ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 24/05/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هل يحقق "سلام الضعفاء " 

ما لم تحققه "حروب الأقوياء" ؟!.

د.نصر حسن

ما أعلنه النظام السوري وإسرائيل في الوقت نفسه في العشرين من أيار الحالي بالتزامن مع حوار الدوحة حول الأزمة اللبنانية , عن قيام الطرفين بمحادثات غير مباشرة بوساطة تركية تكون مباشرة في أي وقت بما هي مقدمة لبدء فتح ملف السلام المغلق ظاهرياً بينهما , يمكن اعتباره " تكويعة " خطرة في قيادة النظام السوري لسفينة سلطته التي تتقاذفها رياح عاصفة من كل الاتجاهات الداخلية والإقليمية كما الدولية , وهي خطوة ليست مفاجئة من قبل نظام بنيته الأساسية مصممة على الخيار الاستراتيجي " السلام العادل والشامل " وخطابه السياسي باطني غامض يعج بكل المواقف المتناقضة , والذي رسمه جيل الحرس القديم بقيادة الأسد الأب وأورثه تركة ثقيلة إلى الأسد الابن وحرسه الجديد , وأصبح واضحاً من خلال سياسة النظام لعقود بأن هذا الخيار يبطن عملياً جر المنطقة كلها خلف قاطرة النظام السوري باتجاه الوصول إلى مرفأ إسرائيل حيث السلام المنشود الذي يحافظ على بقاء النظام واستمرار مرحلة غوغائية كارثية طويلة لم تجن منها سورية والدول العربية غير الهزيمة والتخلف والتشرذم والقضاء على مشروع النهضة العربية المعاصرة بالتخلي عن الحقوق وعن الأسس الذي قام عليها المشروع القومي في سورية وعموم المنطقة , والتمهيد الميداني لتفكك وحدة الدول العربية الجغرافية والسياسية التاريخية والتخلي عن مصالحها وأمنها الوطني والقومي بخطاب فردي مقاوم في ظاهرة , سلطوي عصبي أقلاوي متهافت مستسلم ومتمحور حول بقاء أنظمة حكم هزيلة ديكتاتورية فاشلة وفاسدة في باطنه.

 

فهل النظام السوري في وضعه الحالي الذي يتسم بالضعف والتخبط بين حدين متناقضين هما السلام والمقاومة في حاضنة كبيرة من الأزمات على مستوى الداخل والخارج , قادر على اتباع طريق السادات والذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي وإعلان نهاية مرحلة القطيعة مع إسرائيل وتحديها في عقر" دارها" ؟! أم هو مراوغة على خطوط النار التي تحيط بالنظام هرباً من الحريق ؟! أم هي أخيراً المخرج الشكلي من مآزق النظام لتمرير الوقت كعادته ؟! أم لاهذا ولاذاك والطرفين وضمن مفاعيل المنطقة وخرائطها وخرائبها وفوضاها يضحك كل منهما على الآخر للتمويه عن النوايا الفعلية , وهما ذاهبين لحرب جديدة أصبحت استحقاقا ً إقليماً ودولياً وهي المخرج الوحيد لهما وتتجاوب من مشاهد الفوضى الخلاقة وبناء الشرق أوسط الجديد ؟!.

 

  فليس خافياً على أحد مستوى الضعف الذي يعاني منه النظام على المستوى الداخلي تحديداً , والسلام كما الحرب بدايتها وضع داخلي متماسك وطنياً تتوفر فيه عوامل ومؤهلات تساعده على تنفيذ هدف استراتيجي كبير كما هو مطروح , في حين يعاني النظام السوري من عزلة داخلية وشعب محاصر في حريته ولقمة عيشه ووحدته من جهة , وفقدان النظام لأبسط موازين القوى المادية التي يترجمها جيش قوي قادر على حماية الأمن الوطني , في حين الجيش السوري ذو التاريخ الوطني المعروف المفقود بفعل سياسة النظام على مدى عقود قد أفرغه من مصادر قوته وهمشه وقلص دوره إلى حماية النظام , وشاخ وأصبح مقبرة للتنك والأسلحة القديمة التقليدية ومنعت عنه كل مستلزمات التطوير والتجديد في البنية والأداء , يضاف له غياب العوامل الموحدة بسبب الخلل الكبير في تركيبته التي أرادها النظام أن تكون ولاءً له وليس للوطن والشعب وأبعد مايكون عن استراتيجية دفاعية أو خوض حرب تحرير الأرض والحفاظ على الأمن والكرامة الوطنيين , أي أن النظام حشره في التهميش وضعف الفعل والدور بمحاصرته من قبل الأجهزة الأمنية التي أجهضت كل عوامل المنعة والقوة في الحياة العامة في سورية على مستوى الجيش كما على مستوى الحياة العامة بكافة صورها .

عرضيا ً وجب التذكير أن النظام السوري ذو إرث معروف بتوقيعه معاهدة فك الاشتباك بعد حرب تشرين مع " مهندس السلام هينري كيسينجر " الذي أصبحت تنظيراته دليل عمل للنظام السوري , مروراً بالذهاب إلى مدريد وتوسل " الأرض مقابل السلام " وصولاً إلى " وديعة رابين " و اليوم  إلى "سلام الضعفاء"  ...فعلى من تعزفون مزامير السلام  وعلى من تقرعون طبول الحرب ؟!.

والحال كذلك , إن تخبط النظام وفساده وفشله السياسي والاقتصادي الداخلي ومارافقه من فشل مماثل على مستوى علاقاته العربية والإقليمية وخاصة في لبنان بعد اغتيال المرحوم رفيق الحريري وتطور الأمر إلى مواجهة مع المجتمع الدولي أدى إلى تشكيل المحكمة الدولية , وأيضاً مارافقه من ضغط على المقاومة الفلسطينية أنتج قتال وتقطيع لأوصال السلطة والفلسطينيين معاً وفتح الساحة الفلسطينية أمام المد الإيراني وكذلك عزلته والقطيعة مع الدول العربية الأساسية , كل تلك النتائج العملية لسياسة النظام السوري المتهالكة الذي ظن النظام أنه قادر على جمع التناقضات التي لاتجمع وكسب مقامرته بالمقاومة, فهل كل هذا الرصيد الرث هو مقدمة للمساومة أم للمقاومة أم ماذا ؟!.

فإذا كان مسار السلام الذي يؤمن به النظام السوري ينطلق من ضعف مهين في موازين القوى المادية والتخلي الكامل عن الحقوق وتغييب كامل لدور الشعب ومستوى اقتصادي ومعيشي منهار وجيش قديم في بنيته وآلية عمله وبناؤه العقائدي الذي أثبت فشله في العالم كله وبيروقراطية ورشوة وفساد ومحاصرة أمنية أفرغته من القدرة على القيام بدوره الوطني , يضاف له فقدان الدعم العربي بعد تحلل معاهدات الدفاع العربي المشترك وزعزعة العلاقة مع الدول العربية , ومثلها غياب السند الدولي الواضح بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ,على أن حلفه مع إيران هو سبب ضعفه الأساسي على الساحة العربية والدولية ومدخله الغوغائي المتناقض على مستوى الحرب والسلام , فهل هذا يعني أن النظام وبواقع الحال هذا قادر على التفكير في السلام ناهيك عن هذيان المقاومة الذي ينظّر له صباح مساء؟!.

وبالتوازي مع ذلك هل مسار المقاومة الذي يتلطى وراؤه ينطلق من اللعب بالتنظيمات السياسية على الساحة العربية من العراق إلى فلسطين إلى لبنان, والجميع يعرف إغلاق الجبهة السورية بإحكام مدهش لعشرات السنين وإنهاء فكر المقاومة على الساحة السورية بشكل كامل وإبقائها حاضرة في مستواها اللفظي لتكون مدخله إلى تلك التيارات للضغط عليها وابتزاز كل الأطراف , مع تجاهل التغيير الكبير في موازين القوى المادية في المنطقة في السنوات الأخيرة , وتهافت غير بريء بالحرص على تقاربه مع التيارات الفلسطينية وتوريطها في صراعات داخلية أفقدها الكثير من تماسكها وقدرتها وحتى شرعيتها فارتدت إلى الوراء موشحةً نفسها في غطاء أصولي , مترافقاً بنفس النهج على الساحة اللبنانية من خلال التدخل الداخلي في شؤونه تحت واجهة حزب الله ودوره المعروف على الساحة اللبنانية وماشهدتها من أحداث دموية خطيرة وتفكك وحدتها الداخلية , فهل مقاومة النظام السوري ومن معه هي دفع الأطراف في لبنان وفلسطين إلى قتل بعضهم على طريق " تقويتهم " في مقامرة دنيئة على طريق " السلام الموعود" ؟!.

خلاصة القول أن السلام كما الحرب هو نهج وأسس وبناء لشعب ولجيش ولخطاب سياسي واضح متماسك ممهور بموازين قوى مادية , أولها الإقرار بحرية الشعب وتنمية عوامل الوحدة والسلم الداخلي وتعزيز قدراته واحترام كرامته الوطنية بتوفير الحد الأدنى من الانفتاح السياسي لتوفير اللحمة الوطنية يرافقه مستوى معيشي يساعده على الصمود والوقوف خلف النظام في خيارات استراتيجية خطيرة , وثانيها خطاب وطني واضح يؤسس لبناء منظومة وطنية قوية على مستوى الحياة المدنية كما على مستوى بناء الجيش الوطني وتنمية قدراته الدفاعية وتطوير منظومته باستمرار وتأمين الحد الأدنى من القوى المادية والمعنوية ووضوح الهدف أمامه كي يستطيع أن يؤدي دوره بكفاءة مطلوبة , لا أن يتم تعميته بخطاب مشوش , ولاأن يتم إبعاده عن المشاركة في القرار ويصبح كل عمله هو الحفاظ على النظام وإفساده ضمن هذه المعطيات وتحويله إلى مواخير للفساد والإفساد , وشبكات متداخلة من الولاءات والمصالح الفردية وتغييب البعد الوطني في بنيته ,وبالتالي عملياً إلغاء دوره بشكل كامل على مستوى الحياة الوطنية كما على مستوى الأحداث الإقليمية الخطيرة , فهل خيار المقاومة أو السلام هو ممارسة القمع وغياب الاستقرار الداخلي وتعميم الجوع والفقر وسلسلة عوامل الانهيار التي لها أول وليس لها آخر , أم أن مقاومة النظام وسلامه هي من النوع الذي يوفر للطرف الآخر كل فرص التقدم والتطور والسيطرة والفوز الاستراتيجي الذي لن يحيد عنه خدمة للنظام السوري قديمه وجديده ؟!.

بقي أن نقول أن ضعف النظام  السوري الداخلي والخارجي ,المادي والسياسي والمعنوي , يناظره ضعف رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي وحاصل جمعهما وحيرتهما وانخفاض منسوب الوسيلة أمامهما والفساد الذي يلاحقهما قد فرض أحد الأمرّين  :  مأزق السلام  أو محرق الحرب ....,وإلى حين  وضوح  مشهد العناق الذي مضى عليه مموهاً عشرات السنين وسرياً منذ أربع سنوات وعلنياً منذ سنتين كما يتضح اليوم ! يبقى الطرفان يلعبان لعبة القط والفأر في رقعة ملتهبة لم تعرف معنى السلام !.

فإذا كان قرار الحرب ومازال لايحتاج إلى شروط ,فإن السلام مشروطاً بحزمة طويلة عريضة , أولها قدرة النظام السوري على اتخاذ جملة من القرارات المصيرية الداخلية والإقليمية والدولية , وثانيها تكذيب نهجه أو بالأحرى كشفه على حقيقته , والخروج من خطابه المقاوم المراوغ ومن نظامه نفسه ومن مشروعه ومن أدوات ذلك كله إلى النقيض تماماً ....قد يكون صعباً على مستوى الداخل لأمور تتعلق ببنية النظام نفسه , والأصعب هو قدرته على طلاق زواجه الإيراني الذي يعتبره ولاية الفقيه زواج متعة في حين ظنه النظام السوري زواجاً كاثوليكياً ...!.

فمن نافل القول أن الضعف قادر على فرض  قبول التسليم وغير قادر على صنع السلام !.

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ