ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عُربان
اليوم سُكارى وما هم بسُكارى: متآمرون
وليسوا بمغيبين د.
أسامه محمد أبو نحل*
في التاسع عشر من كانون ثانٍ
(يناير) 2008م، كنتُ قد كتبت
مقالاً بعنوان "عُربان اليوم
والردة إلى عصر الجاهلية"،
وكنتُ قد ذكرت فيه أن عُربان
اليوم ليسوا هم عُربان الأمس،
الذين كانت تدب فيهم النخوة
لنصرة أقوام عربية وإسلامية.
وقلتُ أن العالم العربي اليوم
بالذات مهلهل، باتت عيوبه ظاهرة
للعيان، ولا يمكن مداراتها
وتغطية سوءاتها؛ الأمر الذي جعل
بعض المتنفذين يستلذَّ الهوان،
صورة بتنا نقرأها كل يوم، حتى
أصبحت معتادة لنا!. إنَّ عُربان
اليوم إضافةً إلى ما سبق ذكره،
باتوا في حالةٍ ميئوسٍ منها من
التغيُّب عن الوجود، كأن الطير
على رؤوسهم، سُكارى من هول ما هم
فيه من الذلِ والهوان، مغيبون
عن الوجود بيدهم لا بيد عمرو،
كأنهم أدمنوا تعاطي المخدرات أو
إدمان الخمر، لينسوا ما هم وبني
جلدتهم ما فيه من مهانة. لن
أتناول حكامهم بشيء، لأن
الأخيرين باعوا كل شيء، وقبل أي
شيء باعوا مروءتهم ووطنيتهم
للأجنبي، أما عُرباننا فيبدو
أنهم استلذوا هوان حكامهم،
فقرروا مجاراتهم على ما هم فيه؛
لذا باتوا سُكارى وما هم
بسكارى، فتجرُّع الذل والهوان
أضحى ديدنهم عن سابق قصد منهم.
إن من رأى صور ضحايا غزة
نتيجة المحرقة التي قررها حكام
تل أبيب صباح الفاتح من آذار (مارس)،
أي بالأمس القريب لا بد وأن
اقشعرَّ بدنه وانتفض، حتى لو
كانت تلك الضحايا حيوانات لا
قيمة لها، فما بالكم وهؤلاء
الضحايا هم أهل فلسطين
المرابطون على ثراها، للدفاع عن
مقدسات المسلمين. من رأى هذه
المناظر البشعة قطعاً سوف يتأثر
بها، وتأخذه الحمية، حتى الصخر
سوف يتأثر بها، بدلالة أن الصخر
ينفلق لتخرج منه المياه، أما
عُرباننا فلا يتأثرون البتة لأي
شيء، وكأن الأمر لا يعنيهم لا من
قريب ولا من بعيد.
كل من تقاعس وخذل واستهوى
القعود على المساندة في بيته من
عُرباننا أصبحوا في حالةٍ ميؤسٍ
منها، لا هم بالرجال ولا هم إلى
النساء أقرب، فهم أضحوا بين
الحالتين، وقطعاً لن نشبههم
بالنساء، لأن النسوة أكثر مروءة
وكرامة منهن، فهن يتأثرن
ويتفاعلن مع ما يرونه ويسمعونه.
أما تنابلة العُربان فهم
سُكارى، عدوهم يفعل بهم وبشرفهم
الأفاعيل، على مرأى ومسمع منهم
دون أن يحركوا ساكناً.
نحن لا نتوقع منهم أن يفيقوا
من سكرتهم، ولا نتوقع منهم أن
يثأروا ولو لمرةٍ واحدة للدم
الفلسطيني المسفوح على أرض غزة،
فإذا كانوا لم يتحركوا أصلاً
لحماية ونصرة مقدساتهم في القدس
الشريف، فكيف لهم أن يتحركوا
لنصرة الدم المًُراق على أرض
المحشر والمنشر.
يا أهل فلسطين لا تعولوا
كثيراً على من فقد أدميته من بني
جلدتكم، فتوكلكم على الله هو
مفتاح عزكم ونصركم. أنتم أفضل
حالاً منهم، فعلى أقل تقدير
أنتم تملكون كرامة وأنفة، غير
موجودة عند بني جلدتكم من
التنابلة. وها قد أرغمتم عدوكم
بفضل توكلكم على الله على
التراجع والتقهقر، رغم فقدان
الأعزاء.
ورغم وجود هؤلاء التنابلة
المتآمرون عليكم، إلاَّ أنه
يوجد بين العرب من لا يزال يحتفظ
بكرامته ومروءته، ويرفض أن يكون
تنبلاً، كما هو حال الجماهير
المصرية التي خرجت رافضة لكل ما
يتعرض له أهل غزة من قهرٍ وقتلٍ،
وحال بعض أعضاء البرلمان المصري
الذين اعتصموا داخل أروقة
البرلمان المصري، تعبيراً عن
رفضهم للتأمر العربي على القضية
الفلسطينية، وهذا حال بعض
الجماهير العربية في بعض
البلدان العربية ولو على
استحياء.
ورحِم الله الشاعر الأندلسي
أبو إسحاق إبراهيم بن مسعود بن
سعيد التجيبي، ولقبه الألبيري
عندما قال في قصيدةٍ فجرّت ثورة
في فترةٍ ساد فيها اليهود على
قومه في القرن الحادي عشر
الميلادي، موجهاً كلامه إلى
زعيمه باديس بن حبوس الصنهاجي:
وقد
ناهضوكم
إلى ربكم
فما تمنعون
ولا تُنكرون وقد
لابسوكم
بأسمارهم
فما تسمعون
ولا تبصرون
وقال في ختام قصيدته: ولا تحسبنْ
قتلهم غدرةً
بل الغدرُ
في تركِهم
يعبثون وقد
نكثوا عهدنا
عندهم
فكيف
تُلام
على
الناكثين وراقب
إلاهَكَ
في حزبه
فحزبُ
الإله همُ
الغالبون
أين شعراؤنا الآن لكي تتفتق
قريحتهم عن قصيدةٍ يفجرّون بها
ثورة ضد تنابلة العُربان،
تخرجهم من حالة السُكر التي
تمادوا فيها، ألم يقول شاعرنا
يوماً: أخي جاوزَ الظالمونَ
المدىَ
فحُقَّ الجهاد وحُقَّ الفدا
تُرى هل سيحصل هذا غداً،
فلننتظر فإن الغد لناظره قريب،
فإما تكون لقوميتهم مكان بين
أمم الأرض، أو سيُدفنون كالجيف
المنتنة كما ستُدفن قوميتهم،
التي لم يعد منها سوى الاسم فقط. *أستاذ
مشارك في التاريخ الحديث
والمعاصر - جامعة
الأزهر – غزة ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |