ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ديمقراطية
(تفصيل)... وحسب المقاس الطاهر
إبراهيم* يتساءل المواطن
العربي، ثم المسلم: هل إن ما
يحصل في بلادنا، من تغييب
للمواطن عن المشاركة في صنع
سياسات بلده لأنه غير أهل
للمشاركة؟ أم لأن ذلك يتم بفعل
فاعلٍ لايريد الخيرَ للمواطن
والوطن على حد سواء؟ إذا كان
تغييب المواطن عن الجو السياسي
في بلده يختلف باختلاف أنظمة كل
بلد، فإن القاسم المشترك لأحوال
الحكومات في المنطقة، عربيها
ومسلمها، أنها جميعا تزعم أنها
أنظمة ديمقراطية جاءت عن طريق
صناديق الاقتراع! لكن ما هو شكل
هذه الديمقراطية المزعومة؟
فذلك يختلف باختلاف عبقرية حكام
تلك الحكومات كل على حدة. أكثرنا صفق لقيام
الثورة الإسلامية في إيران،
كأول ثورة شعبية تنجح بطرد
حاكمٍ مستبدٍ ظالمٍ ،لطالما قمع
شعبه ونكّل به وامتص خيراته.
وكان الأمل أن تكون هذه الثورة
فاتحة ثورات تمتد إلى البلاد
المجاورة. لكن يا لخيبة فألنا.
ذهب "شاه" يعتمر القبعة
الإمبراطورية ليأتي بعده "شاه"
آخر هو "الولي الفقيه"
يعتمر عمامة سوداء ويحكم باسم
الإمام الغائب الذي لوخرج من
"السرداب" الذي اختفى فيه
وينتظرون ظهوره -كما يزعمون- إذن
لبادر الولي الفقيه إلى قتله
حتى لا يفسد عليه سلطانه. وقد
رأينا الولي الفقيه لا يسأم من
اختراع أشكال مختلفة
للديمقراطية، ما أنزل الله بها
من سلطان. "أبو الحسن بني صدر"
صاحب الوجه المبتسم دائما، نجح -كأول
رئيس للجمهورية- بنسبة كبيرة
جدا من أصوات الناخبين أمام
منافسه مرشح الملالي. ثم لم يمض
أكثر من سنة على انتخابه حتى
طُرِدَ من الحكم، ثم من إيران،
"في ليلة ما فيها ضوء قمر".
وحتى لا نغرق حديثي الأعمار في
أحداث لم يشهدوها، نذكّر بأن
"غربال" الولي الفقيه التي
مثلتها "مصلحة تشخيص النظام"
التي اخترعها ورأسها "هاشمي
رفسنجاني" بعد أن استنفد
فترتي رئاسته في الحكم ليبقي
هيمنته على السلطة، فكان يتم
غربلة المترشحين للانتخابات
النيابية، فتسقط كل من ليس على
"مقاس" الولي الفقيه. وهو
ما حصل في الانتخابات النيابية
الأخيرة، حيث رفض قبول ترشيح
أكثر من 2000 مترشح من
الإصلاحيين، ومع ذلك يسمونها
انتخابات ديمقراطية. ويبقى أن
المواطن في بلدان عربية كثيرة،
كان يتطلع إلى ما يتمتع به شقيقه
الإيراني من هامش ديمقراطي رغم
ضآلته ومحدوديته. هذا الهامش رغم
ضآلته، منعدم في معظم الأنظمة
العربية التي تفاخر –زورا
وبهتانا- بأن فيها ديمقراطية
وانتخابات، بينما هي أغلقت
حدودها حول مواطنيها، حتى
لاتكاد تجد "خرم إبرة"
يتنفس منه المواطن من هواء
الحرية والديمقراطية. هذا حال
مواطني العراق الجار الغربي
لإيران، قبل أن تحتله أمريكا في
نيسان عام 2003. المواطن العراقي
–شيعيا كان أم سنيا- أصبح الآن
يترحم على أيام "صدام حسين"
التي كان الاستبداد فيها يعم
الجميع، وبالسوية، ليس طائفة
دون أخرى، بعد ما تسلط على
العراق نظام طائفي دموي "ألعن
وأدق رقبة" منه في عهد "صدام
حسين"، الذي فاقم الحصار
الأمريكي للعراق قبل الاحتلال
معاناة العراقيين. ومع ذلك نجد
الرئيس الأمريكي "جورجw
بوش" يعتبر أن عراق اليوم هو
واحة الديمقراطية في صحراء
الدول العربية القاحلة
المجاورة للعراق. إذا تابعنا غربا
وتخطينا حدود العراق إلى سورية،
سنجد نوعا آخر من الديمقراطية
لا تكاد تجد مثيلا لهافي كل بلاد
العالم في استغراقها للمفاهيم
المعكوسة، بدءاً من انتخابات
أعضاء مجالس الشعب -الذي يعين
ثلثا أعضائه من بين أعضاء حزب
البعث، ويعتبرون ناجحين قبل
إجراء الانتخابات- وصولا إلى
حصر رئاسة الجمهورية في شخص
واحد يطرح اسمه للاستفتاء عليه
وحيداً دون منافس، ما جعل أحدهم
يشبه هذا الاستفتاء بسباق للخيل
لا يوجد في مضماره إلا حصان واحد.
وعليه فلا يعتبر انتخاباً حراً
ما يجري في سورية. الانتخابات
والاستفتاءات ليسا الممارسة
الوحيدة التي تتناقض فيها
الأسماء مع المسميات في سورية.
بل يكاد يَطّرِد الأمر في معظم
نواحي النشاط السياسي. فأجهزة
الأمن يقترن معها –تلقائيا-
إحساسُ المواطن بانعدام الأمن.
ودولة القانون تعني حكماً قانون
الطوارئ، وهلم جرا ... للأمانة،
فإن هذا هو حال معظم الأنظمة
العربية. اعترافا بالفضل
لأهله،فإن نظام الحكم في مصر
استطاع أن يفتح كوةً
للديمقراطية في جدار الاستبداد
السميك. فإلى حدّ ما يسمح بأن
"يعيش الذئب من دون أن يفنى
الغنم"، فيسمح في انتخابات
مجالس الشعب المصري للمرشحين من
خارج الحزب الوطني الحاكم
بالترشح للانتخابات النيابية.
وتجري الانتخابات تحت رقابة
مراقبين دوليين. لكن لا بأس بعد
ذلك أن يتم إسقاط نواب للمعارضة
نجحوا وسجّل القاضي فوزهم في
محضر الانتخاب. كما أن رئيس
اللجنة العليا للانتخابات –رغم
نجاح المرشح المُعارِض- كثيرا
ما يعلن فوز مرشح الحزب الوطني
كما هو الحال في الانتخابات
الأخيرة. فعلى سبيل المثال لا
الحصر، ترشح عضو من الإخوان
المسلمين في مواجهة الدكتور "مصطفى
الفقي" مرشح الحكومة. فبحسب
القاضي المشرف على فرز الأوراق،
فإن مرشح الإخوان هو الذي نال
أكثر الأصوات، إلا أن الدكتور
مصطفى الفقي هو الذي اعتبر
فائزا، ويرأس إحدى اللجان في
المجلس الحالي. وعلى غرار ما كان
يحصل في سورية، فإنه يستفتى في
مصر على رئيس الجمهورية، إلا ما
كان في الفترة الرئاسية الأخيرة
حيث سمح –ولو بروتوكوليا- بترشح
آخرين إلى جانب الرئيس "حسني
مبارك". مع ذلك تم التفتيش في
صحيفة سوابق أحد المترشحين،
ليعثر على مخالفات له، -كانت
أجهزة الأمن تعرفها من قبل- أحيل
بعدها إلى القضاء وحكم بسجنه. ليس النظام المصري هو
النظام الوحيد الذي يحجّم
الإسلاميين في الانتخابات. فقد
رأينا ما حصل في الجزائر عام 1992،
وما حصل في تونس بعد الانقلاب
على "بو رقيبة". وهناك دول
تحدد ابتداء عدد المقاعد التي
يسمح للاتجاه الإسلامي بالفوز
فيها، بعدها يعتبر ناجحا أي عضو
حصل على الأكثرية في أي مرحلة من
مراحل الفرز، وبعدها يوقف الفرز
عند هذه المرحلة لقطع الطريق
على مرشح الاتجاه الإسلامي،
فيما لو أكمل تعداد الأصوات. غير أنه يسجل لنظام
الحكم في مصر أن القضاء المصري
ما يزال يقول كلمته في مواجهة
تعسف الأجهزة الأمنية، -وهذا
ليس موجودا في غير النظام
المصري من الأنظمة القمعية- رغم
أن وزارة الداخلية المصرية
كثيرا ما توقف تنفيذ الأحكام،
خصوصا إذا كانت لصالح جماعة
الإخوان المسلمين. *كاتب
سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |