ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
غزة
أو لعبة البلاي ستايشن أ.عزالدين
الوافي
لم يتردد القادة العسكريون
للآلة الجهنمية في إسرائيل من
جعل غزة حلبة من حلبات لعبة
يمارسها ملايين الأطفال في
العالم بهدف
التسلية وتمضية الوقت حيث
التمرن على القتل ومعاودته مرات
عديدة دون أن يكلوا أو يملوا أو
تأخذهم شفقة بمخلوقات
تحت رحمة نيرا نهم .الفرق
بين هو أن تلك لعبة بينما واقع
الحال في غزة أن الضحايا من دم
ولحم. القتل يتحول عند الصهاينة
إلى لعبة تفرغ بطاريتها لتملأ
من جديد بغسل الدماغ والحقد
المركب والمغروس حتى النخاع في
وعي القتلة.
ترسخ مثل هذه الحماقات التي
يقترفها مهرجون ينوون إضحاك
العالم الاعتقاد بأن هناك رغبة
ما في سفك الدماء وعرض مشاهد
الخراب لخلق طاحونة وقودها
النار والدم. أتصور أن حاجة
السفاح غير السوي ليتبجح
بأفعاله على مرأى الوسائط
الإعلامية تحقق لديه تلك المتعة
المرضية في الاستعراض أمام
مستهلكي الصور في بقاع المعمور
حيث يتحول العالم بأيدي هؤلاء
المهرجون إلى شهب نارية تصيب
الأرض والعباد.
لقد بات التعود على مشاهدة
صور التقتيل وقطع الرؤوس
والتنكيل عملة سائدة ولو أثناء
وجبات الأكل أو الراحة.بتنا
نستسيغ الجمع بين الدم
والماء،الضحك والبكاء ، الصمم
والاستهتار بالنجدة أوالدعوة
للشفقة.لا شك أن هذه الصناعة
الإعلامية التي لن تدور إلا على
ضلوع المكلومين سواء في الجزائر
أو أفغانستان أو فلسطين في حاجة
دائمة ومستمرة لصور القتل
وكأننا استنفذنا صور وأخبار
الجمال ولم يعد
في عالمنا سوى القبح والصديد.
إن هذه السادية في القتل كما
كشفت عنها غزة والمنقولة مباشرة
من معرض حي تعرض فيه الكاميرا
حدود الجنون والسقوط في خبل
الجحيم الذي يركب على عبث
المعنى ليحقق شهوة مخيلة بلغت
عدوانيتها نقض خصائص العقل
لبشري في التمييز بين الشجر
والحجر وبين المادة
والبشر.ويبدو أن هذه النشوة
والتلذذ في القتل يرومان خلق
نصر يوغل في القتل مع تعطيل
ملكات العقل الأخرى.
لا يمكن للتحليل النفسي أن
يشرح جرائم العدو وتجاربه على
مخلوقات آدمية وكأن غزة مختبر
لا بد أن تنزل فيه إنسانية
الإنسان إلى أدنى مستوى فتصبح
النرجسية وتضخم الأنا علامتان
بارزتان في جموح إمبراطورية
الشر هاته.
إن التنويع في أشكال
التعذيب وأجناس المعذبين وسنهم
تقدم وكأنها أطباق متنوعة من
مشاهد الرعب بدء بأشلاء آدمية
وحيوانية مشوية ومسلوخة
،ومرورا بأجساد بضة لكنها
مبتورة ومهشمة، مكسرة ومكلومة.
فهذا الغنى والتنوع في لوحات
التقتيل الآتي بحرا وبرا وجوا
يستحق أن ينتج معجما لا يمكن إلا
أن تكون آلات إنتاجه
إما الكوارث الطبيعية التي
تبقى قدرية أو أفلام الرعب أو
طواحين القتل الصهيوني.
أعتقد أن الكاميرات التي
تسمح للعالم كي يقف عند حجم
غطرسة العدو وزهوه بقتل أبرياء
تغني عن مشاهدة أفلام الرعب بل
تتفوق عليها لأنها حقيقية
ومباشرة ومن دون مؤثرات بصرية
أو صورية.التعود على مشاهدة مثل
هذه الصور التي لعقلية الويسترن
فيها حقوق وأسبقية التأليف
والطبع والتوزيع سيجعلها تستقر
في ذاكرة البشرية لأعوام ثم
تعود لتنشيطها من حين لحين حسب
جموح الرغبة في القتل والزج
بمرشحين جدد للاكتواء بنيران
فرنها الأطرش.فهي لابد
أن تكون بمثابة مذكرة يومية
بظلال الشر القابع في ثنايا
النفوس المريضة. لا يمكن
للعقل والعدل أن يحاكما الجنون
والظلم أو يفهمان بعضهما. وبقدر
ما أن المرء لا يمكنه إلا أن
يستنكر ويغير المنكر بقلبه
ستبقى العين شاهدة على صور
البشاعة والقلب في ركنه يتألم ويتحسر.الصمت
يسود والوحوش
تفتك بضحاياها ولعبة
البلاي ستيشن مستمرة. *كاتب
وناقد سينمائي من المغرب
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |