ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 23/04/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


صراع الديمقراطية في تركيا ..

ثقافة الانقلابات وإغلاق حزب العدالة والتنمية (3)

محمود العمر*

لماذا يعاني عالمنا الإسلامي من الدكتاتوريات والانقلابات ؟ ولماذا لم ترسخ الديمقراطية في أي من البلاد الإسلامية ؟ سواء تلك التي تدعي تطبيق الشريعة الإسلامية أو التي تتبنى العلمانية .!

للإجابة على هذا السؤال لابد من الرجوع إلى تاريخ تأسيس الأقطار الإسلامية , إذ كانت في غالبيتها تحت سيادة الدولة العثمانية ثم قسمتها انكلترا وفرنسا حسب مسطرتي سايكس وبيكو ..والشعوب الإسلامية التي بذلت النفس والمال , وضحت بالغالي والنفيس من أجل تحرير البلاد من المحتل الأجنبي لم تبد حماسا يذكر من أجل حريتها وحصولها على الحد الأدنى من العيش الآدمي الكريم ..والذين تولوا حكم البلاد بعد انفراط عقد الخلافة العثمانية هم إما منسوبوا جمعية الاتحاد والترقي التي كان لها الدور الأكبر في تقويض الدولة العثمانية من الداخل , أو ممن حمل فكرهم العسكري القومي الشوفيني ..هذا الفكر هو الذي قاد - ولا يزال - العالم الإسلامي وأوصله إلى ما وصل إليه ..  وقد أخبرنا النبي – ص - أن (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) وهذا لا يعني فقط أنهما يدخلانه في دين اليهودية أو النصرانية أو المجوسية بل يعني أيضا أنهما يربيانه ويصقلان شخصيته على طريقة اليهود أو النصارى أو المجوس , فيصبح يهودي الفكر والفعل .. ومن ينظر إلى واقع العالم الإسلامي اليوم يجد أنظمة الحكم قائمة على الغلبة بالقوة العسكرية مصحوبة بفكر قومي عنصري مستفز لبقية الأقوام والأقليات التي تشاطره البلاد .. فيما يجد مقابل ذلك عند الغرب نظريات العقد الاجتماعي والديمقراطية وحقوق الإنسان والرخاء الاجتماعي والرفاهية الاقتصادية..

في الغرب يكتسب السياسي قوته من تأييد الناخبين له , فكلما حصل على نسبة أصوات أعلى كانت لديه صلاحيات أكبر في اتخاذ قراراته السياسية ..أما في عالمنا الإسلامي فيختلف الوضع تماما .! إذ يضاف شرط آخر إلى ذلك وهو أخذ موافقة القوى النافذة الحاكمة هناك .! أما التفوق في إدارة البلاد , والنهوض بالاقتصاد إلى أحسن المستويات فهي علامات لا تدخل في معدل النجاح آخر العام !. بل على العكس من ذلك فأحيانا مجرد الحصول على نسبة أصوات فوق المتوقع تعد ذريعة كافية لمضايقة الحزب وإغلاقه , لأن هذه القوى لا تثق بالشعب , ولا تقيم وزنا لما يريد , فهو في نظرهم جاهل لا يعرف ما يصلح شأنه .. فمنذ يومين فقط صرح رئيس المحكمة الدستورية السابق - ومن ألمانيا أيضا - قائلا :(قد تتمكن من الحصول على نسبة سبعة وتسعين بالمائة بدل سبعة وأربعين – يقصد النسبة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات - لكن هذا لا يمنحك الحق في أن تفعل ما تريد ) .. إذن هناك شروط أخرى لا بد من تحقيقها .! لا أحد يدري ما هي .! لكن أولها - دون شك - هو إرضاء حزب الشعب الجمهوري , وأخذ الإجازة منه .! هذا الشرط ليس مكتوبا في دستور تركيا ولا هو موجود ضمن قواعد اللعبة السياسية .! لكن دلالاته حاضرة بقوة .. منها استجابة المحكمة الدستورية لطلبه بأن يكون نصاب الاجتماع لانتخاب رئيس الجمهورية 367 نائبا, وليس آخرها إجماع المراقبين السياسيين على أن ثمانية من أعضاء المحكمة الدستورية قراراتهم ستكون حتما كما يريد حزب الشعب الجمهوري .! لذلك لن يحتاج الأمر إلى منجم كي يخِرص مصير حزب العدالة والتنمية .. إضافة إلى أنه لم يسبق لأي حزب طلب المدعي العام إغلاقه وأنقذته المحكمة الدستورية .

هذا القصور والخلل في المسيرة الديمقراطية هو ما تحاول المؤسسة السياسية التغلب عليه من لدن عدنان مندرس إلى تورغوت أوزال وصولا برجب طيب أردوغان . وهناك مقولة تنسب لتورغوت أوزال ما يفتأ يرددها رجب طيب أردوغان هذه الأيام هي :(للسياسي ثوبان ثوب عرسه وثوب كفنه ) ..

و المواطن وجده في كل مرة هو الذي يدفع الثمن من كده وعرقه , لكنه أيضا يوما بعد يوم يزداد وعيا وتمسكا بحقوقه , يبدو ذلك جليا في دعمه الغير محدود لضحايا الديمقراطية و مغدوريها .. وانطلاقا من هذه الحقيقة تتعالى الأصوات هذه الأيام داخل حزب العدالة والتنمية مطالبة بإجراء انتخابات مبكرة تحت راية حزب جديد تكون شخصياته نفس شخصيات حزب العدالة والتنمية باستثناء تلك الواردة في قائمة المدعي العام الذي لن يستطيع وقتها فعل أي شيء , خاصة إذا قام حزب العدالة والتنمية بسن قوانين تعرقل إغلاق الأحزاب على أن تكون سارية المفعول بعد الانتخابات القادمة , حتى لا يبدو الحزب أنانيا وأنه يحاول إنقاذ نفسه , عندها سيكون الطريق ممهدا أمام الحزب البديل , كما أنه سيحصل - دون شك - على نتيجة لا تقل بحال عن تلك التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية.

هذه السيناريو ربما يفسر الهدوء الظاهر على خطاب رئيس الحزب رجب طيب أردوغان , أو أن لديه إشارات من جهة ما - أوربا تحديدا – تطمئنه بأن هذه المرة ليست كسابقاتها , فقد شدد البيان الصادر عن البرلمان الأوربي - والذي يضم تركيا في عضويته - على وجوب احترام خيار الشعب , كما هدد بأن إغلاق حزب العدالة والتنمية سيؤثر سلبا على انضمام تركيا للاتحاد الأوربي , وقد كان رئيس المفوضية الأوربية مانويل باروسو قد ذكر نفس المعاني خلال الخطاب الذي ألقاه في البرلمان التركي , وكذلك في تصريحاته الصحفية خلال زيارته تركيا الأسبوع المنصرم .. كما يلاحظ المتابع للخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية في الآونة الأخيرة بأنه بدأ يركز على ضرورة احترام إرادة الشعب , وإنجازات الحزب خلال فترة حكمه بدل مهاجمة المدعي العام وحججه الواهية !.

وسواء أغلق حزب العدالة والتنمية أم لا تبقى التجربة الديمقراطية التركية ثرية .. كما أنها تشكل نموذجا في عالمنا الإسلامي الواقع بين سندان العولمة ومطرقة الدكتاتورية ..

*كاتب سوري

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ