ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 13/10/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

الركود الكبير

في صناعة أنفاق غزة

السياسة الخارجية

ثيودور ماي

13 آب2010

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

بعد أن تم دكها بفعل الضربات الإسرائيلية والمصرية وتقويضها بفعل تخفيف الحصار على غزة، فإن صناعة الأنفاق التي كانت رائجة ذات مرة أصبحت مجرد ظل لما كانت عليه سابقا.

رفح، غزة- عندما تكون الاستراحات منتشرة لتزويد العمال بالطعام ، فهذه إشارة واضحة على كون الصناعة مؤسسة بشكل جيد. في الأوقات الجيدة، اعتمدت استراحة أبو النور على هذا النوع من العمل فقط، حيث تقوم بتوفير مكانا للراحة والحديث للعمال المشغولين في صناعة أنفاق غزة. لقد امتد نطاق التهريب عبر كلا الجانبين من الحدود التي تفصل مصر عن غزة ، وتتشعب في الوسط  بسبب سور حدودي مصري منخفض مزود بأبراج حراسة مجهزة بالحراس على بعد عدة مئات من الأمتار.

في وقت ما كان هناك ما يزيد على ألف نفق على هذه الرقعة من الأرض. مع ذلك ففي هذه الأيام، مع التعرض للتضييق الشديد من قبل الحكومتين المصرية والإسرائيلية ومع تخفيف حصار غزة، تناقص عدد الأنفاق إلى قلة تبلغ مائتي نفق وحسب،وذلك وفقا لعمال الأنفاق. قهوة أبو النور تبقى خاوية كذلك فيما عدا عامل عمره عشر سنوات قد أغفى في الزاوية، وعدد من القطط الضالة التي تتطلع للحصول على حصة من طعام، و مالك المنشئة المنشغل الذهن، أحمد أبو النور. يقول(أبو النور): " ليس هناك عمل هذه الأيام،" "لأن عمل الأنفاق أضحى سيئا للغاية."

خالد بركة مولود في رفح، ويبلغ من العمر 20 عاما، كان أحد العمال الذين بدؤوا في عام 2007، أي بعد استيلاء حماس المسلح على السلطة ووضعها ستة آلاف دولار على حساب الغزاويين كتخصيص لبدء الإنشاء. وبعد ذلك فرضت ضرائب على كل نفق تصل إلى 200دولار شهريا، وفقا لبركة وعامل أنفاق آخر. في مقابل هذه الرسوم ، يقوم مجلس رفح بالإشراف على تجارة الأنفاق... والمساعدة في حل النزاعات ما بين مالكي الأنفاق، وتفرض قوانين عمالة، وتقدم دعم الإنقاذ الطارئ في حال حدوث انهيار.

عندما بدأ بركة عمله في الأنفاق كحفار، كان يعمل ثلاثة أو أربعة أيام في الأسبوع ويكسب حتى حوالي مائتي دولار يوميا. بينما جعلت كمية البضائع التي تمر عبر الأنفاق من الصناعة أمرا مربحا بشكل مغر للغزاويين، عاش العمال في خوف من انهيار الأنفاق، ومن الضربات الجوية الإسرائيلية، ومن الغارات العسكرية المصرية.وسرعان ما صعد بركة إلى مركز مدير نفق، يشرف على العمال في النفق. في أواسط ال2009، قام بشراء ما نسبته 20% من من النفق، ودفع جزءا كبيرا من ثمن حصته عملا.

ولكن الصناعة كانت قد بدأت انحدارها فعلا. فبعد انتهاء الحرب التي استمرت حوالي شهر على حماس، بعد انتهائها في كانون ثاني 2009، تدبرت إسرائيل أمر إقناع مصر بأن، نجاح إستراتيجيتها في عزل حماس يعتمد على المساعدة المصرية في إغلاق مصدر الحزب الإسلامي الرئيسي للسلع والأسلحة. 

كرد، زادت مصر من جهودها: فعبر السنة والنصف الماضية، كما يقول العمال،كان عدد الأنفاق التي تسببت مصر بإغلاقها أكبر بكثير من تلك التي أغلقتها الغارات الإسرائيلية.

إن المقابلة المنظورة ما بين الجانب المصري لصناعة الأنفاق و نظيرتها في غزة لهي برهان على اليد القوية التي تحتفظ بها مصر تجاه المهربين. وفي حين أن الصناعة على الجانب الغزي يعمل بشكل مفتوح، فإن الأنفاق المصرية تعمل بسرية، وتفتح على بيوت أو حقول نائية.

رغم ذلك، ووفقا للبعض في غزة، فإن مصر قد أظهرت ترددا. "المصريون أذكياء جدا، " يقول أحمد يوسف، المستشار السياسي لزعيم حماس إسماعيل هنية. "إذا ما أرادوا فإن بإمكانهم إغلاق الأنفاق غدا." وفي حين أن الرئيس المصري حسني مبارك هو حليف قوي للولايات المتحدة وملتزم بمعاهدة سلام مع إسرائيل، فإنه أيضا لا يريد استثارة الغضب عبر العالم العربي، وفي الداخل ، عن طريق قطع خيط حياة غزة الاقتصادي بشكل كامل. لقد قام متظاهرون عبر العالم العربي في وقت سابق هذا العام بالتظاهر ضد قيام الحكومة المصرية  بإنشاء جدار من الفولاذ تحت الأرض يهدف إلى إعاقة المهربين ، الجدار الذي دعته حماس "بجدار الموت".

منذ ذلك الوقت فإن اقتصاد أنفاق غزة لم يزدد إلا انحدارا. ففي أعقاب الغارة الإسرائيلية على قافلة المساعدة المتجهة إلى غزة في 31أيار، والتي خلفت تسعة قتلى من الناشطين الأتراك وولدت ردة فعل على مستوى العالم ضد الحصار، قامت إسرائيل باستبدال لائحة السلع المحدودة التي كان مسموحا بدخولها إلى غزة بلائحة صغيرة من المواد التي أصرت على أن يتم استثناؤها من الدخول. كنتيجة قام العديد من الفلسطينيين بسرعة بإدارة ظهورهم للأنفاق، واختاروا شراء المنتجات الأرخص، ذات النوعية الأفضل من إسرائيل.

 

في الحقيقة، فعلى الرغم من استمرار حماس في دعم تجارة الأنفاق وما تتضمنه من تحد لسياسة إسرائيل، فإن العديد من الفلسطينيين يشعرون بالإحباط لرؤية الصناعة تسقط في عالم الإهمال. إن بضائع الأنفاق مكلفة بشكل أكبر بكثير من المنتجات الإسرائيلية، وهو اعتبار له أهمية بشكل خاص في الأراضي المحتلة حيث المال متعسر وتصل معدلات البطالة لما يزيد عن 40% .

الإسمنت هو أحد المواد القليلة التي ما تزال إسرائيل تمنعها من دخول غزة، وتباع بنسبة زيادة تصل الى 100% عن سعرها الأصلي وذلك بعد مرورها عبر الأنفاق. على الجانب المصري من الحدود فإنها تكلف ما يزيد على 100 دولار للطن الواحد... ولكنها تمر بعد ذلك عبر أيدي مالكي الأنفاق، وتجار الجملة، ومالكي المخازن، وكلهم يتطلعون إلى الحصول على ربح.

وعندما تصل إلى المستهلكين في غزة، يكون السعر قد ارتفع إلى حوالي 220 دولار لكل طن.

بالنسبة للمستهلكين الغزاويين، العالقين ما بين شراء السلع المجلوبة إلى غزة بطريق غير قانونية وتلك التي يسمح بها العدو الإسرائيلي، فإن النوعية هي كذلك اعتبار له أهميته. " إذا ما فتحت الحدود أمام البضائع فلن أشتري بضائع من مصر ثانية. " يقول محمود أبو مطر وهو مالك متجر في رفح، بينما يرتشف  فنجانا من القهوة الإسرائيلية. إن لديه امتعاضا خاصا من السجائر المصرية، والتي هي سيئة بشكل شنيع. ويقول أن زبائنه يتوقون إلى  سجائر من إسرائيل.

لقد كان بركة أحد ضحايا تغير حظ عمل الأنفاق. فقد قام سلاح الجو الإسرائيلي بتفجير نفقه في كانون الثاني، والذي انخسف في وسطه. وقد قرر بركة أنه لن يستثمر في الإصلاحات ، مسلما بذلك عمليا باستقالته من الصناعة. لقد قال:"سأتوقف عن العمل في هذه الصناعة لأنني فقدت الكثير من الأصدقاء". كما أن جهود الحكومة المصرية الجديدة للاتفاق قد ثبطته، خوفا من قيام مصر بضخ غاز سام في النفق. فقد انضم إلى إخوته في العمل الأكثر تواضعا، ولكنه أكثر أمانا، وهو عمل شراء وبيع فحم الحطب.

مع تضاؤل تجارة الأنفاق، أصبح شريط الأرض المحاذي للحدود المصرية أكثر هدوءا بكثير مما كان عليه منذ عام ونصف حتى. مع ذلك، فإن هناك بعض العلامات على أن العمل عن طريق الأنفاق لا يحتضر، ولكنه في حالة تعليق للنشاط وحسب... بانتظار أن تهب الرياح السياسية لإنشاء ظروف مناسبة لإنعاشه.

في فترة ما بعد الظهر من أحد الأيام الأخيرة، استرخى إبراهيم أبو طه في، والبالغ من العمر (17) عاما في ظل خيمته، وقد قال إن شيئا لم يأت عبر النفق لأيام، ولكنه يحب البقاء قريبا من المدخل كي لا يخاطر بخسارة عمله.

وعندما سئل عما إذا كانت الإجراءات الصارمة التي تم اتخاذها من قبل المصريين والإسرائيليين قد جعلته قلقا على سلامته وعما إذا كان سيفكر (تبعا لذلك) بهجر التجارة عبر الأنفاق، كما فعل الكثيرون، هز أبو طه رأسه (بالنفي) قائلا "جميعنا سنموت يوما ما،" وذلك بعد بضعة دقائق من خفوت هدير طائرة (جت) إسرائيلية.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ