ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 12/04/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صراع الديمقراطية في تركيا ..

ثقافة الانقلابات وإغلاق حزب العدالة والتنمية (2)

محمود العمر*

 هناك شبه إجماع لدى المراقبين السياسيين والرأي العام بأن الدعوى التي تقدم بها  المدعي العام لإغلاق حزب العدالة والتنمية هي دعوى سياسية بامتياز , وليست قضائية بأي حال من الأحوال  لذا يجب النظر إليها وتحليلها من هذه الزاوية تحديدا , يؤكد ذلك دعوة بعض الأطراف المحسوبة على التيار العلماني لتهدئة الوضع وخفض الاحتقان السياسي , والتأكيد على أهمية اللقاء بين رئيس الوزراء ورئيس حزب الشعب الجمهوري لتحقيق الهدوء , وقولهم صراحة بأن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على قرار المحكمة الدستورية .

نجد من خلال استقراء ظروف الانقلابات وملابسات إغلاق الأحزاب السياسية في الفترات السابقة توفر ثلاثة عوامل أساسية :

الأول : اتفاق قيادة الجيش على قرار التدخل المباشر في الحياة السياسية .

الثاني : الدعم الخارجي لهذا التدخل .

الثالث : دعم رأس المال لهذه العملية التي من أول نتائجها انهيار الاقتصاد .

وقد تعمدنا عدم إدخال كلا من العامل السياسي ودور الإعلام -على أهميتهما- كعوامل أساسية في مثل هذه الظروف لأنه وجد على الدوام تيار سياسي لا يرى بأسا في تدخل الجيش في السياسة ونقصد هنا حزب الشعب الجمهوري تحديدا الذي يجد نفسه مؤسسا وأبا وراعيا للجمهورية وحاميا للعلمانية على وجه الخصوص . أما الديمقراطية فتأتي في مراتب دنيا من حيث أولوياته .! الحجة في ذلك أن الجمهورية هي التي أتت بالديمقراطية وليس العكس.! وأما المؤسسة الإعلامية فلديها من الطرق والوسائل البراغماتية ما تستطيع من خلالها تكييف نفسها مع كافة الظروف .

ولو عدنا بشيء من التفصيل إلى العامل الأول –اتفاق قيادة الجيش – فنلاحظ أنه حتى الآن لم يصدر عن قيادة الجيش أي تصريح أو تلميح بشأن دعوى الإغلاق هذه , حتى مذكرة 24 نيسان من العام الماضي التي نشرت في صفحة الانترنت الخاصة بالجيش والتي كان هدفها التأثير على مجريات الأمور لدى انتخاب رئيس الجمهورية لم تحمل توقيع قائد الجيش كما جرت العادة .. ويرى كثير من المراقبين السياسيين أن لا مصلحة للجيش مطلقا في إغلاق حزب العدالة والتنمية فهناك حقيقة يدركها الجميع هي أن هناك حزبان فقط يصوت لهما في جنوب شرق تركيا حيث منطقة الأكراد هما حزب العدالة والتنمية , وحزب المجتمع الديمقراطي المعروف بأنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي يحمل السلاح ضد الدولة التركية وهو في حالة حرب مع الجيش منذ مطلع الثمانينات .. ففي حال إغلاق حزب العدالة والتنمية سيبقى حزب المجتمع الديمقراطي الغير مرحب به سيد الساحة بدون منازع . وتجدر الإشارة هنا إلى أن حزب المجتمع الديمقراطي هو أيضا يواجه دعوى إغلاق مرفوعة ضده .. وفيما إذا أغلق الحزبان فذلك يعني أن السياسة في تلك المنطقة ستنزل إلى تحت الأرض , وهذا بالضبط ما يتمناه حزب العمال الكردستاني الذي تعرض لضربة عسكرية قاصمة على يد الجيش التركي شمال العراق وفقد الكثير من قواعده لصالح حزب العدالة والتنمية , وقد هدد قادة هذا الحزب بأنهم سيقلبون الأوضاع إلى جحيم في حالة فوز حزب العدالة والتنمية برئاسة بلدية ديار بكر التي يعتبرونها قلعتهم الحصينة , لكنهم لا يخفون تخوفهم من فقدها . وهذه إشارة واضحة على أن مفتاح حل أزمة جنوب شرق تركيا -أو ما اصطلح على تسميته المسألة الكردية- بيد حزب العدالة والتنمية إلى حد كبير .. وهذا يفرض نوعا من التعاون بين الجيش والحزب الحاكم .

 وقد كنا نوهنا من قبل إلى اللقاء الشهير بين رئيس الجيش والحكومة واتفاقهما الذي لم يظهر حتى الآن ما يعكر صفوه .. أما مسألة العلمانية وكونها في خطر فالجيش لم يبد -كما كان يفعل في السابق –اعتراضات كبيرة تذكر  اللهم إلا موقفه من عملية انتخاب رئيس الجمهورية فقد بدا واضحا أنهم كانوا يرغبون بشخصية محايدة ليس لها جذور أربكانية !! لكن حزب العدالة والتنمية استطاع اجتياز هذه المرحلة  بأقل الخسائر , وتم قبول الأمر الواقع .!

على الصعيد الخارجي نجد هناك موقفا واضحا وصريحا من جانب الاتحاد الأوربي الذي عبر عن استيائه من هذه الدعوى وأنها ستؤثر سلبا على مجريات الأمور في انضمام تركيا للاتحاد الأوربي ..أما الموقف الأمريكي فلا نجد فيه الوضوح التام , بل نجد تصريحات المسؤولين الأمريكان كمن يمسك العصا من الوسط فهم يشيرون إلى أهمية الديمقراطية ويؤكدون على ضرورة المحافظة على العلمانية .. وهناك بعض التحليلات تشير إلى أن أمريكا لم تحصل على ما كانت تأمله من حزب العدالة والتنمية .!وأن حكومة أردوغان خذلتها في عدة مواقف .. منها عدم السماح للقوات البرية الأمريكية من عبور الأراضي التركية لمهاجمة العراق من جهة الشمال وقد عبر وزير الدفاع الأمريكي السابق رامسفلد عن استيائه من هذا الموقف بقوله :( لو سمحت تركيا لقواتنا بالعبور من أراضيها لكان عدد قتلانا اليوم أقل ) .. وأيضا امتناع تركيا عن المشاركة بقوات محاربة في أفغانستان التي بدأت أمريكا تغوص في مستنقعها أكثر فأكثر .. وقد تكون الفائدة الوحيدة التي جنتها أمريكا من تأييدها لحزب العدالة والتنمية هي إثبات إمكانية التعامل مع الإسلاميين المعتدلين !! إلى جانب استعمال حكومة أردوغان كوسيلة إقناع لبعض الأطراف في المنطقة .! لكن البروفسور ماهر قايناك يذهب إلى أن هذه العملية –إغلاق الحزب - ذات بعد خارجي الهدف منها تصفية شخصية رجب طيب أردوغان الحاد الطبع والغير متحمس للاتحاد الأوربي وإخراجه خارج ميدان السياسة , وإرجاع عبد الله جول لين الطباع ومهندس سياسة الانضمام للاتحاد الأوربي .!

وأما رأس المال فغالبية منسوبيه من ذوي التوجهات العلمانية ومواقفه تتماهى إلى حد كبير مع مواقف الرأسمال العالمي لارتباطها الوثيق به , وقد لا يروق للكثيرين من أرباب الشركات العملاقة وأصحاب رؤوس الأموال نجاح حكومة ذات جذور إسلامية .. لكنهم اقتصاديا جنوا أرباحا طائلة نتيجة السياسات الاقتصادية الناجحة التي حققتها حكومة العدالة والتنمية , فبينما كانت أربع أو خمس شركات تلعب في الدوري العالمي سابقا , أصبح لما يزيد على خمس وعشرين شركة حجما وشهرة عالمية بحسب ما أوردته مجلة فوربس الشهيرة . بل إن هناك شركات ضاعفت ثروتها من ضعفين إلى خمسة أضعاف خلال فترة حكومة حزب العدالة والتنمية .وهذا يفسر سكوت أرباب الاقتصاد عن تأييد دعوى الإغلاق , وسعيهم للمصالحة ودعوتهم جميع الأطراف لتخفيف الاحتقان وحل المشاكل بطريقة لا تميت الذئب ولا تفني الغنم .

لكن هناك حقيقة غالبا ما تغفل .! وهي أن النجاح على الصعيد الاقتصادي لم يشكل يوما ما درعا سياسية تقي صاحبها في مثل هذه الظروف , فنجاحات نجم الدين أربكان على الصعيد الاقتصادي التي  شهد بها العدو قبل الصديق لم تشفع له أبدا .! بل نسيت بجانب بعض الأخطاء السياسية .!

خلاصة القول : إنه من خلال المقارنة بين ظروف وملابسات إغلاق الأحزاب سابقا ودعوى حزب العدالة والتنمية يبدو أنه من غير المنطقي إغلاق الحزب في الظروف الحالية بغض النظر عن الأدلة والحجج المقدمة ضده .. لكن يجب أن لا ننسى أن هذه الدعوى  سياسية محضة . ومثل هذه الحالات لا تخضع للمنطق بقدر ما تخضع للحسابات والموازنات الدقيقة .!

لكن هل سيستلم الحزب وينتظر قدره المحتوم ؟ أم أنه سيرد على الهجوم بهجوم معاكس .! وإذا قرر فعل ذلك ما هي أسلحته وعناصر القوة لديه ؟ وما هي إستراتيجيته المستقبلية ؟

هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عليها لاحقا إن شاء الله ..

*كاتب سوري

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ