ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
اغتيال
"مغنية": هل يُقَيَّد –سورياً-
ضد مجهول؟ الطاهر
إبراهيم* من دون شطارة ولا "فهلوة"
ولارجما بالغيب، فإننا نعتقد أن
الذين يريدون معرفة من اغتال
"عماد مغنية" –الحاج رضوان-
و"يبحلقون" في شاشة
الفضائية السورية اليتيمة وهم
يرقبون ناطقا رسميا سورياً،
ويصيخون السمع وينتظرون وكالة
"سانا" ماذا تقول؟ فإن
هؤلاء وأولئك لن يسمعوا أي خبر،
ولن يجدوا أي مسئول سوري يشفي
غليلهم في كشف من قتل "مغنية"،
وسيقيد الاغتيال ضد مجهول ...
لماذا؟ خلال فترة السنوات
الخمسة الأخيرة، أعلنت وزارة
الداخلية السورية عن عدد من
الأعمال "الإرهابية"
ومجموعات مسلحة في أكثر من
منطقة في القطر السوري. فمن "جبرين"
شمال مدينة حماة، إلى معرة "النعمان"
إلى "إدلب" إلى حي المزة في
دمشق إلى حي المالكي حيث مقر
السفارة الأمريكية، إلى "المسلمية"
شمال مدينة حلب حيث اندلعت
النيران في مستودع للأسلحة، إلى
الهجوم على مبنى التلفزيون، إلى
مناوشات مع عصابة في "جديدة
عرطوز" جنوب دمشق. وفي كل مرة
كانت وزارة الداخلية السورية
تعلن عن قيام أعمال تخريبية، لم
تكن تحدد هوية من الفاعلين، -باستثناء
اتهام جند الشام في بعضٍ من هذه
الأحداث- فقد كان الصمت المطبق
هو الإعلان الوحيد عن حقيقة ما
يجرى! لا يرجع المطلعون على
حقيقة مايدور في دهاليز أجهزة
الأمن فشلَ هذه الأجهزة إلى سبب
واحد بل إلى "لوغاريتم"
متشابك من الإخفاقات بسبب تعدد
أجهزة الأمن التي تباشر التحقيق
في كل ما جرى حيث يزيد عددها عن 17
جهازا أمنيا. فهناك التقاطع
العشوائي في متابعة الحدث، ما
يجعل المعلومات يلغي بعضها بعضا
بسبب تناقضها في أكثر الأحيان.
وهناك المنافسة بين مختلف
الأجهزة، وتكتم بعض هذه الأجهزة
عما لديها من معلومات ما يؤدي
إلى وجود ثغرات في التقارير
المرفوعة. وحتى المرجعيات التي
يفترض أن تتلقى التقارير
النهائية ليست واحدة في تتبع
الواقعة، ما يجعل وزارة
الداخلية السورية، إما أن تعلق
التبعة على مشجب الإرهاب
والقاعدة، أو تتناسى الأمر، فلا
تعلن نتيجة تلك الحوادث، خصوصا
أن الجمهور السوري
لا يتوقع أن يسمع الحقيقة
فيما حدث، فلا يتقصى مآله. ونضرب مثالا ما تزال
أصداؤه ترن في آذان الجميع وهو
اغتيال "أبو القعقاع" الذي
اغتيل "ضهر الحمرة" أمام
العديد من أتباعه بعد صلاة
الجمعة، حيث كان خطيبا. قيل في
حينه أن أجهزة الأمن اعتقلت "الفاعل"
بعد أن هرب في سيارة. ثم غطى
ضبابُ كثيف تلك الحادثة فلم نعد
نسمع عنها شيئا. على الأقل كان
يجب تمثيل الواقعة "تلفزيونيا"
لوأن "القاتل" اعتقل.
وبالعودة إلى اغتيال
"عماد مغنية"، فإنه مهما
كانت الحقيقة، فإن الإحراج هو
الوصف الذي ينطبق على حال
القيادة السورية. حيث جرى
الاغتيال على أرض سورية، وفي
العاصمة دمشق تحديدا، بل وفي حي
هو الأكثر حراسة لوجود إدارة
أجهزة أمن الدولة فيه. حساسية القضية تأتي
من تشابك عدة ملابسات في
الاغتيال ومن شخصية المغدور.
فالرجل الذي اغتيل لم يكن رجلا
عاديا، بل كان شخصا مطلوبا
لأكثر من 42 جهازا أمنيا عالميا،
ورأسه مدفوع فيه 25 مليون دولار
أمريكي. ولم يكن اصطياده بالأمر
السهل، بعد أن دوخ أعتى الأجهزة
الأمنية العالمية، وأفلت في
أكثر من كمين نصب له. فهو من
ناحية يصعب أن يصدّق الإنسان
أنه أوقع به بهذه السهولة. وهذا
فيه من الإحراج ما فيه لدمشق،
بأن هذا الاغتيال ماكان ليتم
لولا وجود ثغرات قاتلة في نظام
الأمن السوري، أو وجود جهة
سورية أعطت معلومات عن مكان
وجود "مغنية" وساعة هذا
الوجود. و يجب أن تكون تلك الجهة
في موقع يسمح لها بذلك. فمن هي
هذه الجهة؟ على كل حال نحن لا
نعرفها. فكما قيل في "مغنية"
أن ولاءه موزع بين جهتين: طهران
وحزب الله، فإن كل جهة لا تخلو
من وجود مَحَاوِر فيها متنافسة.
فهل تمت تصفية مغنية لصالح جهة
ما في حزب الله ضد أخرى؟ أم
للخلاص منه إيرانياً، حيث تسعى
جهة ما لعقد صفقة مع واشنطن يكون
عربونها رأس "مغنية"،
وثمنها المقابل هو السكوت
الأمريكي عن النووي الإيراني؟
وربما تكون هذه الجهة تتطلع
بالمقابل إلى الحكم في طهران،
كما حدث عام 1988 عندما أشار "هاشمي
رفسنجاني" على الإمام "الخميني"
بوقف الحرب مع العراق وكان
الأخير كارها لوقفها فقال:
اذهبوا إلى الجحيم أنتم وهذه
الحرب. وتم لرفسنجاني ما أراد،
وصار رئيسا للجمهورية. وأياً تكن الأسباب،
فإن الأجهزة الأمنية السورية
غير قادرة على إجراء تحقيق
يوصلها إلى الجهة الفاعلة
لضعفها التقني. وتعليقا على
الاتفاق بين طهران ودمشق على
تشكيل "لجنة مشتركة سورية
إيرانية" للتحقيق في مصرع "مغنية"،
فقد نفى "حسن نصر الله" هذا
الخبر في خطابه يوم الجمعة 22
شباط الجاري، غير أن النفي لا
يغير من الحقيقة بأن
طهران مهتمة بالأمر. ونحن
نعتقد أن الحقيقة لن تعرف
لأسباب عدة، إيرانية وسورية. يبقى الاحتمال
قائما، الذي ذكره الباحث المصري
"مجدي كامل" مؤلف كتاب "عماد
مغنية- الثعلب الشيعي" الذي
صدر العام الماضي عن دار "أخبار
اليوم" المصرية حيث صرح: (إن
مغنية إما مات ميتة طبيعية منذ
فترة، أو مايزال على قيد الحياة).
و"مجدي كامل"، على كل حال،
له أسبابه التي دعته إلى هذا
القول: لأن (عماد مغنية لا يمشي
إلا بحراسات كبيرة، فضلا عن أن
رد الفعل الإسرائيلي اتسم بشيء
من الغموض، على عكس العادة)، حسب
ما أورد "مجدي كامل" في نفس
التصريح. إذا صح هذا الاحتمال،
وكان "عماد مغنية" قد مات
من قبل، فإن تصرف "حزب الله"
يصبح مفهوما عندما نبش قبر "مغنية"
وطاف برفاته فوق رؤوس المشيعين
يوم الخميس 14 شباط الجاري في
ذكرى استشهاد رئيس الحكومة
الأسبق "رفيق الحريري"،
ليفسد على قوى 14 آذار هذه الذكرى
والاحتفال الحاشد، بعدأن جاء
الحزب بما يشغل بال بعض
اللبنانيين. وتم له ما أراد، حيث
فقد الاحتفال بعض بريقه، رغم
الجموع الغفيرة التي احتشدت. بين فشل الأجهزة
الأمنية السورية ووجود محاور
متصارعة بين أكثر من جهة في كل
من حزب الله وإيران وسورية،
وغياب أي اعتراف رسمي من واشنطن
وتل أبيب عن علاقةٍ لهما بمصرع
"مغنية"، مع ترحيبهما بهذا
الاغتيال: هل يقيد مصرع "عماد
مغنية" –سورياً- ضد مجهول؟ *كاتب
سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |