ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل
صحيح أن صواريخ المقاومة عبثية
؟! صهيب
عسقلاني لن أتحدث في هذا
المقال عن حق الشعوب التي تقع
تحت نير الاحتلال في مقاومته
بكل السبل الممكنة، ولن أسرد
القوانين والمواثيق التي تؤكد
هذا الحق فلقد أصبحت مادة للترف
لا للعمل، ولم يعد الوقت يسمح
بالرجوع أشواطاً للخلف، لأن هذه
الحقوق مثبتة في ديننا ومبادئنا
وثوابتنا قبل أن نعرف المؤسسات
الدولية التي تكيل بمكيالين،
فتضع الجلاد والضحية في كفة
واحدة، ولا تفرق بين مستعمر
للأرض مستبيح لكرامة الإنسان،
وبين من يدافع عن بيته الذي أخرج
منه إلى خيمة ! وليس أدل على كذب
وظلم ما يسمى بالمجتمع الدولي
من تصريح بان كيمون الأخير إبان
محرقة غزة حيث ساوى بين المحرقة
الصهيونية ومقاومة هذه
المحرقة، وتساوق مع تصريحه –
للأسف - وزير خارجية مصر حيث
طالب بوقف فوري لإطلاق النار !! ولا يخفى على الجميع
تساوق عباس مع هذه التصريحات
ليس لأن بان كيمون وغيره صرّح
بها، بل لأن ثقافة المقاومة
مرفوضة مطلقاً عند فريق عباس،
ولكي أزيدكم من الشعر بيتاً
فجميع أنواع المقاومة مرفوضة
عند هذا الفريق حتى ولو كانت
مسيرة جماهيرية منددة بالمحرقة
كما حدث في غير مكان في الضفة
الغربية حيث قام زبانية
المخابرات التي أدمجت في
الوقائي بقمع مسيرات التضامن مع
أهل غزة، ولم تكن – بالطبع -
المرة الأولى !! وما دام المجتمع
الدولي يعطي المقاومة أكبر من
حجمها، ويضخم من الصواريخ التي
تعتبر جهد المقل في يد المقاومة
للرد على الاحتلال المجرم،
فإننا نعتبر هذا هامشاً مريحاً
للمقاومة كي تطور من إمكانياتها
!! وتحقق توازن الرعب ولو بشكل
نسبي مقارنة مع ترسانة العسكر
التي تتمتع بها دولة الاحتلال
الصهيوني، فلذلك سنتحدث عن هذا
الصواريخ "البسيطة"
التركيب والمواد والتأثير
المادي، لكنها – وفق العدو -
تعتبر خطراً استراتيجياًّ على
المستوى البعيد، لأن خطوة الألف
ميل تبدأ بميل، ولأن الإرادة
التي طورت المقاومة من حجر إلى
سكين إلى مسدس إلى بندقية إلى
عبوة إلى صاروخ داخل محيط
جغرافي صغير يعتبر سجناً كبيراً
محاطاً بالبحر من الغرب والعدو
من الشمال والشرق، والإغلاق
المحكم من الجنوب، لهو أمر عظيم
من وجهة نظر كل عاقل، وهو بمثابة
تطور خطير له ما بعده ..! دراسة سريعة لتاريخ
اليهود الماضي، وإطلالة خاطفة
على طبيعة المجتمع الإسرائيلي
في الحاضر وتركيبته وثقافته،
تجعلنا ندرك جيدا أبعاد صواريخ
المقاومة، ومدى تأثيرها
الاستراتيجي على دولة الكيان
الصهيوني، بل أصبحت الصواريخ
رمزا للمقاومة، وعنواناً
للتحدي، ليس لأننا –كشعب
فلسطيني يحب الجهاد والمقاومة-
نطرب لصوتها المدوي الذي يشعرنا
بالعزة والكرامة فحسب، بل لأن
العدو الصهيوني وجّه آلته
العسكرية الضخمة كلها لمواجهة
الصواريخ، وقام بعدة عمليات في
جميع محافظات قطاع غزة من أجل
إيقافها، واغتال، ودمر، وحرق،
لكنه لم يستطع ذلك، بل لقد كانت
الصواريخ تنهمر على" سيديروت"
معركتي "أيام الغضب" 2005م، و"الحساب
المفتوح" 2008م منطلقة من بين
تجمعات الدبابات، في إرادة
عظيمة، وتحدٍّ عز نظيره ! وعلى قاعدة "الحق
ما شهدت به الأعداء" فإن
العدو الصهيوني اعترف رسمياًّ
وشعبياًّ بأن هذه الصواريخ ليست
عبثية، بل هي عامل تحدٍّ
استراتيجي، ولقد سخر منها كثير
من الناس في بدايتها حين قال
قادة المقاومة أنها ستكون على
المدى البعيد خطراً
استراتيجياًّ على دولة الكيان
الصهيوني، وها هو العدو يقذف في
الوجوه الشائهة ويعترف بما صرح
به قادة المقاومة مع إطلاق أول
صاروخ قسام بإشراف الشهيد
القائد العام: صلاح شحادة رحمه
الله، بل إن العدو الصهيوني
أدرك بعد كل محاولات وقف
الصواريخ أنها لن تقف، حيث قال
أولمرت في أكثر من مرة : "ليس
هناك حل سحري لإيقاف الصواريخ"،
وصرح أكثر من مسؤول صهيوني
بضرورة التحاور مع حماس، لأنها
هي التي تمسك بخيوط اللعبة وليس
عباس الذي يفاوض عبثاً . ولم تكن دعوات
التفاوض مع حماس التي تتزايد في
"إسرائيل" إلا لتحقيق
الأمن للكيان الصهيوني الذي
يبدو أنه لن يتحقق على يد عباس
الذي ينفذ "من طرف واحد"
البند الأول من خارطة الطريق
الذي يتعلق بأمن دولة الكيان،
وليس بجديد القول بأن الأمن ثم
الأمن ثم الأمن هو مراد دولة
الكيان، ولن تعطي عباس شيئاً من
المفاوضات إذا لم يتحقق لها
الأمن، وهو لن يتحقق ! لأن عباس
لا يمتلك ناصية الشعب
الفلسطيني، ولن يستطيع تطويعه
بمليارات أوروبا وأمريكا..! لقد ثبت من خلال حرب
تموز الأخيرة على لبنان، وحرب
غزة المستمرة الآن، أن دولة
الكيان التي ترتعد منها فرائص
الحكام العرب أضعف من بيت
العنكبوت، وأن سياساتها تعتمد
كثيراً على المجتمع الداخلي
الذي لا يستطيع الصمود مطلقاً،
فهو مجتمع ضعيف جداًّ وإذا شعر
بأن أمنه مهدد فسوف يرحل
بالجملة، وهو الأمر الذي تخشاه
دولة الكيان الصهيوني ولديها
هاجس كبير من البعد الديمغرافي،
ولهذا تقوم بكل هذه المجازر في
غزة من أجل إيصال رسالة للشعب
الفلسطيني أن الصواريخ لا بد أن
تتوقف، ولا بد من لفظ حماس التي
ترعاها، حيث صرح أولمرت قبيل
اقتحام معبر رفح أنه (لا يمكن
لسكان غزة أن يتوقعوا أن يحيوا
حياة "عادية" فيما
الصواريخ تتساقط على إسرائيل)..
لكن النتائج جاءت عكسية تماماً
كما سنبين بعد قليل ..! المتتبع لسياسة
الكيان الصهيوني في مواجهة
صواريخ المقاومة يدرك أن هذه
الدولة باتت تتخبط بشكل ملحوظ،
حيث أن هدف وقف الصواريخ أصبح
مقدما على كل الأهداف، وتقوم
المؤسسات السياسية والعسكرية
الصهيونية بدفع مبالغ باهظة من
أجل إيقافها، وتقوم معاهد
الدراسات الصهيونية في الداخل
والخارج بعقد عشرات ورش العمل
للخروج بحل لهذه الصواريخ يقي
سياساتهم الاستعمارية من
الفشل، إلا أن الحلول إلى الآن
لم تزد الصواريخ إلا مدىً أبعد،
وفاعليةً أكبر، حيث أشار مركز
دراسات الأمن القومي
الإسرائيلي تحت عنوان: "الدفاع
عن الجبهة الداخلية في المناطق
القريبة من قطاع غزة : قراءة في
الخيارات المتوفرة"، بقلم :
الكاتب "ديفيد كلين" إلى
مدى الخطورة النفسية التي تداهم
المجتمع الصهيوني جراء هذا
الصواريخ المظفرة التي تطلقها
الأيدي المتوضئة حيث قال : "ويؤدي
التهديد اليومي لهذه الصواريخ،
وعلى سنوات، إلى خلق ضغط دائم
ومستمر على سكان هذه المناطق،
حيث يعيشون في حالة من القلق
والترقب واحتمال إطلاق صاروخ
جديد في أي لحظة، مما يجعلهم
أيضاً في حالة حرص على البقاء
دائما بجانب أماكن محمية،
ويعزلهم عن سكان التجمعات
الأخرى الذين يخشون من زيارة
التجمعات التي تقع في دائرة
تهديد الصواريخ. كل هذه الضغوط
تدفع سكان هذه التجمعات إلى
تغيير أنماط سلوكهم وتفرض قيودا
إضافية على سكان المناطق
القريبة من قطاع غزة. وإذا قسنا مدى الخطر
الذي تشكله الصواريخ، مقارنة
بمدى الأضرار التي يسببها وجود
التهديد المستمر، فسيتبين لنا
أن الخطر الحقيقي لهذه الصواريخ
على سكان التجمعات القريبة من
غزة لا يتجلى في عدد الجرحى
والقتلى، ولكن في الضغوطات
اليومية والمستمرة على سكانها،
والتي تؤثر بشكل عميق على مرونة
النسيج الاجتماعي". وعن مدى الهوس من هذه
الصواريخ ذكر التقرير عدة طرق
لوقف الصواريخ الفلسطينية على
البلدات المحتلة : "فقد تم
بالفعل بدء برنامج تدعيم
المؤسسات التعليمية في المناطق
المحيطة بقطاع غزة خلال السنتين
الماضيتين لكن سديروت تضم مئات
المنازل الخاصة المبنية خلال
السبعينيات والثمانينيات،
والتي تفتقر للغرف الآمنة. ومع
كانون الثاني/ يناير 2008، قررت
الحكومة تخصيص 50 مليون شيكل
لتعزيز الحماية المنزلية في
التجمعات القريبة من قطاع غزة.
من جهة أخرى، فان جهوداً موازية
تبذل في تطوير أنظمة اعتراض
الصواريخ قبل وقوعها. وفي 23/12/2007،
قرر المجلس الاستشاري للشؤون
السياسية-الأمنية (Political-Security
Cabinet)
تخصيص حوالي 800 مليون شيكل
لتطوير نظام الغطاء الحديدي (Iron
Cap system)،
والذي يهدف إلى اعتراض الصواريخ
قصيرة المدى".!! وعن التكيف مع الخطر
المحيط بالتجمعات القريبة من
قطاع غزة فقد وضعت دولة الكيان
هدفين أساسيين هما : الأول : الحماية
والوقاية (عبر الردع، القضاء
على مطلقي الصواريخ وأنظمتهم
ومواردهم، واعتراض الصواريخ).. الثاني : تخفيض
الأضرار إلى حدودها الدنيا، حيث
لم تنفع الإجراءات المتعلقة
بالهدف الأول (عبر التحذيرات
المبكرة للسكان، والتدعيم
والتعزيز للأبنية والمؤسسات).. فأما عن الهدف الأول
فهو فاشل بكل ما تعني الكلمة من
معنى ولم تجدِي معه الاجتياحات
المتكررة ولا قصف الآمنين،
ودولة الكيان الصهيوني تدرك
جيدا أن الردع سياسة فاشلة مع
الشعب الفلسطيني، بل إن هذا
الهدف حقق نتيجة عكسية تماماً
وهو ما أشار إليه تقرير مجموعة
الأزمات الفلسطينية حيث قال أن
سياسة الحرب على حماس وعزلها
وتحريض الشعب ضدها لصالح عيون
"إسرائيل" وأمنها قد ولد
نتيجة عكسية وأدى إلى تنامي
شعبية حماس، وهو ما أشارت إليه
الفايننشيال تايمز حيث قالت :
" إن إسرائيل عزلت غزة عن
العالم وتسببت في انهيارها
اقتصاديا، ورغم ذلك ما زالت
شعبية حركة حماس هي الأعلى في
القطاع، وقالت الفيننشيال
تايمز إن الأمر لا يقتصر على غزة
وحدها بل إن شعبية حماس ارتفعت
في الضفة الغربية نفسها خلال
الأشهر الثلاث الأخيرة فرغم
عمليات القمع التي يقوم بها
الجيش الإسرائيلي إلا أن قبضة
حماس على غزة ما زالت قوية . ونسبت الصحيفة إلى
البروفيسور مخيمر أبو سعدة
أستاذ العلوم السياسية بجامعة
الأزهر بغزة القول "إن حماس
خرجت من الحصار منتصرة لقد
باتوا أقوى فيما يتعلق بالأفراد
والمعدات خلال الأشهر التسعة
الماضية"، ونقلت الصحيفة عن
البروفيسور علي جرباوي أستاذ
العلوم السياسية بجامعة بيرزيت
القول: "إن الإجراءات
الإسرائيلية أدت إلى التفاف
الفلسطينيين حول حماس التي تحظى
بالإعجاب لموقفها المتحدي
للآلة العسكرية الإسرائيلية".. ومن هنا ندرك أن
مسألة فوز وصعود حماس، والحصار،
والصواريخ، قضايا مرتبطة
ببعضها بشكل كبير بل تكاد تكون
جزءا واحداً ذلك لأن حركة حماس
هي حركة مقاومة ودخلت معركة "القانون"
كي تضفي على الشرعية الجهادية
والشعبية شرعية قانونية، حيث
تعرت حينها الأنظمة التي تدعي
الديمقراطية... وبانت الكذبة
المسماة "شرعية دولية".. وأما عن الهدف الثاني
المتعلق بتخفيف الأضرار، فحدث
ولا حرج عن مدى الرعب غير
المسبوق في الكيان الصهيوني منذ
عام 1984م حيث الجدل الكبير الذي
يدور في أروقة صناع السياسة
داخل الكيان الصهيوني حول
الآلية المثلى لتخفيف الأضرار
التي تحدثها الصواريخ
الفلسطينية، وكلمة "أضرار"
توحي بأن هناك مجازر!! وهو أمر
غير صحيح مطلقاً، بل إن عدد
القتلى جراء الصواريخ ضئيل جدا
بالمقارنة، ولكن..! لا ينبغي
مقارنة المجتمع الصهيوني
الجبان بالمجتمع الفلسطيني،
لما ذكرنا في بداية المقال . إن تراجع سياسة
الكيان الصهيوني من تحقيق هدف
الردع إلى تحقيق هدف تخفيف
الأضرار هو رسالة مدوية إلى من
قالوا أنها عبثية وكرتونية
وكاريكاتورية، بأن الصهاينة
يدركون أن أي تطور في المقاومة
ولو كان بسيطاً يشكل خطراً على
دولتهم المسخ . ومن هنا حق لنا أن
نسأل : ألم تحقق الصواريخ
الفلسطينية الرعب للصهاينة؟
ألم تحرمهم من الأمن الذي حرموه
للشعب الفلسطيني على مدى عقود؟
ألم تستطع الصواريخ تعرية الضعف
الذي يعيشه الشارع الصهيوني
الداخلي؟ ألم تشكل الصواريخ
عامل تحد انتصرت في المقاومة في
أكثر من معركة؟ ألم تشكل
الصواريخ "البدائية" بداية
أمل لتطوير أكبر في السلاح
المقاوم؟ بالطبع لا يجيب على
هذه الأسئلة عباس ولا وفياض ولا
عبد ربه ولا نبيل عمرو، بل
يعطيكم الخبر اليقين: أولمرت،
وفيلنائي، وباراك ... وحق لنا أن نسأل
أيضاً : أيهما أفضل أن تبذل
الجهد – ولو كان مقلا - في ردع
العدو، وأن تجعله يطالب
بالتهدئة حماية للجبهة
الداخلية الصهيونية، أم تفاوض
العدو وتحارب وتعتقل شعبك في
حضرة الدم الفلسطيني وتحصل على:
"زيادة الحواجز، زيادة
الاستيطان، الإهانة، التهديد
بوقف المفاوضات، تقطير المال
المُسَيًّس بالقطارة ابتزازاً.....
إلى آخر العار" ..؟؟! خلاصة القول : من أراد
أن يصنع لنفسه قليلاً من الشرف
من أصحاب الحل السلمي فليخرس !
ومن أراد أن تزيد شعبيته
فليحاول ولو – كذبا - أن يعادي
أمريكا وإسرائيل..! لا أن
يُقبِّل..! ومن أراد أن يكون مع
المقاومة المبدعة فله شرف قول
الله تعالى : {ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ
ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا
مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ
مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ
وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ
نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ
بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ
اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ
الْمُحْسِنِينَ}، وسيكتب
التاريخ ذكره في صفحاته البيضاء . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |