ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 17/04/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


متطلبات الاحتجاج السلمي

أ.د. محمد السيد حبيب*

تشهد مصر منذ فترة حالة احتقان عام .. أو غليان .. أو فوران .. سمها ما شئت، ولا أتصور أن هناك من يختلف حول وجودها وتجذرها وتشعبها وانتشارها وامتدادها على مستوى الساحة المصرية كلها .. وأن النظام الذى يتعامى أو لا يأبه بذلك لا يقرأ المشهد قراءة صحيحة .. كما أن النظام الذى يقرأ المشهد ولا يعى أبعاده يخطيء فى ذلك خطأ جسيمًا .. والذى أراه أن النظام لديه من الأجهزة والوسائل والأدوات التى تعينه على معرفة ما يجرى، لكنه لا يسلك الطريق الصحيح فى المعالجة معتمداً على قوته أو أداته الأمنية القمعية، الأمر الذى يؤدى إلى تعقيد الأمور وإلى إضافة مزيد من التوتر والغليان والاحتقان لما هو موجود .. هذه المعالجة التى استمرأها النظام تزيد النار اشتعالاً والأوضاع تأزماً ..

لقد حذرنا طويلا وحذر معنا الجميع من هذه الحالة ومن الطريقة التى تعالج بها الأمور .. لكن النظام لا يريد أن يسمع .. وإذا سمع هز كتفيه استهانة وغرورا .. قلنا له مراراً إن مصر تعيش أزمات فى كل المجالات .. سياسية .. واقتصادية .. واجتماعية، وأنه لابد من تغيير هذه السياسات، لكنه يريد إبقاء الحال على ما هو عليه ولتذهب الصيحات أدراج الرياح .. هو سعيد بما يصنع، مطمئن بأن الأوضاع ساكنة وأن كل شيء تحت السيطرة .. نعم قد تكون ساكنة على السطح، لكنها تغلى فى العمق .. وبين كل حين وآخر تظهر بعض الفقاقيع لتنبه الغافل وتوقظ النائم أن ثمة شيئاً ما يجرى تحت السطح، وأنه يوشك أن ينفجر فى لحظة ما، وساعتها لن تستطيع حكومة بكل أدواتها القمعية - من قوات ومدرعات ورصاص حى ورصاص مطاطى، وضرب وسحل وقنابل مسيلة للدموع - أن تسيطر عليها أو أن تتحكم فيها ..

إن الانفجار قادم لا محالة، وإذا لم يتحرك النظام قبل فوات الأوان لينزع فتيل الأزمة سوف يأتى الانفجار على الأخضر واليابس ..وساعتها لا ينبغى أن نلوم إلا أنفسنا .. نحن نشعر أن حالة مخاض تجرى لتحول ما .. لمنعطف ما .. وإذا لم نتحرك بوعى وحكمة ورشد وبشكل جاد وفاعل فقد تحدث الكارثة .. لقد أعتمد النظام فى مواجهته لحالة الاحتقان على سياسة أظنها خائبة ومعيبة، فضلاً عن أنها تحتوى – كما هى العادة – على قدر من الالتواء والمراوغة .. فقد تضمنت السياسة عزل حركات الاحتجاج السياسى – الضعيفة فى الواقع – عن حركات الاحتجاج الاجتماعى القوية والمتنامية، كما تضمنت أيضاً تجزيء وتفتيت حركات الاحتجاج الاجتماعى إلى حركات فئوية، حاول النظام أن يجعلها جزراً منعزلة عن بعضها حتى يسهل التعامل مع كل منها.. ونسى أو تناسى النظام أن ثمة قواسم مشتركة يعانى ويشكو منها الشعب المصرى .. فالفساد والاستبداد والغلاء والاحتكار .. سواء الاحتكار بالمعنى السياسى كاحتكار السلطة والانفراد بالحكم، أو الاحتكار بالمعنى الاقتصادى كاحتكار رجال المال والأعمال لبعض السلع الاستراتيجية والحيوية أصبح حديث الناس فى كل موقع ومجال وميدان ..

لن أخوض فيما هو معروف للجميع .. وأقصد بذلك الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تعانى منها مصر، لكن الذى أود التأكيد عليه أننا أمام أزمة حكم فى المقام الأول وكل الأزمات الأخرى هى بعض تجليات أو أعراض أو فروع لهذه الأزمة .. ومن ثم يجب أن تتوحد الرؤى والوسائل والأدوات لمواجهتها ..

أولاً: نحن فى حاجة إلى قيادة أو قيادات معروفة ومعلومة ولها رصيدها من احترام وتقدير الجماهير .. هذه القيادات يمكن أن تمثل الرايات التى تلتف حولها الجماهير وتعطيها ثقتها ونصرتها وولاءها .. إن وجود مثل هذه القيادات لازم وضرورى لتوجيه وترشيد حركة الجماهير وبخاصة ساعة الأزمات نحو الهدف المأمول حتى لا تتبدد الجهود أو تتبعثر الطاقات أو تختطف الحركة من قبل الغوغاء أو غيرهم الذين يطفون على السطح ويظهرون غالباً فى مثل هذه المواقف لتحقيق مآربهم فى الفوضى والسلب والنهب والتدمير .

ثانياً: نحن فى حاجة إلى خطاب عام محدد يتجاوب مع أمانى وطموحات الجماهير من ناحية ويمتاز بوضوح الرؤية - فيما يخص الهدف الوسائل - ويضع فى حسبانه التقييم الموضوعى لقدرات الجماهير وإمكاناتها ومدى التكاليف التى يمكن أن تتحملها والسياق الذى تعمل فيه والمناخ العام الذى تتحرك من خلاله من ناحية أخرى ..

ثالثاً: من حيث تثقيف وتنمية الوعى السياسى للجماهير يجب ألا نغفل البعد الإقليمى والعالمى فى نظرتنا حيث أن التحديات التى نواجهها ليست على مستوى الداخل فقط وإنما هى على مستوى الداخل والخارج معاً، والفصل بينهما يجعل الأمر قاصراً ويضر بالقضية ضررا بالغًا .. نحن أمام مشروع أمريكى صهيونى يستهدف تركيع الأمة وتفكيك المنطقة وإعادة رسم خريطتها وفق مصلحته ومشروعه وأجندته .. وما يحدث فى المنطقة على مستوى القضية الفلسطينية، والعراقية، والسورية، والإيرانية، واللبنانية، والسودان وغيرها يؤثر بشكل ما أو آخر على الأوضاع فى مصر وليس مقطوع الصلة عن توجه سياساتها الداخلية ..

رابعاً: نحن فى حاجة إلى التدرج فى الخطوات حتى لا تحدث قفزة غير محسوبة أو غير مأمونة العواقب تأتى بنتائج سلبية فتؤدى إلى يأس وإحباط وعودة إلى الوراء، وبالتالى فتدريب الجماهير على تبنى ثقافة الاحتجاج السلمى وفق خطة محكمة ومدروسة أمر لازم وضرورى، هذه الخطة تضع فى حسابها كيفية تجميع حركات الاحتجاج الاجتماعى من ناحية وربط ذلك بحركة الاحتجاج السياسى العام التى تواجه الفساد والاستبداد من ناحية أخرى، وهو ما يحتاج إلى مناقشة واسعة وحوار جاد يضم علماء  الاجتماع السياسى والتاريخ والمفكرين والرموز العاملة فى مؤسسات المجتمع المدنى، وبعض الشخصيات العامة ....

إنها دعوة أرجو أن تلقى قبولاً ..

*النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ