ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
في لبنان، كما في سورية.. "دون
كيشوت" يظهر من جديد سالم
أحمد* لا تكاد تجد مواطنا
عربيا –إلا فيما ندر- يكره أن
يرى في وطنه رجلا يقف ويقول: لا
للعدوان، لا للسكوت على تهديد
الوطن، حتى لو كان هذا الذي
يجاهر بهذه الخطاب خصما سياسيا
لبعض أبناء الوطن. فالخصومة
الشريفة لا تُخرِج المواطنَ عن
وطنيته، ولا تجعله عدوا. ويبقى
العدو هو الذي يهدد الوطن من
خارجه، والمواطن –أبدا- لا يكون
عدوا حتى لو اختلف –سياسيا- مع
معظم أبناء وطنه. لكن المرفوض –وطنا
وشعبا، بل ورجولة- أن يحتكر شخص
الوطنية له ولمن شايعه من "عزوته"
ومن يؤيده من أنصاره، ثم يقف
ليقول نحن الوطن والوطن نحن،
وما عدانا فهو عميل، فليذهب إلى
أمريكا. هذا أيها القارئ الكريم
-"بالمشرمحي" وبالقلم
العريض- تطاولٌ و"بجاحة"،
لا يرتفع فوق المستوى الذي يقال
عنه بالقاموس العامي "عيب"!. لقد أصبح من المعروف
بداهة وما عاد أحد يجادل فيه، أن
حافظ أسد أدخلَ الجيشَ السوري
إلى لبنان بضوء أخضر من واشنطن.
وبقيت تلك القوات هي الحاكم
الفعلي في لبنان خمسة عشر عاما
ليس لها من سند قانوني إلا الرضا
الأمريكي. وجاء اتفاق الطائف
ليقنن للوجود السوري في لبنان
على أن يتم إنهاؤه بالتنسيق بين
الحكومتين السورية واللبنانية.
ثم ليستمر على مدى خمس عشرة سنة
أخرى تحت مظلة الرضا الأمريكي.
فهل اعترض أحد هؤلاء -الذين
يزعمون أنهم الوطن، وغيرهم
فليذهب إلى واشنطن- على موقف
حافظ أسد؟ أبدا لم يحصل شيء من
ذلك، لأن حافظ أسد "من آل
فرفور ذنبه مغفور". خلال العقود الثلاثة
التي استمرت فيها الهيمنة
السورية، وجودا ونفوذا، لم
نشاهد ولم نسمع من هؤلاء
العناترة (الذين يصولون اليوم
ويجولون متهمين فؤاد السنيورة
وحكومته بالعمالة لواشنطن) من
يعترض على ما كان من تنسيق كامل
بين حافظ أسد وواشنطن. "فماعدا
مما بدا" أن يسكت هؤلاء "العناترة"
على سلوك حافظ أسد بالأمس، وهم
اليوم يقيمون الدنيا ثم لا
يقعدونها، ويتهمون فريق
الموالاة، و"السنيورة" على
وجه الخصوص، عندما تتخذ واشنطن
خطوة ما تجاه لبنان، كأن تطالب
دمشق بالكف عن التدخل في شئون
لبنان، ومعلوم أن واشنطن
عندما تقوم بخطوة، إنما تفعل
ذلك انطلاقا من سياسة خاصة بها،
تخدم مصلحتها ومصلحة إسرائيل.
وغالبا ما تكون خطوات واشنطن
ضارة للجميع في المنطقة، كما هو
الحال عندما أرسلت قطعا من
أسطولها الحربي إلى البحر
المتوسط قبالة الشاطئ
اللبناني، حيث أعطى ذلك ذريعة
للمعارضة اللبنانية للهجوم على
الموالاة. ويتخذ حزب الله قرارا
–بدون علم حكومة لبنان- بخطف
جنديين إسرائيليين في تموز عام
2006 ، فتشن إسرائيل حرب تدمير
وإبادة على لبنان، شردت مئات
الألوف من الجنوب اللبناني،
فتفرض الأمم المتحدة القرار رقم
1701، بتنسيق بين "فؤاد
السنيورة و"نبيه بري" حليف
حزب الله، ما يعني أن حزب الله
كان راضيا. غير أنه، وبعد أن
وضعت الحرب أوزارها، نهض "العناترة"
من قادة حزب الله يشنون اتهامات
بالعمالة والتخوين ضد رئيس
الحكومة "فؤاد السنيورة"،
لماذا؟ لأن بعضا من فريق 14 آذار
اتهموا حزب الله بأنه يعمل
كدولة داخل الدولة. وقد تناسى
هؤلاء الفصحاء أن حليفهم
الاستراتيجي "بشار أسد"،
الزعيم "الممانع بلا منازع"،
لم يحرك ساكنا ولم يطلق رصاصة في
"الجولان" أثناء حرب تموز،
على الأقل، ليخفف الضغط على
المقاومة في جنوب لبنان! فما
عتبوا عليه ولا اعتبروه خائنا،
ولا حتى مقصرا، لماذا؟ لأنه "من
آل فرفور"!. في لبنان كما في
سورية يشن القوم سياسة تخويف
اللبناني وتخوين الخصوم، وهي
بضاعة من ليس لديه بضاعة يعرضها
ليبيعها في سوق السياسة. فهم
يلجأون إلى السباب والشتائم
يطلقونها بغير حساب. السباب
والشتائم –يا أيها القوم- لا
تصدر عن سيد قوي يملك جماح غضبه،
بل هي سلاح الضعيف السفيه الذين
ليس لديه حجة يقارع بها خصمه
السياسي. فترى الواحد منهم يرفع
سيفا من خشب يلوح به في الهواء
كما فعل يوما خامل الذكر "دون
كيشوت" يوم لم يجد من يرضى
بنزاله فقاتل طواحين الهواء. *كاتب
سوري
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |