ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
لبنان
.. الغائب الحاضر الأكبر في
القمة! من
المسئول عن ذلك؟ الطاهر
إبراهيم* يروى من
أحاديث القرى أن شابا جاء إلى
مختار القرية –العمدة- يشكو له
ما يلاقي من بعض أقربائه. فقال
له المختار لماذا لا تشكو أمرك
إلى أخيك الكبير؟ قال إن أخي
الكبير ضدي. قال وأبوك ألا ينصفك
ممن ظلمك؟ فقال إنه كذلك ضدي.
قال وخالك فلان، وهو رجل عاقل،
لمَ لم تذهب إليه؟ قال هو الآخر
ضدي. فقال المختار: عمك فلان
كبير العائلة، اذهب إليه واسرد
عليه قصتك. فقال له إنه كذلك ضدي.
عندها التفت إليه مختار القرية
قائلا: قم عني فأنا كذلك ضدك. يوم
السبت 29 آذار الجاري، يكتمل عقد
الزعماء العرب الذين يحضرون
القمة العربية في دمشق. لقد تأكد
أنه سيتخلف عن المشاركة قادة
عرب لهم وزن في الجهد العربي
المشترك .بعضهم أناب عنه مندوبا
من الصف الثاني، رئيسا للوزراء
أو وزيرا للخارجية. آخر أناب
وزيرا بدون حقيبة. وأناب البعض
المندوب الدائم في الجامعة
العربية، كما فعلت السعودية
ولأردن. وغاب رئيس لبنان عن
القمة، لأن كرسي الرئاسة ما
يزال شاغرا، بعد أن غادره
الرئيس "إميل لحود" من دون
أن يخلفه البديل الذي لمّا
ينتخبْ بعد. ولكن!
هل غاب من غاب لأنه أصيب بزكام
منعه من الحضور؟ أم أنه ذهب في
رحلة صيد الحباري. علما أن الفصل
فصل ربيع يحظر فيه صيدها؟ أم لعل
هناك أسبابا تختفي وراء أكمة
الخلافات العربية تمنع هذه
القمة من أن يتحقق فيها شيء
إيجابي له وزنه على ساحة العمل
العربي؟ وهل حقا ما يزعمه البعض
بأن غياب هؤلاء القادة هو
الموقف السليم حتى يشعر من تسبب
بإحجامهم عن الحضور أنه فعل ما
استوجب معه غيابهم؟ وهل يستأهل
الوضع اللبناني أن يكون حجر
عثرة في طريق اكتمال نصاب قمة
دمشق؟ أم أن قضية فلسطين، قضية
العرب الكبرى، يجب أن تتقدم
أولويات العرب الأخرى، ولا بأس
أن تتوارى قضايا أخرى مثل لبنان
ريثما ننجز الأولوية الكبرى؟ أبدأ من
حيث انتهيت. فقد رفعت بعض
الأنظمة شعار "لاصوت يعلو على
صوت المعركة" ، والمعركة هنا
هي تحرير فلسطين. أؤكد أن أولوية
العرب الأولى قضية فلسطين،
كثيرا ما توارت خلف القضايا
والخلافات البينية الهامشية. بل
لو كانت الأنظمة جعلت فلسطين
قضيتها الأولى، إذن لوجب الأخذ
بيد لبنان حتى يستعيد عافيته
وينتخب رئيسه. فبقاء لبنان من
دون رئيس، ومجلس النواب مقفل
والحكومة عرجاء، يصبح معه لبنان
عبئا على غيره بدلا من أن يكون
لبنان لَبِنةً صلبةً في جدار
التكاتف العربي.
قبل
شهرين من قمة دمشق نقل عن وزير
خارجية سورية "وليد معلم" -ردا
على تلميحات بأن المشاركة في
القمة سينخفض مستوى التمثيل
فيها ما لم يتم انتخاب رئيس
للبنان- أنه قال: إن مصالح سورية
أهم من نجاح القمة. فأين المصلحة
التي تجعل سورية لا توافق على
رئيس لبناني إلا وفق شروطها ولو
كان هذا الرفض فيه فشل أول قمة
عربية تعقد في سورية؟ وكيف
تقامر سورية بعلاقاتها المميزة
مع المملكة العربية السعودية -على
وجه الخصوص- رغم الماضي العريق
في وقوف المملكة إلى جانب
سورية؟ لقد
أوقع النظام السوري نفسه في
مغالطة كبرى عندما اعتقد أن
اعتقاله للانتخابات الرئاسية
في لبنان سوف يجعل السعودية
ترضخ للإملاءات السورية،
فتبادر الرياض إلى السعي في جعل
المحكمة الدولية في خبر كان. هذا
الاعتقاد كشف عن جهل سياسي مركب
لدى صانع القرار السوري. لأنه ظن
أن بإمكان السعودية إيقاف عجلة
المحكمة الدولية، فيما لو أرادت
ذلك،
هذا أولا. أماالخطأ السياسي
الآخر الأهم فلأنه اعتقد أن
خادم الحرمين الشريفين الملك
عبد الله بن عبد العزيز سوف يخضع
للابتزاز ويسعى إلى فرملة
المحكمة. هذا إن دل على شيء
فإنما يدل عن جهل في طباع الملك
المعروفة للمواطن العادي، فما
بال السياسيين؟ في قمة
الرياض في العام الماضي ضُرِب
صفحا عما جاء في خطاب الرئيس "بشار
أسد" في مؤتمر المحامين العرب
في دمشق، فاستقبل في الرياض كما
يستقبل أي رئيس عربي. لأن الملك
ما كان ليتصرف إلا كما يمليه
عليه واجب الضيافة. صفح وعفا عما
سلف مما بدر في حقه. الأمر في
لبنان مختلف. فالذي يصفح عن
حقوقه هم اللبنانيون أنفسهم
فيما لو أرادوا ذلك. وما كان
لأحد يحترم نفسه ويحترم
اللبنانيين أن يصادر حقوقهم، أو
يتكلم نيابة عنهم، وقد اشتهروا
بأنهم يرضعون السياسة مع اللبن
الذي يرضعونه من أثداء أمهاتهم. لقد
كانت فرصة سانحة لتصحح دمشق "غلطة"
نائب الرئيس السوري "فاروق
الشرع" التي بدرت منه في حق
السعودية قبل أشهر. كان عليها أن
تسهل انتخاب العماد "ميشيل
سليمان" رئيسا للبنان، مع أن
هذا ليس مطلبا سعوديا خاصا بها،
بل هو مطلب الإجماع العربي كما
جاء في مبادرة وزراء الخارجية
العرب. يتساءل
المواطن العربي عما دعا دمشق
لكي ترفض الاستجابة للإجماع
العربي؟ ما قاله وليد معلم بأن
لبنان أضاع فرصة ذهبية بغيابه
عن القمة، ليس هو الجواب الموفق.
فالدعوة سلمت إلى وزير مستقيل
في وجود الأصيل. وخير منها عدم
الدعوة. إذا كانت الدعوة يجب أن
ترسل بلياقة إلى الصديق، فإن
اللياقة في الدعوة أوجب إلى من
بينك وبينه خصومة. ما جرى
بين سورية ولبنان إثر الانسحاب
القسري للجيش السوري من لبنان
في نيسان من عام 2005 ليس هو
الأحسن في العلاقات بين قطرين
شقيقين. وكأن التاريخ يعيد
نفسه،وما أشبه اليوم بالبارحة.
فتجربة الوحدة بين سورية ومصر
(1958 -1961) فشلت وانفصلت سورية عن
مصر. ولقد كان يمكن تطويق ذيول
هذا الانفصال لولاما جرى من
تصعيد بين الطرفين عقب
الانفصال، ما زاد في تباعد
الشقيقتين أكثر فأكثر. لو أن
النظام السوري قرأ –بإمعان-
المستجدات التي أعقبت التمديد
للرئيس "إميل لحود" ثم
اغتيال الرئيس الشهيد "رفيق
الحريري"، لأدرك أن
اللبنانيين –بدعم عربي ودولي-
اتخذوا قرارا حاسما بعدم العودة
إلى ما كان عليه الأمر بين لبنان
وسورية قبل التمديد لإميل لحود
واغتيال الحريري، ولما كان هناك
هذا التشنج الذي أفسد العلاقة
بينهما. ما جرى
من تغيّب واضح وكبير للقيادات
العربية عن قمة دمشق أحد فصول
الجو المكفهر بين سورية ولبنان.
ولو أن القرارات اتخذت بحكمة
وروية لما وصلنا إلى هذه القمة
التي خير منها عدمها، وحسبنا
الله ونعم الوكيل. *كاتب
سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |