ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ما
وراء تهدئة غزة أ.د.
محمد اسحق الريفي تهدئة غزة ليست كل ما يطمح إليه قادة
الاحتلال الصهيوني، فهم يطمحون
إلى تقويض المقاومة وإفشالها
استراتيجياً لصالح نهج التسوية
السلمية، ولذلك فإن التهدئة
التي يقبلها الاحتلال في غزة
تأتي في إطار إجراءات ميدانية
تهدف إلى الحد من قدرات
المقاومة ومنع تحولها إلى خطر
استراتيجي على الكيان الصهيوني. فنمو المقاومة وتطورها يشكل تهديداً
استراتيجياً للاحتلال ويمثل
هاجساً أمنياً كبيراً لجيشه،
ولذلك يسعى الاحتلال للحؤول دون
امتلاك المقاومة لأسلحة متطورة
تفقد جيشه القدرة على الردع
وتكبده خسائر فادحة، ولا سيما
الأسلحة المضادة لدباباته
المتطورة والمحصنة.
ويسعى الاحتلال في ذات
الوقت إلى منع تطوير المقاومة
لصواريخ ذات مدى أبعد ودقة أكثر
وقدرة تدمير أكبر. ولهذا فقد صرح وزير الحرب الصهيوني "إيهود
بارك" قبل أيام قليلة بأن
جيشه ينوي شن هجوم كبير على غزة
قبل الموافقة على التهدئة أو
الهدنة مع الفلسطينيين، ولذات
السبب تتلكأ حكومة الاحتلال عن
الموافقة على الهدنة التي وافقت
عليها الفصائل الفلسطينية
وتحفظت عليها حركة الجهاد
الإسلامي رغم تعهدها بعدم خرق
الهدنة ما لم يخرقها الاحتلال.
فالاحتلال يخشى أن تمنح
التهدئة أو الهدنة فرصة لحركة
حماس وفصائل المقاومة الأخرى
لبناء قدراتها العسكرية. وفي الوقت الذي يدور فيه الحديث عن
التهدئة وتسعى جهات عربية إلى
إقناع الطرف الفلسطيني المقاوم
بها، يقوم جيش الاحتلال بإنشاء
شريط أمني على الحدود التي تفصل
غزة عن الأراضي المحتلة منذ
العام 1948م. ويأتي
هذا الإجراء في سياق خطة أمنية
صهيونية للحد من قدرة المقاومة
على إطلاق الصواريخ، ومنع
صواريخ المقاومة – محلية الصنع
– من الوصول إلى أهداف في عمق
كيان الاحتلال الصهيوني. ومن المتوقع أن يواصل الاحتلال هدم
المنازل والممتلكات وتجريف
الأراضي الزراعية حتى يكمل
إنشاء الشريط الأمني الذي سيحيط
بغزة من الجهتين الشمالية
والشرقية. أما
في الجهة الجنوبية لغزة، فقد
تكفلت الحكومة المصرية بإقامة
جدار عازل على طول الحدود بين
غزة وسيناء لإحكام الحصار
الخانق على غزة في سابقة غير
معهودا عربياً، إضافة إلى
إجراءات أمنية للكشف عن الأنفاق
التي يزعم الصهاينة أن المقاومة
الفلسطينية تستخدمها لنقل
الأسلحة إلى غزة. وإذا نجحت هذه الإجراءات في تحجيم
المقاومة والحد من قدراتها
العسكرية، فإن الاحتلال كعادته
لن يلتزم بأي تهدئة، وستبقى غزة
مسرحاً لعمليات جيش الاحتلال
الحربية، المتمثلة في
الاجتياحات واستهداف المقاومين.
فالاحتلال لا يوجد عنده أي
شيء مقدس سوى أمنه، ولا يلتزم
بأية اتفاقيات أو مواقف سياسية،
أو أمنية أو اقتصادية، سوى تلك
التي تحقق أمن كيانه وتضمن نجاح
مخططاته. ومما لا شك فيه أن الاحتلال يسعى – من
خلال محاولاته المستميتة
لتقويض المقاومة – لفرض شروطه
وإملاءاته السياسية على الشعب
الفلسطيني، ومحاولة إجبار حركة
حماس على تغيير مواقفها الثابتة
الرافضة للرضوخ لإملاءات
اللجنة الرباعية الولية، وذلك
من أجل تصفية القضية الفلسطينية
وإقامة الدولة اليهودية وإنجاح
المخططات الأمريكية في منطقتنا.
فالمقاومة هي التي تحول دون
تمرير الحلول الاستسلامية على
الشعب الفلسطيني، وهي التي
تتصدى لفريق التسوية السلمية
الذي يساهم في القضاء على
المقاومة في الضفة المحتلة. ويرى قادة الاحتلال أن الوقت قد حان لقطف
ثمار الحصار الخبيثة وتوظيف
معاناة أهل غزة في النيل من
ثباتهم وصمودهم، بإجبارهم على
تهدئة من طرف واحد وفق شروط
الاحتلال وفي غزة فقط دون الضفة
المحتلة. ولكن
مثل هذه التهدئة مرفوضة
فلسطينياً، وأهل غزة لا يفكرون
في الاستسلام للاحتلال، بل
يفكرون فقط في التكيف مع الحصار
ومواصلة المقاومة ضد الاحتلال.
وقد تعهدت فصائل المقاومة
وعلى رأسها حركة حماس بالرد على
أي عدوان صهيوني ضد غزة والضفة
المحتلة. ولهذا فإن الوضع الحالي في غزة والضفة
سيستمر على ما هو عليه دون أي
تغيير، وكما أن الفلسطينيين
يدفعون ثمن صمودهم وثباتهم
ومقاومتهم، فإن الاحتلال أيضاً
يدفع ثمن عدوانه وجرائمه ضد
شعبنا، كما أن الولايات المتحدة
وحلفاءها الغربيين والمشاركين
في الحصار الظالم على غزة
يدفعون ثمناً باهظاً مقابل
عدوانهم ودعمهم للاحتلال، ولكن
شعبنا أثبت أنه الأقدر على
الصبر وتجاوز الألم والمعاناة،
ولذلك فسينتصر الشعب الفلسطيني
مهما طال الزمن، ومهما حاك ضده
أعداؤه المؤامرات! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |