ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كيف
تناولت وسائل الإعلام العالمية الذكرى
الستين لتأسيس الكيان
الصهيوني؟ د.
إبراهيم علوش يستطيع المراقب
الإعلامي أن يلاحظ بسهولة أن
وسائل الإعلام العالمية، خاصة
الناطقة بالإنكليزية، شاركت
بالتهليل للذكرى الستين لتأسيس
دولة الكيان الغاصب المسماة "إسرائيل".
وقد تراوحت درجة مشاركة تلك
الوسائل الإعلامية بالمناسبة،
فمنها من تبناها وهلل لها بشكل
يفتقد للحد الأدنى من
الموضوعية، ومنها من تبناها
بشكل منحاز عامةً، بعد أن حاول،
مراعاةً للموضوعية الصحفية، أن
يقدم بعض الملاحظات النقدية
الطفيفة حول "النكبة"
وإغلاق الضفة عسكرياً أبان
الاحتفالات بالعيد الستين
وطريقة التعامل "الإسرائيلية"
مع الفلسطينيين في الأراضي
المحتلة عام 48، بشكلٍ لا يمس
بالنهج الإعلامي المحابي لدولة
العدو. وبالرغم من ذلك، تجد
بعض التقارير الصحفية المنشورة
بذكرى تأسيس دولة "إسرائيل"
وقد أنتجت عرضاً صورة كالحة بعض
الشيء لحالة الدولة والمجتمع
الصهيوني عشية ذكرى النكبة، ليس
من قبيل التعاطف مع العرب أو
قضية فلسطين، بل في سعيها وراء
السبق الصحفي والتميز
الإعلامي، مما يثير دوماً عقيرة
أنصار الحركة الصهيونية.
فالبحث الموضوعي عن الخبر
والحقائق لا بد أن يقود أي
إعلامي لكشف حقيقة الظلم
والعدوان والاحتلال الذي قامت
عليه "إسرائيل". ومن ذلك
مثلاً النقد الحاد الذي تعرضت
له مجلة محابية عامةً للكيان
الصهيوني هي يو أس نيوز أند ورلد
ريبورت
US News and World Report
لأن مراسلها نشر في 30/4/2008 على
صفحاتها تحت عنوان العيد الستين
مادة شبه موضوعية تتناول
الفلسطينيين العرب في ال48
ومشاعرهم تجاه ذكرى تأسيس "إسرائيل"
التي يسمونها النكبة. ومن ثم
يقوم التقرير بشرح مفهوم النكبة
من وجهة نظرهم... ولكن مثل تلك الحالات
تمثل الاستثناء لا القاعدة، وهي
لا تمثل سياسة رسمية للتحرير
بأية حال. فموقع إذاعة صوت
أمريكا على النت مثلاً نشر
تقريراً بمناسبة العيد الستين
في 6/5/2008، اعتماداً على تقرير
صوتي لمراسل الإذاعة في القدس،
يقول أن "الإسرائيليين"
باتوا الآن يشعرون بالأمان بفضل
الجدار العازل والحواجز التي
تقطع أوصال الضفة الغربية، مما
أوقف العمليات الاستشهادية حسب
رأيه. ويضيف التقرير أن
المستقبل غير أكيد، ولكن "الإسرائيليين"
يؤمنون بأنهم سينتصرون في كل
مكان وكل وقت! أما موقع "هيئة
الإذاعة البريطانية" BBC
فهو دوماً أكثر ذكاءً
وخبثاً، حيث نشر تقريراً في
5/5/2008 بمناسبة الذكرى الستين من
القدس يبدأ بصورة لقصاصة جريدة
يهودية بريطانية تتنبأ في 17/1/1896،
أي قبل عام من انعقاد المؤتمر
الصهيوني العالمي، بفشل مشاريع
ثيودور هرتزل لبناء دولة يهودية.
ويشير التقرير بعدها لبرنامج
إذاعي للمحطة تتم فيه مقابلة
خمسة "إسرائيليين": يهودي
علماني، مستوطن، عربي "إسرائيلي"
من الناصرة العربية المحتلة (يشير
التقرير بين قوسين أنه يصر أنه
فلسطيني!)، يهودي أصولي،
ومهاجرة روسية غير يهودية.
ويقدم التقرير نبذة لموقف كلٍ
منهم ليخرج باستنتاج أن "إسرائيل"
مليئة بالحيثيات المتناقضة
والعواطف المتضاربة التي يصعب
التنبوء إلى أين ستصل... وهو ديدن
البي بي سي بطرح القضية تساوي ما
بين الجلاد والضحية لتجعل
المسألة قضية وجهات نظر متضاربة
فحسب... وكالة رويترز من
جهتها حاولت الحفاظ على حيادها
ولم تضف أي تعليقات لتقرير
نشرته في 5/5/2008 عن جدول احتفالات
العيد الستين، وما يتضمنه من
عروض جوية ومناسبات وفعاليات
وحفلات غنائية، مما يوحي وكأن
المرء يقرأ إعلاناً منشوراً من
وزارة السياحة "الإسرائيلية"،
حتى يصل للفقرة الأخيرة من
التقرير التي تذكر، بنفس
الحيادية، فعاليات إحياء
النكبة من قبل الفلسطينيين، أي
تسع ضربات على الحافر وضربة
واحدة على المسمار! وفي نفس السياق الذي
يحاول أن يرضي أنصار الحركة
الصهيونية دون تقديم تأييد
مجاني، مع محاولة عدم استفزاز
العرب، نشرت وكالة أنباء شينخوا
الصينية في 4/5/2008 تقريراً يتألف
من ثماني صور تحت عنوان "إسرائيل
تحتفل بذكرى تأسيسها الستين"
يتضمن لقطات للمدينة القديمة في
القدس يتوسطها المسجد الأقصى،
ثم لمدينة عسقلان، ثم لمنتجعات
النقب، ثم لشاطئ تل الربيع (تل
أبيب)، ثم لميناء أشدود، ثم
لشبكة الطرق المعلقة فوق القدس
القديمة، مع تعليقات تظهر فقط
المكان الذي تم فيه التقاط كل
واحدة من تلك الصور، بدون أي
تعليق سياسي. وكالة أنباء نوفوستي
الروسية نشرت تقريراً في 7/5/2008
عن أحياء ذكرى قتلى معارك "إسرائيل"،
البالغ عددهم أكثر من اثنين
وعشرين ألفاً، قبل يوم واحد من
احتفالات "الاستقلال"
الستين في 8/5/2008 حسب التقويم
العبري. ويقول التقرير أن
هؤلاء القتلى بدأ حساب عددهم
ابتداءً من 1860، تاريخ بدء
الهجرة اليهودية المنظمة إلى
فلسطين. وتحت عنوان "إسرائيل
تحتفل بعيد ميلادها الستين"،
نشر موقع "فرنسا 24" France24
تقريراً محابياً للصهيونية عن
قصة نجاح "إسرائيل" ولكن مع
ملاحظات نقدية خفيفة عن إغلاق
الضفة الغربية عسكرياً خلال
الاحتفالات، وفشل عملية السلام... موقع قناة فوكس نيوز Fox
News
التلفزيوني على النت نشر
تقريراً في 7/5/2008 بعنوان "إسرائيل
تحيي الذكرى الستين لاستقلالها
وسط عدم يقين حول المستقبل"،
وهو يتحدث عن البطولة المعجزة
التي شكلتها "إسرائيل". صحيفة النيويورك
تايمز الموالية عامة للكيان
الصهيوني واللوبي الصهيوني في
الولايات المتحدة بالمقابل
نشرت تقريراً في 9/4/2008 عن العيد
الستين يتحول بقوة زخم البحث
الصحفي الجاد فحسب إلى تقريرٍ
عن حالة الإحباط التي تسود
المواطنين "الإسرائيليين"
عشية الذكرى الستين لتأسيس
دولتهم بسبب فقدانهم الثقة
بقياداتهم السياسية والأزمات
الأمنية والمعيشية، وهو ما دفع
عدداً منهم لإطلاق حركة احتجاج
لتخصيص 28 مليون دولار لاحتفالات
يوم "الاستقلال" الستين،
ومنها عريضة وقعها تسعين ألف
"إسرائيلي" حتى تاريخ نشر
التقرير يحتجون فيها على تبذير
الأموال العامة على احتفالات
التأسيس... ويشار أن صحيفة
النيويورك بوست الشعبية، التي
يملكها إمبراطور الإعلام روبرت
ميردوخ، المدعو للمشاركة
باحتفالات التأسيس الستين إلى
جانب بوش وبلير ومن لف لفهم،
نشرت ملفاً كاملاً يحتفي بتأسيس
"إسرائيل" ويمجد قواتها
المسلحة. أما صحيفة التايمز
البريطانية التي يملكها ميردوخ
أيضاً، فنقلت في 6/5/2008 تقريراً
من تل أبيب عن احتفالات ستجري في
8/5 يقوم فيها الجيش "الإسرائيلي"
باستعراضات ويفتح بعض قواعده
للجمهور. صحيفة التلغراف
البريطانية نشرت تقريراً في
6/5/2008 من القدس عن احتفالات
تأسيس "إسرائيل" الموافقة
في 8 أيار / مايو حسب التقويم
العبري وما يتخلله من نشاطات
وفعاليات، ومنها محاولة تسجيل
رقم قياسي عالمي في كتاب "غينيس"
لأكبر عدد من الناس يقومون
بغناء النشيد الوطني "الإسرائيلي"،
ويشير هذا التقرير، على عكس
تقرير التايمز، إلى غياب عدد من
الزعماء عن احتفالات الستين
اعترافاً بالنكبة الفلسطينية،
كما يشير إلى المخاوف الأمنية
من حزب الله خلال الاحتفالات. بالمقابل، نشرت
السبكتيتور Spectator
البريطانية في 30/4/2008 افتتاحية
دعائية طويلة موالية للحركة
الصهيونية تحت عنوان: "عيد
ميلاد ستين سعيد يا إسرائيل:
أجدتِ لأنك عشتِ". وتطالب
تلك الافتتاحية المسعورة
بإعطاء دولة للفلسطينيين
بالأردن، وتهاجم من قاموا
بإعاقة خيار كونفدرالية الضفة
الغربية مع الأردن... الغارديان
البريطانية نشرت في 20/4/2008
تقريراً طويلاً يروي قصة تأسيس
"إسرائيل" من منظور غربي
متحيز يظهرها بشكل بطولي ومعجز،
لينتقل بعدها إلى وصف حالة
الإحباط والتوتر التي يعيشها
"الإسرائيليون" اليوم عشية
الذكرى الستين لتأسيس دولتهم،
على غرار مقالة النيويورك تايمز
الآنف الذكر، ويلاحظ أن مثل هذه
المقالات التي تكشف مدى إحباط
الجمهور "الإسرائيلي" لم
تعد تظهر في وسائل الإعلام
الغربية الرئيسية في أيار/ مايو..
لا بل يبدو أن الاحتفالات نفسها
مصممة لمعالجة مشكلة الإحباط
عند الجمهور "الإسرائيلي".
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |