ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 03/05/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هموم غزية

أ.د. محمد اسحق الريفي

أكثر ما يشغل أهل غزة أمران، الحصار الظالم الذي يكاد يفتك بهم، وتهديد الاحتلال الصهيوني بهجوم كبير على غزة.  وبين استمرار الحصار والتهديد بالحرب، يبحث الغزيون عن إجابة لأسئلة ملحة حول مآل الأوضاع في غزة وآفاق الخروج من الأزمة.

 

في البداية، تجدر الإشارة إلى أننا نحن الفلسطينيين تعلمنا أن صراعنا مع الاحتلال الصهيوني هو صراع وجود بالدرجة الأولى، وأنه لا خيار أمام الشعب الفلسطيني سوى الصبر والتمسك بالثوابت والحقوق والأرض، لأن بديل ذلك هو الاستسلام، وهو الأمر الذي يسعى لتحقيقه الصهاينة والأمريكيون ويضغطون بقسوة وهمجية على الشعب الفلسطيني من أجل دفعه لإعلان استسلامه.

 

والاحتلال لا يعول على قوته العسكرية في محاولة إجبار الفلسطينيين على الاستسلام فحسب، وإنما يعول كذلك على منظومة من الاستراتيجيات التي تشمل: كسب تأييد المجتمع الدولي وتعاطف الرأي العام الغربي، توظيف نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية وسيطرتها على هيئة الأمم المتحدة في خدمة المشروع الصهيوني، استغلال حالة تفهُّم أنظمة ما يسمى محور الاعتدال العربي لطموحات الاحتلال وتوجساته الأمنية، نقل الصراع إلى داخل الساحة الفلسطينية.  ولذلك يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام ميادين صراع واسعة وجبهات متعددة مع الاحتلال وشركائه وحلفائه.

 

والصراع السياسي الفلسطيني الداخلي أمر لا بد منه، لأنه صراع على المواقع القيادية التي تحدد مسار الصراع ونوع العلاقة بين الفلسطينيين والاحتلال، ومن ثم تحدد مصير الشعب الفلسطيني.  وترك هذه المواقع القيادية لأصحاب نهج التسوية السلمية، لن يحقق الطموحات الفلسطينية، بل يؤدي إلى تكريس الاحتلال وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني.  ولذلك يحرص الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيون دائماً على أن يتولى قيادة الشعب الفلسطيني شركاء للاحتلال في عملية التسوية بالطريقة التي يريدها الاحتلال وتحقق مصالحه.

 

ولكن الاحتلال استطاع توظيف هذا الصراع الفلسطيني لصالحه، من خلال إحداث انقسام فلسطيني أدى إلى تشكيل نظاميين سياسيين، أحدهما شرعي تتولاه حركة حماس دون اعتراف عربي ودولي به، وآخر غير شرعي يرعاه المجتمع الدولي، وتدعمه الولايات المتحدة والاحتلال.  وأدى ذلك إلى تفريغ القضية الفلسطينية من محتواها، ومكَّن الاحتلال من تقسيم الشعب الفلسطيني إلى جزأين والتعامل معهما وفق أجندة صهيونية خاصة بكل جزء على حدة.  ففي الضفة، هناك سلطة تنفذ الشق الأمني من خريطة الطريق الأمريكية، وتحارب المقاومة.  أما في غزة، فالاحتلال يسعى لفرض هدنة بثمن بخس!

 

فالهدنة التي يطرحها الاحتلال على الفلسطينيين تعمق فصل الضفة عن غزة وتبعد الشعب الفلسطيني كثيراً عن أهدافه الوطنية.  فقد كبلت عملية أوسلو الاقتصاد الفلسطيني وجعلته في قبضة الاحتلال، ما أدى إلى كل المعاناة التي يعانيها أهل غزة اليوم، إذ إن الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية مع الاحتلال – ضمن عملية أوسلو – مكنت الاحتلال من الإحاطة بشعبنا إحاطة السوار بالمعصم.

 

إن الخروج من هذا الوضع المتأزم المعقد يتطلب تغييراً جذرياً في المنطقة على مستوى النظام الرسمي العربي، أو سقوط الولايات المتحدة اقتصادياً يؤدي إلى ضعف نفوذها في منطقتنا، أو نشوء تحالف إقليمي جديد في منطقتنا يجعل من الصعب على الاحتلال فرض التسوية التي يطمع فيها لإنهاء القضية الفلسطينية، أو نجاح المقاومة الفلسطينية في تطوير إمكاناتها لتظل قادرة على الحؤول دون انتصار جيش الاحتلال الصهيوني ومنعه من تحقيق أهدافه.

 

والاحتلال ينتهج البراغماتية في تعامله مع التحديات التي تواجهه، فجيشه ينسحب من الأراضي التي يحتلها إذا رأي أن الانسحاب هو الطريق الوحيد لتجنب الخسائر البشرية في الجانب الصهيوني، ويقبل الاحتلال بالتهدئة إذا رأى أنها الطريق الوحيد لحماية المستوطنين من صواريخ المقاومة، ويفتح الاحتلال المعابر ويفك الحصار إذا رأي أن استمرار الحصار وإغلاق المعابر سيؤدي إلى تكوين رأي عام غربي وعالمي ناقم على الكيان الصهيوني ومتعاطف مع الفلسطينيين.

 

ومع استمرار حالة الضعف والعجز العربي، فإن كسب الشعب الفلسطيني للوقت – دون تنازل أو تفريط – وإفشال عمليات التسوية السلمية هو نصر كبير له، وهو الأفق الذي يمكن أن يعمل في فضائه الفلسطينيون المقاومون، فالصراع العربي – الصهيوني لا ينتصر فيه الاحتلال ما لم يستسلم الفلسطينيون، ولا يخسر فيه الفلسطينيون طالما أنهم متمسكون بحقوقهم وثوابتهم.  وكل الدلائل تؤكد أن الزمن ليس في صالح الاحتلال ولا الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعاني من فشل عسكري استراتيجي وتدهور اقتصادي غير مسبوق.

 

أما بالنسبة لانفجار غزة، فلا تعويل عليه، ليس لضعف غزة المحاصرة، وإنما لتحصن الاحتلال وعدم وجود احتكاك مباشر بينه وبين الفلسطينيين.  في الانتفاضتين الأولى والثانية كان الاحتكاك بمثابة الوقود للمقاومة الشعبية العفوية ومحفزاً على التصدي للاحتلال، وعندما جاءت سلطة أوسلو اقتصرت مناطق الاحتكاك على المستوطنات والحواجز والدوريات العسكرية، فلما انسحب الاحتلال من غزة تقلصت عمليات المقاومة بشكل ملحوظ، ولكن ازدادت وتيرة إطلاق الصواريخ.

 

الضفة تعيش اليوم أوضاعاً كتلك التي عاشتها غزة إبان انتفاضة الأقصى، ولذلك فإن الضفة مرشحة أكثر من غزة للانفجار وتصاعد المقاومة ضد الاحتلال، أو هكذا يجب أن يكون الحال.  ولا يوجد أمام أهل غزة سوى تقوى الله عز وجل والتوكل عليه، والصبر والثبات، واستصراخ أحرار العالم، ورص الصفوف، والتكيف مع الظروف.

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ