العشرين لم تكن بحاجة إلى مبرر
لارتكاب مجازر بحق الشعوب التي
كانت ترزح تحت هيمنتها ( و قد
قامت بذلك فعلا ) ولم تكن
بالتالي بحاجة إلى تأليف مثل
هذا الكتاب الدقيق و المفصل
لهذا الغرض . أما السبب الثاني ، فهو توافق محتويات
الكتاب مع الكثير مما جاء في
الكتب الدينية اليهودية ( خاصة
التوراة و التلمود ) الصريحة
النسب لليهود و الكثير من الكتب
الصهيونية الأخرى . إن ما جاء في البروتوكولات من تفاصيل حول
حقيقة المشروع الصهيوني يرقى
إلى مستوى المؤامرة ليس على
فلسطين و المنطقة فقط و إنما على
العالم بأسره . إن كتاب " بروتوكولات حكماء صهيون "
يوضح ، دون لبس ، البعد العالمي
للمؤامرة الصهيونية و لذلك فإن
ما حدث و يحدث في فلسطين
والمنطقة ما هو إلا خطوة بسيطة
نحو سيطرة اليهود الصهاينة على
العالم و إقامة دولة يهودية
عالمية . إن عناصر المؤامرة ( * ) الصهيونية يمكن
حصرها في النقاط التالية : - إقامة دولة
يهودية في فلسطين . ــــــــــــــــــــــ ( * ) نتحدث هنا عن المؤامرة لأن كتاب
البروتوكولات يبين الوجه
الحقيقي للمشروع الصهيوني. - السيطرة على
منطقة الشرق الأوسط ( من النيل
إلى الفرات ) إما عسكريا أو
سياسيا أو اقتصاديا . - السيطرة على
العالم و الهيمنة على الشعوب
الأخرى و حكوماتها و تسخيرها
لخدمة الصهيونية العالمية و
المشروع الصهيوني . - إقامة حكومة
يهودية صهيونية عالمية . إن اليهود الصهاينة لا يتورعون عن
استخدام كل الوسائل و خاصة
الإجرامية و الإرهابية منها من
أجل الوصول إلى أهدافهم و
غاياتهم المنشودة و يتجلى ذلك
بكل وضوح على مدى بروتوكولات
الكتاب الأربع و العشرون . فلا
يكاد بروتوكول واحد يخلوا من
أحد هذه العناصر أو جميعها . إن الفكرة الأولى التي ينطلق منها الكتاب
هي أن " قانون الطبيعة هو :
الحق يكمن في القوة " ( 1 ) . و نستعرض فيما يلي القليل مما جاء في هذا
الكتاب و الذي يفضح الكثير من
مخططات الصهيونية العالمية . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) البروتوكول الأول .الخطر اليهودي . ص 124
. 1 ــ إثارة الفرقة بين الأمم و الدول
لإضعافها و السيطرة عليها : إن الخطوة الأولى التي يقوم بها اليهود
الصهاينة للسيطرة على العالم
تمهيدا لإقامة الحكومة
اليهودية الصهيونية العالمية
تتمثل في السعي للسيطرة عل
العالم و ذلك بإضعاف الحكومات
الوطنية بالتغلغل إلى مراكز
قوتها الحيوية و إيجاد عناصر
الضعف فيها ثم الإمساك بزمام
الأمور إما مباشرة أو بشكل غير
مباشر كي تصبح تلك الحكومة تسير
وفق المخطط الصهيوني . " بين أيدينا خطة عليها خط استراتيجي
موضح و ما كنا لننحرف عن هذا
الخط إلا كنا ماضين في تحطيم عمل
قرون " ( 1 ) . كل شيء مرسوم و مخطط له من قبل الصهيونية
العالمية منذ قرون ( أي منذ ظهور
اليهود على مسرح التاريخ ) . " إن أزمة الحكومة المتروكة خضوعا
لقانون الحياة ستقبض عليها يد
جديدة . و ما على الحكومة
الجديدة إلا أن تحل محل القديمة
التي أضعفتها التحررية ، لأن
قوة الجمهور العمياء لا تستطيع
البقاء يوما واحدا بلا قائد "
( 2 ) . " و سواء أنهكت الدولة الهزاهز
الداخلية أم أسلمتها الحروب
الأهلية إلى عدو خارجي ، فإنها
في كلتا الحالتين تعد قد خربت
نهائيا كل الخراب و ستقع في
قبضتنا . و إن الاستبداد المالي (
و المال كله في أيدينا ) سيمد إلى
الدولة عودا لا مفر لها من
التعلق به ، لأنها ( إذا لم تفعل
ذلك ) ستغرق في اللجة لا محالة
" ( 3 ) . تتمثل خطتهم دائما في إضعاف الدول من
الداخل عن طريق خلق أسباب الضعف
من خلافات داخلية و قلاقل و
أزمات سياسية و اقتصادية . ثم
يظهرون على مسرح الأحداث
كمنقذين لتلك الدول فيحكمون
سيطرتهم عليها . و كانت هذه
دائما سياسة الصهيونية
العالمية ( التي تقودها أمريكا )
مع الدول المختلفة التي تحدث
فيها أزمات خطيرة و حروب (
بتدبير مباشر أو غير مباشر منها
) لتتدخل سياسيا و اقتصاديا و
حتى عسكريا و تقيم القواعد
العسكرية بحجة حماية تلك الدول
من التهديدات الخارجية . " أستطيع اليوم أن أؤكد لكم أننا على
مدى خطوات قليلة من هدفنا ، و لم
تبق إلا مسافة قصيرة كي تتم
الأفعى الرمزية - شعار شعبنا - ( *
) دورتها . و حينما تغلق هذه
الدائرة ستكون كل دول أوربا
محصورة فيها بأغلال لا تكسر "
( 4 ) . " و نحن نحكم
الطوائف باستغلال مشاعر الحسد و
البغضاء التي يؤججها الضيق و
الفقر ، و هذه المشاعر هي
وسائلنا التي نكتسح بها بعيدا
كل من يصدوننا عن سبيلنا " ( 5 )
. ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) نفس المصدر ص 128 ( 2 ) نفس المصدر ص 124 ( 3 ) نفس المصدر ص 125 ( 4 ) البرتوكول الثالث . نفس المصدر ص 138 ( 5 ) نفس المصدر ص 140 ( * ) و شعار الماسونية
العالمية 2 ــ إقامة الحكومة الصهيونية العالمية : إنهم يثيرون الفرقة بين دول و شعوب العالم
لكي يتمكنوا من السيطرة عليهم و
على قدراتهم الاقتصادية و
السياسية و العسكرية ، ليقيموا
سلطة عالمية تبدو في ظاهرها
ائتلافا و تعاونا لهذه الدول و
الشعوب و لكنها في الواقع سلطة
تحركها أيادي الصهيونية
العالمية الخفية لكي تتحول فيما
بعد إلى حكومة صهيونية عالمية . " و حينما يأتي أوان تتويج حاكمنا
العالمي سنتمسك بهذه الوسائل
نفسها ، نستغل الغوغاء كيما
نحطم كل شيء قد يثبت أنه عقبة في
طريقنا " ( 1 ) . " إننا سننظم حكومة مركزية قوية ، لكي
نحصل على القوى الإجتماعية
لأنفسنا . و سنضبط حياة رعايانا
السياسية بقوانين جديدة كما لو
كانوا أجزاء كثيرة جدا في جهاز .
و مثل هذه القوانين ستكبح كل
حرية ، و كل نزعات تحررية يسمح
بها الأمميون ( * ) ، و بذلك يعظم
سلطاننا فيصير استبدادا يبلغ من
القوة أن يستطيع في أي زمان و أي
مكان سحق الساخطين المتمردين من
غير اليهود " ( 2 ) . " ثم ما الفرق بالنسبة للعالم بين أن
يصير سيده هو رأس الكنيسة
الكاثوليكية ، و أن يكون طاغية
من دم صهيون ؟ و لكن لا يمكن أن يكون الأمران سواء
بالنسبة إلينا نحن " الشعب
المختار " . قد يتمكن الأمميون
فترة من أن يسوسونا و لكنا مع
ذلك لسنا في حاجة إلى الخوف من
أي خطر ما دمنا في أمان بفضل
البذور العميقة لكراهيتهم
بعضهم بعضا ، و هي كراهية لا
يمكن انتزاعها . لقد بذرنا الخلاف بين كل واحد و غيره في
جميع أغراض الأمميين الشخصية و
القومية ، بنشر التعصبات
الدينية و القبلية خلال عشرين
قرنا . و من هذا كله تتقرر حقيقة :
هي أن أي حكومة منفردة لن تجد
لها سندا من جاراتها حين تدعوها
إلى مساعدتها ضدنا ، لأن كل
واحدة منها ستظن أن أي عمل ضدنا
هو نكبة على كيانها الذاتي ( ** ) . نحن أقوياء جدا ، فعلى العالم أن يعتمد
علينا و ينيب إلينا . و إن
الحكومات لا تستطيع أبدا أن
تبرم معاهدة و لو صغيرة دون أن
نتدخل فيها سرا ... ... إننا نقرأ في شريعة الأنبياء أننا
مختارون من الله لنحكم الأرض . و
قد منحنا الله العبقرية ، كي
نكون قادرين على القيام بهذا
العمل . إن كان في معسكر أعدائنا
عبقري فقد يحاربنا ، و لكن
القادم الجديد لن يكون كفؤا
لأيد عريقة كأيدينا " ( 3 ) . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) ص 141 ( 2 ) البروتوكول الخامس ص 147 ( * ) غير اليهود . ( ** ) و هذا ما يحدث فعلا في العلاقات
الدولية التي تهيمن عليها
الصهيونية العالمية و المتمثلة
في أمريكا وإسرائيل . فعندما
تهاجم الصهيونية العالمية إحدى
الدول الخارجة عن طوعها ( كما
حدث مؤخرا مع العراق ) فإن هذه
الدولة لن تجد من يساندها حتى من
أقرب المقربين إليها . ( 3 ) البروتوكول الخامس ص 149 " إننا نعتمد على اجتذاب كل الأمم للعمل
عل تشييد الصرح الجديد الذي
وضعنا نحن تصميمه . و لهذا السبب
كان من الضروري لنا أن نحصل على
خدمات الوكلاء المغامرين
الشجعان الذين سيكون في
استطاعتهم أن يتغلبوا على كل
العقبات في طريق تقدمنا . و حينما ننجز انقلابنا السياسي سنقول
للناس : لقد كان كل شيء يجري في
غاية السوء ، و كلكم قد تألمتم ،
و نحن الآن نمحق سبب آلامكم ، و
هو ما يقال له القوميات و
العملات القومية و أنتم
بالتأكيد أحرار في اتهامنا ، و
لكن هل يمكن أن يكون حكمكم نزيها
إذا نطقتم به قبل أن تكون لكم
خبرة بما نستطيع أن نفعله من أجل
خيركم ؟ ( * ) . حينئذ سيحملوننا على أكتافهم ( ** ) عاليا
في انتصار و أمل و ابتهاج " . أما الهدف الأسمى فهو إقامة الحكومة
الصهيونية العالمية و على رأسها
ملك يهودي . " و نحن من ذلك الحين نقود الأمم قدما من
خيبة إلى خيبة ، حتى أنهم سوف
يتبرءون منا ، لأجل الملك
الطاغية من دم صهيون ، و هو
الملك الذي نعده لحكم العالم
" ( 1 ) . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) ليس غريبا أن يكون هذا ما يقوله الساسة
الأمريكيون الصهاينة للعراقيين
و للعالم هذه الأيام . ( ** ) و هذا ما توقعوه من العراقيين عندما
بدؤوا عدوانهم على العراق . ( 1 ) البروتوكول الثالث ، ص 143 رابعا – أبعاد المشروع الصهيوني في خطاب
الحركة الصهيونية : يعتبر خطاب الحركة الصهيونية المفسر و
الشارح لتفاصيل المشروع
الصهيوني و الواضع له في إطاره
التنظيمي و التنفيذي . لقد شهدت الحركة الصهيونية العالمية ( * )
على مدى قرون رجالا عديدين
وضعوا اللمسات التفصيلية لهذا
المشروع و اتفقوا جميعا على
الخطوط الرئيسية و إن اختلفوا
حول التفاصيل و طريقة التنفيذ . إن الفكر الصهيوني بشقيه الديني و
السياسي يكمل بعضه بعضا . إن
الحركة الصهيونية حركة دينية و
إن اتخذت شكلا سياسيا في أغلب
الأحيان لأن أصل الفكرة
الصهيونية ديني . لقد ركز قادة الحركة الصهيونية و مفكريها
في كتاباتهم و أقوالهم أكثر ما
ركزوا على مشروع الدولة
اليهودية في فلسطين ( باستثناء
ما جاء في كتاب بروتوكولات
حكماء صهيون الذي ركز على البعد
العالمي للمشروع الصهيوني ) و
السبب الرئيسي أن هذه الحركة
نشأت و ترعرعت في " الشتات "
فكانت الأولوية لتجميع جزء من
اليهود في مكان واحد ( و ليس كل
اليهود ! ) ( ** ) و إنشاء دولة
يهودية صهيونية و إمدادها بكل
أسباب القوة العسكرية و
السياسية و الاقتصادية و جعلها
تحت حماية النظام العالمي الذي
تتحكم فيه الصهيونية العالمية ،
لتكون المنطلق نحو تحقيق الهدف
الأسمى ( و الغير المعلن ) و هو
إقامة الحكومة اليهودية
الصهيونية العالمية . في مؤتمر المجلس العالمي لعمال صهيون
الذي انعقد في زوريخ في صيف سنة
1937 قال ديفيد بن غوريون مؤسس
الدولة الصهيونية في فلسطين و
أول رئيس وزراء لها ، معبرا عن
حقيقة المشروع الصهيوني و كون
إقامة الدولة اليهودية في
فلسطين مجرد حقبة في طريق تحقيق
ما أسماه بـ " الهدف الصهيوني
" : " للمرة الأولى سنحت لنا الفرصة لنسمع
من فم اللجنة الملكية الآتية من
إنكلترا بأن الوعد الذي أعطي
للشعب اليهودي ( أي وعد بلفور )
يتضمن إمكانية تحولنا إلى
أكثرية و إنشاء دولة يهودية
مستقلة ليس في جزء واحد من البلد
، على أرض إسرائيل التاريخية (
على الرغم من أن الوعد لم يلتزم
بذلك صراحة ) . في الواقع إن حدود
هذه الدولة غير مرسومة . لقد
تبدلت حدودها و تحولت من زمن إلى
آخر و لكن لا شك في أنها تشمل
شرقي الأردن و ليس ذلك القسم من
شرقي الأردن الذي أعطي لعبد
الله ليحكمه فحسب ، بل أيضا
القسم الشمالي منه عبر اليرموك
الذي أعطي للانتداب الفرنسي . هذه الدولة
اليهودية التي يقترحونها علينا
ــ حتى مع التعويضات الممكنة و
التحسينات الآتية لصالحنا ـــ
ليست الهدف الصهيوني . إذ أنه لا
يمكن حل المشكلة ـــــــــــــــــــــــ ( * ) نقصد الحركة الصهيونية الحديثة . ( ** ) على عكس ما تصرح به علنا الحركة
الصهيونية من سعيها لتجميع كل
اليهود في فلسطين لتجنيبهم
الاضطهاد المزعوم الذي تمارسه
في حقهم الشعوب الأخرى . اليهودية على هذه الرقعة . و لكن لا بد
لهذه الدولة من أن تشكل مرحلة
حاسمة على طريق تنفيذ الهدف
الصهيوني الأكبر " ( 1 ) . لقد ادعت الحركة الصهيونية أنها تريد
تحرير اليهود من الاضطهاد و
اللاسامية التي يعانون منها في
" الشتات " بإنشاء وطن قومي
لهم في فلسطين و تجميعهم فيه و
الغريب أنه بعد آلاف السنين من
" الشتات " و " العذاب "
و بعد خمس و خمسين سنة من إنشاء
الوطن القومي المنتظر ، لم
يهاجر إليه أغلب اليهود في
العالم ! . فإما أنهم لم يقتنعوا بالمشروع الصهيوني
" القومي " ( * ) ، و إما أن
المشروع الصهيوني " العالمي
" ( ** ) يقتضي منهم البقاء في
بلاد إقامتهم لمتطلبات أهم . إن تنفيذ المشروع الصهيوني واجب ديني و
قومي لليهود ، هذا ما ركزت عليه
الحركة الصهيونية العالمية لحث
جميع يهود العالم للانخراط في
هذا المشروع لإنجاحه و تحقيق
الغاية التي وجد اليهود كأمة من
أجلها . يقول الحاخام صموئيل موهيليفر ( 1824 – 1898 ) Samuel
Mohilever : " يجب على جميع (( أبناء صهيون )) أن
يقتنعوا كليا و يؤمنوا إيمانا
تاما بأن عودتنا للإقامة في
بلادنا - أي شراء الأراضي و
تعمير البيوت و زرع البساتين و
فلاحة الأرض - هي إحدى وصايا
التوراة الأساسية ، حتى أن بعض
حكمائنا الأوائل يعتبرون هذه
العودة بمثابة الناموس بأكمله
لأنها هي أساس وجود شعبنا ( *** ) ،
و كل محب حقيقي لصهيون هو ذلك
الإنسان الذي يؤمن بهذه الوصية
بكل قلبه و روحه ، و أن كل من
يساعدنا و لا يؤمن بها يكون كمن
يتبرع من أجل قضية لا يؤمن بها
" ( 2 ) و في هذا الصدد ، يمكن حصر أفكار الحركة
الصهيونية في أربع نقاط أساسية
تدور حولها جميع التفصيلات
الأخرى : • العودة إلى
صهيون . • " إحياء "
أرض فلسطين و تعميرها . • طرد السكان
الفلسطينيين من بلادهم • إقامة الدولة
اليهودية الصهيونية . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) من الأرشيف الصهيوني . إسرائيل شاحاك .
ص 13 . مركز الأبحاث لمنظمة
التحرير الفلسطينية ـ بيروت 1975 ( * ) إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين . ( ** ) إقامة الحكومة اليهودية الصهيونية
العالمية . ( *** ) أي لا يمكن لليهودي أن يتخلى المشروع
الصهيوني إلا إذا تخلى عن
التوراة و الناموس ( الشريعة ) . ( 2 ) الفكرة الصهيونية ، ص281 1 – العودة إلي صهيون : إن فكرة " العودة إلى صهيون " تشكل
الأساس الذي تقوم عليه كل أفكار
الحركة الصهيونية و أصل هذه
الفكرة ديني بحت . جاء في الطبعة الفرنسية للكتاب المقدس لـ
"ALLIANCE
BIBLIQUE UNIVERSELLE "
لسنة 1991 حول معنى كلمة صهيون "
SION " ما يلي : " في الأصل كانت كلمة صهيون تمثل القسم
القديم لمدينة أورشليم . فيما
بعد أصبحت الكلمة تعبر عن مساحة
أوسع تضم الهيكل ، الذي يعتبر
مسكن الله ، و كل مدينة أورشليم
" ( 1 ) . إن صهيون هو القلب النابض للتاريخ
اليهودي قديما و حديثا . إنه
يعيش في وجدان كل يهودي ويشكل
الرابط الذي يربط يهود العالم
فيما بينهم و الحلم الذي يحلمون
بالعودة إليه و السعي إلى ذلك
بكل الوسائل . إن أمنية كل يهودي
أن " يعود " إلى صهيون . يقول شائيم بوتوك Chaim
Potok (
يهودي أمريكي ) : " إن صهيون ليست فقط مكان مقدس أو مقصد
لليهود و لكنها كذلك الجغرافيا
التي حدث فيها التاريخ اليهودي
في الماضي و الذي سوف يستأنف في
المستقبل " ( 2 ) . يقول آرون ديفيد غوردون ( 1856 – 1922 ) Aaron
David Gordon عن أهمية فلسطين في
المشروع الصهيوني : " إننا نقوم بعمل خلاق لا مثيل له في
التاريخ : وهذا العمل هو بعث شعب
و إعادة إسكانه بعد أن اقتلع و
تفرق و اندثر في مهب الريح . إنه
شعب نصف ميت ، و الجهد لإعادة
خلقه يتطلب من خالقه تركيزا
خالصا . أما مركز عملنا القومي ،
و قلب شعبنا فهو هنا ، في فلسطين
، فمع أننا أقلية ضئيلة ، ولكن
ينبوع حياتنا هنا . هنا ، في هذه
البقعة المركزية ، تختبئ القوة
الحيوية لقضيتنا و قدرتها على
النمو . هنا ، بدأ شيء يزهر شيئا له أهمية إنسانية أكبر و تشعبات
أكثر مما يتصور صانعو تاريخنا ،
و أن هذه الفكرة تنمو بعمق من
الداخل ، كشجرة بدأت تظهر من
بذرتها . هنا في فلسطين تكمن
القوة التي تجذب جميع الخلايا
المتفرقة لتتحد في كائن عضوي
قومي حي . . . . . . إن هدفنا هو أن تصبح فلسطين اليهودية
الوطن الأم ليهود العالم ، و أن
تكون الجاليات اليهودية في
الشتات مستعمرات لها و ليس
العكس ( * ) " ( 3 ) . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) La Bible , Ancien et Nouveau Testament ,
ALLIANCE BIBLIQUE UNIVERSELLE , 1991 ( 2 ) CHAIM POTOK , Une Histoire du peuple juif , p.
433 ( * ) نلمح هنا جليا فكرة جعل تأسيس الدولة
اليهودية القومية في فلسطين
قاعدة و منطلقا لتأسيس الدولة
اليهودية العالمية . ( 3 ) الفكرة الصهيونية ، ص 266 جاء في كتاب "
السعي لصهيون " الذي ألفه
الحاخام زفي هيرش كاليشر ( 1795 –
1874 ) Zvi
Hirsh Kalischer سنة 1862 ما يلي : " خلاص إسرائيل الذي نسعى إليه ، يجب
ألا يصور بأنه معجزة فجائية . لن
يهبط القدير ، تبارك اسمه ، فجأة
و يأمر شعبه بالتقدم . و لن يبعث
الرب المسيح المنتظر من السماء
بلمحة عين لينفخ بالبوق
لإسرائيل المبعثرة و يجمعها في
القدس ، و لن يطوق الله المدينة
المقدسة بسور من النار و لن يدع
الهيكل المقدس يهبط من السماء . .
. عزيزي القارئ ، الق جانبا
الفكرة التقليدية القائلة بأن
المسيح المنتظر سينفخ بالبوق
العظيم فترتعد منه كل الأرض . بل
على العكس ، فالخلاص سيبدأ
بمساندة المحسنين و بكسب موافقة
الأمم على لمّ شمل بعض
الإسرائيليين في الأرض المقدسة
. . . عبر النبي أشعيا ( 27 : 6 ، 12 – 13 ) عن هذا
الرأي ، قال : في المستقبل يتأصل
يعقوب . يزهر و يفرع إسرائيل و
يملأون وجهه المسكونة ثمارا . . .
و يكون في ذلك اليوم أن الرب
يجني من مجرى النهر إلى وادي مصر
. و أنتم تلقطون واحدا واحدا يا
بني إسرائيل .و يكون في ذلك
اليوم أنه يضرب ببوق عظيم فيأتي
التائهون في أرض أشور و
المنفيون في أرض مصر و يسجدون
للرب في الجبل المقدس في
أورشليم . إذن ، هكذا يبين لنا الله أن بني إسرائيل
سوف لا يصعدون من المنفى كلهم
معا ، و إنما سيجتمعون بالتدريج
تماما كما تجمع حبات القمح من
السنابل . و معنى هذا (( في
المستقبل يتأصل يعقوب )) في
الآية المذكورة أعلاه أن الله
القدير سيجعل هؤلاء الذين جاءوا
أولا - في بداية الخلاص - بمثابة
الجذور التي تزرع في الأرض
لتنتج أغصانا كثيرة . ومن ثم
ستزهر إسرائيل في الأرض المقدسة
، و تتحول هذه الأزهار إلى براعم
و من ثم إلى ثمار و تتكاثر إلى أن
تملأ وجه البسيطة . هذا المفهوم
نفسه مشار إليه في قول اشعيا ( 11 :
11 ) (( يكون في ذلك اليوم أن السيد
يعيد يده ثانية ليقتني بقية
شعبه التي بقيت من أشور و من مصر
)) يظهر بوضوح أن تجمعا ثانيا هو
الشيء المقصود : سيكون التجمع
الأول بمثابة استكشاف للأرض و
من ثم يلي هذا ازدهار إسرائيل
إلى درجة عظيمة " ( 1 ) . يظهر مما سبق أن زعماء الحركة الصهيونية
يستمدون مبادئ حركتهم و خططها
من كتبهم الدينية . فاحتلال فلسطين ( أو العودة إلى صهيون )
كخطوة أولى للسيطرة على العالم
و التي هي الفكرة الأساسية التي
تدور حولها تقريبا معظم المبادئ
الدينية اليهودية ، تأتي في قلب
أهداف الحركة الصهيونية
العالمية . لقد ذكرنا فيما سبق أن خطة الحركة
الصهيونية العالمية ليست تجميع
يهود العالم في فلسطين . و هذا
ليس بسبب عدم واقعية هذا الهدف
فقط ، و إنما بسبب المخاطر التي
يمكن أن يتعرض لها اليهود إذا
تجمعوا في مكان واحد ( و هم يعون
ذلك جيدا و يؤكده ما يتعرض له
الصهاينة في فلسطين على يد
أبطال المقاومة الفلسطينية .
فالوطن القومي "الآمن" الذي وعدت به الحركة
الصهيونية يهود العالم أصبح
المكان الأقل أمنا لهم و ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 14 . الأكثر خطورة عليهم ) و كذلك ( و هو الأهم )
بسبب كون المشروع الصهيوني في
بعده العالمي يتطلب بقاء معظم
اليهود في " مواقعهم "
ليؤدوا الأدوار المنوطة بهم . و بهذا الصدد يقول المفكر الصهيوني
الألماني موسى هس M
oses Hess : " إننا عندما نتكلم عن إقامة مستعمرات
في الشرق لا نعني بأن يهاجر يهود
الغرب كلهم إلى فلسطين . ذلك أن
أغلبية اليهود الذين يعيشون في
بلدان متمدنة في الغرب لا بد أن
يبقوا حيث هم حتى بعد تأسيس دولة
يهودية " ( 1 ) . أما الحاخام يهوذا ليون ماغنس ( 1877 – 1948 ) Judah
Leon Magnes فقد كان أكثر وضوحا
عندما قال : " إن فلسطين هي مركز هذا الجسم ولكنها
ليست كله بأي شكل من الأشكال .
فالتشتيت و فلسطين ضروريان من
أجل النمو الكامل للشعب اليهودي
.هذا الشعب الفريد من نوعه لا
يمكن أن يرضى بأي منهما لوحده .هذا
الجسم الذي له طابعه الخاص و
الذي نسميه الشعب اليهودي هو
بحاجة إلى مثل هذه الأشكال
الشاملة و المعقدة – يحتاج إلى
مركز ثقل قوي كما يحتاج إلى
مناطق خارجية قوية أيضا -
فالخلاص التام و القوة الفعالة
لليهودية تعتمد على هذين
الأمرين معا " ( 2 ) إن تأسيس الدولة اليهودية القومية في
فلسطين ، إذن ، ليس الهدف منه
إنهاء الشتات اليهودي في العالم
و تجميع اليهود و خلاصهم من
الاضطهاد ، و إنما الهدف منه خلق
مركز قوي و قاعدة خلفية يستطيع
اليهود ، انطلاقا منها ، تحقيق
هدفهم الأسمى و هو السيطرة على
العالم و تأسيس الدولة اليهودية
العالمية . لقد وظف قادة الحركة الصهيونية العالمية
المبادئ الدينية التوراتية و
التي تدور في معظمها حول "
العودة إلى صهيون " في سبيل
أهدافهم السياسية الإجرامية في
زمن يؤمن فيه العالم ، الذي
أيدهم و ساندهم و قدم لهم كل
الدعم ، بفكرة فصل الدين عن
السياسة و حتى عن الحياة . هذه الفكرة ( فصل الدين عن السياسة ) نوقشت
في جميع الميادين و المجالات ما
عدا فيما يتعلق بمشروع الحركة
الصهيونية . يقول الحاخام يهودا القلعي Yehudah Alkalai ( 1789 – 1878 ) في كتابه ( الخلاص الثالث )
الذي ألفه في سنة 1843 : " مكتوب في التوراة : (( ارجع يا رب إلى
ربوات الوف إسرائيل )) ( 3 ) و قد
علق الحاخامون على هذه الآية في
التلمود بما يلي : إنها تبرهن
بأن الشعور بالحضور الإلهي يتم
فقط إذا تم وجود اثنين و عشرين
ألفا من اليهود معا . و مع هذا
نصلي كل يوم : ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 41 ( 2 ) الفكرة الصهيونية ، ص 320 . ( 3 ) العدد : 10 - 36 (( دع عيوننا تشاهد عودتك برحمة إلى صهيون
)) ( * ) . فعلى من سيقع الحضور
الإلهي ؟ على العصي و الحجارة ؟
إذن كخطوة أولى لخلاص نفوسنا
يجب أن نعمل على إعادة اثنين و
عشرين ألفا إلى الأرض المقدسة .
فهذه تهيئة ضرورية لحلول دلالات
أخرى من معروفه . (( ثم أتى يعقوب سالما إلى مدينة شكيم و
ابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها
خيمته )) ( 1 ) . يجب أن نسأل : لماذا
اشترى يعقوب قطعة الأرض هذه
طالما كان في طريقه إلى والده
إسحاق و لم يكن في نيته السكن
هناك ؟ إنه قام بهذا العمل كي
يعلم نسله أنه يجب شراء تربة
الأرض المقدسة من مالكيها غير
اليهود . نحن كشعب ، يليق بنا أن نلقب بإسرائيل فقط
إذا كنا في أرض إسرائيل " ( 2 ) . " هناك نوعان من العودة : العودة
الفردية و العودة الجماعية . . . و
تعني العودة الجماعية أن
إسرائيل كلها يجب أن تعود إلى
الأرض التي هي إرث آبائنا ،
لإستلام الأمر الإلهي و لقبول
نير السماء . و قد تنبأ بهذه
العودة الجماعية كل الأنبياء ،
و بالرغم من عدم استحقاقنا
بالسماء ستساعدنا من أجل
أسلافنا المقدسين . أمنيتنا دون شك هي لم شمل منفيينا من
أطراف العالم الأربعة كي يصيروا
كتلة واحدة ( ** ) " ( 3 ) . إن الهدف الأول و المعلن للحركة
الصهيونية العالمية كان منذ
إعادة تشكيلها في العصر الحديث (
*** ) هو ما أسموه بـ " العودة
إلى أرض إسرائيل " لتأسيس
كيانهم اليهودي ليكون المنطلق للسيطرة على
العالم و التحكم في دوله و شعوبه
و تسخيره لخدمة مصالحهم و
مآربهم . فالمشروع الصهيوني له أبعاد عالمية و
بالتالي يتطلب تنظيما عالميا
لجميع اليهود تمثل فيه "
العودة إلى صهيون " مجرد
مرحلة ( بالرغم من أهميتها
القصوى لليهود الصهاينة ) . يقول الرابي القلعي في نفس الكتاب : "
سيبدأ الخلاص بجهود اليهود
أنفسهم ، يجب عليهم أن ينتظموا و
يتحدوا و أن يختاروا القادة ، و
يغادروا أرض المنفى . ـــــــــــــــــــــــ * ) صلاة العميدة (
العبادة الصامتة ) تصلى ثلاث
مرات يوميا . ( 1 ) تكوين 33 : 18 - 19 ( 2 ) الفكرة الصهيونية ، ص 10 ( ** ) هذا ما يقولونه في العلن لأنهم في
واقع الأمر لا يريدون لم شمل
جميع اليهود في مكان واحد ، و إن
كان هذا المكان ما يعتبرونه
أرضا مقدسة . فبعد أكثر من خمسين
سنة من قيام الكيان الصهيوني
الغاصب و اللاشرعي ، لم " يعد
" إلى فلسطين سوى الأقلية
القليلة من يهود العالم رغم
زوال جميع العقبات التي كانت
تحول بينهم و بين ذلك بل على
العكس من ذلك ، هناك الكثير ممن
يقومون بالهجرة المعاكسة إلى
خارج فلسطين . ( 3 ) الفكرة الصهيونية ، ص 11 ( *** ) نحن نعتقد أن الحركة الصهيونية وجدت
منذ وجد اليهود و إنما أعيد
تشكيلها و تنظيمها في العصر الحديث لتتلاءم مع
المعطيات و الظروف الجديدة . و بما أنه لا يوجد مجتمع دون جسم حاكم ،
فإن أول قضاء سيتم بتعيين حكماء
( * ) كل مقاطعة من رجال ورع وحكمة
، كي يرعوا شؤون المجتمع . أقترح
بتواضع بأن يكون هذا لمجلس ــ
مجلس حكماء ــ الشيء الذي ينطوي
عليه الوعد الذي أعطانا إياه
المسيح المنتظر ابن يوسف . يجب اختيار هؤلاء
الشيوخ على يد الذين نعتمد
عليهم من قادتنا . فتنظيم جسم
يهودي عالمي ( ** ) هو في حد ذاته
خطوة أولى للخلاص ، لأنه من هذا
التنظيم سيتكون مجلس حكماء
معتمد ، و من مجلس الحكماء هذا
سيظهر المسيح المنتظر ابن يوسف
" ( 1 ) . " سوف لا يكسب إيماننا قوته إلا بتعيين
هؤلاء الحكماء . و حتى قبل
عودتنا إلى الأرض المقدسة ،
التي إليها و بعون الله سنعود ،
يجب علينا أولا تعيين حكماء كي
يعملوا على مراقبة الوصايا التي
ستطبق ، و خاصة في الأرض المقدسة
، مثل قانون ترك الأرض بورا في السنة السابعة ، لأن النعم
التي ستحل علينا من الأرض تعتمد
على إيماننا الذي يلازم هذه
القوانين . إنه ليس من المستحيل
أن نطبق هذه الوصايا للعودة إلى
الأرض المقدسة . إنني أسأل اخوتنا أن ينظموا شركة ، على
غرار شركات السكك الحديدية .
دعوا هذه الشركة ترفع الأمر إلى
السلطان كي يعيد إلينا أرض
أجدادنا مقابل إيجار سنوي (*** ) .
و عند إعادة تطبيق اسم إسرائيل
على أرضنا سيتحمس اليهود أجمعين
لمساعدة هذه الشركة بكل وسيلة
يملكونها . مع أن هذه المجازفة
ستبدأ متواضعة إنما مستقبلها
سيكون عظيما " ( 2 ) . من الواضح أن مشروع الحركة الصهيونية
يتجاوز كونه مجرد " العودة
إلى صهيون " و الإقامة فيها
لأسباب دينية ، و إنما إقامة
كيان سياسي يكون القاعدة
الخلفية لليهود الصهاينة في
سعيهم للسيطرة على العالم . إن المشروع الصهيوني ( في صيغته العملية )
مشروع سياسي ( إقامة الدولة
اليهودية الصهيونية ) و استعمال
المعاني الدينية ما هو إلا
وسيلة لاستدراج اليهود
المتدينين ( و هم الأغلبية
الساحقة ) و إضفاء صفة القداسة
على هذا المشروع بحيث يصبح جزء
من الإيمان و تنفيذا لأمر الله و
كل من لا يسير فيما ترسمه الحركة
الصهيونية ( و هي حركة سياسية )
يكون خارجا عن الإيمان . يقول الرابي زفي هيرش كاليشر : " إذا ظهر الله في المستقبل فجأة ،
بمعجزة لا يمكن إنكارها ، فهذا
ليس باختبار . ما الشيء الذي
سيضعف إيماننا في وجه المعجزات
و العجائب التي تتعلق بالأمر ـــــــــــــــــــــــ ( *) هذا يذكرنا
بحكماء صهيون . ( ** ) و هو الهدف الأسمى للصهيونية
العالمية . ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 12 ( *** ) كل الوسائل جيدة للوصول إلى الهدف . ( 2 ) الفكرة الصهيونية ، ص 12 السماوي الذي يأمرنا أن نرث الأرض و ننعم
بخيراتها ؟ و من لا يذهب تحت هذه
الظروف عن محبة الله فسيذهب
محبة بنفسه ( * ) . البداية
الطبيعية للخلاص هي منذ
الاختبار الحقيقي للذين يبدأون
في عملية الخلاص و يجب تركيز
الجهود و نبذ البيت و الثروة
للعيش في صهيون قبل سماع (( صوت
الفرح )) و (( صوت الغبطة )) أنه لا
يوجد فضيلة أو اختبار أعظم من
هذا . لقد وجدت مؤازرة لهذا الرأي في كتاب دروب
الإيمان ( ** ) : (( عندما يتطوع
يهود كثيرون ، ورعون و متعمقون
في التوراة ، للذهاب إلى أرض
إسرائيل و السكن في أورشليم ،
بدافع الرغبة للخدمة ، و لروح
الطهارة و القدسية ، و عندما
يذهب هؤلاء أفرادا و أزواجا من
أطراف الدنيا الأربعة ، و عندما
يسكن هناك الكثيرون منهم و
تتزايد صلواتهم على جبال
أورشليم ــ عندها فقط يسمع الله
لهم و يسرع في يوم خلاصهم )) . و حتى يتحقق كل هذا يجب أن يتمم الاستيطان
اليهودي في الأرض المقدسة، إذ
كيف سيتم جمع الشمل دون هذا
الإستيطان ؟ " ( 1 ) . إن المشروع الصهيوني مشروع ديني – سياسي
في نفس الوقت تمتزج فيه الأهداف
السياسية و الدينية و يتحالف
فيه المتدينون و العلمانيون . إن
العلمانيين الصهاينة استعملوا
الدين لأهدافهم السياسية و
المتدينون الصهاينة استعملوا
السياسة لأهدافهم الدينية و
الحركة الصهيونية هي الحركة
الوحيدة التي سمح لها باستعمال
الدين لأغراض سياسية و استعمال
السياسة لأغراض دينية و لم تشكل
مشكلة لدى دعاة العلمانية
الحريصين على ضرورة فصل الدين
عن السياسة . لقد قامت الحضارة الغربية الحديثة على
فكرة فصل الدين عن السياسة و هي
الفكرة التي فرضت ( بقوة السلاح
في الكثير من الأحيان ) على جميع
أمم العالم ما عدا اليهود و هذا
دليل واضح على أن اليهود
الصهاينة هم وراء هذه الفكرة
المدمرة لأن إبعاد الدين عن
حياة الأمم الإجتماعية و
السياسية هو سبب من أسباب ضعف
قوتها أمام مخططات الصهيونية العالمية. و قد ركز دعاة
العلمانية ( المتحالفون مع
الصهيونية العالمية ) أكثر ما
ركزوا على المسيحية ( *** ) و
الإسلام لأنهما الدينين
الوحيدين الذين يشكلان عقبة
حقيقية أمام مشروع الحركة
الصهيونية العالمية . إن التحالف الوثيق بين دعاة العلمانية و
الصهيونية العالمية يظهر من
خلال صمتهم على دينية المشروع
الصهيوني السياسي و دعمهم له
دون تحفظ . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) هذا كلام يقوله رجل دين . إستغلال
البعد الديني واضح و في نفس
الوقت عدم أهمية هذا البعد
بالنسبة للحركة الصهيونية .
فعلى اليهود إن يعودوا إلى
صهيون ( أي ينخرطوا في المشروع
الصهيوني ) سواء تم ذلك عن محبة
الله أو عن محبة النفس ، المهم
الغاية ! ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 15 ( ** ) شيفيلي إيمونه ، ألفه الحاخام
اليهودي الإسباني مئير بن
الدابي سنة 1360 م ( *** ) الكاثوليكية بشكل خاص . نلاحظ أن
الدول البروتستانتية اقل
علمانية من الدول الكاثوليكية
لأن الكنيسة البروتستانتية
أكثر تحالفا مع الصهيونية
العالمية . بريطانيا
البروتستانتية هي التي أقامت
الكيان الصهيوني في فلسطين و
أمريكا البروتستانتية هي أكبر
حليف لإسرائيل . يقول المفكر الصهيوني موسى هس ( 1812 – 1875 ) : " و لكي نبعث الأمة اليهودية إلى الحياة
ثانية يتوجب علينا أن نبقي فكرة
البعث السياسي لأمتنا حية أولا
، و أن نوقظ هذا الأمل حيث بدأ
يغط في سبات عميق ثانيا . و عندما
تتهيأ الظروف السياسية في الشرق
لتنظيم عودة الدولة اليهودية
للحياة ، ستكون هذه العودة
بتأسيس مستعمرات في أرض أجدادنا
و لا شك أن المساعي الفرنسية
ستمد لنا يد العون . ستكون فرنسا صديقتنا
الحبيبة ( * ) ، المخلص الذي سيعيد
لشعبنا مكانته في التاريخ
العالمي . . . . و سأقتبس الآن بعض الصفحات من هذا
الكتاب ، (( المسألة الشرقية
الجديدة )) لمؤلفه ارنست لاهاران
( ** ) (( لا يستطيع أي فرد من الجنس
اليهودي بأن يتخلى عن حق شعبه
الأساسي الذي لا ينكر ، في ملكية
أرض أسلافه من أن ينكر ماضيه و
أجداده .إن عملا مثل هذا لا يمكن
تصوره في وقت لا تعيقه فيه أحوال
أوربا السياسية بل ستعمل على
تحقيق هذا العمل . أية قوة أوربية ستمنع اليوم فكرة أن يشتري
اليهود ، متحدين في مؤتمر ، أرض
أجدادهم ثانية ؟ من سيعارض اليهود لو أعطوا حفنة من الذهب
إلى تركيا لتقوي من عزيمتها
الواهنة و قالوا إليها : ردي
إلينا وطننا و استعملي هذه
الدراهم كي تحدي من تداعي
إمبراطوريتك ؟ )) " ( 1 ) . العودة إلى صهيون شكلت الهاجس الأول
لزعماء الحركة الصهيونية . يقول اليعازر بن يهوذا El iezer Ben Yehudah ( 1858 – 1923 ) في رسالة بعث بها إلى مجلة
هاشاحار (( الفجر )) سنة 1880 : " قد نكون اليوم في حالة نزاع إنما غدا
سنعود إلى الحياة ، قد نكون
اليوم في أرض غريبة إنما غدا
سنسكن في أرض آبائنا و قد نتكلم
اليوم لغات غريبة إنما غدا
سنتكلم اللغة العبرية . . . . . . و هل اتبع حكماء التلمود آراء ارمياء
عندما قالوا : كل من يعيش خارج
أرض إسرائيل فهو كرجل لا إله له
؟ . . . أرض آبائنا هي بانتظارنا ، فلنستعمرها
، و عندما نصبح أسيادها نكون قد
صرنا مثل بقية الشعوب . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) فرنسا الثورة ، العلمانية و المعادية
للكاثوليكية ( ** ) فرنسي صهيوني كان سكرتيرا خاصا
لنابليون الثالث ألف كتابه ((
المسألة الشرقية الجديدة –
إعادة بناء الأمة اليهودية )) . ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 38 . . . و سوف لا تحيا اللغة العبرية إلا إذا
بعثنا الأمة إلى الحياة و
أرجعناها إلى وطن الآباء . هذا
هو السبيل الوحيد لتحقيق الخلاص
. و من غير هذا الحل سنضيع إلى
الأبد . . . . لكن الأمة لا تستطيع العيش إلا في أرض
وطنها . فقط في هذه الأرض ستعود
الأمة إلى الحياة و تثمر كثيرا
كما كانت في القدم " ( 1 ) . يقول موشيه لايب لينينبلوم Moshe Leib Lilienblum ( 1843 – 1910 ) : " لنعط الأسئلة الخاصة أهمية ثانوية ،
سواء كانت أسئلة دينية أو أسئلة
اقتصادية . فالمسألة الأهم لنا
هي (( أن يحمي الله إسرائيل و
يعطيها الخلاص الأبدي )) . اتحدوا
و اجمعوا القوى ، فلنجمع شعبنا
المشتت في أوربا و نذهب إلى
وطننا بفرح ( * ) ، و ليقل كل من هو
مع الله و مع شعبه : أنا مع صهيون
" . ( 2 ) إن الهدف من إقامة الوطن " القومي "
لليهود في فلسطين هو إيجاد مركز
تستجمع فيه قوى اليهود الصهاينة
السياسية و الاقتصادية و
العسكرية و قاعدة خلفية من أجل
تنفيذ بقية الأبعاد العالمية
لمشروعهم المشؤوم . يقول ليو بينسكر Leo
Pinsker ( 1821 – 1891 ) : " إن الأمة اليهودية تفتقر إلى كل
الصفات التي تتصف بها الأمة ،
فهي تفتقر إلى صفات الحياة
القومية ، إذ لا يمكن أن تكون
أمة دون لغة مشتركة و عادات
مشتركة و كذلك أرض مشتركة و الأمة اليهودية لا تملك
وطنا أصليا رغم أنها تسكن
أوطانا مكتسبة. كذلك تفتقر
الأمة إلى نقطة استجماع قواها و
إلى مركز للجاذبية كما أنه ليس
لها حكومة تمثلها أو حتى ممثلين لها . هي في كل مكان
كالضيف لا مكان لها تشعر فيه
بأنها في وطنها " . ( 4 ) . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 65 ( 2 ) الفكرة الصهيونية ، ص 73 ( 3 ) الفكرة الصهيونية ، ص 73 ( * ) هدف الحركة الصهيونيـة الحديثـة
الأول هـو حـل " مشكلة "
يهود أوربا ( الأشكينازيم ) ، و
لم يكن اليهود الشرقيين (
السفارديم ) أبناء البلاد
الإسلامية إلا وسيلة و أداة
لخدمة مشروع اليهود الغربيين .
لم تكن هناك " مشكلة يهودية
" في البلاد العربية و
الإسلامية . لقد عاش اليهود بين
إخوانهم في الوطن بأمان مدة
آلاف السنين ( خاصة منذ مجيء
الإسلام الذي ضمن لهم حقوقا و
كفل لهم كرامة لم ينعموا بها في
أي من البلاد الأخرى ، خاصة في
أوربا ) . لقد كان مشروع الحركة
الصهيونية نقمة حقيقية على
اليهود الشرقيين . تركوا بلادهم
و ممتلكاتهم ليحصلوا على مواطنة
من الدرجة الثانية في الوطن
اليهودي الموهوم . يقول شائيم بوتوك في كتابه (( تاريخ للشعب
اليهودي )) ، ص 433 " إن هلال
الأمويين في إسبانيا كان شمسا و
نشيدا ، استطاع اليهود تحت
لوائه البقاء على عهدهم القديم
و اكتشفوا عوالم جديدة من
الجمال و ا لحقيقة " ( 4 ) نفس المصدر ، ص 82 هدف المشروع الصهيوني مقارعة كل الأمم و
السيطرة على قدراتها و خيراتها
خدمة للأهداف الصهيونية لأن
اليهود الصهاينة يمقتون الأمم
الأخرى بسبب عنصريتهم المتطرفة
. إن علاقتهم بالآخرين اتسمت
دائما بالحرب في العلن و
الدسائس في السر و لم يتعاملوا
معهم إلا فيما يخدم مصلحتهم فقط
. " فلقد أعلنا أقدس كفاح ضد كل شعوب
الأرض التي حاولت أن تتخلص منا و
أن تفنينا . إن هذه الحرب التي
أعلناها - و الله وحده يعرف كم
ستطول – ليس للحصول على أرض
أجدادنا بل لمجرد الإبقاء على
حياة الملايين المحطمة من ((
اليهود المتجولين )) " ( 1 ) . أما ثيودور هرتزل Theodor
Herzel ( 1860 – 1904 ) ، و هو مؤسس الحركة الصهيونية
السياسية الحديثة و واضع المخطط
الصهيوني الذي أدى إلى إقامة
الدولة اليهودية في فلسطين على
أساس أن فلسطين هي أحد الخيارين
مع الأرجنتين ( هذا في الظاهر
فقط لأن الحركة الصهيونية لم
تكن لتتخلى عن مشروعها القديم
للإستيلاء على فلسطين ) لكسب
التعاطف مع القضية الصهيونية و
لصرف الأنظار عن المخطط الحقيقي
لاحتلال فلسطين لأن احتلال
فلسطين و إقامة الكيان الصهيوني
فيها كان منذ القدم الهدف
الأوحد و الوحيد للحركة
الصهيونية العالمية ، فيقول : " إن الأرجنتين هي من أخصب بلاد العالم
و تمتد فوق مساحات شاسعة سكانها
غير كثيفين كما أن مناخها معتدل.
و سيكون من مصلحة جمهورية
الأرجنتين أن تقبلنا في أراضيها
" ( * ) . ثم يستدرك بسرعة معبرا عن الوجه الحقيقي
للمشروع الصهيوني المستهدف
لفلسطين ( و هو دليل على أن طرح
خيار الأرجنتين ما هو إلا ذر
للرماد في العيون لتمرير مشروع
فلسطين ) قائلا : " فلسطين هي وطننا التاريخي الذي لا
يمكننا نسيانه . و مجرد الاسم هو
صرخة جامعة عظيمة . لو يعطينا جلالة السلطان ( **
) فلسطين لكنا نأخذ على عاتقنا
إدارة مالية تركية كاملة مقابل
ذلك " ( 2 ) . إن الصهاينة لا يتورعون من استعمال كل
الوسائل للوصول إلى أهدافهم من
ترهيب و ترغيب . لقد حاولوا شراء
ذمة السلطان العثماني عبد
الحميد ( رحمه الله ) لإعطائهم
فلسطين مقابل التكفل بمشاكل
تركية المالية ، مستغلين الأزمة
الخطيرة التي كانت تعيشها
السلطنة العثمانية في تلك
الأيام ، لكن السلطان رفض
عروضهم المغرية ( و التي قدمها
له هرتزل شخصيا ) . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) نفس المصدر ، ص 88 ( * ) نلمس من وراء هذه العبارة تهديدا
مبطنا للأرجنتين فيما إذا رفضت
قبول هجرة اليهود إليها . ( 2 ) نفس المصدر ، ص 120 ( ** ) يقصد السلطان العثماني لم تغفر الحركة الصهيونية للدولة
العثمانية موقفها هذا و تآمرت
عليها عن طريق يهود الدونمة
الأتراك ( و كان على رأسهم
أتاتورك ) و أطاحوا بالسلطنة و
أقاموا الجمهورية العلمانية المعادية للإسلام و
المسلمين و المتحالفة مع
الصهيونية العالمية و إسرائيل . زعم هرتزل أن الدولة اليهودية ضرورة لابد
منها ليس لليهود فقط و إنما
للعالم كله ( يقصد العالم الغربي
طبعا ) . يقول هرتزل : " إن العالم يحتاج إلى الدولة اليهودية
لذلك يجب أن تقوم " ( 1 ) . يجب ألا ننسى أن العالم بالنسبة لليهود
الصهاينة هو ملك لهم وأن عليهم
أن يحكموه بأنفسهم و أن تكون كل
الشعوب في خدمتهم و تحت سلطتهم .
من هنا تأتي الحاجة إلى الدولة
اليهودية و ليس لأن الصهاينة
تهمهم مصلحة العالم و شعوب
العالم . فدعا الدول الغربية الاستعمارية لتأييد و
دعم مشروعه في إقامة الدولة
اليهودية مؤكدا أن مشروعه مشروع
استعماري لا يخرج عن نطاق سياسة
الدول الغربية الاستعمارية في
ذلك الوقت ( خاصة فرنسا و
بريطانيا ) و أنه سيساعد في
تدعيم تلك السياسة و ذلك بجعل
الدولة اليهودية ( في فلسطين
طبعا ) مركزا متقدما للغرب في
منطقة الشرق الأوسط و حاجزا
منيعا أمام ردات الفعل المعادية
للاستعمار. " نقيم هناك جزء من حائط ( * ) لحماية
أوربا في آسيا يكون عبارة عن حصن
منيع للحضارة في وجه الهمجية . و
يتوجب علينا كدولة محايدة أن
نبقى على اتصال مع أوربا التي
ستضمن وجودنا بالمقابل " ( 2 ) . لم يكن هناك ما يهدد الحضارة الغربية في
الأرجنتين ! و بالتالي فإن ضرورة
الدولة اليهودية للعالم الغربي
لا تكون إلا في فلسطين . لقد أدرك هرتزل أنه لا يمكن تحقيق مشروع
الدولة اليهودية من دون دعم
الدول الغربية الإستعمارية (
ألد أعداء اليهود حسب نظرية
اللاسامية (ANTI-SEMITISME ) ) . يقول ، مستعطفا الأوربيين لتأييد مشروعه : " و يمكن وضع الأماكن المسيحية المقدسة
تحت إشراف لجنة دولية و سنؤلف ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 103 ( * ) لا يستطيع اليهود أن يتخلصوا من عقدة
الحائط و الغيتو ، فهي تطاردهم
في كل مكان . حتى الوطن القومي
الموعود فقد حولوه إلى غيتو
كبير داعمين إياه بالجدار
الأمني الذي يقيمونه هذه الأيام حول الأراضي
التي احتلت سنة 1948 من فلسطين و
التي تسمى كذبا (( إسرائيل )) . ( 2 ) نفس المصدر ، ص 120 حرس شرف لهذه المنطق المقدسة ( * ) مقابل
وجودنا هناك . ستكون حراسة الشرف
هذه رمزا عظيما لحل المسألة
اليهودية " ( 1 ) . إن هاجس السيطرة على العالم و على ثروات
العالم و شعوب العالم لم يغب عن
فكر الصهاينة ، و على رأسهم
هرتزل ، لأنه غايتهم الأولى و
هدفهم الأسمى ، و ما الدولة
اليهودية في فلسطين إلا مرحلة و
خطوة بسيطة من خطوات هذا
المشروع الضخم الذي وجد اليهود
كأمة من أجله و لن يتخلوا عنه
أبدا ما لم يقف في وجههم أحرار
هذا العالم . يقول هرتزل ، معبرا عن هذا الهاجس ، تحت
ستار تحرير العالم : " أخيرا سنعيش أحرارا على أرضنا و سنموت
في وطننا بسلام . سيتحرر العالم
بحريتنا ، و سيغنى بثروتنا و
سيعظم بعظمتنا . و مهما نحقق
هناك لفائدتنا سيعود بالخير و
الفائدة على كل الجنس البشري ( **
) " ( 2 ) . يعتقد اليهود الصهاينة بأن البشرية جمعاء
يجب أن تكون في خدمتهم و تساعدهم
في تحقيق مشروعهم و تمنحهم ما
يريدون . يقول فلاديمير جابوتينسكي Vladimir Jabotinsky ( 1880 – 1940 ) ، الأب الروحي لليمين
الصهيوني : " واجب على البشرية أن تقدم لليهود
منطقة يستطيعون أن يبنوا فيها
كيانهم الاجتماعي دون أي إزعاج
من إنسان " ( 3 ) . إن المنطقة التي على البشرية أن تقدمها
لليهود لكي يقيموا عليها دولتهم
القومية ( *** ) هي فلسطين و لم
يفكر الصهاينة في غير فلسطين . من غير الممكن فصل الصهيونية عن فلسطين و
أطماع الصهاينة في كل المنطقة
المحيطة بفلسطين . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) لم يحترم
الصهاينة هذه الوعود و لم
يعيروا أي احترام للأماكن
المقدسة سواء كانت مسيحية أو
إسلامية و قد شهد العالم كله
ماذا فعلوا في أقدس مكان
للمسيحيين ( المكان الذي ولد فيه
السيد المسيح عليه السلام )
كنيسة المهد في بيت لحم عندما
حاصروها و قصفوها بالدبابات على
أيدي (( حرس الشرف )) الذين و عد
بهم هرتزل الأوربيين ((
المسيحيين )) . ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 120 ( 2 ) نفس المصدر ، ص 123 ( ** ) لا ننسى أن التلمود يعتبر اليهود هم
الوحيدين الممثلون للجنس
البشري . جاء في التلمود عن
الأغيار : خلقهم الله في أشكال
آدمية لتمجيد إسرائيل . إلا أن
الآكوم ( غير اليهود ) خلقوا
لغاية وحيدة هي لخدمتهم ( لخدمة
بني إسرائيل ) ليل نهار .و هم لا
يستطيعون التخلص من هذه الخدمة.
و من اللائق أن يقوم على خدمة
ابن ملك ( إسرائيلي ) حيوانات
بأشكال طبيعية ، فالحيوانات
الكائنة بأشكال إنسانية عليها
أن تخدمه ( كتاب فضح التلمود ، ص92
) . و جاء أيضا : من يصب زيتا فوق
غوي ( الغير يهودي ) ، و فوق أجساد
ميتة ، يعفى من العقاب . هذا شرعي
بالنسبة للحيوان ، لأنه ليس
بشرا . لكن كيف يمكن القول أن صب
الزيت على غوي يعفي من العقاب ،
مع أن الغوي هو أيضا من البشر ؟
إن ذلك ليس صحيحا و لا شرعيا ،
حسب ما هو مكتوب : انتم قطيعي ، و
قطيع مرعاي هم بشر ( حزقيال 31 ، 34
) . انتم ، إذن تدعون بشرا ، لكن
الغويم ليسوا كذلك ( نفس المصدر
، ص 92 ) . ( 3 ) الفكرة الصهيونية ، ص 432 ( *** ) كخطوة
أولى لإقامة الدولة العالمية . إن صهيون هو روح الصهيونية ، سواء كانت
صهيونية دينية أم صهيونية
سياسية و حل ما سمي بالمسألة
اليهودية لا يتم إلا بالاستيلاء
على فلسطين و إقامة الدولة
اليهودية القومية تمهيدا
لإقامة الدولة اليهودية
العالمية . يقول هرتزل : " أول نتيجة لحركتنا هذه يمكن رؤيتها
بصورتها العامة الآن ، هي تحويل
المسألة اليهودية إلى مسألة
صهيون " ( 1 ) . إن قلب المسألة اليهودية ( * ) منطقة الهلال
الخصيب ( من النيل إلى الفرات )
أو ما يسمى الآن بمنطقة الشرق
الأوسط ، و قلب منطقة الشرق
الأوسط الشام و قلب الشام
فلسطين و قلب فلسطين جبل
الزيتون ( ** ) و قلب جبل الزيتون
المسجد الأقصى الذي يدعي اليهود
الصهاينة أنه أقيم في مكان
الهيكل ( *** ) و يسعون إلى إعادة
بناءه على أنقاض المسجد . واهم من يعتقد أن الصهاينة سيتخلون عن
صهيونيتهم المرتبطة بفلسطين . و
ما دعوتهم للسلام ( نتيجة لضربات
المقاومة الموجعة التي حولت
الجيش الصهيوني حقيقة إلى جيش
دفاع بعد أن كان منذ نشأته جيش
عدوان ) إلا لاستعادة الأنفاس و
إعادة صياغة المشروع الصهيوني
في شكله الجديد و هو ما سمي
بالشرق أوسطية التي تسعى إلى
إدماج إسرائيل في المنطقة عن
طريق " التعاون " الثقافي و
السياسي و الاقتصادي لكي تصبح إسرائيل مقبولة ثقافيا و سياسيا و
اقتصاديا ، و هو الإدماج الذي
ستكون فيه إسرائيل المسيطرة و
المهيمنة بفضل الهيمنة
الثقافية و الاقتصادية و
السياسية للصهيونية العالمية
التي تقودها الولايات المتحدة
الأمريكية ، بعد أن تأجل ( و لم
يلغى ) ما كانت تسعى إليه من
سيطرة عسكرية و سياسية مباشرة . لقد وعدت غولدا مائير الصهاينة بمحو
كلمتي فلسطين و الشعب الفلسطيني
من ذاكرة العالم بعد خمسين سنة
من تأسيس " إسرائيل " . فقد صرحت بتاريخ 15 جوان 1969 لجريدة الساندي
تايمز البريطانية : " لا وجود للفلسطينيين . و ليست المسألة
مسألة وجود شعب في فلسطين يعتبر
نفسه الشعب الفلسطيني ، و ليست
المسألة أننا أتينا و طردناهم و
أخذنا بلادهم . لا ، إنهم لم
يوجدوا أصلا " . لقد خاب ظنها و أملها ( و هي تتقلب الآن في
حفرتها ! ) . مرت الخمسون سنة
الموعودة و ما زال العالم لا
يذكر فقط فلسطين و الشعب
الفلسطيني و بل يعيش قضيتهما
يوميا بفضل مقاومة و تضحيات هذا
الشعب البطل . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 125 ( * ) نقصد بالمسألة اليهودية ما يخطط له
اليهود و يسعون إليه منذ دخلوا
التاريخ . ( ** ) جبل صهيون عند اليهود . ( *** ) هيكل
سليمان . 2 - " إحياء " أرض فلسطين و تعميرها : تقوم فلسفة الصهيونية على فكرة أن فلسطين
أرض خالية من السكان و أن واجب
اليهود إعمارها و واجب البشرية
تأييدهم و مساعدتهم في ذلك على
أساس أن البشرية جمعاء في خدمة
اليهود و مشروع اليهود . لقد ارتبط مشروع إقامة الدولة اليهودية
القومية في فلسطين بمقولة ( أرض
بلا شعب لشعب بلا أرض ) المشهورة
و هي المقولة التي بنى عليها
الصهاينة كل مخططاتهم و
ممارساتهم العدوانية تجاه سكان
فلسطين . لقد اعتبر الصهاينة كذبا أن أرض فلسطين
صحراء خالية من السكان و أن
مجيئهم سوف يجعل هذه الأرض
عامرة و يحققون فيها " معجزة
" و يحولونها إلى " جنة " (
لليهود طبعا ) ( * ) . إن فكرة الأرض الخالية ( خاصة من السكان ) ،
التي عششت في مخيلة المفكرين
الصهاينة و سيطرت على تفكيرهم و
مخططاتهم ، اصطدمت بواقع أن هذه
الأرض لم تكن خالية من السكان و
لم تكن خربة و لم تكن صحراء و
مستنقعات بل كانت بلاد عامرة
بسكانها و مدنها و غنية
بخيراتها و زراعتها و صناعتها و
يعترفون بذلك . يقول الحاخام زفي هيرش كاليشر Rabi Zvi Hirsh Kalisher : " هذه السياسة أيضا ستعمل على كسب
احترام الأمم إذ أنهم سيقولون
أن بني إسرائيل لديهم الإرادة
أن ينقذوا أرض أجدادهم التي هي
قاحلة و متروكة " ( 1 ) . بينما نجده يعترف ، بضعة أسطر قبل ذلك ،
بوجود مزارع و كروم و ثمار عندما
قال : " إنني أقترح بأن تؤسس منظمة هدفها
تشجيع الاستيطان في الأرض
المقدسة و ذلك بشراء المزارع و
الكروم وجني ثمارها " ( 2 ) . لقد صدق اليهود هذه الكذبة و حاولوا إقناع
العالم بها لتأييدهم في مشروعهم
المشؤوم وتمنوا لو كانت حقيقة .
و لأنها لم تكن كذلك ، سعوا إلى
تحقيقها على أرض الواقع عن طريق
محاولة تهجير السكان
الفلسطينيين بالإرهاب و القتل و
الإبادة بكل الوسائل . لقد عبر زعيمهم هرتزل عن هذه الأمنية
موحيا إلى ما يجب فعله لتحقيقها
( و معبرا عما يتمناه و يسعى إليه
كل صهيوني ) عندما قال : ـــــــــــــــــــــــ ( * ) لقد حولها الشعب الشبح ( الغير موجود
! ) إلى محرقة و هولوكوست
حقيقي للصهاينة المغتصبين . ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 17 ( 2 ) نفس المصدر ، ص 16 " فلنفترض على سبيل المثال أننا أجبرنا
أن نخلي بلدا ما من الوحوش ( * ) .
يجب علينا أن لا نقوم بهذا العمل
وفقا لأسلوب الأوربيين في القرن
الخامس كأن نأخذ الرمح و نذهب كل على حدة للبحث عن الدببة .
يجب علينا تأليف حملة صيد كبيرة
و من ثم نجمع الحيوانات ( ** ) كلها
معا و نلقي في وسطها القنابل
المميتة " ( 1 ) . من الواضح أن هرتزل لا يتحدث هنا عن نزهة
صيد في بلد ما من العالم يدعو
إليها أصدقائه و لكن عن مخطط
يسعى إليه الصهاينة لإفراغ
فلسطين من سكانها و تحقيق مقولة " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض " . لقد خاب ظن الصهاينة و أملهم . فلم تكن
فلسطين آهلة بالسكان فقط ، بل
شكلت لهم عائقا أمام تحقيق
حلمهم القديم . لقد استعصى شعب
فلسطين عن الاستسلام لواقع
الاحتلال و التسليم . لقد حلم الصهاينة بالسيطرة على المنطقة
كلها من النيل إلى الفرات ( و لا
يزالون يحلمون بذلك و يسعون
إليه و يخططون له ) إلا أن حلمهم
اصطدم بجدار صلب شيدته ( من
الداخل ) مقاومة الشعب
الفلسطيني الشرسة لمشروع
التوسع الصهيوني مما اضطر
الصهاينة ( تكتيكيا ) إلى
المطالبة بـ " السلام "
الذي يضمن لهم " الحق " في
جزء بسيط من " أرض إسرائيل
الكبرى " و هي الأراضي التي
احتلوها سنة 1948 ( من دون التخلي
في السر ، و حتى في العلن ، عن
مشروعهم القديم ) . إن أنجع سلاح قاوم به الشعب الفلسطيني
مشروع الهيمنة الصهيونية هو
سلاح البقاء على أرضه الذي أسقط
مقولة " أرض بلا شعب " التي
روج لها الصهاينة كثيرا و كشف
للعالم الوجه الحقيقي للإرهاب
الصهيوني في محاولته إبادة
الشعب الفلسطيني و تهجيره عن
أرضه تحقيقا لتلك المقولة . إن غيظ الصهاينة من عدم تحقق تلك المقولة
الكاذبة جعل الحاخام عوفاديا
يوسف ، الزعيم الروحي لحركة شاس
الصهيونية الدينية المتطرفة ،
يقول أن العرب يتكاثرون كالنمل
و يجب قتلهم و إبادتهم . إن حلم الصهاينة بإقامة دولة قومية خالصة
لليهود وحدهم قد تبدد . إن العرب
الفلسطينيين يقضون مضاجع
اليهود حتى في " عقر دارهم "
( و هي ليست دارهم ولن تكون دارهم
مهما فعلوا ) أي فيما يسمى بـ "
دولة إسرائيل " التي يعترف
بها رسميا ( الأراضي التي احتلت
سنة 1948 ) . لقد سيطرت فكرة إعادة إحياء الأرض
المقدسة على عقول المفكرين
الصهاينة . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) يقصد السكان الأصليين لذلك البلد . ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 118 ( ** ) لا ننسى أن التلمود يعتبر غير اليهود
حيوانات في أشكال بشرية . إن
الثقافة التلمودية حاضرة في
وجدان كل يهودي حتى و لو كان
مثقفا " علمانيا " مثل
هرتزل . نعرض فيما يلي بعض ما جاء من أقوالهم بهذا
الشأن . يقول موسى هس Moses
Hess : " سيعيد رأسمالكم الحياة للأرض القاحلة
و سيحول عملكم و صناعتكم التربة
القديمة إلى وديان مثمرة و
ستستخلصون الأرض من براثن
الصحراء ، ومن ثم ستعيد شعوب
العالم الإحترام لأقدم أمة بين
الشعوب " ( 1 ) . " و بدون شك ، فإن سنين عديدة سوف تمر
قبل أن نخلص هذه الأراضي
المهجورة من جذام صخورها و من
عفن مستنقعاتها . . . . . . إن آلافا من شبابنا يتدفقون من زوايا
الأرض الأربع ملبين نداء قلوبهم
من أجل تخليص هذه البلاد من
العزلة و الخراب . إنهم على
استعداد لصب آمالهم و حنينهم
لإفراغ قوة شبابهم في حضن هذه
الأراضي البور و ذلك من أجل
إحياءها . إنهم يقتلعون الصخور و
يجففون المستنقعات " ( 2 ) . " يجب أن نبذل أقصى جهدنا لإقناع مديري
جمعية الاستيطان اليهودية
بتخصيص مبلغ كبير من الأموال
التي في حوزتهم من أجل إعادة
تعمير الأراضي المقدسة . . . . . . من اللائق لهذا المؤتمر أن يوجه رسالة
شكر إلى المحسن الكبير ،
البارون إدموند دي روتشيلد
لجهوده الجبارة نحو إعادة تعمير
أرضنا . أليس هو أول من هب للعمل
من أجل قضيتنا ؟ فقد أنفق عشرة
ملايين فرنك على هذا العمل
النبيل و إنه على استعداد ليفعل
أكثر من ذلك لإعادة الحياة
للأراضي البور في بلادنا " ( 3 )
. يقول لويس دمبيتز برانديس (1856 – 1941 ) Louis
Dembitz Brandeis : " إن هذه الأرض التي كانت غير مشجرة منذ
جيل مضى و كان مفترضا أنها قاحلة
و جرداء و لا أمل فيها ، ظهرت
بأنها غير مشجرة و قاحلة نتيجة
لإساءة الإنسان استعمالها( * ) . و
لقد برهنت الآن أنها أرض
باستطاعتها أن تصبح مرة أخرى ((
أرض العسل و اللبن )) و يمكنك
الآن أن تشاهد مزروعا فيها
بكثرة البرتقال و العنب و
الزيتون و اللوز و القمح و حبوبا
أخرى " ( 4 ) . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 38 ( 2 ) حاييم نخمن بيالك ( 1873 – 1934 ) Chaim
Nachmann Bialik ، الفكرة الصهيونية ص 179 . ( 3 ) الحاخام صموئيل موهيليفر ، الفكرة
الصهيونية ، ص282 . ( * ) فقط اليهود يحسنون استعمال الأرض
المقدسة ! ( 4 ) الفكرة الصهيونية ، ص 389 يقول حاييم
وايزمن ( 1874 – 1952 ) Chaim
Weizmann وهو
أول رئيس لدولة إسرائيل : " لقد كانت الصهيونية في مراحلها
الأولى كما أسسها الرواد عبارة
عن حركة تعتمد كليا على عوامل
ميكانيكية : هناك بلد اسمه
فلسطين و هو بدون شعب ، و من
ناحية أخرى هناك الشعب اليهودي
و هو بدون بلاد . إذن ، فمن
الضروري وضع الجوهرة في الخاتم
أي جمع الشعب في الأرض " ( 1 ) . هذه هي الفكرة الأساسية التي تنطلق منها
الحركة الصهيونية في تخطيطها
للاستيلاء على فلسطين . فجميع
زعماء هذه الحـركـة العنصرية و
الإرهابية يؤمنون بهذه "
المسلمة " و بنوا عليها جميع
استراتيجياتهم . فإذا كان
الواقع يخالف ذلك سعوا إلى
تحقيقها بجميع الوسائل . لا بد
أن تكون أرض فلسطين خالية من
السكان ، هذا ما يسهل عليهم
مهمتهم . لقد خيبت فلسطين أملهم . فبعد أكثر من
خمسين سنة من تأسيس كيانهم
العنصري ، لا تزال عامرة
بسكانها الذين تشبثوا بأرضهم
رغم كل أنواع الإرهاب التي
مورست ، و لا تزال تمارس ، في
حقهم من قتل و تشريد و سجن و
تدمير بيوت و ممتلكات . أما دافيد بن غوريون ( 1886 - 1973 ) David
Ben- Gurion مؤسس الدولة
الصهيونية في فلسطين ، فيقول : " نحن الآن ، أكثر من أي وقت مضى ، بحاجة
إلى قوة مخلصة و رائدة . إن صحراء
بلادنا تنادينا و فناء شعبنا
يستصرخنا . و لكي ننقذ من تبقى –
ونحن جميعا الآن نشكل البقية
بما في ذلك جاليتنا هنا في
إسرائيل – فإن عملنا يجب أن يتم
ضمن خط محدد . فالمهمات الملقاة
أمامنا بحاجة إلى جهود رائدة لم
نعرف شبيها لها . علينا أن
نستثمر الأراضي البور ( في جبال
الجليل و سهول النقب ووادي
الأردن و كثبان الرمل على
الشاطئ و جبال يهودا ) ( * ) " ( 2 )
. ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 444 ( * ) أي كل فلسطين ! ( 2 ) نفس المصدر ، ص 485 3 - طرد السكان الفلسطينيين : إن طرد السكان الفلسطينيين من أرضهم و
تهجيرهم عن وطنهم ، تحقيقا
للمقولة المشهورة ، شكلت دائما
السياسة الرئيسية لقادة الحركة
الصهيونية . إن فلسطين لم تكن خالية من السكان و هذا ما
أزعج الصهاينة الذين كانوا
يدعون أمام العالم أنها أرض بلا
شعب . أن إقامة دولة إسرائيل لشعب إسرائيل تقوم
على إنكار وجود فلسطين و شعب
فلسطين. إن الدولة اليهودية في المشروع الصهيوني
تقوم على العنصرية و النقاء
العرقي . إنها دولة لليهود وحدهم
. و بالتالي ، على غير اليهود أن
يرحلوا منها و يغادروها إما
بإرادتهم أو قسرا . لقد شكل طرد السكان الفلسطينيين من أرضهم
و ترحيلهم جزء هاما من مخططات
القادة الصهاينة . إن إقامة
الدولة اليهودية القومية
المثالية تفترض عدم وجود أقليات
غير يهودية داخل حدود هذه
الدولة و بالتالي سعى الصهاينة
قبل و بعد تأسيس دولة إسرائيل
إلى التخلص من غير اليهود بكل
الوسائل . إن محاولة التخلص من الوجود العربي في
فلسطين لم تكن نتيجة تكتيكات
مرحلية و طارئة لجأ إليها
الصهاينة عند تأسيس دولتهم
العنصرية أملتها عليهم الظروف ،
و إنما كان عن سابق تخطيط و
إصرار . إن نجاح مشروع الدولة الصهيونية حسب ما
خطط له هو رهن التخلص من السكان
العرب في فلسطين . إن الصهاينة لم يقتنعوا يوما بتقسيم
فلسطين بينهم وبين العرب و إنما
" وافقوا " على ذلك خداعا
لكي يكون لهم موطئ قدم " شرعي"
في المنطقة . يقول بن غوريون : " إنني لا أرى في الدولة اليهودية
المقترحة ( * ) حلا نهائيا لكافة
مشكلات الشعب اليهودي كذلك لا
أنظر إلى التقسيم على أنه الحل
الأخير لمشكلة أرض إسرائيل . إن
أعداء التقسيم كانوا على حق
عندما ادعوا بأن هذا البلد لم
يعط لنا كي نقسمه لأنه لا يشكل و
حدة من الناحية التاريخية فحسب
، بل من الناحية الطبيعية و
الاقتصادية أيضا " ( 1 ) . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) أي على جزء من فلسطين حسب قرار التقسيم
. ( 1 ) من الأرشيف الصهيوني ، إسرائيل شاحاك
، ص 14 إن عدم الرضا بالتقسيم ، حتى من قبل مؤسس
الدولة الصهيونية على أساس
القرار الصادر عن الجمعية
العمومية للأمم المتحدة بتاريخ
29 نوفمبر 1947 الذي قضى بتقسيم
فلسطين إلى دولتين يهودية و
عربية ، و اعتبار دولة إسرائيل
دولة يهودية خالصة ، فرض على
الصهاينة التفكير في إفراغ
فلسطين من سكانها العرب و
التخطيط لذلك و محاولة تنفيذه ( *
) بكل الوسائل و كانت الوسيلة
المفضلة لديهم ( و ما تزال ) هي
الإرهاب الذي يمارس ضد
المواطنين الفلسطينيين يوميا
لإجبارهم على ترك أرضهم . يقول إيديلسون : " ربط بن غوريون مستقبل استيطاننا في
أرض إسرائيل بعد تقسيمها
بإمكانية تفريغها من العرب " (
1 ) . إن تفريغ فلسطين من سكانها العرب جزء لا
يتجزأ من المخطط الصهيوني . لقد
أظهر الصهاينة ذلك صراحة أمام
العالم و لم يروا فيه ما يخالف
الأخلاق . و عندما بدؤوا تنفيذ
هذا المخطط ، لم يتضايق العالم
المتحضر من ذلك و لم ير فيه مسا
بحقوق الإنسان بل غض الطرف في
العلن و ساهم في ذلك المخطط في
السر. يقول بيرل لوكر ( رئيس الوكالة اليهودية
في الخمسينات و الستينات ) : " لقد بنى بن غوريون تصوره على أساسين
رئيسيين : الاستقلال و نقل
السكان . يفهم الإنسان مما قاله
بن غوريون بأن نقل السكان ضرورة
لا بد منها ، وأن حدوثها مضمون
في حال تقسيم البلد " ( 2 ) . قال بيدل كاتسنلنسون : " لقد أثارت مسألة نقل السكان نقاشا
بيننا : هل يجوز ذلك أم لا ؟
ضميري مرتاح كليا حول هذه
النقطة لأن الجار البعيد أفضل
من العدو القريب . لن يخسر العرب
من عملية نقلهم ، كما أننا
بالتأكيد لن نخسر نحن أيضا . في
التحليل الأخير هذه العملية هي
بمثابة إصلاح سياسي في
الاستيطان يأتي لصالح الطرفين .
كنت دائما أحمل الرأي القائل
بأن هذا الحل هو أفضل الحلول ، و
في الأيام الكئيبة كان يتقوى
وعيي بفكرة قدوم هذا الحل في يوم
ما . إلا أنني لم أتصور أبدا أن
نقلهم إلى (( خارج إسرائيل )) يعني
ضواحي نابلس . كنت و ما زلت أعتقد
بأن مصيرهم هو الذهاب إلى سوريا
و العراق " ( 3 ) . يقول يوسف وايتز في كتاب ( يومياتي و
رسائلي إلى البنين ) - 1965 : " يجب أن نكون
بمنتهى الوضوح فيما بيننا بأنه
لا يوجد مكان للشعبين في هذا
البلد . ما من خطة للتنمية
ستقربنا من هدفنا : و هو أن نكون
شعبا مستقلا في هذا ـــــــــــــــــــــــ ( * ) نتكلم عن " محاولة " لأنهم فشلوا
في ذلك فشلا ذريعا و يعانون
تبعات فشلهم إلى الآن . ( 1 ) من الأرشيف الصهيوني ، ص 15 ( 2 ) نفس المصدر ، ص 18 ( 3 ) نفس المصدر ، ص 18 البلد الصغير . إذا غادره العرب سيكون
البلد كبيرا و مفتوحا أمامنا
تماما . و لكن إذا بقي العرب
سيبقى البلد ضيقا و بائسا . . . . . . المشروع الصهيوني كان جيدا و ناجحا في
زمانه و إلى حد كان بإمكان
المشروع الاكتفاء بشراء الأرض ،
و لكن هذا وحده لن يحقق دولة
إسرائيل ، يجب أن يتم ذلك بضربة
واحدة و كأنه الخلاص . هذا هو سر
فكرة (( المخلص المنتظر )) . لا
يوجد سبيل آخر سوى نقل العرب من
هنا إلى البلدان المجاورة .
نقلهم جميعا باستثناء ربما بيت
لحم و الناصرة و القدس القديمة (
* ) ـــ يجب ألا تبقى قرية واحدة
أو قبيلة واحدة . يجب أن تتجه
عملية النقل هذه نحو العراق و
سوريا و حتى شرقي الأردن ( ** ) . . . . . . عملية النقل هذه هي التي ستمكن البلد
من استيعاب الملايين من إخواننا
و حل المسألة اليهودية نهائيا .
و لا سبيل آخر غير ذلك " ( 1 ) . لا يمكن تنفيذ المشروع الصهيوني ( كما خطط
له منظرو الحركة الصهيونية ) مع
بقاء السكان العرب في فلسطين .
إن نقلهم وترحيلهم من وطنهم
ضرورة حيوية لنجاح هذا المشروع
اللئيم . و لذلك ، فإن مفهوم
الصهيونية لا يمكن أن يتعارض مع
هذه الضرورة و بالتالي ، فإن كل
الصهاينة متفقون على ذلك و إن
كان بعضهم يقول العكس مضطرين
تحت وطأة خيبة الأمل دون التخلي
عن ذلك في السر . إن الصهاينة يخططون لهذا المشروع منذ
آلاف السنين و لن يتخلوا عنه
أبدا إلى آلاف السنين . لقد
تراجعوا تكتيكيا في بعض مراحل
تاريخهم فأعادوا الكرة كلما
سنحت لهم الفرصة . إن مشروعهم لن يكتفي بما يسمى " دولة
إسرائيل " الحالية التي أقيمت
على جزء بسيط من " أرض إسرائيل
" التي يطمحون إليها ( و لن
يتخلون عنها أبدا إلا إذا تخلوا
عن صهيونيتهم و يهوديتهم ) ، و ما
حديثهم عن " السلام " و "
التعايش " إلا ذر للرماد ـــــــــــــــــــــــ ( * ) هذا تملقا للأوربيين لأن هذه المدن
الثلاث تضم عدد كبير من العرب
المسيحيين كما تحوي على الأماكن
المقدسة المسيحية مثل كنيسة
المهد في بيت لحم و كنيسة
القيامة في القدس و الناصرة حيث
نشأ السيد المسيح عليه السلام .
نلاحظ عبارة " ربما " ، لأن
هذه المدن ضمن المخطط و لو على
المدى البعيد . ( ** ) إن المخطط الصهيوني يعتمد على
المرحلية . المرحلة الأولى
تأسيس الدولة اليهودية على ((
جزء بسيط )) من أرض إسرائيل ( التي
تمتد من النيل إلى الفرات ) . إن
عبارة (( و حتى شرق الأردن )) تعبر
عن الضرورة الملحة لإفراغ
الأراضي التي أقيمت عليها دولة
إسرائيل " المؤقتة " من
السكان العرب لأن المنظرين
للمشروع الصهيوني يعتبرون شرقي
الأردن جزء لا يتجزأ من أرض
إسرائيل و لم يتخلى عنه مؤسسو
دولة إسرائيل إلا تكتيكيا . و
بالتالي فإن نقل السكان سوف يتم
تدريجيا بالتوازي مع التوسع
الصهيوني في المنطقة تنفيذا
للوعد التوراتي المشهور : " ثم
قال يشوع : بهذا تعلمون أن الله
الحي في وسطكم و طردا يطرد من
أمامكم الكنعانيين و الحثيين و
الحويين و الجرجاشيين و
الأموريين و اليبوسيين " (
يشوع : 3 – 9 ، 10 ) . ( 1 ) من الأرشيف الصهيوني ، ص 22 في عيون بعض العرب ممن وثقوا في بيريز و
رابين ( ذوي الماضي الإرهابي
العتيد ) ( * ) و غيرهم ممن يسمون
كذبا بـ " دعاة السلام " . إن مشروع إقامة دولة يهودية في فلسطين لا
يتوافق مع وجود " مواطنين "
عرب ( ** ) في هذه الدولة التي لا
يمكن أن توصف حسب ما خطط له
الصهاينة إلا بأنها دولة عنصرية
. لقد عطل الشعب الفلسطيني هذا المشروع
بتمسكه بأرضه و تشبثه بوطنه و
خلق في داخل إسرائيل واقعا
يتعارض مع ما كان يحلم به
الصهاينة و يخططون له و سبب
مشكلة هوية حقيقية في داخل
كيانهم العنصري فأصبح النقاش
حادا بين الصهاينة أنفسهم فيما
إذا كانت دولة إسرائيل دولة
يهودية أم لا . يقول يوسف وايتز في نفس الكتاب : " لا خلاص لنا ما لم يجر تفريغ البلد من
العرب من أجلنا . نقل السكان
العرب مسألة لا مناص لنا منها
إذا أردنا أن نتقدم بمطلب لحل
حقيقي و إذا كنا ننوي حل المسألة
اليهودية و مشكلة الدين اليهودي
الخ . في رأيي ينبغي أن يكون نقل
العرب هو المطلب الذي نتقدم به
إلى مؤتمر السلام . . . . . . أجريت محادثة طويلة مع كاتنلسون في
بيت هاكيريم ( عين كارم ) .
تناولنا موضوع " نقل السكان
" . تبين أنه من مؤيدي الفكرة
منذ عدة سنوات و هو ، بالإضافة
إلى ذلك ، يشارك في رأيي القائل
بأن هذا هو الحل الوحيد
لمشكلتنا في هذا البلد . فهو
يعتقد أن الضرورة السياسية ،
كما تبرز بعد الحرب ، ستجبر قادة
العالم على القبول بهذا الحل ، و
إن لم يكن ذلك بالنسبة لأرض
إسرائيل كلها ( *** ) فبالنسبة
لجزء منها على أقل تقدير " ( 1 )
. " في محادثتي مع شرتوك في وزارة
الخارجية أثرت أربعة تساؤلات : أ
– الترحيل اللاحق : هل ينبغي
علينا أن نقوم بعمل ما كي نحول
خروج العرب من البلد إلى واقع
نهائي بحيث لا يعودون إليه بعد
ذلك ؟ إذا كان الجواب بالإيجاب
هل سيكون من الصواب مطالبة
اللجنة الثلاثية المسؤولة عن
الشؤون العربية في الإدارة
الصهيونية بأن تضع خطة عمل
للترحيل ؟ كان جوابه أنه يبارك
مبادرتي في هذا الشأن ويرى أنه
ينبغي علينا أن نعمل بصورة تحول
خروج العرب إلى واقع قائم ، و
أنه سيتشاور مع بن غوريون " ( 2
) . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) أليس رابين من أمر بتكسير عظام
المقاومين الفلسطينيين ( و قد
شهد العالم " إنجازاته "
مباشرة عبر شاشات التلفزيون )
عندما كان وزيرا للدفاع أثناء
الانتفاضة الأولى و بيريز من
أمر بقتل الأطفال و النساء و
الشيوخ في مقر للأمم المتحدة في
قانا في جنوب لبنان أثناء عدوان
" عناقيد الغضب " ( غضب
الصهاينة على بطولة و شجاعة
مقاومة الشعب اللبناني و عدم
استسلامه للاحتلال الصهيوني )
عندما كان رئيسا للوزراء ؟ ( ** ) ممن يسمون بـ " عرب إسرائيل " . ( *** ) التي تمتد من النيل إلى الفرات . ( 1 ) من الأرشيف الصهيوني ، ص 24 ( 2 ) نفس المصدر ، ص 27 4 – إقامة الدولة اليهودية القومية : إن إقامة الدولة اليهودية في فلسطين هو
الهدف الأول للمشروع الصهيوني
كما صاغه قادة الحركة الصهيونية
الحديثة وهي مرحلة هامة و
أساسية في مراحل المخطط
الصهيوني . إن التاريخ اليهودي ( * ) ( و المشروع
الصهيوني ) يبدأ بالوعد الإلهي
بإعطاء فلسطين لأبناء إبراهيم
من اليهود ( أبناء إسرائيل –
يعقوب ) و هجرة إبراهيم و أهله
إلى فلسطين و من أهم مراحله دخول
بني إسرائيل بقيادة يشوع بن نون
إلى فلسطين و استيلائهم عليها
بالقتل و الإرهاب . إن التوراة لم تكتف فقط بالأمر
بالاستيلاء على الأرض و إنما
حددت لهم الحدود الجغرافية لهذه
الأرض و التي أصبحت فيما بعد
شعارا للحركة الصهيونية "
حدودك يا إسرائيل من النيل إلى
الفرات " و قد جاء ذكر ذلك في
سفر التكوين في الإصحاح الخامس
عشر : " في ذلك اليوم قطع الرب
مع أبرام ميثاقا قائلا : لنسلك
أعطي الأرض من نهر مصر إلى النهر
الكبير نهر الفرات " ( 1 ) . إن أطماع اليهود في فلسطين أطماع قديمة
قدم وجودهم وقد صاغت الحركة
الصهيونية الحديثة بقيادة
هرتزل هذه الأطماع في شكل مشروع
إقامة الدولة اليهودية القومية
في فلسطين لحل " المسألة
اليهودية " و " تحرير"
اليهود من الاضطهاد الذي تمارسه
في حقهم الشعوب الأخرى . يقول هرتزل في كتاب ( الدولة اليهودية )
سنة 1895 : " الفكرة التي عالجتها في هذا الكتيب هي
فكرة قديمة تتعلق ببعث الدولة
اليهودية . إن الذي بعث هذه الفكرة النائمة إلى
الحياة هو العالم الذي تألب ضد
اليهود . أنا لا أدعي اكتشاف
أمور جديدة ، فليلاحظ هذا من
خلال مناقشتي ، أنا لم أكتشف لا
الحالة اليهودية كما بلورها
التاريخ و لا الطريقة لعلاجها . .
. . . . لذا أقول بوضوح و تأكيد بأنني أؤمن
بإمكان تحقيق الفكرة رغم أني
أعترف بأني لم أكتشف الشكل الذي
ستتخذه . إن العالم يحتاج إلى
الدولة اليهودية لذلك يجب أن
تقوم " ( 2 ) . بهذه العبارات لخص هرتزل صياغته لمشروع
الدولة اليهودية انطلاقا من
فكرة ـــــــــــــــــــــــ ( * ) كما صاغته التوراة التي تشكل المصدر
الوحيد لهذا التاريخ المزعوم و
لا توجد مصادر تاريخية أخرى
مستقلة تثبت ما جاء في التوراة .
إن الدراسات التاريخية "
العلمية " التي تؤرخ لليهود
كلها دراسات توراتية . ( 1 ) تكوين : 15 - 18 ( 2 ) الفكرة الصهيونية ، ص 102 ، 103 قديمة نائمة ( أو مشروع قديم ) يمكن
تحقيقها و يجب تحقيقها لأن
العالم ( الذي يحلم به اليهود )
بحاجة إليها . لقد ادعى قادة الحركة الصهيونية أن إقامة
الدولة اليهودية في فلسطين
ضرورة لحل المسألة اليهودية و
تخليص اليهود من الاضطهاد الذي
يعانون منه من الشعوب التي
يعيشون بينها و ذلك بتجميع
اليهود في فلسطين . لقد صدقوا عندمـا ادعوا أن إقامـة
الدولـة اليهوديـة فـي فلسطيـن
هـو لحــــل " المسألة
اليهودية " ( * ) ، ليس بتجميع
كل يهود العالم في مكان واحد و
تخليصهم من "الاضطهاد " ،
لأن هذا مستحيل من الناحية
العملية و خطر من الناحية
الاستراتيجية ، و إنما لجعل هذه
الدولة ( التي سيسخر كل العالم (
** ) لدعمها و حمايتها و إمدادها
بكل أسباب القوة السياسية و
الاقتصادية و العسكرية ) قاعدة
خلفية للسيطرة على العالم ( عن
طريق سلاح " معاداة السامية
" الناجع و الرادع ) ( *** )
وتنفيذ البعد العالمي للمشروع
الصهيوني . يقول أحد عاهام : " الحقيقة قاسية و لكن قسوتها أفضل من
التضليل . أيجب أن نعترف أن "
تجميع المنفيين " بطريقة
طبيعية أمر غير معقول . ربما
استطعنا و بطرق طبيعية أن نؤسس
يوما دولة يهودية ، و قد يتكاثر
اليهود و يزدادون داخل هذه
الدولة اليهودية إلى " أن
تمتلئ الأرض " بهم لكن حتى في
مثل هذا الوقت سيبقى القسم
الأكبر من شعبنا متفرقا في بلاد
أجنبية . إن " جمع شمل
المتفرقين من أطراف الأرض
الأربعة " ( كما يقول كتاب
الصلاة ) شيء مستحيل ، لا يستطيع
إلا الدين ، الذي يعلم بالإيمان
بخلاص
يأتي بواسطة معجزة ، أن يعد
بتحقيق مثل هذا الأمر . لكن إذا كان الأمر كذلك ، إذا كانت الدولة
اليهودية لا تعني " جمع شمل
المنفيين " إنما فقط توطين
قسم من شعبنا في فلسطين ، فكيف
يؤدي هذا إلى حل المشكلة
المادية لجماهير اليهود في أرض
الشتات ؟ لن تنتهي المشكلة المادية ببناء الدولة
اليهودية . و أن حل هذه المشكلة
حلا كليا ليس باستطاعتنا .على أن
المشاكل المادية اليهودية
ستعتمد ، سواء أسسنا دولة
يهودية ـــــــــــــــــــــــ ( * ) أي المشروع الصهيوني ، لأنه من الواضح
أن " المسألة اليهودية "
التي يتحدث عنها قادة الحركة
الصهيونية ما هي إلا تعبير
مختلف عن ذلك المشروع القديم . ( ** ) ممثلا في هيئة الأمم المتحدة بقيادة
رأس الصهيونية العالمية أمريكا
التي حمت و تحمي إسرائيل حتى من
الانتقاد و التنديد ( عن طريق
الفيتو ) ناهيك عن فرض العقوبات
عن الجرائم الفاضحة التي
ارتكبتها و ترتكبها تجاه شعوب
المنطقة . ( *** ) إن أقوى سلاح تملكه إسرائيل هو هذا
السلاح الذي يرعب قادة العالم (
خاصة القادة الغربيين ) و يتحكم
في مواقفهم تجاه إسرائيل و
سياسات إسرائيل بحيث لا يجرؤ
أحد على انتقادها إلا شهر في
وجهه هذا السلاح الفتاك . أم لم نؤسس ، ستعتمد في الأساس على الحالة
الاقتصادية و المستوى الثقافي
للأمم المختلفة التي يتفرق بينها شعبنا " ( 1 ) . إن الادعاء أن تأسيس الدولة اليهودية
القومية في فلسطين جاء لحل
مشكلة اليهود في الشتات ، و ذلك
بتجميعهم في داخل هذه الدولة ،
ما هو إلا كذبة كبيرة لزعماء
الحركة الصهيونية للحصول على
الدعم لتنفيذ مشروعهم . إذن ، ما
الفائدة المرجوة من تأسيس هذه
الدولـة إذا كـان مـن المستحيـل
أن تضـم ضمـن حدودهـا جميـع
يهـود العالـم ؟ ( و هذا باعترافهم ) . إن حل المشكلة اليهودية ( أي المشروع
الصهيوني ) يكمن في تأسيس دولة
قومية يهودية قوية في فلسطين
يستوطن داخلها قسم فقط من
اليهود على أن يبقى القسم
الأكبر في بلدانهم و جعل هذه
الدولة قاعدة لتنفيذ بقية
المشروع الصهيوني ( في بعده
العالمي ) . لقد أصبحت إسرائيل " أقوى " دولة في
المنطقة ، عسكريا و اقتصاديا و
سياسيا ، كما أريد لها أن تكون
في المشروع الصهيوني . إن الأنظمة العربية انهزمت أمام " قوة
" إسرائيل و زعمت أن "
التوازن الاستراتيجي و العسكري
" لصالح إسرائيل و سلمت بـ "
شرعية " وجـود إسرائيـل ( و هي
أشد هزيمة ) بحجة " الأمر
الواقع " . إن مسألة القوة و الضعف مسألة نسبية . لا
وجود للقوة المطلقة و لا للضعف
المطلق في العلاقات بين الدول و
الشعوب . فالقوي قوي بالنسبة
للضعيف و الضعيف ضعيف بالنسبة
للقوي . إن الدولة القوية تحمل عناصر الضعف في
داخلها و الدولة الضعيفة تحمل
عناصر القوة في داخلها . ألم تكن إسرائيل " أقوى " دولة في
المنطقة و لبنان " الأضعف "
فحدث ما حدث في أيار مايو سنة 2000
عندما انهزمت إسرائيل القوية
أمام لبنان الضعيف فخـرج جيشها (
الذي وصف لنا بأنه " الجيش
الذي لا يهزم " ) ذليلا في جنح
الظلام تحت ضربات المقاومة
اللبنانية البطلة . أليست أمريكا " أقوى " دولة في العالم
، فحدث لها ما حدث في فيتنام و
لبنان و الصومال و يحدث لها ما
يحدث الآن في العراق ؟ ألم يكـن الاستعمـار " الأقـوى "
فخـرج مهزومـا مـن البلـدان
المستعمـرة " الأضعف " ؟ إن الدولة التي خطط الصهاينة لإقامتها في
فلسطين هي من " أغرب " الدول
بحيث تتميز بـ " الحيوية " و
التوسع حسب الظروف التاريخية و
السياسية و العسكرية ، ضمن إطار
جغرافي معين حددته لهم توراتهم
المقدسة ( من النيل إلى الفرات ). ــــــــــــــــــــــ ( 1 ) الفكرة الصهيونية ، ص 156 لم يجرؤ أحد من قادة الحركة الصهيونية على
تعيين حدود واضحة للدولة
المنشودة بل اعترفوا جميعهم على
أن هذه الدولة " ليس لها حدود
" ! و هذا له دلالة تحتمل
معنيين أساسيين في المشروع
الصهيوني . المعنى الأول : ترك المجال مفتوحا لهذه
الدولة كي تتوسع في المنطقة حسب
الظروف . أما المعنى الثاني فهو كون غاية المشروع
الصهيوني النهائية حكم العالم و
بالتالي تكون الدولة اليهودية
القومية مقدمة للدولة اليهودية
العالمية فلا ضرورة للحدود . يقول بن غوريون : " في الواقع أن حدود هذه الدولة غير
مرسومة . لقد تبدلت حدودها و
تحولت من زمن لآخر " ( 1 ) . هذا بالمطلق ما يؤمنون به كي يتركوا مجالا
مفتوحا للتأويلات اللاحقة و
يسمحوا لأنفسهم بالاستيلاء على
ما تقع عليه أيديهم من أراضي
المنطقة التي يعتبرونها " أرض
إسرائيل التاريخية " و التي
تمتد من مصر إلى العراق ، أي
الأرض التي عاش عليها شعب
إسرائيل تاريخيا . إن الدولة اليهودية في المشروع الصهيوني
تتميز بخاصية غريبة لا نجدها في
أي دولة أخرى : و هي كونها تحدها
حدود " مطاطية " تتوسع كلما
دعت الحاجة و الإمكانية إلى ذلك
و تنكمش إذا اضطرتها الظروف إلى
ذلك . يقول أ. هاملين : " لقد عبر الرفاق عن قلقهم إزاء كون
الحدود التي سيجري رسمها حدود
دائمة و لكن من بيننا يعلم ماذا
ستكون عليه الحال بعد 10 أو 15 سنة
؟ من يستطيع أن يتنبأ بأن الحدود
لن تتوسع بالعنف ؟ أنا أعرف من
تاريخ أمريكا ( * ) أن ولايات و
مناطق كبيرة جرى الحصول عليها
بواسطة المال . . .في تصوري سيكون
باستطاعتنا نحن أيضا توسيع
حدودنا بواسطة الرأسمال و
الطاقات المتوفرة لنا ( ** ) . . .
فإذا زاد عددنا و جعلنا أنفسنا
أقوياء اقتصاديا و ماليا ستنشأ
عندئذ إمكانية لقيام علاقات
سلمية مع الجالية ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) من الأرشيف الصهيوني ، ص 13 ( * ) من الغريب أن تكون هناك نقاط " تشابه
" كثيرة بين تأسيس الدولة
الأمريكية و تأسيس الدولة
اليهودية في فلسطين : - تأسيس الدولتان
سيطرت عليـه العقيـدة
التوراتيــة الصهيونيـة
المتطرفــة ( البروتستانتية في أمريكا و اليهودية في
فلسطين ) و فكرة " أرض الميعاد
" . - قامت الدولتان
على الاستيطان الأوربي . - قامت الدولتان
على سياسة إبادة السكان
الأصليين ( بنتائج متفاوتة ) . - قامت الدولتان
على التوسع . ( ** ) و هي الفكرة الرئيسية في مشروع الشرق
أوسطية الجديدة الذي طرحه مجرم
قانا شيمون بيريس ( صاحب جائزة
نوبل للسلام ! ) . العربية و إمكانية لتوسعنا و توسيع
حدودنا ( * ) " ( 1 ) . كما يقول أ. رايس : " لقد أثيرت مسألة الحدود التي يرسمها
التقسيم . الحدود ليست مقدسة . . .
لا شك أن انتهاك حدود بلد مأهول
هو عمل إجرامي ، بل إنه
الإمبريالية بعينها . لكن يجب
ألا ننظر إلى حدود قطعة من الأرض
المهجورة على أنها أبدية وقت
تكون فيه المستوطنة المجاورة
تعاني من فائض في السكان و مليئة
بالطاقات المنتجة . ألسنا الآن
أمام عملية انتهاك للحدود في
الظرف الحالي ؟ هل دعانا العرب
للمجيء إلى أرض إسرائيل ؟ و هل
يوافقون على ما يجري ؟ مع ذلك
مازلنا مستمرين لأنه لنا الحق
الأخلاقي في المشروع الذي
أخذناه على عاتقنا في أرض
إسرائيل " ( 2 ) . هكذا وجدوا و هكذا يفكرون و هكذا ينظرون
إلى الغير . إن كل تصرفاتهم
تحكمها عقيدتهم التي تعلمهم
إياها كتبهم الدينية ( خاصة
التوراة و التلمود ) . إنهم لا
ينظرون إلى الغير على أنه موجود
بل هو عدم و لا شيء موجود إلا
الشعب اليهودي و مصالح الشعب
اليهودي و مشروع الشعب اليهودي .
فالأرض مهجورة أمامهم و السكان
لا وجود لهم و حتى و إن اعترفوا
بوجودهم ، فهم ليسوا بحاجة إلى
دعوتهم و لا بحاجة إلى موافقتهم
ولهم كل الحق للاستيلاء على ما
يريدون ( ألم يعلمهم التلمود بأن
كل ما عند الغير هو ملك لهم ؟ ) . يقول ي. تابنكين : " عندما تم تقسيم البلد في 1922 جرى
ارتكاب خيانة إزاء الصهيونية ( **
) و إمكانية تطور البلد و ذلك من
وجهة نظر هدفنا الجوهري . . . كان
هذا الاقتطاع موجها ضد
الصهيونية فقط . ضد الوطن القومي
اليهودي في هذا البلد " " و يشكل تثبيت الحدود السياسية بين
الجزء ين الشرقي و الغربي من
البلد ، و بين أجزاء الضفة
الغربية لنهر الأردن انتهاكا
لتطوره " ( 3 ) . إن تقسيم فلسطين لم يكن ضمن المشروع
الصهيوني و إنما تم ذلك بـ "
خيانة " القوى العظمى التي
كان من المفترض أن تسير وفق
المخطط الذي وضعه قادة الحركة
الصهيونية العالمية نتيجة
لحسابات و مصالح أخرى . ـــــــــــــــــــــــ ( * ) هذا ما يفضح نواياهم في " السلام "
. إنهم لم يدعوا للسلام إلا
عندما خابت آمالهم في التوسع
العسكري . لقد كان " السلام
" ضمن " الخطة البديلة "
للحرب منذ البداية . أما الهدف
فلم يتغير و لن يتغير أبدا ، وهو
التوسع . ( 1 ) من الأرشيف الصهيوني ، ص 18 ( 2 ) نفس المصدر ، ص 18 ( ** ) الخيانة ارتكبت من قبل بريطانيا و هذا
دليل على أن بريطانيا شريك في
المشروع الصهيوني لأن الخيانة
لا تكون إلا من الداخل . ( 3 ) نفس المصدر ، ص 19 فالتقسيم شكل عائقا كبيرا أمام التوسع
الصهيوني . إن قادة الصهاينة
كانوا يطمحون في الحصول على كل
" أرض إسرائيل التاريخية "
ثم يتوسعوا خارجها إلا أن
مقاومة الشعب العربي في فلسطين
حالت دون ذلك و اضطرت القوى
العظمي ، المسيطرة على عصبة
الأمم ( لدى تقاسم منطقة الشرق
الأوسط بين فرنسا و بريطانيا ) و
الأمم المتحدة ( عند تقسيم
فلسطين بين العرب أصحاب الأرض و
اليهود الوافدين ) ، اضطرتها إلى
التسليم بالأمر الواقع (
استحالة إفراغ فلسطين من سكانها
) و دعت إلى تقسيم البلاد ليس حبا
في العرب الفلسطينيين و لا حرصا
على مصالحهم و إنما إنقاذا
للمشروع الصهيوني . إن الدولة اليهودية القومية المخطط لها
في المشروع الصهيوني تتميز
بخاصيتين أساسيتين فيما يخص
تطورها أفقيا و عموديا . إن التطور مسألة طبيعية و ضرورية لأي دولة
و هو على نوعين ، تطور أفقي (
التوسع الجغرافي ) و تطور عمودي (
أي تطور اقتصادي و علمي و تقني و
عسكري الخ . . . ) . فالدولة الحديثة تتميز بتطورها العمودي
على عكس الدول في العصور
القديمة التي كانت تفضل التوسع
الجغرافي و تسعى إليه عن طريق
الحروب . أما الدولة الصهيونية ، فهي الدولة
الحديثة الوحيدة التي خطط لها و
أقيمت على أساس التوسع الجغرافي
( أي التطور الأفقي ) على حساب
الأراضي المجاورة " المهجورة
" بالإضافة إلى تطورها
الاقتصادي و التقني و العسكري
الخ . . . إن كون فلسطين و الأراضي المحيطة بها "
أرض إسرائيل " مسألة لا نقاش
فيها بالنسبة لقادة الحركة
الصهيونية العالمية ، و تقسيمها
بين العرب و اليهود فيه إجحاف
للشعب اليهودي " صاحب الأرض
الشرعي " و منح العرب حق ليس
لهم . لقد قلنا أن القادة الصهاينة وافقوا ( في
العلن ) على تقسيم فلسطين بينهم
و بين العرب مضطرين إنقاذا
للمشروع الصهيوني و إذعانا
للأمر الواقع . يقول تابنكين : " لأول مرة في تاريخ هذا البلد نجد أنه
في طريقه لأن يصبح دولة عربية
مستقلة . حتى الآن لم يكن البلد
مستقلا إلا في الفترات التي كان
اليهود يستوطنونه إذ أننا وحدنا
هذه الأرض كبلد و أعطيناها
طابعها الخاص كما أنها حولتنا
إلى شعب . و لم يكن هذا البلد
بالنسبة للعرب مركزهم القومي
أبدا .يتضمن الاسم " أرض
إسرائيل " حقيقة منطقية و
حقيقة تاريخية . و يجب علينا ألا
ننظر إلى الدولة اليهودية التي
يريدون إنشاءها فقط ، بل علينا
أن ننظر إلى الدولة العربية
أيضا إذ يتضمن اقتراح التقسيم
بلورة الوجود العربي ضمن إطار
دولة . لقد أعطي العرب بذلك سلطة
لا تمثل قدراتهم الاستيطانية ( *
) . و مع بروز " دولة عربية "
على أرض إسرائيل يكون قد تم
تثبيت ـــــــــــــــــــــــ ( * ) إن وقاحـة الصهاينـة جعلـت مـن العـرب
الفلسطينييـن ، السكـان
الأصلييـن ، " مستوطنين
" في بلدهم و حولهم احتلالهم
فلسطين إلى لاجئين و مقيمين غير
شرعيين في بلدهم أو " مواطنين
غير يهود " أي من الدرجة
الثانية . واقع معين في عالم السياسة الدولية ليس
كجزء ملحق بجنوب سوريا أو غرب
السعودية أو غرب العراق ، بل
كدولة عربية على الأرض
الإسرائيلية " ( 1 ) . لقد اختصروا تاريخ و جغرافية فلسطين في
فترة وجودهم و حكمهم لها و التي
لم تتجاوز " فترات معينة "
باعترافهم ( * ) ، لا تكاد تذكر
بمقياس التاريخ و لا توجد شواهد
أثرية تذكر عن هذه " الفترات
" و لا مصادر تاريخية مستقلة
عن التوراة ، فأصبحت الأرض "
أرض إسرائيل " و أصبح التاريخ
تاريخ إسرائيل رغم أن غير
اليهود سكنوا آلاف السنين قبلهم
و آلاف أخرى بعدهم . يقول بن غوريون : " ليس لأرض إسرائيل أي وجود محدد ككيان
سياسي أو جغرافي خارج التاريخ
اليهودي ، خلال 400 سنة من الحكم
التركي كان البلد " موحدا "
كجزء من الإمبراطورية
العثمانية . بعد الغزو
البريطاني جرى تقسيم البلد إلى
أربعة أقسام ( ** ) : 1 – القسم
الشمالي من غربي إسرائيل – من
الحدود الشمالية لمنطقة
الانتداب حتى نهر الليطاني – و
هو الآن جزء من دولة لبنان . 2 –
جزء آخر من شمال البلد باتجاه
الشرق – حوران و الجولان و
الباشان – و هو جزء من دولة
سوريا . 3 - شرقي الأردن و من جنوب
نهر اليرموك حتى حدود الحجاز ، و
قد أعطي إلى الأمير عبد الله
ليحكمه مع أن الانتداب
البريطاني يسيطر عليه . 4 - منطقة
الانتداب في غربي أرض إسرائيل و
التي تنطبق عليها وحدها بنود
الانتداب المتعلقة بالوطن
القومي . ( هنا قال بيرل : هناك
أيضا سيناء الواقعة بين أيدي
المصريين ) و عندما تسأل أوساط
المعارضين للدولة ( *** ) ماذا
سيحدث للمناطق الواقعة خارج
الدولة ؟ فإنهم ينسون أنه
بإمكاننا أن نوجه لهم ذات
السؤال : ماذا سيحدث للمناطق
الواقعة خارج حدود الانتداب
البريطاني ؟ إذ أن الوطن القومي
وفقا للانتداب لا يشمل إسرائيل
الكبرى ( **** ) . هل تنازلنا عن
حقنا في استيطان تلك الأجزاء من
أرض إسرائيل الواقعة خارج حدود
الانتداب ؟ " ( 2 ) . هذه هي حدود " البلد " كما يراها بن
غوريون كناطق باسم جميع
الصهاينة . هذا ما يمثل الأطماع
الصهيونية في المنطقة ( و التي
لا يمكن أن يتخلوا عنها ) . إن " إسرائيل " الحالية ، التي أقيمت
على الأراضي التي احتلت سنة 1948 و
التي يعترف بها العالم بأسره (
بعربه و عجمه ) إلا
القليل من الدول ، لا تمثل إلا
جزء صغير من الطموح و الأطماع
الصهيونية في المنطقة . ـــــــــــــــــــــــ ( 1 ) من الأرشيف الصهيوني ، ص 20 ( * ) يقول بن
غوريون : " وحدة البلد غير
موجودة في الوقت الحاضر . لم يكن
البلد وحدة سياسية إلا في أيام
استقلالنا السياسي . و حتى في
ذلك الوقت كان كذلك في فترات
معينة فقط " من الأرشيف
الصهيوني ، ص 20 . ( ** ) يتجاهل بن غوريون عمدا الحكم العربي
– الإسلامي الذي استمر أكثر من
ألف سنة ( إذا استثنينا ، على رأي
بن غوريون ، الحكم " التركي
" ) . ( *** ) أي معارضي الدولة على أساس التقسيم . ( **** ) من النيل إلى الفرات . ( 2 ) نفس المصدر ، ص 21 لم يكن من السهل
التطرق إلى موضوع الإرهاب
الصهيوني دون إعطاء صورة مفصلة
عن أبعاد المشروع الصهيوني كما
جاءت على لسانهم و في كتبهم
الدينية و غير الدينية . يمكن حصر هذه
الأبعاد فيما يلي : - البعـد
الدينــي . - البعـد
التاريخــي . - البعـد
الجغرافــي . - البعـد
السياســي . - البعـد
العالمــي . 1 - البعد الديني : إن البعد الديني هو البعد الأكثر أصالة
بين أبعاد المشروع الصهيوني
الأخرى . إنه الركيزة التي ترتكز
عليها تلك الأبعاد . تقوم العقيدة اليهودية على " العهد
الإلهي " الذي وعد من خلاله
الله شعــب إسرائيل ، بواسطة
إبراهيم و إسحاق و يعقوب (
إسرائيل ) ، بمنحه أرض كنعـان (
فلسطين ) و الذي يشكل البداية
الحقيقية للتاريخ اليهودي و هو
الوعد الذي بنيت عليه الفكرة
الصهيونية . 2 - البعد
التاريخي : يعتبر اليهود الصهاينة أن لهم حق تاريخي (
و أخلاقي ) في فلسطين عل أساس
الوعد الإلهي دون غيرهم من
الشعوب و إن أقامت هذه الشعوب في
فلسطين آلاف السنين قبل و بعد
اليهود . لقد وضع المشروع الصهيوني على أساس هذا
" الحق " الذي شرع لهم
احتلال فلسطين بدعم و تواطؤ من
القوى العظمى التي أقرت لهم
بهذا الحق . 3 – البعد
الجغرافي : " الوعد الإلهي " منح اليهود " الحق
" في " أرض الميعاد " ،
أرض إسرائيل الكبرى التي تمتد
من النيل إلى الفرات . 4 – البعد
السياسي : البعد السياسي يعتبر البعد العملي
للمشروع الصهيوني و الذي يتمثل
في مشروع تأسيس دولة يهودية
قومية في فلسطين و ما يسمى بأرض
إسرائيل الكبرى . 5 – البعد
العالمي : إن غاية اليهود الصهاينة الكبرى السيطرة
على العالم و إقامة حكومة
يهودية عالمية على رأسها ملك
يهودي و هي آخر مرحلة للمشروع
الصهيوني . إنهم يسعون منذ وجدوا ، كما تقول التوراة
، إلى السيطرة على الأمم الأخرى
و استعبادها و تسخيرها لمصالحهم
و لتنفيذ مشروعهم . إن كل هذه الأبعاد يكمل بعضها بعضا و
تتناسق تناسقا تاما ، تجعل من
المشروع الصهيوني مشروعا
متكاملا يمكن تلخيصه فيما يلي : يسعـى اليهـود منـذ وجـدوا ، بنـاء علــى
الوعــد الإلهــي بإعطائهــم
أرض الميعــاد و تحقيقــا لـ
" الحــق التاريخــي "
الــذي منحــوه لأنفسهــم ،
إلــى الاستيـــــلاء علــى
الأرض المقدســة و إقامــة
دولــة يهوديــة قوميــة
تمهيــدا لتأسيــس الحكومــة
اليهوديــة العالميــــة . -------------------- هذا
الكتاب يعبر عن رأي كاتبه
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |