ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
شعاران
يحرّكان الجماهير ، اليوم ، ضدّ
الاستبداد ، أحدهما
يخنَق ، والثاني يفتَّت ! سامي
رشيد الشعارات التي
تطرحها النخب المثـقفة ، اليوم
، في بلادنا ، ضدّ الاستبداد ..
كثيرة متنوّعة، مِن أبرزها : الوطنية ـ الحرّية ـ
العدالة الاجتماعية ـ مقاومة
الاستبداد ـ التنمية ـ المساواة
.. * هذه الشعارات ، قد
يفهمها كثير من الناس المتعلمين
في بلادنا .. لكنها لاتحرّكهم
ضدّ التسلّط والاستبداد ،
والفساد السياسي والاقتصادي
والاجتماعي ، المتنشر بكثافة ،
في دولنا ومجتمعاتنا .. ولاسيّما
بين النخب المتسلّطة ، التي
استولت على مقاليد الحكم بقوّة
السلاح .. وربطت بها نخباً أخرى ،
بمصالح قويّة ، تحكِم الصلة بين
الرابطة والمربوطة ! *
التحرّك ضدّ الاستبداد السياسي
، يكلّف صاحبه ثمناً باهظاً ،
لايقدم على دفعه إلاّ فريقان :
المؤمنون ، واليائسون : 1) المؤمنون : تحرّكهم
عقيدتهم ، إذا شعروا أنها
مهدّدة بخطرما ، أو إذا رأوا أن
التحرّك لأجل نصرتها ، يكسبهم
الشهادة التي يرجونها لآخرتهم !
وبالتالي هم بحاجة إلى شعارات
تدور في إطارهذه العقيدة ، كي
يتحرّكوا ، مستعدّين للتصحية
بكل مالديهم ، وفي المقدمة
النفوس ! وهذه المعادلة ، يستوى
فيها الجاهل والمتعلم ، من
المؤمنين المتمسّكين بعقيدتهم
، حتى لو لمْ يكونوا من
الملتزمين سياسياً ، بل حتى لو
لمْ يكونوا من الأتقياء ! والشعارات
التي تحرّك الجماهيرعقدياً ،
محاصرة ، مضيّق عليها ، من قِبل
فئات شتّى .. أولها
: أعوان السلطات ، بأشكالهم
المختلفة ، وتصنيفاتهم
المتعدّدة ، ومواقعهم
المتفاوتة .. ومنهم : •
رجال أمن السلطة .. •
رجال إعلام السلطة .. •
علماء السلطة .. •
مثقفو السلطة .. ثانيها : القيادات
غير المنتخَبة ، وغير المسيّسة
، التي توجّه حركة الناس ، في
الملمّات والأزمات .. دون أن
تكون مرتبطة بسلطة أو معارضة ! (
وهذه الفئات ، كما قد تكون عناصر
منْع لحركة الجماهير ، قد تكون
عناصر تحريك ودفع لها ، في
الاتجاه المضادّ للسلطة
الحاكمة .. وذلك حسب الظروف
والأحوال ، المحيطة بها،
وبالبلاد بشكل عامّ ) . ومن هذه
الفئات : •
وجهاء المدن والأحياء ،
والقرى والقبائل .. •
الشخصيات البارزة ، تجارياً
، ومهنياً ، وحرفياً .. •
العلماء والمثـقّفون .. ثالثها
: النخب العلمانية المعارضة
للاستبداد ، والتي تجمعها مع
القوى الإسلامية ، إرادة
التحرّك ضدّ الاسبتداد والفساد
! وهي ترى ـ أيْ : القوى
العلمانية ـ أنها غير قادرة على
تحريك الجماهير ضدّ الاستبداد ،
بشعاراتها السياسية ، كشعارات :
العدل ، والحرية ، والوطنية ..
ونحو ذلك ! فتتعاون مع القوى
الإسلامية ، ذات القدرة على
تحريك الأكثرية الشعبية في
الشارع .. إلاّ أنها لا تريد من
القوى الإسلامية ، أن ترفع
شعارات إسلامية ..! لأن هذه
الشعارات تحرّك الحماهير ، في
الاتّجاه المخالف لاتّجاه
العلمانية ، وأهدافها
وشعاراتها ، ومبادئها ..! وتخاف
من أن تتحرّك الجماهير ،
بشعاراتها الإسلامية ، إلى
السلطة ، لتستولي عليها ، وتخرج
العلمانية وأتباعها من الساحة
السياسة ، أو تهمّشها وتحجّم
دورها .. أو تلجأ إلى إقصائها ،
بأشكال مختلفة ! ولا
شكّ أن هذه العقدة ، مِن أشدّ
العقد غموضاً وإرباكاً ، في
ساحة العمل السياسي المعارض ،
في الدول الإسلامية كلها ..! ولم
تفلح في حلّها ، البيانات
والتصريحات ، التي قدّمتها
الحركة الإسلامية ، في أقطارها
كلها ، والتي تتضمّن تعهّدات
واضحة ، بعدم انفرادها بساحة
العمل السياسي ، بل بعدم قدرتها
ـ حقيقة ، لا تواضعاً ، ولا
تزييفاً ـ على الإمساك بأزمّة
حكم منخور ، في شتّى مناحيه
ومفاصله ، ويحتاج إلى الشعب
بكامله ، في كل دولة ، ليستطيع ،
بعد سنين طويلة ، من عبث
الاستبداد وفساده .. أن يعيد
الدولة ، إلى ماكانت عليه قبل
نصف قرن من الزمان ..!
وربّما كان هذا الهاجس
الغريب ، لدى المعارضات
العلمانية ، أقوى عنصر إضعاف
للمعارضات ، ضدّ الحكومات
المستبدّة ! وهو ، بالتالي ،
أقوى عنصر إعاقة ، لحركة
المعارضة ، وحركة الجماهير
المسحوقة ، ضدّ حكّامها ! ويشكّل
، في هذه الحالة ، عوناً ضخماً
للسلطات المستبدّة ، ضدّ شعوبها
، سواء أشعرت المعارضات بذلك ،
أم لم تشعر!
2) اليائسون : تحرّكهم
ضرورات العيش ، وفي مقدمتها
مكافحة الفقر والبطالة ،
وارتفاع أسعار الموادّ
الأساسية ، كالخبز ونحوه ! وكلما
ضاقت عليهم أسباب العيش ، كان
استعدادهم للحركة الاحتجاجية
أكبر ، وكانت استجابتهم
للشعارات ، التي تعزف على وتر
أزمتهم المعيشية ، أقوى !
وفلسفتُهم البدائية البسيطة ،
في هذه الحال ، هي أنهم لم يعد
لديهم ما يخسرونه ..! فإذا سجِن
أحدهم ، فقد يرتاح من همّ الأسرة
والأولاد ، وإذا قتِل ، فقد
يرتاح من همّ الدنيا كلها ! والشعارات
التي تحرّك هؤلاء اليائسين ، هي
: مكافحة البطالة ـ
مكافحة الفقر ـ تخفيض الضرائب ـ
تخفيض أسعار الموادّ التموينية
ـ تخفيض إيجارات البيوت ـ تأمين
فرص عمل للعاطلين ـ رفع الرواتب
للموظفين من أصحاب الدخل
المتدنّي ـ تأمين مساكن للطبقات
الفقيرة ..! وهذه
الشعارات ، محاصرتها أصعب ،
بكثير ، من محاصرة الشعارات
العقّدية ! لأن هذه الشعارات
التي تحرّك الفقراء ، همّ يومي ،
موغل في نفوس أصحابه ، وفي نفوس
أطفالهم ونسائهم ! فإذا
صبرَعليه الرجال ، حرّكهم أفراد
أسَرهم التي يعيلونها ، التي
لاتستطيع الصبر على الفقر
والجوع ! وهذه
الشعارات ، هي مطلب الأكثرية
الساحقة ، في الدول المحكومة
بالاستبداد ، في عالمنا
الإسلامي .. بما فيها النخب
المثـقّفة ، والأكثرية غير
المثـقّفة .. فالجميع في همّ
المعيشة سواء ! لذا
، فإن السلطات الحاكمة تلجأ ، في
الغالب ، إلى تفتيت هذه
الشعارات ، لأنها عاجزة عن
خنقها .. أيْ : عاجزة عن منع
الجياع اليائسين من التظاهر في
الشوارع ..! وعملية
تفتيت الشعارات ، تتضمّن ،
غالباً ، ما يلي : ـ
إجراءات فورية سريعة ، من قِبل
السلطات العليا في الدولة ،
تتضمّن تخفيض أسعار الموادّ
الأساسية ، كالخبز، والسكر،
والرزّ ، وغيرها .. ممّا هو حاجة
ماسّة للمواطنين الفقراء ! ـ وعود ، برفع رواتب
العاملين في الدولة ، أصحاب
الدخل المتدنّي ..! ـ وعود ، بصرف معونات
سريعة ، للأسر الفقيرة جداً ..! ـ وعود ، باقتراح
قوانين للإصلاح الاقتصادي ،
تقدّمها الحكومة إلى مجلس
النواب ، لدراستها ، والبتّ
فيها ، في فترة قصيرة !
وبهذه الوعود والإجراءات ،
تمارس الحكومة عملية تفتيت
للشعارات ، وامتصاص لغضب
الجماهير ، ولهفتها ، وإحساسها
باليأس والنقمة .. فيتمّ ،
بالتالي ، امتصاص دوافع الثورة
النفسية ، التي قد تنقلب إلى
ثورة حرَكية في الشارع ! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |