ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سنّة
لبنان عريب
الرنتاوي ستظل "الحريرية
السياسية" الممثل الأكبر
للسنة في لبنان حتى إشعار آخر،
بيد أنها ستفقد نفوذها المهمين
في المرحلة المقبلة، بعد أن
تعرضت للطمة قاسية، كادت أن
تأخذ شكل الانهيار الكامل،
وستتعرض زعامة "آ ل الحريري"
المتفردة للبنانيين السنة،
لمنافسة قوية على المستوى
الوطني اللبناني (التيار السلفي)،
وعلى المستويات المحلية (في
المدن والمناطق) في الوقت ذاته: (كرامي
في طرابلس، أسامة سعد في صيدا
إلى غير ما هنالك). في ذروة صعودها قبل
عشر سنوات أو يزيد، نجحت "الحريرية
السياسية"، في تهميش
القيادات التقليدية والعائلات
السنية المعروفة في لبنان
وإضعاف نفوذها، واستوعبت تحت
عباءتها عشرات الأحزاب
والمنظمات التي ترعرعت في حارات
بيروت وصيدا وطرابلس والبقاع،
إلى أن بدا أن الحريري الأب، قد
أصبح الناطق الرسمي والممثل
الشرعي الوحيد للسنة في لبنان،
قبل أن يتسلم الراية من بعد
استشهاده، نجله سعد الدين
الحريري. لقد بنت الحريرية "السياسية"
نفوذها في لبنان استنادا إلى
جملة من القواعد، منها: (1) سياسة
وسطية معتدلة عموما، نزعتها
الوطنية ظاهرة على مضمونها
الطائفي / المذهبي...(2) مؤسسات
اقتصادية واجتماعية وتربوية
امتصت فائض العمالة ووظفت ألوف
مؤلفة من المواطنين و"المؤلفة
قلوبهم"...(3) سلطة مالية غرفت
بغزارة من صناديق الحريري ومن
خلفها صناديق سعودية وخليجية
ضخمة، أبدت اهتمامها بلبنان
وفرص القيام بدور فاعل فيه،
معادل على الأقل لدور إيران
الصاعد في هذه البقعة من الشرق
الأوسط. على أن "الحريرية
السياسية"، أخفقت في بناء
تيار سياسي صلب ومتماسك، افتقرت
للنظرية أو "العقيدة" إن
شئت، وكان بنائها التنظيمي "شركاتيا"
بامتياز وإن صح التعبير، فبدا
كما لو كان بناء كرتونيا، تطاير
إلى مزق وشظايا عند هبوب أول
عاصفة من عواصف المواجهة. اليوم، يقف سنة لبنان
أمام مفترق صعب: بعضهم سيعود إلى
قواعده التقليدية "سالما"،
خصوصا بعد أن وجدت المرجعيات
السنية التقليدية ضالتها في "انهيار
الحريرية" لاستعادة دورها
المفقود، وسيخرج من بين زعماء
السنة وأحزابهم من سيقول بأن
الحريرية في عهد الحريري الابن،
تخلت عن وسطيتها واعتدالها،
وذهبت بعيدا وراء مغامرات بعض
حلفائها من قادة المليشيات،
وثمة من يتحدث عن خلافات داخل
الحلقة الضيقة لقيادة "المستقبل
وتيار الحريري"....بعضهم
الثاني، استخلص "دروس التطرف"
واكتشف أن ضعف "النزعة
الحربية" عند السنة كان "كعب
أخيلهم"، وأيقن بأن قوة السنة
في قوتهم، وليس في ضعفهم، ولهذا
سيلجأ هؤلاء إلى "الجناح
المقاتل" من السنة، سنة
الشمال وسلفييه في طرابلس وعكار
وجرود الضنية ومجدل عنجر وعرسال
وغيرها من المناطق التي اعتادت
تخريج "المجاهدين"
وإرسالهم إلى ساحات الوغى في
العراق وأفغانستان، في حين أنه
من باب أولى أن يقاتل هؤلاء على
أرض وطنهم الذي سيأتي دوره
الجهادي قريبا وفقا "لوعد
الظواهري" حين يتحول لبنان من
ساحة نصرة إلى ساحة جهاد، علما
بأن لسان حال الحركات الجهادية
السلفية يقول: (ليس للمجاهدين
وطن، يا مجاهدي العالم اتحدوا)
انهيار "الحريرية
السياسية" وتمزقها، ليس من
مصلحة لبنان عموما ولا من مصلحة
السنة فيه على وجه الخصوص،
وثاني أكبر المتضررين بعد السنة
من انتشار التيار السلفي في
لبنان، سيكون حزب الله ذاته،
الذي سيجد نفسها هدفا لهؤلاء
ولعملياتهم "الاستشهادية"،
وسيكون مضطرا للرد عليهم
استباقيا أو دفاعا عن النفس،
وفي كلتا الحالتين، سيدفع ثمنا
باهظا من رصيده، وستندلع الفتنة
التي يصر حزب الله على أنه قطع
الطريق عليها، ويصر الحريري على
أنها وقعت فعليا وأن المطلوب
اليوم هو إخمادها. لذلك نعود مرة أخرى،
للحديث عن "أعمدة لبنان
الثلاثة": تيار الحريري،
التيار العوني وحزب الله،
والحاجة الماسة لفتح كوّة واسعة
للحوار والتبادل بينها إنقاذا
للبنان من حرب أهلية محتملة
وفتنة تطل برأسها، و"عرقنة"
ستأكل الأخضر واليابس. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |