ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
يحيى
حاج يحيى داعية وأديب وشاعر الدكتور
عثمان قدري مكانسي التقيت
أخي الحبيب
أبا البشر " يحيى حاج يحيى
" منذ عشرة أعوام حين أديت
فريضة الحج عام ألف وأربع مئة
وسبع عشرة للهجرة ، وكنا في
الثلث الأخير من شهر آذار "
مارس" من
العام الميلادي ألف وتسع مئة
وسبعة وتسعين إذ زرته في مقر
إقامته وعمله ، مدينة " ينبع
" الحجازية ونحن منطلقون من
المدينة المنورة إلى مكة
المكرمة . وحظيت
به هذا الصيف من عام ألفين وسبعة
للميلاد في مدينة عمان – عاصمة
الأردن – حين جاءنا يزور أحبابه
فيها . فاستمتعت بصحبته أيما
استمتاع ، واستعدنا ذكرياتنا في
عهد الشباب ، وما أجملها ، نقيم
ما فعلنا إيجاباً وسلباً ،
فنعجب من بعضها ، ونضحك من بعضها
الآخر ، فللشباب انفعالاته ،
وللكهولة تجاربها ، وللشيخوخة
– وقد بلغنا الستين – حكمتها . ويبقى
الهاتف الوسيلة الوحيدة التي
تحافظ على الود القديم المتجدد
، هكذا يشاء الله تعالى الذي
جمعنا حبه الأبدي الخالد منذ أن
التقينا على مقاعد الدراسة في
ثانوية المأمون في حلب الشهباء
حرسها الله . في أحد
فصول الصف الحادي عشر الأدبي
في ثانوية المأمون العريقة
– التجهيز الأولى – بداية عام
أربعة وستين وتسع مئة وألف يجلس
إلى يميني على المقعد فتى أسود
الشعر معتدل القامة أسمر الوجه
مستديره ، كثير الحركة والكلام
،دائم الابتسام ، عيناه
السوداوان تبرقان ذكاءً ،
وتنشران الطيبة والأريحية ،
فترتاح النفوس لهذا الفتى
القادم من جسر الشغور ، وتأنس له
. أحببته
– وما أزال - حباً أخوياً ،
وتوطدت علاقتنا ، وازدادت
أواصرها طوال تلك السنة . كان
لطيف المعشر دمث الأخلاق ...
أحسست بالكآبة حين فارقته في
العطلة الصيفية ، لكن القدر شاء
أن نلتقي العام الدراسي ، فندرس
الشهادة الثانوية في صف واحد ،
وكان في المقعد الخلفي أسمع
تعليقاته ، وأشاركه – عفرتته !-
وكم كنا نغتنم بعض الحصص غير
المنضبطة فنأكل " الشعيبيات (
هي نوع من الحلوى) ولفائف
الفلافل " دون أن يشعر بنا
مدرّسوها ، لكننا – والحق يقال
– كنا نهتم بالدروس ، ونتابع
شرح الأساتذة ، فنجحنا في
الثانوية بمعدلات جيدة
أهـّلتنا للالتحاق بكلية
اللغات ، فرع اللغة العربية في
حلب لنكون أول من يدرس اللغة
العربية في جامعة حلب وأول من
يتخرج فيها ، فقد نلنا شهادة
الدراسة الثانوية في عام ستة
وستين وتسع مئة وألف ، وفي هذا
العام أُنشئ هذا التخصص فيها . في
الجامعة تتبدّى ملامح الحياة
المستقبلية للشاب ، ثقافة
وفكراً ومبدأ . يدرس الاختصاص
الذي يحب أو يتحبب، ويتلقي
الأفكارالسياسية كلها ، ليخلص
إلى أحدها ويندمج فيه ، ثم يخلص
حياته له ... ويؤسس علاقاته على
هذا النحو ، ثم يجدّ السيرَ فيه. -
بدأ ينظم الشعر في السنة
الثانية من دراستنا عام سبعة
وستين وتسع مئة وألف ، وأقمنا له
أمسيتين ألقى فيهما شعراً حاز
إعجاب الحضور ، واهتم بالشعر
العمودي ، وإن كانت له قصائد في
الشعر الحر ، وصدرت باكورة شعره
" في ظلال المصطفى "
بعد عشر سنين من قرضه الشعر عام
سبعة وسبعين وتسع مئة وألف . وما
أزال أتغنى بما أنشده المنشد
" أبو دجانة " من شعر أخينا
أبي البشر في هذا الديوان أذّن
بلال وأسمع الجـوزاء
واصدع بما نادى النبيّ
وجـاءَ ولْيوقظ
الدنيا هتافُ محمد
طاب الأذانُ ، أيـا بلالُ
نـداءَ وكذلك
ما أنشده من قصيدة " ما ذل
إيمان على الرمضاء " مَن
للرجولة غير جند محمد
مَن للكـرامة ، سـيّدَ
الكرمـاء يا هادم
الأصنام فوق حُماتها
يا هاديـاً بالشـرعة
السـمحاء -
وترى الشاعر أبا البشر
يتلوى ألماً لاستشهاد ألف من
الشباب المسلم في تدمر فيصدر
ديوانه " تراتيل على أسوار
تدمر " من القطع الصغير
عام واحد وثمانين على ما اذكر ،
يضمـّنه سبعة تراتيل .في إحدى
وستين صفحة من القطع الصغير
يلتزم فيه شعر التفعيلة القصيرة
( فعلن) بتقسيماتها
. أصدرته دار النذير . -
ويصدمه القتل الجماعي في
حماة عام اثنين وثمانين وتسع
مئة وألف ،إذ راح ضحيته أكثر من
ثلاثين ألفاً من أهل حماة ،
فيصدر ديوانه " نقوش على
محاريب حماة " في سبعين
صفحة من القطع الكبير بالتفعيلة
الضاربة بعنف ( فعلن ) وكأن
الشاعر يراها في ديوانيه –
تراتيل ونقوش – مناسبة لما
يتفاعل في النفس من عواطف
ملتهبة ، أصدره دار النذير كذلك
. -
وتصدر دار المطبوعات
الحديثة في جدة ديواناً صغيراً
للشاعر الحبيب يحيى حاج يحيى
بعنوان " على أبواب كابل
" في ثماني قصائد عمودية في
خمس وثلاثين صفحة من القطع
الصغير . 1410هـ - 1990 م -
وتنشر دار المطبوعات
الحديثة مقطوعتين حواريّتين
للشاعر أبي البشر في كتيّب
بعنوان " صاحب الجنتين ،
وعمر واليتامى "
استوحى الأولى من سورة
الكهف ،والثانية من سيرة
الفاروق عمر رضي الله عنه . في
عمّان 1410هـ - 1990 م - ونشرت
له رابطة الأدب الإسلامي ديوان
" تغريد البلابل "
وهو ديوان شعر للأطفال فيه صور
تناسب المخاطبين
في اثنتين وخمسين صفحة من
القطع الكبير .طبعته دار البشير
في عمان عام 1993م . - ونشرت
له دار الفيحاء بالاشتراك مع
دار عمار في الأردن مجموعة
شعرية للأطفال عام 1987 للميلاد
تحت عنوان " سلسلة حكايات
شعرية " تتضمن
آداباً تربوية مناسبة لمستوى
الطفل ، بلغت ثماني مجموعات
طريفة . وللأخ
أبي البشر قصائد وفيرة في كثير
من المواقع الالكترونية في
مقدمتها " موقع أدباء الشام
" -
أما هذا الديوان " على
أبواب المدينة "
فقد حمله الأخ معه حين زار عمان
صيف هذا العام 2007 ، وأطلعني
على قصائده العشر ، وقرأ عليّ
أكثرها . ثم تركه بين يدي .. قصيدته
الأولى " على أبواب المدينة
"- التي
سمي الديوان بها - باب تدخل منه
إلى قلب الشاعر ، فإذا به مليء
بحب " طـَيبـَة " مدينة
الرسول عليه الصلاة والسلام ،
ويذوب شاعرنا إجلالاً وشوقاً
لصاحبها الكريم عليه الصلاة
والسلام ، ويقف شعرَه على حبه
ومدحه وتأييد دينه ، يرجو بذلك
رضاء المولى سبحانه وتعالى
وشفاعة نبيه الحبيب صلى الله
عليه وسلم . والقصيدة
الثانية " المهاجران "
يُسقِط الشاعرهجرته على هجرة
المصطفى عليه الصلاة والسلام من
مكة التي أحبها إلى المدينة
المنورة ، وكل الناس يحبون
بلادهم ، ولكن الدين أحبّ ،
والحفاظ عليه أولى . .. ويصور فضل
الصديق في الذود عن الملة ،
ودوره في القضاء على الردة . وفي
القصيدة الثالثة " رجَع
الزمان بيوم مولده فتى "
يتذكر الشاعر قصائده التي كان
يلقيها في حلب وجسر الشغور
بمناسبة مولد المصطفى عليه
الصلاة والسلام ، ويدل بفضل
المصطفى صلى الله عليه وسلم على
البشرية ، ويتألم لتقاعس
المسلمين عن نصرة دينهم ، فحب
المصطفى تبع وأسوة ، لا ذكرى
واحتفال . وفي
القصيدة الرابعة نجد شاعرنا
يهيم بصفات النبي الكريم من
" قول وفعل وأخلاق وبطولة
وكرم وصبر " صلى الله عليه
وسلم . أما "
مباهج الأنوار " القصيدة
الخامسة فهي أطول القصائد في
هذا الديوان وأشدها في النفس
وقعاً . إنها إضاءات في سيرة
النبي صلى الله عليه وسلم من
ولادته عليه الصلاة والسلام إلى
رضاعته ، إلى كفالة جده ، ثم
حكمته في قصة بناء الكعبة ، ثم
نبوّته ، وما لاقاه في سبيل
الدعوة من أذى كفار مكة،
إلى هجرته إلى يثرب مروراً
بغار ثور، إلى
قصتي سراقة وأم معبد ، ثم بناء
المسجد النبوي والمؤاخاة بين
المهاجرين والأنصار ، وغزوات
الرسول ، بدر وأحد والخندق ، ثم
فتح مكة وغزوة حنين ، ثم غزوة
تبوك ، وتوطيد دعائم الإسلام ،
ثم لقاء الله تعالى . كل ذلك
بأسلوب سلس لين ، وجمل متتابعة ،
وبيان مشرق ، وشاعرية دفاقة
اعتمدت على مجزوء الرمل في
القصيدة المشهورة : طلع البدر
علينا .. وفي
القصيدة السادسة " ونحري
يارسول الله درع " يدفع
الشاعر بحس المؤمن وحبه لقائده
سهام النصارى الذين دأبوا -
لجهلهم وكفرهم – على النـّيْل
من الحبيب محمد ، ويقارن بين
كرههم لنا وسماحتنا معهم . وفي
القصيدة السابعة " جيل القرآن
" يؤكد الشاعر على حفظ القرآن
الذي هو بدوره حفاظ على الإسلام
والمسلمين . ويدلل على ذلك بما
جرى من تجهيل للمسلمين ومحاربة
للدين في القرن الماضي في كل
بلاد المسلمين ، ولما ظن أعداؤه
أنه انتهى عاد أقوى ما كان .
فالقرآن مصباح الهدى ، ومنهج
عزة ، ونهج كرامة ، وسبيل إلى
الإصلاح . والكريم من اجتهد في
حفظ القرآن الكريم تفهماً
وتدبّراً . والقصيدة
الثامنة " لقاء في طيبة " حبّ
لمدينة الحبيب المصطفى وشوقٌ
إليها ، ورغبة في البقاء فيها ،
وسعادة بلقاء الأحبة في رحابها . وفي
القصيدة التاسعة " توقيعات
على درب الهجرة " الإضاءات
نفسها في السيرة ، ولكنها
أخصَرُ من " مباهج الأنوار
" وعلى بحر الخبب ( فعلن ) ، لم
يلتزم الشاعرُالرويّ ، فلكل بيت
أو شطر في كثير من الأحيان رويّ
، وهذا تلوين لا قصور . أما
القصيدة العاشرة " يقول آمين
" فعاطفة أبوية حرّى تجتاح
الشاعر حين يسمع وحيده "
بشراً " إذ كان صغيراً – وهو
الآن مهندس إلكترونيات –
يلفظ كلمة آمين ، فتتسارع
نبضات قلب الأب ، ويحمد الله أنْ
رزقه ذرية صالحة . ولا ينسى
شاعرنا أن ينصح المسلمين بتربية
أبنائهم تربية تُرضى المولى
سبحانه فيرضى المولى عنهم . ألم
يُثنِ رب العزة على إسماعيل
عليه السلام حين ربى أبناءه كما
ينبغي ، فجعل ذلك قرآناً يُتلى
آناء الليل وأطراف النهار "
واذكر في الكتاب إسماعيل ، إنه
كان صادق الوعد ، وكان رسولاً
نبياً ، وكان يامر أهله بالصلاة
والزكاة وكان عند ربه مَرضياً
" ؟. ليس من
عادتي أن أستشهد على ما ذكرت من
إضاءات وتلاوين ، فلم أقف في هذه
الكلمات السريعة موقف الناقد ،
ولكل شيخ – كما يقال – طريقته
فيما يكتب ، وأحب أن يستمتع
القارئ بشعر أخينا الحبيب دون
مؤثرات ، وأرى كثيراً ممن يتصدر
لكتابة المقدمات يخوض في شذرات
نقدية متكلفة قد تكون في أغلبها
سطحية ، عليها غالب الاستعجال
وسد ثغرة ، أما أنا فحسبي أن
أفخر بصحبة ماجد كأخينا الفاضل
يحيى حاج يحيى مد الله في عمره
ونفع المسلمين بأدبه وعلمه ،
فقلبي هو الذي يكتب ، وعاطفة
الحب والصداقة والأخوّة في الله
ترسل الكلمات وتصنع المقدمة .
وحسبي كذلك أن أضيء علامات
يتعرف بها القارئ ملامح الديوان
قبل أن يمضي بصحبته مستمتعاً ،
ولقراءته متذوقاً .
وأنوّه
إلى أن لأخي الحبيب " أبي
البشر " عشرات القصص في سلسلة
" أسمعني حكاية" وسلسلة "
قصص من السيرة " وسلسلة "
أشبال الخير " وسلسلة "
حكايات الإملاء " ، وكلها
للأطفال بأسلوب سهل جذاب يناسب
الطفل . وتوج ذلك بدراسته "
القصة وأثرها على الطفل المسلم
" وله
دراسة شائقة للقصص
الإسلامي في العصر الحديث
بعنوان " القصص الإسلامي
المعاصر عرض وتوثيق "
وله
دراسات اجتماعية ، بعضها لم
ينشر في كتاب ، بل في عالم "
النت " وبعضها في كتب أمثال
" رياحين القلوب " يتناول
فيها مراحل تربية الطفل ، وله
" قبضة من حروف " في المرأة
والأدب والحياة . وما ذكرت من
آثار أخي أبي أبي البشر إلا
غيضاً من فيض . أبا
البشر يا روضة من جمال
بها الحُسن ينمو بلطف
المقالْ بـَراك
الإلـه بطيـب الخِصـال أديب
أريبٌ ، كـريـم الفـعـال وداعـيـة
صـادقٌ لا يـبـارى يـقدم
لـلنـشء خيـر
مثـال فجـازاك
ربي الحيـاة رغيـداً
وفردوسَ
نُعمـى، ونعـم المـآل ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |