ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مَن
عجز عن نصرة نفسه ، فهو عن نصرة
غيره أعجز! ماجد
زاهد الشيباني •
ابتلاء الشعوب بالاستبداد ،
فترات طويلة ، يصيبها بأمراض
شتّى ، من الخوف المزمن ،
والإذعان ، والقلق ، وعدم
المبالاة ، بما يجري عليها ،
وعلى أوطانها ! كما يصيبها
بالإحباط ، وباليأس من إصلاح
أحوالها ، واليأس من قدرتها على
الإصلاح .. فتبدأ بالنظر إلى
خارج بلادها ، تترقّب ،
بصورغامضة ، إصلاحاً يأتيها من
جهة خارجية ، قادرة على إنقاذها
، من بلاء الاستبداد المزمن ،
الذي تعاني منه ! وأحياناً تزداد
نسبة الإحباط ، لديها ، مع زيادة
الألم والقهر .. إلى أن تتمنّى
قدوم الشيطان ، نفسه ، لإنقاذها
من الشيطان الجاثم على صدرها ..
أملاً في أن يكون الشيطان
القادم الغريب ، أخفّ وطأة
عليها ، من الشيطان القابع على
صدورها ، والذي جرّبته طويلاً ،
فلم تجد لديه سوى الكوارث
والمصائب ! وتَسهـُل لديها ،
والحال هذه ، كل عداوة في الدنيا
، عرفتها عند الأمم الأخرى ،
فتراها أهون من عداوة حكّامها ،
الذين يذيقونها مرّ العذاب ،
تحت شعارات خادعة زائفة ، مثل
الوطنية والقومية والسيادة ،
والصمود والتصدّي والممانعة ،
ومجابهة المشروعات المعادية ..!
في الوقت الذي ترى فيه هذه
الشعارات ، مجرّد أغطية فاسدة ،
لحقيقة حكم فاسد ، يغطي نفسه بها
، ليظلّ مستأثراً بحكم البلاد ،
ونهب خيراتها ، واستعباد أهلها
، إلى أبد الآبدين .. ويورثها لمن
بعده من أبنائه ، كما يورث صاحب
العقار عقاره ، وصاحب العبيد
عبيده ! •
الشعوب الواعية تفضّل، في
العادة ، الاستنجاد بالأقربين !
أو تحلم بأن يهبّ الأقربون إلى
نجدتها ، حتى لو لم تطلب منهم
ذلك ، ماداموا قد عرفوا
ماتعانيه ، من مآس وكوارث !
فتبدأ بالتلـفّت يمنة ويسرة ،
تستعرض حال هذا القريب وذاك ،
والثالث والرابع .. لترى أيّهم
أحرص على نصرتها ، وأقدر من غيره
على هذه النصرة ! ثم تكتشف أن
زيداً يريد النصرة ، لكنه عاجز !
وأن عَمراً لا يمانع في النصرة ،
لكن لديه مشكلاته الداخلية
الخاصّة ، وأن فلاناً مكبّل
بقيود داخلية ، تشلّ يديه عن
النصرة، وأن فلاناً الثاني ،
مكبّل بقيود خارجية ، وأن
فلاناً الثالث يحسب كلفة النصرة
، ليعرف كم يقبض منها ، وكم يدفع
! وأن فلاناً الرابع ، له مصلحة
في بقاء الحاكم الظالم الفاسد
الحالي ، في منصبه ، لأن حاليهما
في بلديهما متشابهان ! وأن
فلاناً الخامس ، يرى في رفع
البلاء ، عن الشعب المسكين ،
خطراً على أمنه القومي ، أيْ:
على كرسيّه ! •
ثم يكتشف الشعب المسحوق ،
أنْ ليس ثمّة أحد من أقاربه ،
يرجى لمساعدته ! فيصرف نظره
بعيداً ، إلى ماوراء البحار ،
ليبدأ باختراع أمل جديد ، لنفسه
، حتّى لو كان أملاً كاذباً !
وحتّى لو كان في تحقيقه دمار
للبلاد والعباد .. على مبدأ :
عدوّ يحميني ، خير من أخ يأكلني !
فتضيع الدول ، واحدة بعد الأخرى
، كم ضاعت دول غيرها ! وما بلاد
الأندلس ، إلاّ مثل حيّ صارخ ،
لهذا المبدأ السقيم ! فهل
يعيد التاريخ نفسه ، أم يهبّ شعب
سورية ، ليقدّم التضحيات ، التي
لن يقدّمها له ، عنه ، أحد .. كي
ينقذ نفسه بنفسه من نير
الاستبداد ، ولكي يتمكّن من حكم
نفسه بنفسه ! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |