ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
خطاب
التحدي والمنازلة والذاكرة
المثقوبة بدرالدين
حسن قربي تصريحات
القادة الإيرانيين عموماً
ساخنة وحرارتها عالية وقريبة من
الاشتعال دوماً، وقليلاً
ماتكون هادئة، ولعل هذا ما
انعكس على الدوام أزمةً وتوتراً
على ضفتي الخليج والمنطقة. ويسجل
لهذه التصريحات أيضاً ارتفاع
وتيرتها وحدتها إن لم تكن
(مشعللة) على طول، لاسيما مع
مجيء الرئيس محمود أحمدي نجاد
القادم من عمق الحرس الثوري.
فخطاب التحدي النجادي
الواضح والموجه للقوى الكبرى في
العالم والتسخين في الشارع
الإيراني مستمر بدءاً من
التصريحات المتكررة بمحو
إسرائيل من الخارطة حتى الدعوة
إلى عالمٍ من دون أمريكا
وإسرائيل. وقوله:
بمساعدة الله سنرى عالماً من
دونهم. وهي
عموماً تصريحات تذكّر على
الدوام بعصر من الحرب الباردة
التي كان خطاب التحدي والمنازلة
وتهم الارتباط والتخوين أحد أهم
معالمها. يثير
هذا الخطاب الكثير من ردود
الأفعال المؤيدة والمستنكِرَة
والمستغرِبة والمعجَبَة ،
ويقال فيه وعنه الكثير.
ورغم أننا مع من يقول بأن
هذا الخطاب لايخرج من السيد/
أحمدي نجاد عَرَضاً...هذا أمر
تعمَّده ويتعمده ويفكر فيه
ملياً. ولكن
السؤال: لماذا كل هذا الكلام
وبهذا الشكل من التحدي والتكرار
والتواصل وفي هذا الوقت
بالذات!!؟ وللإجابة
على بعض هذا التساؤل لابد من ضم
عددٍ من التصريحات المتميزة
(بعين جكرة ورأس حامي) إلى بعضها
من السياسيين إلى الملالي
والآيات وكأنها تنادي في
العالمين: ألا هل من مصارع، ألا
هل من منازل..!!؟ لتكتمل القراءة
وتتضح الصورة أكثر، ويكون فيها
بعض الفهم لما يدور حولنا من
أحداثٍ جسامٍ، تتهدد حاضرنا
ومستقبلنا وأجيالنا أرضاً
وناساً، وحضارة وديناً. يستغل
الخطاب الإيراني الديني أساساً
والثوري غالباً والشيعي
المظلومي ثالثاً قصة الإمام
المهدي المنتظر وقرب عودته أو
خروجه، ويسخرها بشكل ملحوظ فيما
يخدم خطابه وخططه واستراتيجيته
سـواءً على مستوى السياسيين أو
الآيات والملالي، فيتماهى
السياسي بالديني، ومن ثم يصعب
التمييز بين السياسي والملا أو
الآية، فإذا الحدود بينهم
مرفوعة، وإذا قضايا الناس
المهمة والخطيرة معلّقة في
قضايا غيبية جدلية، وإذا
مشكلاتهم ومعاناتهم وآلامهم
ومظالمهم وفقرهم التي عليهم
حلّها بأيديهم وجهودهم متروكة
تنتظر عودة حلالها الذي لايعرف
أحد متى هي، وإن كان البعض يقول
بقرب موعدها وأنها باتت وشيكة.
وهات يازمن.. وهات ياانتظار..!! وعليه
فليس غريباً مثلاً أن يكرر آية
الله محمد تقي مصباح يزدي وهو من
المتشددين اثناء الحملة
الانتخابية لدعم فوز أحمدي نجاد
للرئاسة الإيرانية: أن المهدي
اختار أحمدي نجاد، وإنه لواجب
ديني انتخابه. كما
لم يكن مستغرباً في العهد
النجادي أن تتزايد دعوات
الملالي والساسة والآيات
للإيرانيين خصوصاً وللشيعة
عموماً بالتأهب لاستقبال
المهدي المنتظر المحارِب في
وقتٍ قريبٍ جداً، وبدأت
المؤسسات الدينية تدعو الناس
بشكل لافتٍ في الخطب الدينية
إلى الاستعداد لمؤازرة الإمام
المهدي في حربه لإرساء العدل في
مواجهة قوى الشر في العالم، وأن
نسمع تعبيراً عن قناعة بعض
ملالي إيران وغيرهم أيضا ان
احتلال أميركا للعراق وتواجدها
في الخليج هو إحدى العلامات على
قرب عودته وفقا للمعتقدات
الشيعية، وأن يعتبر بعضهم أن
ماكان من تفجيرات مرقدي
الإمامين علي الهادي وحسن
العسكري في مدينة سـامرّاء عام
2006 أحد أسباب التعجيل في عودته. حتى
الرئيس/ أحمدي نجاد يشدد في
خطاباته السياسية على عودة
المهدي قريباً وذلك في إطار
التعبئة ضد مواجهة محتملة مع
الغرب والولايات المتحدة. فهو وعقب
إعلان فوزه في الانتخابات
الرئاسية التاسعة ألقى كلمةً
أهدى فيها الدعم المخلص والحضور
الحماسي من جانب المواطنين إلى
ولي العصر المهدي المنتظر. كما
قال في
سبتمبر 2005 أمام حشدٍ من الطلاب
في مدينة قم الإيرانية إن عودة
الإمام المهدي المنتظر صارت
قريبة، وعلى المسلمين ان
يتهيؤوا لاستقباله. وأضاف
علينا أن نهيئ انفسنا لقيادة
العالم، والطريقة المثلى لذلك
تكون في التركيز على مسألة
توقعات العودة، فالإمام
المنتظر سينقذ العالم الغارق
بالفوضى والفساد ويفرض العدالة.
وكما قال في خطابه الذي ألقاه في 15سبتمبر 2005
أمام الجمعية العامة للأمم
المتحدة: اللهم عجل لوليك الفرج
،والعافية والنصر، واجعلنا من
أعوانه وأنصاره. وبالطبع
فإن الاعتقاد بعودة الإمام
الغائب ليس جديداً في الفكر
الشيعي ولكن ماهو ملفت للنظر أن
هذا التفكير ارتفعت معدّلاته
ووتيرته وكثرة الحديث عنه في
الخطاب العام منذ مجيء أحمدي
نجاد، حتى أن هنالك الكثير من
الأشخاص المتطرفين حوله
يقنعونه بأن هناك مؤشرات إلى
قرب ظهور المهدي إلى درجة
إقناعه بأن المسألة النووية
ليست حاجة إيرانية للدفاع عن
نفسها وإنما مرتبطة بشكل مباشر
مع ظهور إمام الزمان. ومن
ثمّ يرون أن يكون للحكومة
الإيرانية موقفاً صلباً ضد
الضغوط الدولية، للحصول على
حقها في التكنولوجيا النووية،
لأن هذه المسألة هي واحدة من
الوسائل التي تُهيئ لظهور
المهدي وتمكنه من تحقيق العدل
في حربه الكونية، ومن ثمّ إقامة حكومة العدل الإسلامية
العالميّة.
ويأتي في هذا
السياق أيضاً ماقاله الرئيس
السابق لمجلس الشورى الإيراني/
محمد مهدي خروبي مع بدايات حكم
نجاد: إن عودة الإمام المهدي
ستحدث في السنتين المقبلتين. ويأتي
في هذا السياق مانشرته الصحافة
وماتداولته الأخبار مؤخراً عن
ظهور جماعات عراقية ضاقت عليها
الأرض بما رحبت فقراً وحاجة،
ومرضاً وجوعاً وتيهاً وجدت في
عودة المهدي المخلّص والمنقذ
والعادل حلّها ودواءها في زمن
الفساد والتشبيح والنهب. ولأن
هذا المهدي متعلق ظهوره بكثرة
القتل وإراقة الدماء والجور
والفساد في الأرض، فإن معظمها
توجه إلى ممارسة أعمال العنف
قتلاً وتفجيراً مما نسمع عنه
ونشهده من كثرة المجازر والقتل الجماعي
والعمليات الانتحارية في مناطق
عراقية متعددة لتدفع بالمهدي
المنتظر أن يظهر، لأن ماهو
موجود ابتداءً يبدو غير كاف
لظهوره. وإذا
استدعينا مايقال في هذا المجال
من حلفاء إيران في لبنان وعداً
ووعيداً وتهديداً بقطع الأيدي
والألسنة والرؤوس والحرق
والتدمير وإشعال المنطقة
خراباً ودماراً وانتحاراً، وأن
رمي الصهاينة خارج فلسطين أمره
وشيك، وأن وقتهم وعهدهم قارب
على الانتهاء، وأن نهار الأمة
الواحدة بين عشية وضحاها،
وأضفنا إليه كلام الرئيس
السوري في مناسبات مختلفة ولعل
أهمها ماقاله في بداية ولايته
الثانية في تموز/ يوليو الماضي
أمام مجلس الشعب: إن عام 2007 .. هو
عام مصيري ..نحن طبعا فى النصف
الثاني وبقي منه بضعة أشهر.. هذا
العام وربما أشهر من هذا العام
ستُحدّد مصير ومستقبل المنطقة
وربما العالم كله.
فإنه يتأكد أننا أمام خطاب
من طهران حتى غزّة مروراً
بالنظام السوري وحزب الله في
لبنان سمته التحدي، وبمثابة
نذير للناس عن أيام منتظرة
ولإمام نووي منتظر، يراها البعض
أيام نصرٍ وبشارةٍ وقيامةٍ
وتمكينٍ وزوالٍ للدولة
الصهيونية ودليلهم تصريحات
وتحليلات وتهديد ووعيد، ويراها
البعض أياماً نحسـات سـوداء في
سنين عجاف من تجارب قديمة حملت
نفس الخطاب السابق وكأنها فيلم
هندي معاد ومكرور. خطاب
اختلطت فيه السياسات بالدين،
والأماني بالحقيقة، والدجل
بالصدق، والعهر بالفضيلة،
والممانعة والمقاومة بالصفقات
والمقايضة. خطاب كل مافيه هرج
ومرج ولكن الثابت فيه أنه خطاب
معاد ومكرور أمام ذاكراةٍ
مثقوبة. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |