ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
اعتصام
في مخيم الهول السوري بدرالدين
حسن قربي ظنّ بعض الهاربين الفلسطينيين من جحيم
المشهد العراقي وفظاعة الإجرام
والجرائم فيه قتلاً وتصفيةً على
يد فرق الموت وميليشيات الذبح
بالسماح لهم بالدخول إلى مخيم
الهول السوري قرب مدينة الحسكة
بعد أن كانوا عالقين على الحدود
السورية فترة من الزمن أنهم
باتوا في أمن وأمان، وماعلموا
أن حساب سوقهم هو غيره حساب
صندوق مستضيفيهم.
فالظروف الإقليمية واقتناص
الفرص فيها واللعب على حبالها
أدت إلى السماح لقرابة 300 فرد
بعبور الحدود السورية ومن ثم
الإقامة داخل أسوار مخيم على
صحراء أرض لايستطيعون الخروج
منها إلاّ بتصريح خاص. وحتى لانكون ممن ينكر الفضل أو نُتهم
لاسمح الله بأننا من المنكرين
لفِعال حماس وجهودها وجمايل
النظام السوري معها، فإن ماكان
كان نتيجةً لوساطتهم الكريمة مع
لفتة إنسانية من النظام السوري
رافقت زيارة وزير الخارجية
الفلسطيني في حكومة حماس محمود
الزهار لسورية في نيسان/ابريل
2006 . واستكمالاً للمشهد وبعيداً عن الرياء أو (البروظة)
والعياذ بالله، واستبعاداً لكل
النوايا السيئة لأعداء النظام
السوري أو ممن يعتقدون أن في
الأمر ( إنّ ) من الناس إياهم،
فقد واكب هذه المبادرة والوساطة
احتفال سكان المخيم في مايو/أيار
2006 رافقته تصريحات إعلامية
واسعة رسمية منها فضلاً عن
المنظمات الفلسطينية المقيمة
في سورية خصوصاً، ثناءً على
أفضال النظام السوري والتفاتته
الكريمة التي سمحت لبعض
الهاربين من الهول العراقي
للإقامة في مخيم الهول السوري. ولكن مايلفت النظر أن ماكان في الاحتفال
ومارافقه تسبب بطريقة ما مع
غيره من العوامل في نشوء مخيمين
جديدين على الحدود السورية في
الشمال والجنوب ولكن هذه المرة
على الأرض العراقية. فالاحتفال
المهيب والتصريحات عن مخيم هول
فسيح يتسع لأكثر من عشرين
ألفاً، جعل بعضاً آخر من
الهاربين بأرواحهم وفلذات
أكبادهم من فرق الموت يعتقدون
أن الفرج قد جاءهم، فيمموا
وجهوهم شطر الحدود السورية ولكن
لاليدخلوها هذه المرة، ولكن
ليخيموا على تخومها فكان أن
تجمعوا في مخيم الوليد شمالاً
ومخيم التنف جنوباً على بعد
مئات الأمتار من بوابة الحدود
السورية والذي قارب عدد لاجئيه
ألفي نسمة. ورغم أن قضية المخيمات وأناسها مغيبة
ومسكوت عنها رغم مضي السنوات
والشهور عليها، فإن الذكرى
الستين لنكبة شعب وما قيل فيها
وعنها والذكرى السنوية الثانية
لتأسيس مخيم الهول السوري وما
كان فيه من اعتصام ناسه وأهله
مطالبين بإنهاء معاناتهم
الممتدة منذ بدء الحرب في
العراق. فالمعتصمون
والمعتصمات في مخيم الهول أو
الأهوال لافرق ناشدوا
المعتصمين والمعتصمات من أهل
المروءات عربيها وأعجميها
يستجدونهم شهامة عزّت، ونخوةً
شحّت، مطالبين ببعض حقوقهم
المهدورة، ومهددين بمعركة
الأمعاء الخاوية حتى تتحقق
مطالبهم أو يموتوا دونها في هذه
الصحراء المقفرة. قال لصاحبه مستغرباً: الناس تحب الافتراء
(بصحيح)، فكلهم يعلم بأن دخول
الحمام ليس كالخروج منه. فسأله: كيف؟ قال: جاؤوا مخيم الهول فرافقوهم
باحتفالات وتصريحات ووكالات
وشعارات، (ووقفوا فوق الحيطة
وعملوا زيطة)، ويوم أن ضجوا
ألماً كاوياً، وحقاً ضائعاً
وبطناً خاوياً في صحراء قفراء
لم يسمع بهم من أحد، ورجعت سورية
وكأنه لابعث فيها ولاثورة
ولاتشرين، ورجعت دنيانا وكأنها
بلا وكالات أنباء ولاناقلي
أخبار حتى من الفلسطينيين
أنفسهم بفتوحاتهم وحماسهم
وديمقراطيتهم وشعبيتهم. تدّخل في الحديث واحد متخابث: ثلاثمئة من
مخيم الهول يتحدثون دفاعاً عن
حق مهدور وأمعاء خاوية أو الموت
في صحراء مقفرة، ثم تريدون
وكالات أنباء ونقل أخبار تهز
البدن وتعكنن المزاج..!! نحن عندنا في البلد عشرون مليوناً حقوقهم
مهدورة بنص القانون مع إعلان
حالة الطوارئ قرابة نصف قرن
متواصل، وكراماتهم مهانة
وأهليتهم معدومة بمواد الدستور.
أكبر
موظف فيهم وبأكبر راتب يستخدم
كل أساليب الجبر والهندسة
واللوغارتم ليكمل شهره على خير،
أما عن أكبر حرامي فيهم أو
بلاع، ورغم كل ملايينه
وملياراته فهو محتاس وملتاع على
الدوام كيف يشفط ويشبّح أكثر
وأكثر. أما
عن الموت في قفار الصحراء
فلدينا عشرات الآلاف من أهلنا
وناسنا ماتوا في صحاري تدمر،
وأغمض الإعلام عيونه عنهم، ولم
تسمع بهم صحافة ولا وكالات.
فالثلاثمئة بتوعكم ليسوا
أكثر من (فكّة أو فراطة) بين
عشرين مليوناً. قلت معقباً: قراءتي للحدث مختلفة عنكم
ومعاكسة أيضاً، فأنتم (بتبحبشوا)
لتظهروا حقيقة الوجه الأسود
وتغمضوا أعينكم عن الأبيض.
صحيح أن الأرض العربية ضاقت
على اتساعها بكم ألف من
اللاجئين الهاربين من جحيم حرب
العراق الذين لاحقتهم وتلاحقهم
حياة النكبة حتى باتوا على حدود
أهل أمة عربية واحدة عالقين،
وبرسالتهم الخالدة مستغيثين،
وعلى سراب ممانعتهم وصمودهم
واردين. وصحيح
أن لدينا مخيمات قائمة على
الحدود أمورها عالقة تنتظر
حلولاً دولية تقذف بهم إلى
مشارق الأرض ومغاربها رغم عروبة
أطراف المشكلة التي تقطر من
حولهم وحواليهم. وصحيح
... وصحيح ..وصحيح.
ولكن هل لكم أن تأتوا بمخيم
مورست فيه الحرية وقال فيه
الناس ماقالوا، وحصل فيه اعتصام
من غير أن يُضرب ناسه ويعتقلوا،
ومن دون أن تُمسح بهم الأرض غير
مخيم الهول السوري رغم حساسية
الأوضاع وتعقيدات الظروف
وأشباح المحكمة الدولية...!! تنهد المتحدثون وقالوا: آمنا برب هارون
وموسى الذي يشهد على معاناة أهل
الهول والأهوال في مخيم الهول
وبلاد الأهوال، وطالما أنه
اعتصام ماحصل من قبل، فاعتصموا
ياأهل الهول اعتصموا..!! ونادوا
بأعلى صوتكم، فلعه يدرك نخوة
معتصمٍ أو معتصمة في تشيلي
واستراليا أو البرازيل أو كندا. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |