ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عد
إلى رشدِك يا "نصر الله"! .. إلى
أين تريد أخذ لبنان؟ الطاهر
إبراهيم* الذين استمعوا إلى خطاب "حسن نصر الله"
عصر يوم الخميس 8 أيار الجاري،
أفزعهم الدّْرك الذي وصل إليه
الرجل وهو يتكلم عن قطع الأيدي
والرؤوس، وكأنه قد جاء لتوه من
مجزرة للأغنام أو الأبقار قبل
أن يظهر على الشاشة! لا نريد أن
نعدد السقطات التي أوقع فيها
نصر الله نفسه، بقدر ما نريد أن
ننبه إلى ملاحظات، كثيرا ما
طبعت خطابات نصر الله. هذه المرة
كان الخطاب واضحا ومباشرا وأكثر
انحدارا في المستوى بما لا يليق
برجل يحرص خصومه قبل أنصاره أن
يسبغوا عليه لقب "السيد"
قبل النطق باسمه المجرد. أولا: لعل أول ما يلاحظه المراقب، أن "نصر
الله" أراد دائما في خطاباته
بأن يرسخ
في ذهن المستمع أن ما يقوله
حقائق، مع أنه ليس هناك أي فرصة
للتأكد من صدق ما يقول، بل كأن
ما يقوله مسلمات أو بديهيات.
للأمانة فإن نصر الله لاتعوزه
البديهة الحاضرة، فهو يلوّن الصورة
ويغير من لهجته بحيث لا يملّ
المستمع تكراره لصيغ محددة.
يقول إنه لا يريد أن يشطب أحدا
ولا أن يلغي أحدا. في نفس الوقت
يتصرف كأنه هو الدولة، وأن
مخالفيه هم عملاء لواشنطن.
أسلوبه في الحديث –رغم لجوئه
كثيرا إلى العامية- لا يدع مجالا
للبسطاء من أنصاره بأن يشكوا في
صدق حديثه. ثانيا: كل الذين تابعوا أحاديث "نصر
الله" منذ استقالة وزراء حزب
الله وحركة أمل، أدركوا حجم ما
يحمله في نفسه من ضغينة لرئيس
الحكومة "فؤاد السنيورة".
الأسباب ليست مجهولة لأي
لبناني، مهما كان شأنه وموقعه.
فقد استطاع "السنيورة" أن
يبني لنفسه مستوى مرموقا من
الاحترام. فلم يكن يسِفّ في
أحاديثه كما يفعل بعض المعارضة،
ومنهم نصر الله نفسه. أدرك ذلك
الذين استمعوا خطابات نصر الله
قديمها والأخير، التي كثيرا ما
اتهم فيها حكومة السنيورة بأنها
حكومة "فيلتمان"، سفير
واشنطن السابق في لبنان. وأن
حكومته تنفذ ما تطلبه واشنطن. في خطابه الأخير ذكر نصر الله بأن
المقاومة لا تريد أن تعرف حكومة
السنيورة أسرار "شبكة
الاتصالات السلكية" لأنها
ستصل في النهاية إلى (ال سي آي إي
وال إف بي آي). أي لبناني يحترم
نفسه –حتى وإن كان في المعارضة-
يربأ بنفسه أن يخوّن حكومة
بلاده كما يفعل نصر الله، مع أنه
شارك في اختيار هذه الحكومة عند
تشكيلها. ثالثا: استطراداً، إنه لمن الإسفاف أن
يزعم بأن وليدَ جنبلاط هو رئيس
الحكومة وأن السنيورة إنما ينفذ
ما يطلبه جنبلاط. كان بإمكانه أن
يلجأ إلى الكناية أو المجاز أو
التلويح والتلميح، هذا إن أراد
أن يزعم أن "السنيورة" غير
كفؤ لمنصبه. علما أن ما أوغر صدر
"نصر الله" و" نبيه بري"
من السنيورة هو جدارته في الحكم.
رابعا: لاتنكر حكومة "السنيورة"
بأنها تلجأ أحيانا إلى الأمم
المتحدة، وتنسق مع أمريكا
وأوروبا فيما يتعلق في الشئون
اللبنانية وبما يتعلق باعتماد
المحكمة الدولية التي ستحاكم
قتلة الحريري. في كل مرة تتحدث
عن إسرائيل فتصفها أنها عدوة
لبنان وأن لبنان هو آخر دولة
عربية تطبع مع إسرائيل. مع ذلك
فإن نصر الله لاينسى -في كل مرة-
أن ينعم على حكومة السنيورة
بأنها تسعى إلى صلح مع إسرائيل.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على
نصر الله: لماذا يتناسى أن حليفه
الرئيس "بشارأسد" رحب
بوساطة "رجب طيب أردوغان"
بينه وبين "أولمرت" لعقد
صلح منفرد مع إسرائيل وسماه
مفاوضات؟ أم لعل حليفه من "آل
فرفور ذنبه مغفور"؟ خامسا: لو أراد نصر الله ألا دفع الفتنة
بين الشيعة والسنة في لبنان
لسحب ميليشيا الحزب من الشوارع،
حتى ولو كان على حق في ادعائه
بأن الحكومة اللبنانية أخطأت
عندما عزلت العميد "شقير".
على الأقل يعطي للحكومة فرصة
لإصلاح الخطأ، أو لتقديم
مسوغاتها للعزل! سادسا: لقد خسر نصر الله احترام أهل السنة
في كافة الأقطار العربية. إذا
كان هناك من يقف في وجه واشنطن
من أهل السنة، فليس تضامنا معه
أو مع إيران وحليفه السوري، بل
تضامنا مع حركة "حماس" و"الجهاد"
في غزة. وقد تأكد أهل السنة بأن
ما يجري في لبنان هو مخطط إيراني
بعدما أوضح الزعيم الإيراني "خامنئي"
بأنه سيحارب واشنطن من على أرض
لبنان. أخيراً: فإن أهل السنة لن ينسوا لإيران
أنها قدمت دعما "لوجيستيا"
إلى واشنطن أثناء اجتياحها
أفغانستان، كما اعترف بذلك
الرئيس الإيراني السابق "خاتمي"
عندما ذَكّر أمريكا بأنها ما
كانت تستطيع احتلال أفغانستان
لولا أن إيران فتحت أجواءها لها
أثناء حربها ضد حكومة "طالبان".
كما لن ينسى أهل السنة في العالم
العربي أن الميليشيات الشيعية
انطلقت من إيران لمساعدة القوات
الأمريكية في اجتياحها العراق
في نيسان من عام 2003. وكيف ينسى
أهل السنة ذلك، وقد فتح احتلال
العراق على العراقيين السنة
جحيم التطهير العرقي الذي قامت
به الميليشيات الشيعية، مثل "بدر"
و"جيش المهدي" و"حزب
الدعوة". اتق الله في اللبنانيين يا سيد نصر الله،
ولا تركب حصان الفتنة. واعلم أن
أهل السنة في لبنان يرفضون
الفتنة ويكرهون أن تهراق أي
قطرة دم من دماء إخوانهم
الشيعة، تماما كما يكرهون أن
تهراق دماء أهل السنة، في أي
فتنة طائفية. لا يغرنك أن لديك
صواريخ حيفا وصواريخ ما بعد
حيفا. فإنه لا أحدٌ يسلّم عنقَه
رخيصةً إذا مافُرِضت عليه
الحرب، ولو كان الذي يحاربه هو
أخوه. وكما قال الشاعر: إذا
لم تكن إلا الأسنة مركبا
فما حيلة المضطر إلا ركوبها. عد إلى رشدك يا نصر الله، وإياك أن تلعب
على سلاح الفتنة الطائفية،
فإنها إن وقعت، -لا سمح الله- فإن
الكل فيها خاسر، وإن من يشعل
فتيلها سيكون أول من يتلظى
بلهيبها: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"
صدق الله العظيم. *كاتب سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |