ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 26/02/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

جوانتانامو .. العار الأمريكي والصمت العربي

محمد عبد المجيد

أقفاص الكلاب تقبع داخلها أجساد ترتدي ملابس برتقالية كأنها تستعد للوقوف على منصة الاعدام بالمقصلة.

هل يعيد الأمريكيون تجربة استيراد عبيد من ليبريا وغيرها من دول القارة السمراء الذين مات أكثرهم في الطريق إلى العالم الجديد، فألقى بهم صائدوهم لأسماك القرش في عُرض البحر، أما الباقون فيرقصون الآن في شوارع جزر الكاريبي لاسعاد السائحين وادخال البهجة إلى أحفاد صيادي أجداهم؟

إنها نفس طريقة صيد كونتاكنتي، ولكن بسلاح حديث، وأجهزة كمبيوتر يدير بها اليانكي المعركةَ ضد خطر ما بعد الشيوعي. لو كانت حربا ضد الارهاب فقط وبكل صوره حتى لو كان رمز أصحابه نجمة داود أو الصليب أو الهلال لصفقنا له حتى تتورم أيدينا، فنحن نكره الارهاب كما نكره الاستعمار والاحتلال والاستغلال والعبودية.

لو هبطت طائرات المحرر الأمريكي الأبيض فوق المستوطنات اليهودية في فلسطين المحتلة، وفوق جبل تورا بورا لمطاردة قاتلي الأبرياء في 11 سبتمبر، وفوق العراق لتسليم السلطة للشعب العراقي والعودة سريعا إلى أرض زعيمة العالم الحر لما ترددنا لحظة واحدة في تأييد حماة العدالة.

لكننا أمام بلطجة وعصابات قتل وصائدي العبيد الذين يقومون هذه المرة بارسالهم إلى جزيرة العار .. جوانتانامو. ليست جرائم فردية لكنها جريمة دولة ونظام لا تختلف عن سجن ( لونج بينه) الفيتنامي خلال سنوات ابادة الفيتناميين والتي انتهت بهزيمة الصياد وانتصار الفريسة. هذه المرة تمت صناعة أقفاص للكلاب يلقي فيها الأمريكيون بمن يشتبه في تورطهم ضد القطب الأوحد.

 

كل فنون التعذيب التي لم يعرف لها العالم مثيلا يقوم بها الأمريكيون ضد هؤلاء المعتقلين بعيدا عن الأرض الأمريكية.

أما عرض المتهمين على القضاء والصحافة والدفاع وحقوق الانسان فهي رفاهية في أذهان الساذجين والبلهاء فقط، فالقوات الأمريكية تنتزعك من أي مكان في العالم ولو كنت في بروج مشيدة. وتنتظرك قائمة من الاتهامات المعدّة سلفا حتى لو كانت اتصالا هاتفيا منذ عدة سنوات مع شقيق أحد أعضاء القاعدة تستفسر منه عن سعر البطيخ أو رغبتك في الزواج من شقيقته.

ستجد وجها مألوفا لديك يقف بجوار معتقليك من الجنود الأمريكيين وهو غالبا يعمل في استخبارات دولة إسلامية يتلقى زعيمها الدعمَ والحماية من الاستخبارات الأمريكية.

كل ما تعلمته عن حقوق الانسان والدستور الأمريكي وأفكار جورج واشنطون وجيفرسون والمساواة والعدالة لا يساوي جناح بعوضة فــ ( أقفاص الكلاب ).

 

هنا يسمح للمعتقلين فقط بالصلاة أحيانا، ولا مانع أن تقوم بعدها أو قبلها مجندة أمريكية بخلع ملابسها أو استثارة السجين جنسيا، وفي حالات الغضب الشديد يتم القاء المصحف الشريف واهانته، فالمسلمون لن يغضبوا هذه المرة لأنهم مشغولون بالرسوم الكاريكاتيرية الدانمركية.

زعماء العالم الاسلامي لن يعكرّوا صفو اللقاء الجيد والحميم مع الرئيس الأمريكي بالتحدث عن رعاياهم في جوانتانامو، أو الاشارة عَرَضا وعلى استحياء لأهمية عرضهم على محاكمات علنية عادلة.

تُضرِب عن الطعام فيُدخلون أنابيب طويلة من فمك إلى معدتك بعد ربطك بإِحكام.

يحملونك وينقلونك من مكان إلى آخر مستلقياً على ظهرك كما يتم نقل البضائع.

يمنعون عنك الدواء والعلاج وأحيانا النوم ويعصبون عينيك كما يفعل الفلاح مع جاموسة حَقْلِه فتدور الساقية.

التهمة الموجهة إليك هي الارهاب أو التعاطف معه أو الاقتراب من موقعه أو الاتصال مصادفة بأحد أعضاء القاعدة أو إعطاء دروس دينية في بيشاور أو زيارة خاطفة لكابول أو الالتقاء مع مشتبه به في مقهى ببراج أو بودابست أو برمنجهام أو كاراتشي.

العدالة الأمريكية لا تسافر، وحقوق الانسان تختلف من مكان إلى آخر، وبنما كهندوراس وفيتنام وكولومبيا وجونتانامو وأفغانستان والعراق وغيرها، فالرئيس الأمريكي يملك حق حماية نيويورك بتدمير كابول.

عندما تراكمت مئات الأجساد الضعيفة والمعَرّقة في عدة شاحنات، ومرت بها كتيبة أمريكية في أفغانستان، وصلت نشوة اللعبة إلى أقصاها كما يفعل طفل مع بلاي ستيشين، فأنطلقت الرصاصات تخترق الشاحنات لتلتصق بعدها مئات الجثث بالدماء والعرق والفضلات.

ندافع عن حقوقهم الانسانية وعن الكرامة والعدالة وضرورة عرضهم على القضاء في محاكمات علنية وشهود ودفاع وذلك بعد القبض عليهم فورا.

المتهم بريء ما لم تثبت ادانته، لكن الرئيس الأمريكي لا يرى أن أيّاً منهم يستحق شرف المثول أمام العدالة أو المرور بالقرب من تمثال الحرية.

أمريكا تصنع الكراهية في كل مكان، ثم تقوم بمطاردة من يعلن كراهيته لها.

العار .. كل العار للصامتين والجبناء والخانعين والخاضعين لأوامر سيد البيت الأبيض. هل يستطيع زعيم واحد في عالمنا الاسلامي أن يطالب علانية بتقديم أحد رعاياه في جوانتانامو إلى العدالة والقضاء؟

أغلب الظن أن الدكتورة كوندي سترفع سماعة الهاتف، وتقوم بتذكيره بكل الخدمات التي قامت أجهزة الاستخبارات الأمريكية بتقديمها له وعلى رأسها حماية نظامه.

وربما تقوم بقراءة أسماء من تعرّضوا في بلده لنفس الظلم الذي يتعرض له مواطنوه في الجزيرة الكوبية، حينئذ ستسكت شهر زاد عن الكلام المباح.

*رئيس تحرير مجلة طائر الشمال / أوسلو النرويج

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ