ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 09/06/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


اتفاق الدوحة أبرم بعد قمة دمشق

 وليس قبلها .. لماذا؟

الطاهر إبراهيم*

البعض من المحللين والصحفيين يعمد إلى تفسير الأحداث السياسية بعد وقوعها بربطها بحدث ما وقع، أو أمور كان يظن أنها ستقع لكنها تخلفت. وربما ربطوا ما وقع بأمور لم يكن لديهم أي برهان عليها، ولا يمكن الجزم بها، بل تبدو كرغبات لديهم. إن وقعت كما تخيلوا، نهضوا بأقلامهم وقالوا ألم نقل لكم؟ وإلا زعموا أنها مؤامرة على المنطقة. أما في الحقيقة فإن الأمر قد لا يعدو أحلام يقظة قد تقع مرة، ولكنها تخيب مرات كثيرة.

في لبنان على سبيل المثال، كان الخلاف على أشده بين قوى المعارضة التي تدعمها سورية، وبين قوى الموالاة  التي يقال أن واشنطن تؤيدها. الذين لا يثقون بواشنطن يؤكدون أن قوى 14 آذار قد لا تحصد منها إلا قبض الريح في مواجهة حزب الله الذي تدعمه طهران ودمشق. بنى هؤلاء قناعتهم المشككة على أن واشنطن لن تفعل شيئا، و"لا يشدّ بها ضهر". وكل ما في الأمر أن قوى 14آذار إذا سجلت أهدافا أكثر في مرمى حزب الله وقوى 8 آذار فإن واشنطن تصفق وتقول لهم "برافو"، ولا أكثر من "برافو". أما إذا ما رجحت كفة المعارضة، فلا يعتقد هؤلاء أن واشنطن ستحشد أساطيلها في عرض البحر لتعديل الميزان، وليس في لبنان نفط كالعراق، وإسرائيل بالنهاية قادرة على حماية نفسها.

أكثر من ذلك، إن المعارضة إذا قدرت على تسجيل غلبة سياسية أو حتى انتخابية ضد الموالاة فلن يضر ذلك واشنطن. كل ما في الأمر أن دمشق -في النهاية- ستقدم هذه الغلبة "عربون" مودة إلى واشنطن. نقطة الضعف عند هؤلاء أن هذا "السيناريو" الافتراضي سوف يصطدم مع أجندة طهران في المنطقة.

قياسا على تساؤل "الحواصيد": عما إذا كان الفطور لابد منه، فلمَ يؤخره صاحب الحقل إلى أن يبلغ بهم الجوع مبلغه؟ فإن المراقب يتساءل: طالما أن انتخاب الرئيس اللبناني سيتم عاجلا أو آجلا، فلمَ تم تأخير ذلك إلى ما بعد قمة دمشق؟ وقد كان سيضيف زخما كانت القيادة السورية في أمس الحاجة إليه للرد على العرب الرافضين لحضور قمة دمشق. المراقبون لم يروا شيئا مستجداً على الساحة اللبنانية عندما انتخب العماد "ميشيل سليمان" يبرر التأخير. إلا إذا اعتبر احتلال "التكتل" لبيروت مبررا مقبولا لهذا التأخير؟

وهل الانفراج الذي تم مؤخرا في لبنان، وتوج باتفاق "الدوحة"، كان نتيجةً لمساعٍ صادقة من أمير قطر ورئيس حكومته فحسب؟ أم أن التصعيد الذي حصل في بيروت والجبل أيام 7 و 8  و9 من أيار الماضي، كان محسوبا بدقة وفق "سيناريو" كان يطبخ على نار هادئة خارج لبنان، وجاءت أحداث بيروت والجبل لتسرع النضج وأن حكومة قطر أضافت الملح فقط؟ سأشير في ما يلي إلى أمور حدثت في لبنان وخارجه، وسأترك للقارئ أن يقارن بينها، على طريقة الحل في شبكة الكلمات المتقاطعة:

عبد الأمير الركابي كاتب عراقي مقيم في لندن، كتب في النهار اللبنانية في شهر أيار الماضي مقالا تحت عنوان "لبنان مقابل الموصل"، أشار فيه إلى أن مقايضةً تمت بين طهران وواشنطن ، تتخلى بموجبها واشنطن عن لبنان لصالح طهران. في مقابل ذلك يقوم حلفاء طهران بالتهدئة في العراق لمساعدة واشنطن بالقضاء على المقاومة العراقية- السنية، على وجه الخصوص.

الركابي أكد في مقاله أن المقاومة العراقية تضعضعت كثيرا وانحسرت في المناطق التي كانت تنشط فيها، خصوصا في الموصل، نتيجة لهذه المقايضة.

الغموض الذي أحاط مقتل "عماد مغنية" في12 شباط الماضي والتناقض الذي شاب تصريحات المسئولين السوريين، ثم اتهامُ  أرملة "عماد مغنية" سوريا بالضلوع في اغتياله، دفع "بيار عقل" لأن يكتب في "الفيغارو" مقالا في 5 حزيران الجاري يتساءل فيه: عما إذا كان اغتيال "مغنية" تم بتواطؤ محلي؟ وإذا كان هناك تواطؤ فعلى أي مستوى؟ ملمحا إلى دور ما، لصهر الرئيس السوري "آصف شوكت" الذي ذُكِر أنه الآن قيد الإقامة الجبرية في بيته في اللاذقية. كل ذلك أثار لغطا في الشارع السياسي في لبنان، ثم نسي أمر "مغنية" كأن شيئا لم يكن. قيل في حينه أن اغتياله كان تصفية حسابات إقليمية، وربما رشوة سورية لإسرائيل. لهذه الاعتبارات فإن "نصر الله" الذي توعد بالانتقام من مقتل "مغنية"، اضطر للسكوت: لأن "في فمه ماء".

احتلال بيروت وقصف الجبل من قبل "تكتل" حزب الله وأمل قوبل باستنكار صامت من أنصار حليفهما الجنرال عون لأن الاحتلال أحرجهم في الشارع المسيحي، ماأرغم الجنرال عون على الظهور على شاشات الفضائيات مطالبا بشكل غير مباشر إنهاء احتلال بيروت. كماأن تصريح "عمر كرامي" بأنه إذا ما تحولت القضية إلى مفاصلة "طائفية"، فسيقف مع طائفته. ذلك وغيره كثير أعطى مؤشرا بأن "التكتل" وحده في المعركة، هذا إن لم نقل "حزب الله" فقط.

كان واضحا أن "التكتل" خرج من معركة بيروت والجبل"بسواد الوجه". أما الجنرال "عون" فقد حاول في الدوحة جنيَ ثمار احتلال بيروت من خلال فرضه قناعته في تقسيم بيروت انتخابيا. قيل في حينه أن "محمد فنيش" -أثناء تعثر الاتفاق على تقسيم دوائر بيروت- غاب عن الفندق لبعض الوقت ثم انضم إلى لجنة الانتخابات، ليتم بعد ذلك اعتماد اقتراح قدمه أمير قطر، كان الجنرال قد رفضه من قبل. قيل في تفسير هذا التحول: إن "محمد فنيش" اتصل بالسيد "نصر الله"، الذي كان يتابع ما يجري في أنقرة من مفاوضات بين سورية وإسرائيل، طلب من أعوانه في الدوحة إنجاز الاتفاق بسرعة وبأقل الخسائر، حتى لا يبقى وحيدا في الساحة اللبنانية إذا ما التزمت "دمشق" باتفاق مع "تل أبيب"، فتصبح خاصرة "حزب الله" الشرقية مكشوفة بلا غطاء.

في التفاصيل: أُعلِن اتفاق الدوحة يوم الأربعاء، وهو نفس اليوم الذي أعلن عن أن مفاوضات بدأت يوم الاثنين في أنقرة بين إسرائيل وسورية. طبعا هذه ليست أول مفاوضات بينهما. لكن نصر الله أحس أن الأمر مختلف الآن، في ظل سعي سورية لرفع ساطور المحكمة عن رقبة النظام السوري. وإن إسرائيل لا يهمها إدانة النظام بمقتل "الحريري" بقدر ما يهمها استمرارية التهدئة في هضبة الجولان كما هي منذ عام 1974. فإذا تم توقيع اتفاقية سلام بين دمشق وتل أبيب، فإن دمشق ستوقف تدفق الأسلحة إلى حزب الله بعد إبرام الاتفاق مع إسرائيل، وقديكون ما خفي أعظم. لذا أعطيت التعليمات لوفد حزب الله في الدوحة لإمضاء الاتفاق.

على إثر بدء المفاوضات في أنقرة اضطر "خالد مشعل" رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن يذهب إلى طهران لإعلان موقفه من فتح المعابر، بعدما أصبح ذلك متعذرا عليه من دمشق بعد جولة المفاوضات الأخيرة السورية الإسرائيلية العلنية في أنقرة. وقد قيل في المثل الشامي: "يا لبن بخيره، على وجهه باين".     

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ