ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سيد
قطب ضد العنف الحلقة
الخامسة : سيد قطب من عام 1954 -1962م د.منير
محمد الغضبان* سبق
وتحدثنا في السنوات الماضية عن
سيد حتى اعتقاله الثاني في 26
اكتوبر 1954 , كما تحدثنا برأيه
الكامل أن حادثة المنشية
المزعومة في محاولة اغتيال عبد
الناصر من الإخوان المسلمين ,
ومذبحة ليمان طرة عام 1957 , هما
حادثتان مدبرتان لتدمير
الإخوان المسلمين ,واعتقال
قياداتهم , وإعدامهم سيد
قطب . التعذيب والمحاكمة : (ثم
كانت حوادث 1954 م فاعتقلت مع من
اعتقلوا في يناير , وأفرج عنهم
في مارس . ثم اعتقلت بعد ذلك في
حادث المنشية في 26 أكتوبر –تشرين
الثاني كذلك . واتهمت بأني من
الجهاز السري ورئيس قسم
المنشورات به .ولم يكن شيئا من
هذا كله صحيحاً)(قطب, لماذا
أعدموني -13) و ( بعد
أقل من شهر من اعتقال سيد قطب ,وقيادات
وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين
. شكلت لهم محاكم عسكرية , سميت
"محكمة الثورة "ورؤساؤها
وقضاتها هم
ضباط الجيش . وكان يرأسها جمال
سالم , وكانت بعضوية : أنور
السادات , وحسين الشافعي .وكان
الضباط الثلاثة أعضاءً في مجلس
قيادة الثورة . وكان نصيب سيد من
التعذيب كبيراً , وأدى إلى
مضاعفة أمراضه , المستوطنة في
بدنه . وإصابته بأمراض أخرى . في شهر
نوفمبر 1954م حاكمت المحكمة
المرشد العام ( حسن الهضيبي ) وفي
مساء يوم الإثنين 22نوفمبر
استدعت المحكمة سيد قطب ليكون
شاهداً في محكمة الهضيبي .وسألته
المحكمة عدة أسئلة عن صلته
بالهضيبي . أجاب عليها بجرأة
وصراحة وشجاعة . وكان الكلام عن
خطة الإخوان في مقاومة عبد
الناصر عامي 1953م و1954م. وعن
التنسيق بينهم وبين الجيش , وعن
المنشورات التي كانوا يصدرونها
. وعن دور سيد فيها , وعن رأيه في
تلك الأحداث ) سيد للخالدي ص 348
عن مجلة المجتمع عدد 539 – ص 26 – 27
. سيد
يري القضاة آثار التعذيب : في
إحدى محاكمات الإخوان أمام
محكمة جمال سالم عام 1954 وبعد
شهرين من إحضار سيد من السجن إلى
المحكمة شاهدا في محاكمة حسن
الهضيبي استدعي سيد شاهدا مرة
أخرى وكان خلال الشهرين قد تعرض
لتعذيب رهيب بحيث أصيب بنزيف
رئوي شديد ولما دخل قاعة
المحكمة دار بينه وبين رئيسها
جمال سالم الحوار التالي : جمال
سالم : يبدو عليك التعب يا أستاذ
سيد فهل أنت تعبان ؟ سيد
قطب : نعم ، لأني كنت واقفا على
قدمي ست ساعات قبل دخولي
المحكمة . جمال
سالم : وماذا يعني هذا ؟ كلنا نقف
مددا طويلة . سيد
قطب : ولكننا نحن الإخوان
المسلمين تطبق علينا في السجن
مبادئ الثورة ونزع سيد قطب
رداءه عن جسمه أمام الحضور
فظهرت لهم على جسمه آثار
التعذيب الشديد فاضطر جمال سالم
إلى رفع الجلسة فورا ) سيد
للخالدي 348 -349
عن مجلة المجتمع 25/أغسطس /1981
. محاكمته
السرية والحكم عليه : ( في
اليوم الثالث من شهر آيار سنة 1955
نقل إلى المستشفى العسكري
للمعالجة مما أصابه من آثار
التعذيب والأمراض المختلفة
التي خلفها سجنه الرهيب في جسده
الطاهر مرضا صدريا وأزمة قلبية
ورماتيزم في معظم أعضاء جسمه
المعذب المكدود وفي الثالث عشر
من تموز سنة 1955م حكمت محكمة
الشعب أو قل " مهزلة الشعب "
على الرجل المبتلى والعالم
الرباني بالسجن لمدة
خمسة عشر عاما مع الأشغال
الشاقة وكان الحكم غيابيا لعدم
استطاعته حضور الجلسة من جراء
ما أصابه من إعياء ومرض وتعذيب
... ولما
سمع الحكم بسجنه خمسة عشر عاما
اعترض عليه مستهزئا : إنها مدة
قليلة فأين حكم الإعدام " سيد
للخالدي 349 – 350 عن سيد للعظم -39 . سيد
محاكمته وتعذيبه بلسانه : ( ....
كنت في طرة معتقلا ولم يصدر علي
حكم بعد ولم أحاكم , وذلك بسبب
تمزق في الرئتين ونزيف حاد
اقتضى نقلي من السجن الحربي في
25/يناير /كانون الثاني 1955 إلى
مصحة ليمان طرة للعلاج , وفي
أبريل /نيسان كانت حالتي تحسنت
نوعاً ما , وتقرر إعادتي للسجن
الحربي لتقديمي للمحاكمة... ثم
حوكمت وعدت إلى ليمان طرة ...
ورحل بعدها عدد من الإخوان
وفيهم كبار المسؤولين وكل أعضاء
النظام الخاص ...) لماذا أعدموني /مقتطفات
21-26 سيد في
مستشفى سجن ( طرة ) : ( لم
تكن إمكانات العلاج في مستشفى
ليمان طرة تناسب أمراضه , ولم
تكن قادرة على وقف تدهور صحته ,,
فالرئة تتعرض لحالات من النزيف
المفاجئ .. والمعدة والأمعاء
تتعرض لنوبات تتوقف من التقلصات
.. والقلب بدأ يضاعف من
ضرباته إلى أن وصل إلى مرحلة
الأزمة , وكان أن بذلت محاولات
عديدة من خارج السجن لنقله إلى
مستشفى متخصص للعلاج , لكن كل
هذه المحاولات لم يكتب لها
النجاح -وكان-
بعد حد من التدهور أن قررت
اللجنة الطبية العليا لمصلحة
السجون نقله إلى مستشفى المنيل
الجامعي , وفي هذا المستشفى كشفت
الأجهزة الطبية الحديثة أنه
يقترب من حالة – الذبحة الصدرية
وبعد
ستة أشهر قضاها في مستشفى
المنيل الجامعي , عاد إلى مستشفى
ليمان طرة .. وفي العام التالي
تدهورت صحته من جديد , فعاد إلى
مستشفى المنيل الجامعي مرة أخرى
لمدة ستة شهور أخرى رجع بعدها
إلى مستشفى ليمان طرة ) سيد قطب
لـ : عادل حمودة /159 سيد
قطب الجديد : كثيرون
يعدون التطور الفكري عند سيد
قطب بأنه ردة فعل للتعذيب
الرهيب الذي نزل به وهؤلاء
الذين يفعلون ذلك يحبون سيد
رحمه الله , ولكنهم يعذرونه
بأطروحاته الفكرية الجديدة
ويعتذرون عنه ، فهو موقف عاطفي
متطرف لموقف الحاكم الظالم
المتطرف . وسيد
رحمه الله لم يكن بحاجة لاعتذار
أحد عنه . نعم
لقد لاقى من صنوف التعذيب
الكثير كما أوردنا من قبل .
ولكنه بعد أن انتهت محاكمته ،
وصدر الحكم عليه أصبح ينتقل بين
مستشفى (طرة ) ومستشفى ( المنيل
الجامعي ) وهو بعيد عن الإيذاء
في مستشفى السجن يقضي مدة
محكوميته ولذلك لم يتعرض فيه
إلى تعذيب لأن تعذيبه البدني
توقف بعد محاكمته والحكم عليه ,
ووجوده في المستشفى أحسن من
وجوده في العنابر والزنازين وقد
كان السجانون يحترمون سيد لأنه
بشخصيته وحياته وسلوكه قد
أجبرهم نفسيا على احترامه
وتقديره . ولهذا كانوا يخففون
الرقابة عنه ويتسامحون في
معاملته . فكانت عنده بعض الكتب
والمراجع ومن مستشفى السجن ألف
كتبا إسلامية ناضجة ، خرجت
أصولها من السجن إلى المطبعة )
سيد قطب ، عادل حمودة/131 نعم لو
قلنا أن ما لاقى إخوانه –
قيادات وجنودا – من تعذيب كان
أحد العوامل وليس العامل الوحيد
لإعادة النظر في منهجه الفكري .
لكان الكلام صحيحا خاصة وقد نص
هو على ذلك . وفي مرافعته
الأخيرة قبل استشهاده رحمه الله
يبرز ذلك بعد حديثه عن مؤامرة
سجن ليمان طرة عام 1957 ، واستشهاد
واحد وعشرين منهم ، وجرح حوالي
ذلك . الفقه
الحركي الجديد : الحركة
الإسلامية تبدأ من القاعدة : يقول :
أعود الآن إلى سرد الحوادث وفق
الخط الزمني التاريخي وأوجه
النظر إلى أهمية الفقرات
التالية بوصفها قاعدة للتنظيم
الجديد الذي تقوم عليه القضية
الجديدة . الفقرة
الأولى : ضرورة وجود حركة
إسلامية : ( لقد
امتلأت نفسي اقتناعا بضرورة
وجود حركة إسلامية كحركة
الإخوان المسلمين في هذه
المنطقة ، وضرورة عدم توقفها
بحال من الأحوال .. الصهيونية
والصليبية الاستعمارية تكره
هذه الحركة وتريد تدميرها ،
ومخططاتها الواضحة من كتبها ومن
إجراءاتها ومن تقريراتها ومن
دسائسها تقوم كلها على أساس : -
إضعاف العقيدة الإسلامية - ومحو
الأخلاق الإسلامية -
وإبعاد الإسلام عن أن يكون هو
قاعدة التشريع والتوجيه وذلك -
للوصول إلى تدمير العقائد
والأخلاق . -
وبالتالي تدمير المقومات
الأساسية للمجتمع في هذه
المنطقة -
وإحداث انهيار يسهل معه تنفيذ
تلك المخططات -
وساعد على نشر الأفكار
الإلحادية . -
والانحلال الأخلاقي . ) لماذا
أعدموني / ص 27 الفقرة
الثانية : الإخوان المسلمون
تدبر لهم المذابح : ( ....
الإخوان المسلمون تدبر لهم
المذابح في حادث المنشية وحادث
طرة ، جمعية الفلاح عن طريق
أعضائها القريبين من رجال
الثورة ، تشحن الجو بالتوتر
والمخاوف ، وتعمل على توسيع
الهوة وتعميقها .. التعذيب
والقتل والتشريد ينال الألوف من
العناصر المتدينة المتمسكة
بالأخلاق ، المخلصة الأمينة ،
وبيوتهم وأطفالهم ونسائهم .. إلى
آخر هذه الصورة المفزعة الكئيبة
، هذه هي الحصيلة التي تجمعت لدي
فيما بين سنة 1954 وسنة 1962 ليس
معنى ذلك أنه لم تكن هناك أخطاء
إطلاقا في حركة الإخوان ولكنها
إلى جانب تلك الحصيلة تعد ضئيلة
) لماذا أعدموني /28 الفقرة
الثالثة : إن الحركة الإسلامية
يجب أن تستمر . ( إن
الحركة الإسلامية يجب أن تستمر
إن القضاء عليها في مثل تلك
الأحوال يعد عملا فظيعا جدا ،
يصل إلى حد الجريمة .. إن الأخطاء
الحركية يمكن أن نستبعد ويمكن
الاستفادة من التجربة في تجنبها
وبعد
مذبحة طرة لم يعد في الليمان أحد
من الإخوان معي إلا الأخ يوسف
هواش ، والأخ محمود زهدي سلام ،
وهذا الأخير بحكم ثقافته
المحدودة لا يتمكن من المشاركة
في أي تفكير من هذا النوع ، فلم
يبق معي إلا هواش ) لماذا
أعدموني/28 . بعد
تشخيص هذا الواقع . ودراسة واقع
الإخوان المسلمين . برزت
عناصر ثلاثة تمثل الفكر الحركي
الجديد لسيد قطب . العنصر
الأول : التشابه بين الحركة
اليوم وموقفها من مجتمعاتها
شبيهة بالحالة في العهد المكي العنصر
الثاني : التشابه من حيث الجهل
بحقيقة العقيدة الإسلامية .
وليس فقط البعد عن النظام
الإسلامي والشريعة الإسلامية . العنصر
الثالث : وجود المعسكرات
المعادية للإسلام في الواقع
اليوم والواقع في العهد المكي
وقد لخص هذه العناصر الثلاثة
بقوله في مرافعته : ( وبعد
مراجعة ودراسة طويلة لحركة
الإخوان المسلمين ، ومقارنتها
بالحركة الإسلامية الأولى
للإسلام أصبح واضحا في تفكيري –
وفي تفكيره كذلك ( هواش ) أن
الحركة الإسلامية اليوم تواجه
حالة شبيهة بالحالة التي كانت
عليها المجتمعات البشرية يوم
جاء الإسلام أول مرة من ناحية
الجهل بحقيقة العقيدة
الإسلامية والبعد عن القيم
والأخلاق الإسلامية ، وليس فقط
البعد عن النظام الإسلامي
والشريعة الإسلامية ، وفي الوقت
نفسه توجد معسكرات صهيونية
وصليبية استعمارية قوية تحارب
كل محاولة للدعوة الإسلامية
وتعمل على تدميرها عن طريق
الأنظمة والأجهزة المحلية .
بتدبير الدسائس والتوجيهات
المؤدية لهذا الغرض ) لماذا
أعدموني /29 الأسلوب
الخطأ : ولأن هذا الفهم الجديد
لم يكن قائما لدى الحركة
الإسلامية من قبل , ولأنها كانت
تؤمن بأن الخلل فقط في الأنظمة
الحاكمة وبعدها عن النظام
الإسلامي والشريعة الإسلامية
كانت – بناء على ذلك – تتبع
نموذجين من العمل . النموذج
الأول : الانشغال والاستغراق
بالعمل السياسي , وتوجيه الجهد
لإصلاح خلل الأنظمة النموذج
الثاني : الانشغال بمطالبة
الأنظمة بتطبيق الشريعة
الإسلامية (....
ذلك بينما الحركات الإسلامية
تشغل نفسها في أحيان كثيرة
بالاستغراق في الحركات
السياسية المحدودة المحلية
كمحاربة معاهدة أو اتفاقية ,
وكمحاربة حزب أو تأليب خصم في
الانتخابات عليه , كما أنها تشغل
نفسها بمطالبة الحكومة بتطبيق
النظام الإسلامي والشريعة
الإسلامية بينما المجتمعات
ذاتها بجملتها قد بعدت عن فهم
مدلول العقيدة الإسلامية
والغيرة عليها , وعن الأخلاق
الإسلامية )لماذا أعدموني /28,29 الأسلوب
الصحيح : الابتداء من القاعدة في
خطين واضحين الخط
الأول : طريق تربية المجتمعات ,
وعدم الانشغال بالأنظمة الخط
الثاني : حماية الدعوة والحركة
من الإبادة بتدريب مجموعات
فدائية قادرة على هذه الحماية لقد
كان سيد رحمه الله في خطه الأول
– كما ذكر – يركز على التغيير
من فوق , لكن هذا التغيير ليس
بالقوة كما سبق وأثبتنا من قبل
ولكن بالمطالبة الدؤوبة
للأنظمة والمفسدين بالإصلاح ,
وإيضاح عوار هذه الأنظمة رفضه
للعنف في المرحلة السابقة : أ- في
الأربعينات وقبل انضمامه
للإخوان المسلمين أصدر مجلة
شخصية باسمه أسماها الفكر
الجديد (
وصدرت المجلة في يناير كانون
الثاني عام 1948, وكان خط المجلة
إصلاحياً اجتماعياً ثوريا , حيث
حارب فيها الفقر والظلم
والرأسمالية والأوضاع السياسية
والاجتماعية الفاسدة ,
والباشوات وأبناء الذوات ,
وانطلق من زاوية إسلامية
إصلاحية , حيث كان وقتها صاحب
نظرة إيمانية وحس إسلامي وإصلاح
ديني . وضاقت
الحكومة ذرعاً بالمجلة
وأسلوبها وحدتها , فأغلقتها بعد
ثلاثة أشهر من صدورها , وذلك في
آخر مارس آذار 1948, وقد صدر من
المجلة اثنا عشر عدداً وأقدم
فيما يلي قائمة
ببعض مقالاته في المجلة لتقديم
صورة عن قوة المقالات وحدتها 1-
فلنؤمن بأنفسنا : الفكر الجديد ,
العدد الثالث , يناير /1948م 2-
أفخاذ ونهود
: الفكر الجديد , العدد الخامس /يناير
1948م 3- أنتم
أيها المترفون تزرعون الشيوعية
زرعاً : الفكر الجديد , العدد
السادس , فبراير /1948م 4-
أولاد الذوات وبناتهم هم نتن
الأرض ولعنة السماء : الفكر
الجديد , العدد السابع , فبراير
/1948م 5-
تحرروا يا عبيد الأمريكان
والروس والإنجليز , الأمة مصدر
السلطات , يضعها عسكري بوليس
ويجلد بها الأرض : الفكر الجديد ,
العدد الثامن , فبراير 1948 6- يا
شباب الوادي , تأهبوا واستعدوا :
الفكر الجديد , العدد التاسع /1948 7- ليس
الشعب متسولاً , فردوا إليه
حقوقه , وهو غني عن بركم : الفكر
الجديد /العدد العاشر مارس 1948م) وتبلغ
الحدة ذروتها يوم اعتبر سقوط
فلاحَين شهداء هو ذروة الانتصار ( لقد
بدأنا في هذه المرة بدءاً
أكيداً لأننا بدأنا بدءاً
صحيحاً, لقد خر اثنان من
الفلاحين مضرجين بدمائهما
الطاهرة أولهما في كفور نجم
بتفتيش محمد علي .. والثاني في
يهوت في تقتيش البدراوي . لقد
سالت دماؤهما هذه المرة لا في
ثأر عائلي , ولا في معركة
انتخابية كما اعتادت سجلات
البوليس أن تسجل ولكنها سالت في
معركة الأرض , الأرض الطيبة التي
روت تربتها الملايين بالعرق
والدموع , ولم ينالوا منها شيئاً
ثم هاهم أولاء أخيراً قد بدأوا
يروونها بالدماء , ولن تخونهم
الثمرة هذه المرة لأن بذرة الدم
لم تخب يوماً في التاريخ لقد خر
أول شهيدين في معركة الأرض
المقدسة أردتهما الأيدي
الأثيمة , وسيتبعهما آخرين
حتماً فهذا الإقطاعي المجنون لن
يصبر على أن يرفع العبيد رؤوسهم
, ولن يطيق أن يسود أدب الرقيق في
حق الأسياد ولن يكف عن إراقة
الدماء , وإذن فلقد بدأنا إن
ملكية هذه الأرض الطيبة قد ردت
على أصحابها الحقيقيين , إن
وثيقة التملك السماوية قد كتبت
ولن تفسخ أبداً لقد كتبت
بالمادة التي لا تمحى , كتبت
بالدماء فإن لم تكن ذات الأرض قد
ردت بعد فإنها منذ اليوم تعد
مغصوبة , والاغتصاب لن يدون ...)دراسات
إسلامية /1953 وسيد
يرفض العنف بعد انضمامه للإخوان
المسلمين : إنه يتابع جهاد
الكلمة , وهاهو يستلم مجلة
الإخوان المسلمين التي قرر مكتب
الإرشاد إصدارها عام 1954 (
وأسند مكتب الإرشاد رئاسة تحرير
المجلة إلى سيد قطب .. أصدر
سيد من المجلة اثني عشر عدداً ثم
توقفت عن الصدور بتاريخ 5/8/1954
بعد تفاقم الخلافات بين الإخوان
المسلمين ورجال الثورة , وبسبب
تدخل الحكومة المستمر ضد المجلة
, ومنع الرقابة نشر كثير من
مقالاتها وأخبارها .. ومن مقالات
سيد فيها .. 1- بل
نقذف بالحق على الباطل العدد
الثالث, ص3 2-
الاتجاهات الثابتة للشعوب :
العدد الرابع الصفحة 3 3- هذا
الشعب يريد العدد السادس صفحة 3 4- صحوة
ليس بعدها سبات العدد السابع
صفحة 3 5- قضية
واحدة وأمة واحدة العدد الثامن
صفحة 3 الرسالة
الإسلامية والضمان الاجتماعي :
العدد التاسع صفحة 8) سيد
للخالدي 107-108 عودة
إلى التطور الجديد في الفكر
والموقف من العنف : لقد
كان يقول من قبل : ( إن
طاقتهم – أي الدعاة – يجب أن
تنصرف إلى تطبيق النظام
الإسلامي والشريعة الإسلامية
في كل جوانب الحياة , يجب أن
يطالبوا بأن يسيطر الإسلام على
نظام المجتمع وقوانين الدولة ,
وللتربية الإسلامية بأن تسيطر
على المدرسة والبيت والحياة ,
يجب أن يأخذوا الإسلام جملة
ويدعوه يؤدي عمله في الحياة
جملة فهذا هو الأليق بكرامة
الإسلام وكرماة دعاة الإسلام )خذوا
الإسلام جملة أو دعوه , دراسات
إسلامية /ص91و92 أما
الآن فماذا يقول : لابد أن تبدأ
الحركات الإسلامية من القاعدة : (
ولابد إذن من أن تبدأ الحركات
الإسلامية من القاعدة , وهي
إحياء مدلول العقيدة الإسلامية
في القلوب والعقول , وتربية من
يقبل هذه الدعوة , وهذه
المفهومات الصحيحة تربية
لإسلامية صحيحة , وعدم إضاعة
الوقت في الأحداث السياسية
الجارية , وعدم محاولات فرض
النظام الإسلامي عن طريق
الاستيلاء على الحكم , قبل أن
تكون القاعدة المسلمة في
المحتمعات هي التي تطلب النظام
الإسلامي لأنها عرفته على
حقيقته , وتريد أن تحكم به )لماذا
أعدموني 29 إننا
ندعو كل الدعاة إلى الله أن
يقفوا أمام هذه الكلمات الدقيقة
المعبرة عن فكر سيد بقلمه
وبأسلوبه. سيد
قطب ضد العنف : نواجه
بهذه الجملة كل الذين يتكلمون
باسم سيد , ويُفَجّرون باسم سيد ,
ويحاولون تغيير الأنظمة
الجاهلية بالقوة باسم سيد , وكل
دعاة التطرف الإسلامي الذين
يسمونهم جماعة سيد قطب ,
الجماعات الإرهابية , جماعات
العنف , ندعوهم إلى أن يسمعوا من
سيد ولا يتقولوا عليه
لقد
صار أبعد عن العنف في فكره
الجديد : فقد
كان في فكره السابق يطالب
الدعاة بأن تنصرف طاقاتهم إلى
تطبيق النظام والشريعة
الإسلامية أما اليوم وفي فكره
الجديد يطالب الدعاة ( بأن لا
تشغل نفسها بمطالبة الحكومات
بتطبيق النظام الإسلامي
والشريعة الإسلامية بينما
المجتمعات الإسلامية قد بعدت عن
فهم العقيدة الإسلامية والغيرة
عليها وعن الأخلاق الإسلامية )
لماذا أعدموني /29 التربية
هي الطريق الذي يطرحه للتغيير :وهو
أبعد الطرق عن العنف إن سيد
رحمه الله اختار
طريق تربية المجتمعات على
الإسلام قبل كل شيء , وحين نضع
دعاة التغيير من الدعاة
الإسلاميين نجده أبعد ما يكون
عن العنف - طريق
التغيير الثوري بالقوة وهو طريق
مرفوض عند سيد رحمه الله ( وعدم
محاولات فرض النظام الإسلامي عن
طريق الاستيلاء على الحكم) - طريق
التغيير السياسي والديمقراطي ,
وهو مرفوض عند سيد رحمه الله ,
وذلك حين ينتقد هذا الاتجاه
السابق بقوله : ( كما أنها تشغل
نفسها بمطالبة الحكومات بتطبيق
النظام الإسلامي والشريعة
الإسلامية , بينما المجتمعات
ذاتها قد بعدت عن مفهوم مدلول
العقيدة ) - طريق
تربية المجتمعات الطويل الذي
يختار به المجتمع بشكل طبيعي
وفطري الإسلام شريعة بعد أن
فقهه عقيدة ومنهج حياة ( لابد
إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية
من القاعدة , وهي إحياء مدلول
العقيدة الإسلامية في القلوب
والعقول , وتربية من يقبل هذه
الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة
تربية إسلامية صحيحة . عبث
وإضاعة وقت في الطريقين
السابقين : وهو
يقولها بصريح العبارة , لا
بالمدلول ولا بالإشارة يقول :
( وعدم إضاعة الوقت في الأحداث
السياسية الجارية , وعدم محاولة
فرض النظام الإسلامي عن طريق
الاستيلاء على الحكم , قبل أن
تكون القاعدة المسلمة في
المجتمعات هي التي تطلب النظام
الإسلامي لأنها عرفته وتريد أن
تحكم به . الحركة
الإسلامية اليوم , وأين تلتقي
وتفترق مع نظرية سيد: لعل
الحركات الإسلامية المعاصرة
تتمثل المنهج الوسط بين الطرق
الثلاثة فهي
ترفض نظرية التغيير بالقوة وهي لا
تمانع من المطالبة والعمل
لتطبيق الإسلام من خلال النظام
الديمقراطي , ولا ترى أن الخلل
قائم في العقيدة لدى جماهير
الأمة , إنما الخلل في بعض
مفاهيم خاطئة عن الإسلام , وحين
يتاح للدعاة إيضاح هذه الخلل من
خلال الإعلام أكثر من خلال
التربية , ويستشهدون على صحة
موقفهم بالواقع القائم فما من
انتخابات حرة في بلد عربي أو
إسلامي إلا كان الفوز فيه
للإسلاميين وهذا يعني أن
القاعدة التي يدعو سيد رحمه
الله لمطالبتها بالإسلام هي
تفعل عملياً
ذلك , من خلال الانتخاب الحر
النزيه والاقتراع السري في
صندوق الانتخابات . إننا
لو اختلفنا مع سيد رحمه الله , في
تركيزه على تربية القاعدة كلها
أو معظمها على الإسلام , ويرى
أنها لا تفقه مفهوم لا إله إلا
الله , لكن هذا لا يدفعنا إلى ظلم
سيد رحمه الله وتحميله ما لا
يحمل في أن طريق التربية الطويل
هو الطريق الوحيد للتغيير , ولا
وجود لذرة من العنف في طرحه
للتغيير كما نص صراحة على ذلك
حماية
الحركة والدعوة : ولعل
اتهام سيد بالعنف رحمه الله جاء
من الفهم الخاطئ لتصوره عن
حماية الحركة الإسلامية مع أنهم
غير معذورين بذلك لأنه عرض
نظريته كاملة في هذا الصدد ,
وهانحن نطرح فقهه رحمه الله
لهذا الأمر كاملاً كما طرحه في
مرافعته. ( وفي
الوقت نفسه , ومع المضي في
برنامج تربوي كهذا لابد من
حماية الحركة من الاعتداء عليها
من الخارج وتدميرها ووقف نشاطها
, وتعذيب أفرادها , وتشريد
بيوتهم وأطفالهم تحت تأثير
مخططات ودسائس معادية , كالذي
حدث للإخوان سنة1948 , ثم سنة 1954
وسنة 1957 وكالذي نسمع ونقرأ عنه
مما يحدث للجماعات الأخرى ,
كالجماعة الإسلامية في باكستان
وهو يسير على نفس الخطة , وينشأ
عن نفس المخططات والدسائس
العالمية)لماذا أعدموني /29 مهمة
المجموعات المدربة الفدائية: (وهذه
الحماية تتم عن طريق وجود
مجموعات فدائية مدربة تدريباً
فدائياً - بعد
تمام تربيتها الإسلامية من
قاعدة العقيدة ثم الخلق . - هذه
المجموعات لا تبدأ هي اعتداء - ولا
محاولة لقلب نظام الحكم - ولا
مشاركة في الأحداث السياسية
المحلية )لماذا أعدموني /30 متى
يأتي دورها : (
وطالما الحركة آمنة مستقرة في
طريق التعليم والتفهيم
والتربية والتقويم -
وطالما الدعوة ممكنة بغير
مصادرة لها بالقوة , وبغير تدمير
لها بالقوة . -وبغير
تعذيب وتشريد وتذبيح وتقتيل -فإن
هذه المجموعات لا تتدخل في
الأحداث الجارية -ولكنها
تتدخل عند الاعتداء على الحركة
والدعوة والجماعة
لرد الاعتداء - وضرب
القوة المعتدية بالقدر الذي
يسمح للحركة أن تستمر في طريقها
) لماذا أعدموني /30 وليست
لإقامة نظام إسلامي ( إذ أن
الوصول إلى تطبيق النظام
الإسلامي والحكم بشريعة الله - ليس
هدفاً عاجلاً - لأنه
لا يمكن تحقيقه إلا بعد نقل
المجتمعات ذاتها - أو
جملة صالحة منها - ذات
وزن وثقل في الحياة العامة - إلى
فهم صحيح للعقيدة الإسلامية , ثم
للنظام الإسلامي - وإلى
تربية إسلامية صحيحة على الخلق
الإسلامي - مهما
اقتضى ذلك من الزمن الطويل
والحياة البطيئة) لماذا أعدموني
/30 الحركات
الإسلامية أين نلتقي اليوم
ونفترق مع أسلوب سيد رحمه الله
في حماية الدعوة : لعل
الخط الذي انتهجه التنظيم
العالمي للإخوان المسلمين بعد
تجارب ودراسات للواقع , ومن يسير
معه في الفهم , هو التغيير
بالطريق السلمي فقط دون استعمال
القوة للمواجهة مع الأنظمة
الحاكمة , ولكنها تصر على
المطالبة بالحرية للشعوب
المسلمة , والمطالبة بحرية
الدعوة إلى الله , وقد رأت
في النظام الديمقراطي ,
ومايتيحه من حريات للمواطن هو
الكفيل الأقوى لمنع حرب الإبادة
على الدعاة نلتقي
مع سيد ومدرسته في ضمان حرية
الدعوة والدعاة , ولا ترى داعياً
لعمل سري في مواجهة الأنظمة ولو
للدفاع عن النفس , ولا ترى
مانعاً من المشاركة في الأحداث
السياسية , والمطالبة بالحكم
الإسلامي الذي يضمن للأمة
سعادتها واستقرارها والخلاف
هو في قضايا اجتهادية تحتمل
الرأي والرأي الآخر , ولعل سيطرة
الأنظمة الدكتاتورية على
العالم العربي والإسلامي في
الستينات لا يدع بقعة ضوء للقاء
مع هذه الأنظمة التي فرضت
العقائد والمبادئ غير
الإسلامية على شعوبها , وسيطرت
عليهم بالدبابات والصواريخ
فالذي يفرض نفسه على الأمة
بالقوة , لن يتنازل أو يغير
منهجه بالكلام اللين والموادعة
والرجاء . ولكل
حالة لبوسها أهم ما
نخلص له حول العنف عند سيد :
أنه 1- ضد
استعمال العنف ضد الأنظمة
الحاكمة 2- عدم
محاولة فرض النظام الإسلامي عن
طريق الاستيلاء على الحكم . 3- رفض
تغيير المجتمعات بالقوة . 4-
المجتمعات التي تربت تربية
إسلامية هي التي تطالب وتطلب
النظام الإسلامي ويرى أن من حق
الجماعة المسلمة أن تدافع عن
نفسها بحيث : 1- لا
تبدأ اعتداءً 2- ولا
محاولة لقلب نظام الحكم . 3- إنما
ضرب القوة المعتدية بالقدر الذي
يسمح للحركة أن نستمر في طريقها وإلى
الحلقة القادمة بإذن الله عن
سيد بعد عام 1962م *باحث
إسلامي سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |