ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 12/06/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ستون عاماً وكأنهم ست ساعات

أتذكر بلدتي المجدل بفلسطين الحبيبة في كل لحظة ..

وسنعود إن شاء الله

زينب خليل عودة

" نفسي تهفو لرؤيتها بلدتي،  نفسي أروح هناك وأقبل ترابها وأدفن فيها " هكذا تحدثت الحاجة مريم محمود عودة " أم محمد" اللاجئة التي تعتبر واحدة من ملايين اللاجئين الفلسطينيين ممن شردوا واقتلعوا عن أراضيهم على يد العصابات الصهيونية في العام 1948 ليستقر بها الحال في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة الذي أمضت به مايزيد عن 35 عاماً والآن تقطن حي الشيخ رضوان .

تحكى الحاجة أم محمد البالغة ثلاث وسبعين عاماً وهى غير مصدقة  " ستين عاماً مرت على النكبة وكأنهم  ست ساعات وأقل، بلدتي لاتغيب عن بالى نهائيا أحدثك الآن وكأني أراها أمامي ، لقد كان عمري 13 عاماً وقتها ، أتذكر المجدل حارة حارة ، أتذكر بيتي ، أتذكر كروم دار سيدي وأقاربي وجيراني ، كنا في مثل هذه الأيام نذهب للكرم نلتقط الخيار والتوت والمشمش والبامية والفقوس والبندورة والبرقوق والخوخ والتوت وغيرها "

وتقول الحاجة أم محمد " كنا ننعم بحياة هادئة وجميلة ولا ينقصنا شيء كان بيتي حوالي ربع دونم ، وكان لدار سيدي حوالي 70 دونم كروم على البحر مزروعة بكل الخضار والفاكهة ، وكنا نعمل في الغزل والنسيج على النول ونعيش على خيرات البلاد ، وكان عندنا سوق يوم الجمعة، نتبادل البيع والشراء بين أهل البلدة والقرى المجاورة'

وأضافت الحاجة أم محمد " عندما طرودنا اليهود من بلادنا استولوا على كل مابها من أرض وممتلكات فلم نأخذ شيئاً، كنا نعتقد أننا سنرجع بعد يومين ثلاث ، شهر حتى فرشة ولحاف لم نأخذ ، وهجرنا  بالقتل والخوف والرعب ولقد مشيت على الأقدام من المجدل حتى غزة حتى تورمت قدماى ، كنا نسير ونسمع ضرب الطيران الصهيوني لنا "

وتتذكر الحاجة أم محمد " لقد حضر الجيش المصري في 15 آيار 1948 بعدما خرج الإنجليز وفى هذا الوقت كان يلجأ إلى المجدل أناس كثيرة من القرى التي حولنا والتي قامت العصابات الصهيونية بطردهم مثل قرية المسمية، وكوكبة ، وعجس، ويبنة، أسدود كما وصلت أعداد قليلة من يافا "

كانت تتحدث بذاكرة قوية حادة وبمشاعر جياشة وكأنها ترى المشهد الآن فتقول " لقد لجأ إلى بيتنا ناس من عائلة شاهين من قرية كوكبة حضرت أم وأولادها لأن زوجها قتلوه الصهاينة، وقد ظلوا عندنا حتى طردنا كلنا هم ونحن في شهر أكتوبر 48 واستولوا على المجدل "

تقول " كنا لانعرف النوم من دوي المدافع  وإطلاق النار من العصابات الصهيونية وطردنا التحقت بآلاف العائلات والأطفال والنساء الأبرياء الذين شردوا  من قريتهم للنجاة بأنفسهم من قصف هذه العصابات الإجرامية النازية الصهيونية.

وتعد المجدل بلدة في فلسطين التي استولوا عليها في عام 1948 واسمها كنعاني الأصل وهي تعني القلعة أو مكان الحراسة، وسميت مجدل جاد ،  وجاد هو إله الحظ عند الكنعانيين.

'صحَونا من النوم وصراخ ونداءات داخل الشوارع ، كنت اسمع صوت إطلاق النار وكأنه فوق رؤؤسنا خرجت بالثوب المجدلاوى المطرز وكنت مع أبى وحملت أختي ليلى الصغيرة 4 سنوات ومسكت يد آخى إبراهيم ومشينا على طريق الساحل ولا أعلم أين وجهتي  '

وكنا ونحن نسير نرى طوابير شيوخ وعجائز وأطفال وفتيات يهربون تاركين خلفهم كل ما يملكون، وكان الصراخ يعلو هنا وهناك من أجل أن يتذكر فقط أنهم  ما نسوا أحدا من أطفالهم وصغارهم الرضع  في الفراش، بعض النسوة عدن تحت القصف الصهيوني  ليحملن أطفالهن بعد أن اعتقدن أنه مع أحد من أبناء العائلة " وتقول " استولت العصابات الصهيونية هؤلاء القتلة على فلسطين بالمجازر والقتل وهدم القرى والمدن والاستيلاء على الممتلكات وتزيف التاريخ بأكمله وإحلال يهود مكان شعب فلسطين " .

وتشير الحاجة أم محمد إلى مكان بلدتها المجدل التي تقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط على بعد 21 كيلومترا شمال مدينة غزة، وتقول " أنا هنا في غزة ويمكن أن أصل بلدتي خلال ربع ساعة بالسيارة ولكنهم أخذوها وطرونا وأصبح يبعدني عن بلدتي حاجز اسرائيلى يطلق عليه إيرز"

وتقول " إنها فلسطين أرضى ووطني وهويتي ، أرض أجدادي وآبائي ، ثم استدارت وتحدثت إلى ابن ابنها حمدي الطفل محمود البالغ 15 عاماً وقالت له " أوصيك يابنى ألا تتنازل عن حقك بالعودة لفلسطين مهما يكن ، وأن تتدافع عن حقك "  وتابعت بحرقة ودموع " لا أنساها لحظة بلدتي المجدل وسأعود إليها " وحتى لو بقى العودة حلماً فإنه سيتحقق ذات يوم وإن لم أعود أنا إن شاء الله اولادى وأحفادي وعلت نبرات صوتها قائلة " إنها أرضى ووطني "

وتضيف الحاجة أم محمد باكية  "  ستون عاماً مروا وكأني بعدت بالزمن فقط وليس المكان وكأني هنالك صدقوني بقلبي وبعقلي وبكل وجداني في بلدتي ، والله إني أراها في مخيلتي كما لو كنت فيها ورغم مرور السنين فإني أراها وأتذكر كل معالمها "

وتصف الحاجة أم محمد مشاعرها قائلة " والله كأني فقط في مكان ما لفترة زمنية ما ومهما طالت ولكني بكل نبضة من نبضات قلبي وبكل وجداني مع بلدتي المجدل ، والله إن روحي معلقة بفلسطين وسنعود إليها "

وأخذت تدعى الله سبحانه وتعالى " حسبنا الله ونعم الوكيل على الصهاينة وكل من تحالف معهم ، إنها فلسطين الحبيبة ، وطننا وليس لهم أي حق بها ، اليهود جمعوا أنفسهم وبالقتل والتدمير سلبوا بلدنا ، إنهم يعيشوا على دمائنا "

وتقول الحاجة أم محمد " إنها بريطانيا هي المسئولة الأولى عن نكبتنا وهى من ساعد على جلب اليهود ومهدت كل الأمور لهم فهي من كان يحتل فلسطين وكان عليها الرحيل وتركها لنا ، لا أن تأتى بيهود العالم ليستوطنوا ديارنا ووطنا  ، وياتى بعد بريطانيا الأمم المتحدة والعرب وكل العالم الآن "

وتبكى الحاجة أم محمد وتسترجع ذاكرتها هذه الأيام فتقول " لقد قتلوا منا الكثير الكثير ، العصابات الصهيونية هؤلاء القتلة ، وكنا نرى القنابل وهى تسقط فوق رؤؤسنا ، وكنا نرى لحم البشر وهو يتناثر هنا وهناك "

وتقول " نحن تشردنا وهجرنا الى جميع أنحاء العالم فعائلتي في السعودية ، وأخي في كندا ، وأختي ليلى منذ 40 سنة لم أراها فى ليبيا ، ولنا أقارب في استراليا ولبنان والإمارات وغيرها ، نحن شتتونا ليجلبوا اليهود ويلموا شملهم على تراب أرضنا "

وتقول الحاجة أم محمد التي لديها  من الأحفاد نحو أربعين حفيدا ، 'لو بكل الدنيا لا أبيعها أرضى والأمل يظل بوجه الله سبحانه وتعالى ، وإن شاء الله نحن أقرب من أي وقت مضى للعودة إلى ديارنا التي شردنا منها على يد العصابات اليهودية، فأحفادي لا يؤمنون إلا بالعودة لأرضنا في المجدل، وتوصى الحاجة ام محمد قائلة " أوصى كل اللاجئين الفلسطينيين في جميع بقاع العالم عودا ولا تفرطوا  بحق العودة لوطننا '.

ما زالت اللاجئة الفلسطينية أم محمد تحتفظ بذكرياتها في بلدة المجدل جنوب أراضي 48 رغم مرور ستين عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني في الذي تحتفل فيه دولة إسرائيل بذكرى تأسيسها.

وما زالت الحاجة أم محمد رغم  تقدمها في السن، والشيب مليء بشعرها ، وتجاعيد وجهها التي تحمل المعاناة والألم والحسرة مازالت تحلم بالعودة إلى بلدتها ووطنها ، تنقل لأبنائها وأحفادها الذين لم يعاصروا أحداث النكبة كي تمتزج أحلامهم وأفكارهم  بين النكبة والعودة إلى أرض الوطن.

تناشد الحاجة أم محمد جميع مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية الصليب الأحمر والأمم المتحدة وكل محبي العدل والحرية في العالم أن تتدخل من أجل الحصول على تصريح من الإسرائيليين لتزور بلدتها المجدل وتقول " إلى كل من يدافعون عن حقوق الإنسان أريد تصريحاً ، ساعدوني أريد رؤية بلدتي قبل أن أموت، نفسي أزورها  " أريد أن أدفن في بلدتها بجوار أمي وأخواتي سعاد وآمنة وخليل "

وتصرخ باستغراب متسائلة " أي استقلال يتحدثون عنه وأي دولة أقاموها دولة عنصرية نازية ترتكب بحقنا محرقة تلو الأخرى على مسمع ومرأى العالم ، هم روجوا لمحرقة كاذبة وكسبوا بالقوة والقتل تعاطف ودولة ، ونحن للأسف لم يرى مايرتكب بحقنا .. حسبنا الله ونعم الوكيل" 

مالايقل عن 9 ملايين فلسطيني في العالم يحيون هذه الأيام ذكرى نكبتهم التي تتزامن مع إنشاء " إسرائيل"  على أنقاض قراهم في الأراضي المحتلة وتبكى الحاجة أم محمد عودة بحرقة شديدة وتقول " ساعدوني لأرى بلدتي المجدل لأرى ترابها نور شمسها ، بيتنا وحارتنا وكرمنا ... أحن إليها .. أحبها ولا أقبل بديلا عن العودة إليها ... أوصى كل فلسطيني وكل عربي ألا يفرط بذرة رمل من فلسطين ..هذه أمانة في أعناقهم جميعاً " .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ