ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ماذا
بعد العدوان الصهيوني على غزة؟ د.عصام
عدوان الصراع
مع العدو الصهيوني طويل، وقد
امتد قرناً من الزمان، ولن
تحسمه أيام خمسة بدأتها إسرائيل
كعادتها بعدوان على
الفلسطينيين، وذلك يوم
الأربعاء 27 شباط 2008م، فماذا بعد
هذا العدوان؟: لقد
دأبت إسرائيل في كل اعتداءاتها
المحدودة النطاق على تحقيق
هدفين عسكريين: الأول:
استنزاف قوى المقاومة
الفلسطينية – خصوصاً وهي تدرك
صعوبة حصول المقاومة على المواد
اللازمة للصناعة العسكرية،
وصعوبة الحصول على المال
اللازم، وصعوبة الظروف الأمنية
التي تعمل فيها المقاومة؛ فهي
ظروف لا تساعد على العمل بحرية،
وبالتالي فإن عمليات استنزاف
قوى المقاومة تؤتي ثمارها
نسبياً وإن كانت لا تُنهك قواها
أو تقضي عليها. والثاني:
تحقيق تكتيك عسكري: "الاستطلاع
بالقوة" مع التوسع في
استخدامه ليكون استطلاعاً
بالقوة الحية، وهي حالة تشبه
المناورات بالقذيفة الحية، حيث
يستكشف العدو نقاط قوة وضعف
المقاومة ليضعها في حساباته
القادمة، فإسرائيل من خلال
عدوانها المتكرر على المناطق
الفلسطينية ترصد نوعية الأسلحة
المستخدمة ضدها، ومداها،
وكثافة نيرانها، وتكتيكات
المقاومة في التصدي للهجوم،
وتحديد المناطق المستخدمة
لإطلاق الصواريخ، مع تلمُّس مدى
التطور الطارئ على القدرات
البشرية وأساليب الحرب النفسية
والإعلامية. وهي بعد رصدها لكل
ذلك تضع التكتيكات العسكرية
الملائمة للمستوى الجديد الذي
بلغته المقاومة، ثم تشرع في
هجوم جديد وفق تكتيكات جديدة
تستنزف المقاومة، وترصد مجدداً
ما طرأ عليها من تطور، حتى إذا
أصبحت الصورة واضحة تماماً
لديها؛ قامت باجتياحها الواسع؛
تماماً كما حصل في عدوانها على
جنوب لبنان في آذار 1978م، وفي
حزيران 1982م، والتي كانت بعد
نهاية سلسلة عمليات اجتياح
مصغَّرة في الجنوب اللبناني منذ
عام 1970م. إن معنى
تحقيق إسرائيل لهذين الهدفين
العسكريين، هو أن العدوان
الأخير على قطاع غزة ليس نهاية
الاجتياحات، بل هو استنزاف،
ورصد لقوى المقاومة والتطور
الطارئ عليها، لأخذه في حسابات
العدوان القادم، والذي سيكون
أوسع نطاقاً. ومن جهة
ثانية، بدت إسرائيل مترددة –
على غير عادتها في حروبها
السابقة – في اجتياح قطاع غزة
بشكل شامل، وقد برزت هذه الحالة
بوضوح بعد حرب تموز 2006م في
لبنان، حيث فوجئت بقدرة
المقاومة اللبنانية على امتصاص
الضربة وإعادة توجيهها إلى
العدو لتصبح وبالاً عليه. وهي
بالتالي أصبحت حذرة من الخوض في
مجازفات جديدة قد تكلفها
سمعتها، فضلاً عن خسائر مادية
وبشرية لا تتمكن من تقديرها
بدقة. كما أنها ترغب في الإبقاء
بحوزتها من الوسائل ما يمكِّنها
من ردع وتخويف المقاومة به، وهو
الاجتياح الشامل. فكيف حالها
إذا أفرغت ما في جعبتها من سهام،
ثم فشلت في ردع المقاومة،
وتكبدت خسائر باهظة؟!! ومن جهة
ثالثة، فإن كل تصعيد لعدو
ستقابله المقاومة بتصعيد
موازي، وهو الأمر الذي يجعل
خيارات العدو محدودة وتكاد تكون
معدومة في القضاء على المقاومة،
وليس أمامه ليستريح إلا أن
يجتاح غزة كحل جذري لمشكلاته
الأمنية التي تسببها المقاومة،
وفي ذلك ما فيه من حرق أوراق
العدو، وطرح كل السهام التي في
جعبته، فإما تصيب، وإما تخيب،
ومن المرجّح جداً أن تخيب، وهو
يدرك ذلك. ولذلك هو يتردد كثيراً
في تحقيق هذا الخيار الصعب،
وليس البديل عن الاجتياح
الشامل، إلا أحد خيارين: الأول:
أن يبقى الوضع على ما هو عليه من
استمرار الهجمات (خصوصاً الجوية)
مع قليل من التوغلات المحدودة،
على أساس استنزاف المقاومة،
واستطلاع تطور قوتها. والثاني:
أن تنزل إسرائيل على مطالب
الشعب الفلسطيني، وخصوصاً في
قطاع غزة، بقبول هدنة طويلة
نسبياً مقابل رفع يدها بالكامل
عن قطاع غزة براً وبحراً وجواً
ليكون نواة لدولة فلسطينية
قادمة. وهما
خياران أحلاهما بالنسبة
لإسرائيل مُرُّ. فالأول لا
يستنزف المقاومة وحدها، بل
يستنزف أمن واستقرار إسرائيل
وشعبها، ويحول دون قدوم مهاجرين
جُدُد إليها، ويدفع المستوطنين
للرحيل عن المدن والمناطق
المحاذية لحدود قطاع غزة.
والثاني يريح إسرائيل فترة
الهدنة التي سيتم الاتفاق
عليها، لكنه يرسم أجل إسرائيل
ونهايتها الحتمية على أرض
فلسطين، ويشجع الضفة الغربية
للتأسّي بقطاع غزة، وفي ذلك
إفشال لنهج المفاوضات كخيار
استراتيجي، وتعزيز لحركة حماس
ونهج المقاومة. إن
الطبيعة العدوانية النازية
للاحتلال الصهيوني ستدفعه
لاختيار الخيار الأول؛ بإبقاء
الوضع على ما هو عليه رغم ما
ستتكبده إسرائيل من خسائر ذات
طابع استراتيجي، وستمضي في هذا
الخيار خلال الشهور القادمة إلى
أن تتأكد أنها بحاجة لتغيير
خيارها إلى الخيار الثاني
القاضي بهدنة مقابل نواة دولة
فلسطينية ذات سيادة، ولا تعترف
بها. ويتبع بالموقف الصهيوني في
كل الحالات الموقف الدولي
والمصري وسلطة رام الله. إن
طبيعة الفعل الذي ستُقْدِم عليه
حماس والمقاومة في قطاع غزة
سيشجع إسرائيل لاختيار أحد
الخيارين، فهي إن استمرت بالعمل
بنفس الوتيرة القائمة وليس أكثر
من ذلك، فهذا سيدفع إسرائيل نحو
الخيار الأول؛ إذ إن مستوى
إيذاء حماس لإسرائيل في الوضع
الحالي يتيح لإسرائيل التعايش
معه لأطول فترة ممكنة. ولكن
مسارعة حماس وقوى المقاومة
لامتلاك، واستخدام وسائل
قتالية جديدة أكثر فعالية
وكفاءة وأكثر ردعاً، سيدفع
إسرائيل نحو الخيار الثاني. وإن
تحريك المياه الراكدة هو دوْر
المقاومة الفلسطينية في غزة. {ونريد
أن نمُنَّ على الذين استُضعِفوا
في الأرض فنجعلهم أئمة ونجعلهم
الوارثين، ونمكن لهم في الأرض
ونُري فرعون وهامان وجنودهما
منهم ما كانوا يحذرون} ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |