ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
دنيس
روس فن
الحكم في الشرق الأوسط (1)
من3 دنيس
روس: الزميل المميز في معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. ترجمة
: قسم الترجمة في مركز الشرق
العربي إن المقال مأخوذ عن
الطبعة الآتية ذات الغلاف
الورقي لـ (فن الحكم: وكيفية
استعادة مكانة أمريكا في العالم).
(فارار، ستراوس، جيروكس، تموز،
2008). الأمريكيون
متلهفون لتوضيح ذي معنى للسياسة
الخارجية. إنهم بالتأكيد يريدون
معرفة ما حدث في العراق وأين كان
الخطأ. وحتى ما هو أكثر أهمية،
أنهم أرادوا معرفة ما إذا كانت
الولايات المتحدة تستطيع
معالجة سياستها الخارجية بشكل
أكثر عمومية وما الذي سيتطلبه
فعل ذلك. إن نقطة البداية هي مع
فن الحكم وأساسياته الرئيسة: أن
نكون واضحين في أهدافنا وأن
نجمع بينها وبين وسائلنا. إن ذلك
يبدو بسيطاً، وهو منطقي
بالتأكيد. مع ذلك، وبينما نتأمل
العالم وتحدياتنا الكبرى
دولياً، فإننا نميل لأن نجد هوة
كبيرة بين الأهداف والوسائل.
لماذا؟ هل من الصعب تحديد أهداف
يمكن أن تكون مرتبطة بوسائل؟ إن
الأمر لا ينبغي أن يكون كذلك،
ولكن في كثير من الأحيان، تنزع
أهدافنا لأن تكون على مستوى عال
من التعميم وليس مؤسسة على
الواقع. تستمع إلى الرئيس جورج
دبليو بوش اليوم حول التحديات
الثلاث الكبرى الرئيسية في
الشرق الأوسط: العراق، إيران،
والصراع الإسرائيلي ـ
الفلسطيني. وماذا تسمع؟ فيما
يتعلق بالعراق فإن هدف الرئيس
هو على الأرجح تحقيق الاستقرار
ولكنه يتحدث بتعابير عن النجاح
وأن يصبح العراق شريكاً لنا في
الحرب على الإرهاب. فيما يتعلق
بإيران: فإنه يستمر في لفت
الانتباه إلى الخطر الكبير الذي
تمثله إيران، وهدفه منع إيران
من امتلاك أسلحة نووية, وفيما
يتعلق بالإسرائيليين
والفلسطينيين. فقد صرح بوش أنه
واثق من أننا سوف نتوصل إلى
معاهدة سلام هذه السنة. قد يبدو
كل ذلك منطقياً، ولكن هل تجعلها
الظروف ممكنة. إذا كان الأمر
كذلك، فهل لدينا نحن (أو الآخرون
الذين قد نكون قادرين على
التعاون معهم) الوسائل
لتحقيقها؟ إضافة
إلى ذلك، وحتى لو كان ذلك بشكل
فردي أو جماعي فقد يكون لدينا
الوسائل، فهل لدينا استراتيجية
لتوظيف هذه الوسائل بشكل فعال
لتفي بهذه الأهداف؟ يتطلب فن
الحكم رؤية العالم كما هو، لا
كما قد نحبه أن يكون. ليس علينا
أن نتخلى عن طموحنا، ولا يجب أن
نفعل ذلك. وبإمكاننا بالرغم من
ذلك أن نكون عازمين على تغيير
الوقائع غير المقبولة،
ولكن علينا أن نفهمها أولاً قبل
أن نستطيع تغييرها. ـ تحقيق التسوية
السياسية في العراق: يتطلب
فن الحكم تقويمات مرتكزة على
الواقع، لا تقويمات مرتكزة على
العقيدة. بالنظر إلى سياساتنا
الحالية في العراق، وإيران
والقضايا الإسرائيلية
الفلسطينية، فإن التقويمات
المرتكزة على العقيدة أو
الإيديولوجية هي التي تشكل
أهداف الولايات المتحدة
والوسائل التي نوظفها فيما
يتعلق بالعراق: فعندما أعلن بوش
الإمداد في كانون الثاني 2007،
كان هدفه المعلن إنشاء بيئة
آمنة في بغداد بحيث يصبح من
الممكن لزعماء الطوائف
المختلفة تشكيل تسوية سياسية.
بكلمات أخرى، فقط كان الإمداد
العسكري هو الوسيلة التي كانت
تستخدم لتحقيق مصالحة سياسية.
لقد قامت الإدارة حتى بتحديد (18)
علامة قياسية لتشير إلى التقدم
تجاه تحقيق هذه الأهداف. بحلول
سبتمبر 2007، غير بوش الهدف من
المصالحة الوطنية إلى التفويض
المحلي والأساسي في الأمر أنه
أسقط كل المؤشرات. وتبريراً
لهذا الهدف الجديد، قال الرئيس
موضحاً (كما تتغير السياسة
المحلية، فإن السياسة الدولية
ستتغير كذلك) ليس هناك ما يعد
خطأ مع تغيير الأهداف، فبعد كل
شيء فإن الأهداف يجب أن تكون
مرتبطة بالواقع، والتوافق مع
الواقعية هو أمر جيد. ولكن، هل
كان الرئيس يتوافق مع الواقعية؟
هل كنا الآن نطبق وسائلنا
لمواجهة المشكلة الأكبر في
العراق؟ إن المشكلة
المستمرة في العراق هي أن
الشيعة والسنّة لا يقومون ببناء
جسور وتفهمات بين
بعضهما البعض سواء على
المستويات الدولية أوالمحلية.
وحتى يفعلوا ذلك، فإن من الصعب
رؤية كيف أن الإنخفاض في العنف
يمكن أن يتم تعزيزه مع الوقت.
الأخبار الجيدة حول الإمداد هي
أنه قد حسن الوضع الأمني. بنسبة
ليست قليلة فإنه قد فعل ذلك لأن
السنّة انقلبوا ضد القاعدة وقد
دعمناهم بينما كانوا يفعلون ذلك.
قرابة (90000) سنياً هم الآن في
مجالس الصحوة حيث تسلموا
مسؤوليات متزايدة للأمن المحلي
وكانوا يقاتلون القاعدة في
المناطق ذات الغالبية السنية.
تقوم الولايات المتحدة بدعم هذه
المجالس وتدفع لكل عضو في هذه
المجالس المحلية حوالي (300) د
شهرياً. على المدى الأطول، فإن
من الأساسي إما دمج هؤلاء
السنّة حديثي التفويض، والذين
كانوا مسؤولين لدرجة كبيرة عن
تحسن الأمن في إقليم الأنبار،
بقوات الأمن الحكومية أو على
الأقل التأكد من قيام الحكومة
العراقية بالدفع لهم. وعلى
الرغم من وجود خطط للقيام بهذا
بالضبط، إلا أن الحكومة
المركزية تتابع التهرب من كل من
دمجهم أو الدفع لهم. يتوجب على
بغداد تولي هذا الدور. لسوء
الحظ، يستمر الشيعة بالشعور
بالخوف من أنهم لو تقاسموا
السلطة، فإن سوف يفقدونها. إنهم
يستمرون في الاشتباه بأن السنّة
سوف يستخدمون قوتهم الناشئة
مؤخراً، خصوصاً القوة العسكرية
ضدهم. رغم أن أولئك الذين هم في
مجالس الصحوة لم يعبروا
بالتأكيد عن أية آمال كبيرة
للمصالحة مع الحكومة الوطنية
ذات القيادة الشيعية في بغداد.
ومع ذلك فإنهم قد
يكونون منفتحين للتعايش
المتشرك. الأمر الذي ينبغي أن
يقوم أحد ما برعايته مع ذلك.
فبالنظر إلى الانقسام السني
الشيعي، وتراث عدم الثقة
العميق، فإن ذلك لن يحدث ببساطة
وحده. إن التفويض المحلي لن يؤدي
إلى تغيير في السياسة الوطنية
إلا إذا كانت هناك استراتيجية
سياسية لإحداث تغيير كذلك. إن
القصور في الإمداد ليس مقاربته
بمحاولة توفير أمن أكبر لمراكز
التجمع السكاني العراقية. إن
القصور يكمن في عدم وجود إمداد
سياسي مواز ليرافق الإمداد
العسكري. لا يوجد هناك نظير
سياسي للجنرال ديفيد بيتريوس.
إن السفير رايان كروكر، بقدر ما
يمتلك من المهارة والتخصص إلا
أنه لا يوجد تحت تصرفه لا
المصادر ولا السلطة لمناظرة
بيتريوس. مع ذلك، فما نحن بحاجة
إليه الآن هو الوسائل السياسية
لمضارعة الوسائل العسكرية التي
نقوم بتوظيفها الآن. بغياب
ذلك، ما الذي سيحدث لدى انسحاب
الولايات المتحدة، إن الجماعات
المخولة محلياً والجماعات
المسلحة حديثاً ستكون مؤهلة
أكثر لقتال بعضها وستفعل ذلك
إذا ما كانت الحدود بينها غير
محددة بأي تفاهمات سياسية.
طالما كنا هناك مع قوات كبيرة،
فإننا نستطيع الفصل يبن
العراقيين. فإحدى حقائق
الاستراتيجية الأمريكية في
بغداد، إلى جانب تواجد عسكري
متزايد، كانت بناء جدر عزل بين
الطوائف المختلفة المتجاورة. قد
لا يكون لدى الإدارة أي توقعات
حيال أي تفاهمات معتقدة أنه
يتوجب ببساطة على القوات
الأمريكية البقاء في العراق
لعقد قادم. وقد اقترح وزير
الدفاع العراقي أثناء زيارته
لواشنطن في كانون الثاني 2008،
مدة كهذه. قد تكون هناك
استراتيجية الآن تقضي ببساطة
بإبقاء القوات الأمريكية لفترة
طويلة بما يكفي حتى يعتاد
العراقيون على العيش في وضع
جديد وبجعل القوات تقوم بحفظ
السلم الداخلي إلى أن يصلوا إلى
تلك المرحلة . هل هذه استراتيجية
معززة سياسياً في الولايات
المتحدة ؟ إذا ما تركنا جانباً
المعارضة العامة الأكثر
احتمالاً. ونظراً لتكاليف
ومشكوكية الحصيلة النهائية،
فقد تحدث القادة العسكريون
الأمريكيون بمن فيهم رؤساء
الجيش وفيالق المارينز وبشكل
مستمر عن الاستنزاف الذي يفرضه
العراق على القوات الأمريكية في
مجالي القوة البشرية والموارد.
قد يكون الوقت قد تأخر في
العراق، ولكنه قد لا يكون
متأخراً جداً على الدفع باتجاه
مد سياسي. إن بإمكان الإدارة
الحالية أو إدارة جديدة أن توظف
ثلاث وسائل لبناء التفاهمات
السياسية الضرورية وتحقيق هدف (انتقال
مخطط له) في العراق. أولاً، على
الولايات المتحدة أن تستخدم
الانسحاب، والذي التزم حتى بوش
بتنفيذه كقوة دافعة. إن
علينا أن نتعامل مع الجماعات
المحلية وأن نخبرهم أن أولئك
الذين يتعاونون مع بعضهم سيرون
أننا سننسحب حيث يريدون منا
ذلك، وعندما يريدون منا ذلك،
وبالكيفية التي يريدون منا ذلك
بها. وأنهم سيحصلون على أصول
عسكرية واقتصادية ما إن تنتشر
هذه العملية. على العكس من ذلك،
فإننا سوف نخبر أولئك الذي
ليسوا على استعداد للتعاون مع
بعضهم البعض أننا لن ننسحب
حيثما، ولا في الوقت، ولا
بالكيفية التي يردون منا
الانسحاب بها. كما أنهم سوف
يخسرون الحسنات العسكرية
والاقتصادية التي تذهب إلى
أولئك الذين يتعاونون. لاستخدام
حوافز وروادع كهذه فإننا سوف
نحتاج إلى من يعمل بنشاط على
المستويات المحلية وسنحتاج إلى
تجنب الجداول الزمنية المتصلبة
للانسحاب كيلا نفقد المرونة
الضرورية لاستخدامها لأهداف
سياسية. ثانياً،
إن علينا أن نعمل من أجل عقد
مؤتمر مصالحة وطني يجمع أولئك
الذي نقوم في الوقت الحاضر
بتفويضهم على المستويات
المحلية سوية مع القادة
الإقليميين والوطنيين وأن لا
نسمح لهذا المؤتمر بالانفضاض
حتى يتم التوصل إلى اتفاقية. لقد
دعا رئيس الوزراء نوري المالكي
إلى مؤتمرات كهذه سابقاً ولكنها
التئمت وفضت خلال يوم. إن
مؤتمرات كهذه بالتحديد يقصد بها
بشكل رئيسي الاستعراض لا الكد
من أجل التوصل إلى تفاهمات
حقيقية. مرة أخرى، فإن على شخص
ما أن ينظم انعقاد الاجتماع وأن
يعمل على أجندة وقواعد الإجراء
مقدماً، ومن ثم يتوسط بفاعلية
ما إن ينعقد المؤتمر. ثالثاً،
ورغم أنه قد تم انعقاد مؤتمر
إقليمي عن العراق ثلاث مرات
بشكل مختصر، إلا أن أحداً لم يسع
في الواقع للتوسط من أجل التوصل
إلى تفاهمات ما بين جيران
العراق. ومع ذلك فإن جميع جيران
العراق، بمن فيهم إيران
والسعودية العربية، لديهم سبب
للخوف من حدوث فراغ في العراق قد
يؤدي إلى مزاحمة لا نهاية لها
بالغة التكلفة فيما بينهم.
طالما نحن هناك، فإننا نحتفظ
بالغطاء موضوعاً بطريقة تكفل
توفر الأمن للجميع في داخل
وخارج العراق لتجنب الخيارات
الصعبة. هنا مرة أخرى، يمكن
للانسحاب أن يكون وسيلة إذا ما
تم مع وجود أهداف سياسية في
الذهن. تحت مظلة المؤتمر
الإقليمي لماذا لا نحاول العمل
على مصالح إيران والسعودية
العربية (والأردن وسورية وتركية)
للتوسط من أجل تفاهمات على
الأقل عن كيفية احتواء العنف في
داخل العراق لا بحيث يكون
محدوداً بشكل أكبر وحسب بل بحيث
لا يتسرب كذلك عبر الحدود. إذا
لم تكن هناك أمور أخرى، فإن
الإيرانيين يعرفون أن بإمكان
السعوديين تمويل القبائل
السنية لتقييد المصالح
الإيرانية في العراق، ويعلم
السعوديون أن بإمكان
الإيرانيين دس أنفسهم بشكل أكبر
في جنوب العراق بطريقة يمكن لها
أن تكون مهددة للسعوديين. إن
بإمكان مخاوف متبادلة كهذه أن
تكون مصدراً لقوة الولايات
المتحدة إما لدعم المساعي
الداخلية للتوصل إلى تفاهمات ما
بين الشيعة والسنّة أو لإحتواء
الصراع في داخل العراق. بشكل
واضح، يمكن ربط الوسائل بالهدف
المناسب في العراق. ومع ذلك، فإن
الأمر سيتطلب مسؤولاً ذا قوة
كبيرة، على مستوى رفيع جداً.
سياسياً "جنرالاً بأربع نجوم"
لتنظيم المجموعات الثلاث
المتوازية من المفاوضات التي
ينبغي أن تحدث على المستويات
المحلية، والوطنية، والدولية.
ولأن هذه الإدارة إما أنها لن أو
أنها لا تستطيع القيام بذلك،
فإن على الرئيس الأمريكي التالي
القيام به. بتذكرنا أن خليفة بوش
سيكون في موقف يحتاج فيه إلى
التوصية بمقاربة جديدة. فإنه
يمكن لمدد سياسي جديد أن يكون ما
يعلن عنه رئيسنا القادم في وقت
مبكر، وهو أو هي لن يحتاج إلى
قوة كبيرة في العملية. يمكن
للانسحاب أن يكون يكون شكلاً من
أشكال القوة إذا لم يكن محكوماً
بجدول زمني متصلب. إنه وقت
تطبيقنا الواقعي لوسيلة القوة،
جوهر فن الحكم في العراق. * *
* يتبع ----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |