ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 10/06/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كيف تغطي وسائل الإعلام الغربية مفهوم

 العودة الفلسطيني؟

وسائل إعلام غربية: القرار 194 لا يلزم "إسرائيل" بإعادة اللاجئين!

د. إبراهيم علوش

سيجد قارئ هذه المادة على الأرجح، كما وجد كاتبها، أن طريقة تغطية وسائل الإعلام الغربية لمفهوم العودة الفلسطيني هي بالنسبة لنا، نحن أصحاب الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين، عبارة عن تمرين في "وجع القلب".  فوسائل الإعلام الغربية تتجاهل عامةً هذا الحق، وعندما تغطيه، فإنها لا تكتفي بالتحيز العلني أو المبطن إلى جانب "يهودية الدولة اليهودية الوحيدة في العالم" و"أمن إسرائيل"، بل تقدمه من خلال مجموعةً من الحجج والذرائع التي تستهدف اختراق مفهوم العودة قانونياً وسياسياً.  بالأخص من المهم أن ننتبه أن القرار 194 لا يلزم "إسرائيل" بإعادة اللاجئين الفلسطينيين حسب وسائل الإعلام الغربية... وفيما يلي لمحة موجزة عن طريقة تغطية بعض أبرز وسائل الإعلام الغربية ل"حق العودة" لما يقدر اليوم بحوالي أربعة إلى ستة ملايين لاجئ فلسطيني.     

فقد نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC في 18/2/2003 تقريراً إخبارياً بعنوان: "حق العودة: حلم فلسطيني؟" يشير إلى أن إصرار الفلسطينيين على العودة إلى "الأرض التي كانت تسمى فلسطين كان وما برح واحداً من أهم العقبات أمام تقدم عملية السلام في الشرق الأوسط".  ويبدأ التقرير المذكور بعرض التفاصيل المتعلقة "بطرد أو هرب" أغلبية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 48 عشية النكبة، قدرت عددهم وكالة الأنروا ب957 ألفاً، ومن ثم تهجير حوالي 300 ألفاً عشية حرب ال67.  ويعرض التقرير لقرار 194 الصادر عن مجلس الأمن في شهر ديسمبر/ كانون أول عام 48 وما نص عليه من "حق عودة" اللاجئين إلى بيوتهم من الراغبين "بالعيش بسلام مع جيرانهم"، على أن يتم ذلك في "أقرب موعد عملي ممكن" حسب القرار 194.  ومن ثم يعرض تقرير البي بي سي مخاوف الحكومات والجمهور "الإسرائيلي" ورفضهم لعودة الفلسطينيين الجماعية، حتى بين المعنيين منهم بإنجاح عملية السلام، حرصاً على "الأغلبية اليهودية في الدولة اليهودية الوحيدة في العالم"، مشيراً بالتالي إلى مطلب "الإسرائيليين" باستيعاب الفلسطينيين في الدول العربية، وإلى موقف حكومة الولايات المتحدة الذي طالب قيادة السلطة بالتخلي عن حق العودة الفلسطيني. 

وتحت عنوان "حق العودة الفلسطيني"، وضعت موسوعة ويكيبيديا، أكبر موسوعة شعبية على النت، مدخلاً مطولاً بالإنكليزية يعرض ويناقش قضية "حق العودة الفلسطيني"، مركزاً على وجهة النظر "الإسرائيلية"، وكيف يعتبر "الإسرائيليون" السماح للفلسطينيين بالعودة "انتحاراً قومياً"، وبالتالي لماذا يجب أن يقتصر حق العودة على "الدولة الفلسطينية المستقبلية" فقط، على أن يعوض اللاجئون الفلسطينيون غير الراغبين بالعودة إلى "الدولة الفلسطينية" بالترافق مع "تعويض اللاجئين اليهود من الدول العربية"!  وتتطرق مادة موسوعة ويكيبديا بعدها إلى التأويلات القانونية والسياسية لقرار 194 معتبرةًً أن تلك التأويلات كانت مسألة خلافية منذ البداية، لتقدم هنا وجهة النظر "الإسرائيلية" في القرار.   فقد نص القرار حسب واضعي المادة على العودة "في أقرب موعد عملي" ممكن، أي ليس على العودة الفورية، كما أن حق العودة يقتصر على اللاجئين "الراغبين بالعيش بسلام مع جيرانهم"، أي ليس على كل الفلسطينيين، وقد جادل ديفيد بن غوريون منذ البداية بأن "إسرائيل" لا تستطيع الوثوق برغبة الفلسطينيين العائدين بالعيش بسلام مع جيرانهم، خاصة أن الدول العربية ترفض إقامة السلام معها، وبالتالي فإن "إسرائيل" في حلٍ من مسؤولية إعادة توطين اللاجئين في فلسطين...  (ولم يشر واضعو المادة هنا إلى استمرار رفض "إسرائيل" لحق العودة حتى بعد كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة!).  ويضيف واضعو المادة في موسوعة ويكيبديا إلى أن تعريف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين UNHCR لمفهوم اللاجئ، بناءً على "المعاهدة المتعلقة بوضع اللاجئين" لعام 1951، لا يعتبر أن أولاد وذرية اللاجئ من حقهم التمتع بنفس حقوق اللاجئ الأصلي، بالتالي، حسب المادة، ما ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين عام 48 لا ينطبق على أولادهم وأحفادهم، أي لا ينطبق عليهم القرار 194.  أخيراً، تشير المادة في هذا الصدد إلى أن الدول العربية صوتت ضد القرار 194، بينما صوتت "إسرائيل" معه، عندما تبنته الأمم المتحدة.  والمقصود هنا هو أن "إسرائيل" غير ملزمة بتطبيق قرار لم تؤيده الدول العربية!!

وعشية إحياء "الدول العربية المعتدلة" لمبادرة السلام العربية في أواخر شهر مارس / آذار 2007، نشرت صحيفة النيويورك تايمز تقريراً في 31/3/2007 يحمل عنوان: "أولمرت يرفض حق العودة للفلسطينيين" بدأته بتصريح أولمرت تعليقاً على المبادرة العربية، التي تطلب بحل يمكن التفاوض عليه لمشكلة اللاجئين (وليس العودة)، يقول فيه رئيس الوزراء يهودا أولمرت أنه لن يقبل بعودة لاجئ فلسطيني واحد إلى "إسرائيل"، ولا واحد!  وقد نقلت النيويورك تايمز تصريحات أولمرت هذه نقلاً عن الجيزواليم بوست حيث ذكر أيضاً أن "إسرائيل" ترفض تحمل المسؤولية عن مشكلة نتجت "عن هجوم الدول العربية عليها عندما كانت لا تزال طرية العود".  وتكرر النيويورك تايمز في هذه المقالة ما سبق نقله بصورة أكثر تفصيلاً عن موسوعة ويكيبديا من أن "إسرائيل" لا تعتبر أن قرار 194 يلزمها بإعادة اللاجئين الفلسطينيين. 

ويجب أن يشار، من قبيل الإنصاف، أن شبكة الراديو العام الأمريكي NPR، قامت عشية ذكرى النكبة الستين، في 14/5/2008، بإجراء مقابلات مع عدد من اللاجئين الفلسطينيين الذين عبروا عن إصرارهم على العودة إلى بيوتهم وأرضهم التي هجروا منها، وبغض النظر عن أية مواد أخرى متحيزة للكيان الصهيوني تبثها شبكة الراديو العام الأمريكي NPR، وهي ليست قليلة، فإن تلك المادة أعطت السامع بضع دقائق فحسب من مشاعر اللاجئين الحية، مع الإشارة إلى كرم "إسرائيل" بالسماح لبعض الفلسطينيين بالبقاء فيها ليحصلوا على الجنسية "الإسرائيلية" ويصبحوا مواطنين من الدرجة العاشرة على أرضهم!

ويذكر هنا أن تقريراً لمجموعة الأزمات الدولية في 5/2/2004 اقترح تحسين الظروف المعيشية للاجئين الفلسطينيين، وخلق بدائل لتوطينهم، وجعل اللاجئين يفاوضون بالنيابة عن أنفسهم، بدلاً من "تأميم قضيتهم فلسطينياً"، يمكن أن يساعد على حلحلة مشكلة اللاجئين كعقبة أمام عملية السلام.  ومن المهم الانتباه أن العديد من مشاريع جعل اللاجئين يعبرون عن مطالبهم المعيشية والسياسية اليومية بشكل مباشر (أمام من؟)، بعيداً عن المشروع الوطني الفلسطيني، تصب في طاحونة مشاريع التسوية في النهاية. 

ما هو حق العودة؟

ويقع عددٌ كبيرُ من العرب والفلسطينيين في فخ تسويق "حق العودة" إعلامياً بطريقة "يقبلها أو يستسيغها الغرب"!

وكم عانينا في الماضي، ولا نزال، ممن يطرحون قضية فلسطين، أو أية قضية عربية أخرى، بطريقة تضيّع ثوابتها الأساسية!  فليس كل من يطرح قضية عربية، ويثير حولها (أو حول نفسه ومن يمثلهم) ضجيجاً إعلامياً، يطرحها بطريقة تخدم تلك القضية.

فتوجيه الأضواء نحو قضية ما قد يأتي في سياق يخدم الأطراف العاملة على تصفيتها، سواء بسبب حسابات انتهازية أو سوء تقدير سياسي أو ارتباط مباشر مع مصالح الطرف الأمريكي-الصهيوني (كما في حالة الموقعين على اتفاقية جنيف اللاغية لحق العودة)، وهو الأمر الذي يختلط أحياناً على من يرون الورم شحماً فيظنون أن طرح مسألة ما يعادل أخذ موقف صحيح فيها.

  

قضية العودة مثلاً، ثمة عدة طرق لطرحها.  فالبعض يقول: حق العودة حق فردي لكل فلسطيني لا يملك أي طرف غيره أن يتنازل عنه.  هذه الصيغة لطرح المسألة هي صيغة حق العودة الفردي.  وهناك من يقول: العودة حق جماعي ينبع من حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره على أرضه.  وهذه الصيغة هي صيغة حق العودة الجماعي.  وهناك من يقول أن العودة حق إنساني ينبع من حق كل إنسان مشرد أن تكون تحت رأسه وسادة، كما قال أحد الشعراء.  والصيغة الأخيرة هي صيغة حق العودة الإنساني.  وهناك أخيراً من يربط العودة بما يسمى قرارات الشرعية الدولية التي يسوق القرار 194 مثالاً عليها، وهذا حق العودة القانوني.

 

والمشكلة أن كل واحدة من الصيغ أعلاه يمكن تأويلها بسهولة بطريقة تلغي العودة فعلياً وتربطها بعملية التسوية والتصفية، على الرغم من كونها تسوق لنا كعصاً سحريةٍ للنفاذ إلى الرأي العام العالمي.  فحق العودة الفردي الذي لا يملك أن يتنازل عنه غير الشخص المعني يمكن استبداله بالتعويض.  وحق العودة الجماعي المرتبط بحق تقرير المصير يمكن تفسيره، منذ أصبحت "الدولة" لا التحرير هدف النضال، بالعودة ضمن حدود "الدويلة الفلسطينية" فقط.  وحق العودة الإنساني يسهل حله بالتوطين بالأردن والهجرة إلى كندا وغيرها، لأن القضية تصبح هنا أي وطن، وليس فلسطين بالضرورة.  أما حق العودة المرتبط بالقرار 194، المذكور أعلاه، فيمكن نسخه ببساطة بقرار أخر يشطب حق العودة بجرة قلم كما شطبت فلسطين بقرار التقسيم، وهو ما يمكن أن يفرضه التوازن الدولي المائل ضدنا، وعندها نكون قد خسرنا خسراناً مبيناً من ربط حقوقنا بما يسمى "الشرعية الدولية".

  

بقي إذن نوعٌ واحدٌ من الحقوق لا يمكن أن يضيع فيه حق العودة أو غيره، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يربط بعجلة عملية التسوية، وهو الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين.  وهو ما يعني أن فلسطين أرض عربية مهما طال الزمن، ولو لم يبق فلسطيني واحد حياًُ.  وهنا يرتبط حق العودة بالتحرير الذي لا عودة دونه.

  

الحق العربي التاريخي بأرض فلسطين بالمناسبة لا يلغي حق العودة الفردي والجماعي والإنساني والقانوني، بل يحصنها جميعاً من الاختراق لحق العودة كما يجري حالياً.  وكل الأشكال الأخرى لطرح حق العودة، في ظله، تصبح وسائل تكتيكية يمكن استخدامها أو عدمه حسب الحاجة الإعلامية والسياسية الراهنة، ما دام الأساس في حق العودة هو عروبة فلسطين من النهر إلى البحر.

   

بالمقابل، فإن أي شكل من أشكال التسوية مع الطرف الأمريكي-الصهيوني، تحت شعار الدويلة أو الدولة ثنائية القومية أو غيرها، لا بد له أن يتخلى سلفاً عن عروبة فلسطين، وهو ما يعني بالضرورة التنازل عن العودة كنتيجة منطقية لمجرد الاعتراف بكلمة "إسرائيل".

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ