ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  14/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


دنيس روس

فن الحكم في الشرق الأوسط

(2) من3

دنيس روس: الزميل المميز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.  

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

ـ ما هو الممكن بخصوص إيران:

إن لدى إيران نقاط ضعف يمكن أن تستغل، خصوصاً ضعفها الاقتصادي، والانقسامات في داخل القيادة الإيرانية، ومخاوف أولئك الذين هم في النخبة والقلقون حول التكلفة العالية الممكنة لمتابعة الحصول على أسلحة نووية. ورغم أن الجميع في القيادة الإيرانية يريدون الحصول على مركز نووي، إلا أنهم لا يوافقون جميعاً على متابعة الحصول عليه بأي ثمن، بالتأكيد ليس إذا ما أدى إلى عزل إيران وتخفيض قدرتها على استخدام عائداتها النفطية للاستمرار بالاحتفاظ بالسلام الاجتماعي داخلياً.

ورغم بقاء نقاط ضعف إيران كما هي، إلا أن شيئاً هاماً قد تغير: تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) حول نوايا إيران النووية ومقدراتها. والذي أصدر بشكل علني في 3 كانون الأول 2007، فقد غير المنظور السياسي الدولي. ففيه تقول جميع وكالات الاستخبارات لحكومة الولايات المتحدة أن إيران قد علقت برنامج أسلحتها النووي في الـ2003. بتحويل موضوع برنامج الأسلحة إلى عنوان رئيس والقول أنه قد تم تعليقه، فإنها تترك الانطباع بأنه لم يكن هناك تهديد عاجل. فإذا لم يكن هناك تهديد عاجل فلماذا نتابع العقوبات؟ ولماذا الضغط على إيران؟ ولماذا ينبغي لكل الخيارات بما فيها الخيار العسكري أن تكون على الطاولة؟

لقد كان هناك سخرية في أحكام (الاستخبارات القومية للتقويم). فإيران لم تعاقب من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بسبب برنامج نووي سري. بل بالأحرى، تم توقيع العقوبات عليها من قبل مجلس الأمن بسبب نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم، والتي قد تؤدي إلى قدرة أسلحة نووية. إن الجزء الصعب في تطوير الأسلحة النووية هو أن تكون قادراً على تكييف القدرة الصناعية، والهندسة المعرفية، والبنية التحتية المكلفة جداً لإنتاج المادة القابلة للإنشطار والتي تصنع منها قنبلة. إن الكلفة الأقل، والأقل تطلباً، والجزء الأقل استهلاكاً للزمن هو أن تكون قادراً على تحويل هذه المادة إلى سلاح ما إن تتمكن من تخزينها.

لقد كان تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) واضحاً في أن إيران كانت مستمرة بطريقة عازمة على تطوير اليورانيوم المخصب والوسائل لإنتاج مادة قابلة للإنشطار، ولكن قسم الأسلحة من هذا العمل قد تم تعليقه. مرة أخرى، فالمثير للسخرية: أن إيران قد علقت هذا الجزء من البرنامج بسبب الضغوط الخارجية. بكلمات (الاستخبارات القومية للتقويم)، فقد أوقفت إيران برنامج أسلحتها في 2003، (بشكل رئيسي كرد على الضغوط الدولية) والتي تشير إلى أن قرارات طهران كانت متأثرة بمقاربة قائدة مكلفة. مع ذلك، فإن (الاستخبارات القومية للتقويم) بصياغتها لأحكامها بطريقة تبرز فيها برنامج الأسلحة النووية السري بدلاً من نشاطات التخصيب المعلنة، قد قللت إلى درجة كبيرة من إمكانية المجتمع الدولي من ممارسة الضغط على إيران. بعد إصدار تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) ثم تشتيت الاهتمام بتبني عقوبات إضافية بدرجة كبيرة ضد إيران. فقبل تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) كانت كل من روسيا والصين مستعدتين لتبني قرار عقوبات ثالث لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. بعد إصدار تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) أصبحوا مترددين، وكانوا على استعداد للاستمرار. في القرار الثالث (والذي هو القرار 1803) فقط لأربعة أشهر أخرى وفقط عندما لا يمس القرار بالاقتصاد الإيراني. قبل إصدار قرار (الاستخبارات القومية للتقويم)، كان الرئيس نيكولاس ساركوزي من فرنسا يدفع باتجاه فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق وأقسى على إيران تذهب إلى ما يفوق التصور في الأمم المتحدة. لقد كان يقوم بذلك على خلفية أن أي شيء أقل سيفشل مما سيؤدي حتماً إلى أن تكون القوة على الأرجح البديل الوحيد المتاح لمنع إيران من أن تصبح نووية. وبعد تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم)، أصبح موقفه ألين فقد أصبح من الأصعب جعل هذه القضية ذات مصداقية. قبل تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) كانت السعودية قد أصبحت معلنة، وأخذت تضغط على إيران لتبني مقترح (مجلس التعاون الخليجي) يقضي بأن يتم كل تخصيب لليورانيوم للشرق الأوسط  خارج المنطقة من قبل ائتلاف دولي. وبعد تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم)، أسقط السعوديون أي ذكر للمقترح.

لم يكن هذا مقصد إدارة بوش. فحتى بعد تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم)، صرح الرئيس بأن إيران كانت خطرة، وماتزال خطرة وستكون خطرة إذا ما امتلكوا المعرفة الضرورية لصنع سلاح نووي. إن آخر شيء كان هو رفع الضغط عن إيران. مع ذلك، وفي فشل جوهري بكيفية القيام بأساسيات فن الحكم، فقد سمحت إدارته بأن يتم تغيير صياغة القضية من قبل (الاستخبارات القومية للتقويم). إن تقارير (الاستخبارات القومية للتقويم) نادراً ما يتم نشرها، هذا إن نشرت أصلاً. فقد كان قرار الرئيس بأن ينشر التقرير المتعلق بإيران. بالتأكيد، فقد كان هناك توقع بأنه ما إن يتم إعلام لجان الاستخبارات المشرفة في الكونغرس بتقرير (الاستخبارات القومية للتقويم)، فإن عناصره الرئيسية سيتم تسريبها، وقد أرادت الإدارة التخلص أمامها. هذا مفهوم، ولكن مساعي البيت الأبيض كانت خرقاء. فبدلاً من الإسراع بنشر تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم)، والذي لم تكن لدى جماعة الاستخبارات أي توقعات بأن يطلب إليها القيام بها، كان بإمكان الإدارة أن تلتزم الامتناع عن إصدار هذا القرار وأيضاً أن تطلب من مجموعة من الاستخبارات أن لا تنبه الكونغرس حتى يكون لديها الوقت للتنسيق مع البريطانيين والفرنسيين والألمان. هذه الظروف الثلاثة كان لها الأسبقية في تشكيل القضية الإيرانية، في كل من مسودات قرارات العقوبات والتفاوض مع إيران.

لقد كان من المهم عدم التعامي عنها، وكان من المهم التنسيق معها حول كيفية تقديم عناصر تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) بشكل علني. لسوء الحظ، فإن هذا لم يحدث. فما إن أصبحت لدى الأوروبيين الفرصة لمناقشة تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم)، فقد كانوا أوضح بكثير في طرح المشكلة على أنها تخصيب وفي استمرارية الحاجة إلى إيقافه من إدارة بوش. لقد كان طرح الإدارة مشوشاً، بمحاولتها مبدئياً التركيز على طريقة تبرير (الاستخبارات القومية للتقييم) لسياساته بدلاً من الانكباب على قضية التخصيب، والتي كانت سبب العقوبات في المقام الأول. لو تم استخدام حتى درجة صغيرة من فن الحكم، لكانت الولايات المتحدة قد نسقت رسالة مع الأوروبيين، ولكانت صياغة القضية أفضل بدرجة كبيرة. بدلاً من ذلك، كان على (ديفيد ميليباند) وزير الخارجية من المملكة المتحدة أن ينحت بشكل سريع مقالاً ممتازاً في (الفينينشال تايمز) بعد وقت قصير من إصدار (الاستخبارات القومية للتقويم) للعناوين الرئيسية. إذاً ألم يعد هناك أمل الآن في تغيير سلوك إيران في القضية النووية؟ رغم أن تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) قد قلل من إمكانية ممارسة القوة، ولكنه لم يلغها. وتبقى مواطن ضعف إيران، فنتاجها النفطي في انخفاض في حين أن استهلاكها الداخلي في ازدياد، مما يترك إيران على قدر أقل من النفط متاح للتصدير. إن هذا التصدير هام لنفقات إيران الداخلية. فما يبلغ نسبته 85% من أرباح صادرات إيران تأتي من مصادرها النفطية، وتشكل هذه العائدات نصف أموال الحكومة الإيرانية. ودونما مساعدة تقنية كبيرة من الخارج، فلن تكون إيران قادرة على منع حصول انخفاض في إنتاج النفط من الحقول الموجودة حالياً، ودونما استثمار كبير وتحويل للتكنولوجيا من الخارج، فلن تكون قادرة على اكتشاف واستغلال حقول نفط أو غاز طبيعي جديدة. وكلما كان الضغط الموضوع على الشركات الصينية والأوروبية واليابانية والكورية الجنوبية لعدم العمل مع إيران إلا إذا غيرت سلوك كان على الحكومة الإيرانية القيام بخيارات صعبة. يعاني الاقتصاد الإيراني من سوء سياسات الإدارة والتوجيه للرئيس محمود أحمدي نجاد، والذي انتقد على الأقل من قبل رجل دين كبير واحد من أجل (ضرباته الثقيلة للنظام الاقتصادي الإيراني). لقد وعد أحمدي نجاد بأن يأكل الجميع من عوائد النفط. وبدلاً من ذلك، جلب تحصيص النفط، وتضخماً عالياً، وبطالة عالية، وأزمة في تدفئة البيوت (نظراً لنقص الغاز الطبيعي)، وعزلاً دولياً. ورغم أن عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يمس الاقتصاد الإيراني بشكل مباشر، إلا أن عقوبات أمريكية أحادية قد رفعت المخاوف الدولية حول مخاطر القيام بعمل في إيران. وكنتيجة لذلك، فقد خفضوا الاستثمار القادم من الخارج ومنع حصول الإيرانيين على قروض، ورفع بشكل مفاجئ من أسعار السلع في البلاد. في قطاعي النفط والغاز الطبيعي بالغي الأهمية للاقتصاد، لم يكن هناك عقود شركات أبرمت من أجل اكتشاف مناطق جديدة قريبة أو بعيدة منذ السنتين والنصف بعد صعود أحمدي نجاد إلى الرئاسة.

فقط في كانون أول 2007، وبعد أن تم تحرير تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) تم إبرام أول عقود إيرانية للنفط والغاز الطبيعي مع شركات صينية وإيطالية وماليزية. وتشير هذه التطورات إلى أن المزيد من الشركات ستبدأ بالاستثمار في إيران، ولكن نقاط الضغط ماتزال باقية ويمكن استغلالها. إن المشكلة بالطبع هي أن الضغوطات الاقتصادية حتى هذا التاريخ لم تغير سلوك إيران، وأن الوسائل التي كانت إدارة بوش تحاول تطبيقها، وعلى نحو خاص بعد مناخ تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) من غير المرجح أن تحقق هدف منع إيران من أن تصبح نووية.

هل يمكن لاستراتيجية مختلفة بمزيج مختلف من الضغوطات والترغيبات أن تغير الحسابات الإيرانية؟ ربما، ولكن المهم هو انتهاج استراتيجية ترفع من التكاليف وتثير اهتمام القيادة الإيرانية في الوقت الذي تظهر فيه لقادة إيران . إن هناك طريقة تستطيع إيران أن تكسب عن طريقها بالتخلي عن البرنامج النووي، على الأقل بشكله الحالي. بكلمات أخرى فإن هدفنا ووسائلنا يمكن قرنها بعضها، ولكن ذلك سيتطلب شيئاً آخر غير مقاربة الولايات المتحدة الحالية فقط بالضغط  حتى بالافتراض بأن الولايات المتحدة بإمكانها أن تزيد الضغط الاقتصادي، إلا أن من غير المرجح أن تقبل القيادة الإيرانية بمآل يتركهم مذلولين وينظر إليهم على أنهم مهزومون. ينبغي أن يكونوا قادرين كذلك على إظهار أنهم قد كسبوا بتغيير مقاربتهم في القضية النووية بحيث ترضي مخاوف المجتمع الدولي. المطلوب بالتالي، مزيج مختلف من الضغوطات والترغيبات. إن القرار الثالث لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أضعف من أن يضع ضغوطات على إيران، إن عقوبات الولايات المتحدة الأحادية، بجعلها للأعمال الأوروبية والأعمال الأخرى أكثر حذراً، قد قامت على الأرجح بكل ما هو ممكن لها القيام به. ورغم أن ضمانات القروض التي قدمتها البلدان الأوروبية لشركاتها قد قطعت، إلا أن هذه الضمانات مازالت تقدر بملايين اليوروهات. إن من الصعب للغاية إقناع الإيرانيين بأن خط حياة اقتصادهم سيتم قطعه مع بقاء ضمانات القروض الاقتصادية متاحة واستمرار سعي الشركات الأوروبية للاستثمار.

إن الإحجام الأوروبي يتراجع إضافة إلى أنه ليس مدفوعاً وحسب بحاسة الخسارة الاقتصادية. بل أيضاً بحقيقة أن الشركات الصينية تميل إلى الحلول محل الأعمال الأوروبية التي قد تتراجع عند هذه النقطة، فقد يصبح الأوروبيون أكثر استعداداً لتطبيق ضغوط اقتصادية إضافية إذا ما عرفوا أن الصين لن تستغل مثل هذه التحركات. إذا ما أرادت الولايات المتحدة أن تؤثر على كل من الأوروبيين والصينيين وأن يكون لها تأثير محرك أكثر على الإيرانيين في العملية، فإنها تحتاج إلى إقناع السعوديين بممارسة نفوذهم على كليهما. إننا لا نقوم بالإفادة من المصلحة السعودية في منع إيران من أن تصبح نووية. قد يصبح السعوديون بعد تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) محترسين من تحدي إيران بشكل مفتوح، معتقدين بأن هذا التكتيك قد يكون فيه مغامرة مع إيران قد تبدو أكثر جرأة. ولكن مخاوفهم حيال البرنامج النووي الإيراني لم تتغير. فإذا ما ذهب السعوديون بشكل سري إلى البنوك الأوروبية، وبيوت الاستثمار، وشركات الطاقة وأخبروهم أنهم إن عملوا مع إيران فإنهم سيفقدون إمكانية العمل في السعودية العربية، فسيكون لذلك تأثير كبير. مع الصين بإمكانهم بشكل أساسي أن يقولوا أن الوقت قد حان للقيام بخيار: أن بإمكانهم العمل إما مع السعودية العربية أو مع إيران. تمتلك الصين مصالح لها في السعودية العربية مع استثمارات كبرى في الصناعات البتروكيماوية السعودية، وتطويرات مشتركة في معامل تكرير النفط، ومع كون السعودية العربية تملأ احتياطي النفط الصيني الاستراتيجي فإنها تصغر مصالح الصين في إيران.

في حال أجبرت على القيام بخيار، فإن بكين ستختار الرياض على الأرجح. والآن، حيث لا يتوجب عليها فعل ذلك، فإن الصين سوف تتبع غرائزها التجارية إلى درجة كبيرة وتتعامل مع كليهما. هل سيفرض السعوديون اختياراً كهذا؟ سيفعلون ذلك فقط إذا ما تم إقناعهم بأن الولايات المتحدة وأخرين لديهم في الحقيقة استراتيجية وأن خطواتهم تشكل جزء هاماً منها. ينبغي أن نوضح للسعوديين كيف أن تحركاً كهذا سيزيد الضغط على إيران وما الذي سنفعله وما لن نفعله للتوصل إلى اتفاق مع الإيرانيين. إن لدى السعوديين مخاوف حيال حدوث تقارب كبير بيننا وبين إيران، ولكنهم يخافون كذلك من إمكانية استخدام القوة ضد إيران والتي تبين إثارتها للفوضى، وامتدادها لفترة طويلة، والتي ستجعل منهم الهدف للثأر الإيراني. إن استعدادنا لشرح استراتيجية مؤلفة من الضغط والترغيب واحتمالية استخدام القوة إذا ما، واحتمالية أنه قد يكون من المحتم استخدام القوة إذا لم يكن هناك ضغط متزايد على إيران سيكون جزء ضرورياً من إقناع السعوديين باستخدام نفوذهم المالي مع الأوروبيين والصينيين. ينبغي استخدام المقاربة ذاتها مع الأوروبيين الذي يخشون كذلك من استخدام القوة. لقد أوجد تقرير (الاستخبارات القومية للتقويم) انطباعاً بأن الولايات المتحدة لم تعد في وضع يسمح لها باستخدام القوة ضد إيران. المثير للسخرية، أن هذا قد يجعل الإسرائيليين، والذين لم يعودوا يعتقدون الآن أن المجتمع الدولي سيمنع إيران من أن تصبح نووية ومازالوا مقتنعين بأن إيران مصممة على امتلاك أسلحة كهذه، سيشعرون بأنهم مجبرون على استخدام القوة ضد منشآت إيران النووية. هنا، ستكون هناك أهمية في حمل الإسرائيليين على الذهاب بهدوء إلى الحكومات الأوروبية الرئيسية وشرح أنه حتى إذا ما كان الأوربيون يستطيعون التفكير بأن بإمكانهم أن يعيشوا مع إيران بأسلحة نووية، فإن إسرائيل التي تواجه تهديداً وجودياً، لا تستطيع. يمكن للإسرائيليين أن يقولوا إنه إذا لم يزد الأوروبيين الضغط على إيران، فإن الحكومة الإسرائيلية ستعرف أنه لم يعد لديها خيار سوى القيام بخطواتها الخاصة لإيقاف البرنامج النووي الإيراني, على الأرجح، سيجعل ذلك أذهان الأوروبيين تنصب على الحاجة إلى زيادة الضغط على إيران. إلا إذا ما تم ربطه باحتمالية حمل طهران على الموافقة على تغيير سلوكها، فسيكون هناك حدود على الأرجح للقدر الذي ستقوم به أوروبا في الواقع. ينبغي أن تقوم الولايات المتحدة بالتالي بتقديم عرضها الخاص للأوروبيين وأن المفاوضين الأوروبيين البارزين مع إيران يعتقدون أن عقد صفقة مع إيران سيكون ممكناً وحسب إذا ما كانت الولايات المتحدة تجلس إلى الطاولة. وفقاً للأوروبيين، فإن إيران تسعى للحصول على البضائع الاقتصادية والسياسية منهم، ولكن الجائزة الكبرى بالنسبة لطهران هي جعل واشنطن تقبل بالنظام الإيراني وبموقعه ومصالحه في الشرق الأوسط. لا يهمنا ما إذا كان الأوروبيون على حق. ما يهمنا هو أنهم يعتقدون أن وجود الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات يفتح إمكانية إدارة حوار مع إيران. لذلك لماذا لا نتاجر على ذلك أيضاً؟ لماذا لا نذهب إلى الأوروبيين ونقول أننا سنسقط اشراطنا على إيران بأن تعلق تخصيب اليورانيوم حتى نحضر إلى طاولة المفاوضات بشرط أن تقطع أوروبا كل قروضها الاقتصادية واستثمارها في قطاعي النفط الإيراني والغاز وكل روابطها بالبنوك الإيرانية؟ فإننا نكون قد قمنا بجوهر فن الحكم: منح الأوروبيين شيئاً يريدونه ـ وهو حضورنا إلى طاولة المفاوضات ـ في مقابل أن نطلب منهم القيام بما هو صعب عليهم: قطع خط الحياة الاقتصادي الخاص بهم عن إيران.

وحتى ما إذا لم تكن الإدارة الحالية تأخذ بهذه المقاربة وطورت إيران منشآتها النووية بحلول كانون الثاني من عام 2009، فإن مخاطر إيران بأن تمتلك سلاحاً نووياً لن تكون قد تغيرت، ومحاولة منع ذلك سيكون واحداً من الأولويات العليا للسياسة الخارجية للرئيس التالي. وينبغي تطبيق هذه الاستراتيجية في ذلك الوقت.  

يتبع

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ