ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
غزة
بعد سنة من الحصار أ.د.
محمد اسحق الريفي بينما يتفرج الأمريكيون والصهاينة على
غزة وهي تئن تحت وطأة حصارهم
الظالم ويرقبون نتائجه
المدمرة، ليوظفوها في كسر إرادة
شعبنا، وبينما يتابع المجتمع
الدولي بصمت نتائج الحصار،
يحمَّل أولئك الظلمة حركة حماس
وزر حصارهم، ويربطون نتائجه
بنتائج أحداث دفعوا شعبنا
إليها، وفق معادلة سقيمة تعكس
وحشيتهم وتآمرهم وتواطؤ
المجتمع الدولي على شعبنا. أي منطق سقيم هذا الذي يحاول أعداء شعبنا
أن يمرروه علينا؟! يخنقون غزة
ويحولونها إلى سجن كبير،
ويدمرون اقتصادها وبنيتها
التحتية، ويجتاحون أحياءها
ومناطقها السكنية، ويقتلون
المواطنين ويدمرون منازلهم
ويقتلعون أشجارهم، ويحرضون
المواطنين ضد حركة حماس
والحكومة الشرعية التي تتولاها
ويؤلبونهم عليها، ويدفعون
عملاءهم إلى الإخلال بالأمن
والنظام ثم يطلبون بعد كل ذلك من
حركة حماس وحكومتها أن تحقق
الرخاء والرفاهية للمواطنين،
وأن تنافس المجتمعات الغربية في
الأمن العام والحريات
الإنسانية والديمقراطية...!! لو أن هؤلاء الأعداء، ومن يروج أفكارهم
وينشر شائعاتهم المغرضة،
حريصون على أمن المواطنين
الغزيين وحرياتهم، لما تآمروا
على الحكومة الشرعية، ولما سعوا
لإفشالها وإسقاطها قبل أن تتسلم
صلاحياتها وتبدأ أعمالها، ولما
منعوها من إنجاز برنامجها
للإصلاح والتغيير، ولما دفعوا
شعبنا إلى الاحتراب والاقتتال،
ولما حاصروا غزة وجوعوا أهلها
وألحقوا بهم أشد أنواع المعاناة.
ولكن هؤلاء الأعداء، ومن
وافقهم وشاركهم، لا يحرصون إلا
على كسر إرادة شعبنا ودفعه إلى
الاستسلام، وعلى تحريضه ضد
المقاومة وإقناعه بأنها لا تجلب
له سوى المعاناة والألم، ولهذا
فهم يحاصرون غزة ويتوعدونها
بالسحق والدمار. إن هؤلاء الذين يتباكون على معاناة غزة
ويترحمون على اقتصادها ويشفقون
على عمالها ويقلقون على الحريات
الإنسانية للمواطنين، هم سبب كل
مصيبة حلت بشعبنا، وهم وراء
ضياع أرضه وحقوقه، وهم سبب
مآسيه وعذاباته ومعاناته. ولذلك
يتحمل هؤلاء الأعداء والطواغيت
المتوحشون مسؤولية جرائمهم
المتواصلة ضد شعبنا المكلوم،
ومنها حصار غزة الظالم،
والعدوان الصهيوني المتواصل
على شعبنا في الضفة المحتلة
وغزة، وحالة الانقسام الداخلي. لقد اجتهدت الصحافة الغربية المعادية،
والحصافة العربية المرجفة،
سيما في الأيام القليلة الماضية
التي صادفت ذكرى مرور عام على ما
يصفونه بسيطرة حركة حماس على
غزة، لإظهار أن عملية الحسم
التي لجأت إليها حركة حماس
للقضاء على المؤامرة الأمريكية
في مهدها، هي التي دفعت العدو
الصهيوني والأمريكي إلى محاصرة
غزة وخنقها، علماً بأن حصار غزة
مخطط وضعه شارون قبل انسحاب جيش
الاحتلال ومستوطنيه من غزة، بل
إن فكرة تحويل غزة إلى سجن كبير
راودت كل قادة الاحتلال
الصهيوني منذ نشأة كيانهم
الغاصب. أما بالنسبة للمعاناة التي يحاول
المرجفون والأعداء إلقاء
مسؤوليتها على حركة حماس، فهي
معاناة دائمة منذ الاحتلال
البريطاني لفلسطين، التي
تفاقمت باغتصاب فلسطين وإقامة
كيان صهيوني فيها، حيث أدى ذلك
إلى تهجير الفلسطينيين من
أراضيهم بالعنف والإرهاب
الصهيوني المدعوم غربياً، وما
صاحب ذلك وما تبعه من مجازر بشعة
واعتداءات وحشية صهيونية ضد
شعبنا، بتواطؤ عالمي مشين، وصمت
عربي مهين. إن ذاكرة شعبنا لا تزال حية، فالقضية
الفلسطينية عمرها أكبر من سنة،
ومعاناتنا ليست وليدة اليوم. ومعاناة
شعبنا لا تقتصر على مواطني غزة،
فالمعاناة تشمل أيضاً أهلنا في
الضفة والأراضي المحتلة منذ
العام 1948، وتشمل كذلك نحو ستة
ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون
مشردين في الشتات. ولم
تبدأ معاناة شعبنا بدخول حركة
حماس إلى المعترك السياسي،
فشعبنا يعاني منذ عشرات السنين،
بسبب مخطط صهيوصليبي ينكر وجود
شعبنا ويهدف إلى إقامة دولة
يهودية على أنقاض فلسطين، وبسبب
تخاذل النظام الرسمي العربي
وتواطئه، وبسبب ظلم المجتمع
الدولي الذي تهيمن على قراراته
الولايات المتحدة، وتوظفها في
خدمة ذلك المخطط الصهيوصليبي. وصول حركة حماس إلى الحكم والسلطة منح
شعبنا الأمل في إصلاح ما أفسدته
عملية أوسلو، التي تهدف أساساً
إلى تصفية القضية الفلسطينية،
وتبرر للعدو الصهيوني عدوانه
علينا وجرائمه ضدنا، وهذا يفسر
الدعم الصهيوصليبي لسلطة رام
الله، ومحاصرته لغزة بعد فقدان
محمود عباس سيطرته عليها.
لقد جعلت اتفاقيات أوسلو
الاقتصاد الفلسطيني في قبضة
العدو الصهيوني، ومنحته سيطرة
كاملة على الحدود والمعابر
والموانئ والمطار، الأمر الذي
يعد سبباً رئيساً لما نحن فيه من
معاناة وبؤس وشقاء، ويفسر
مشاركة سلطة رام الله في حصار
غزة...!! إن معاناة شعبنا هي نتيجة حتمية لوقوعه
تحت الاحتلال الصهيوني المدعوم
أمريكياً وغربياً، في ظل حالة
العجز العربي والإسلامي. وكلما
حاول شعبنا إزاحة هذا الاحتلال
الغاشم، كلما تفاقمت معاناته
واشتدت. وهذا
أمر عادي بالنسبة لشعب مجاهد
يسعى لتحرير أرادته السياسية
وأرضه، فشعبنا يواجه مخططاً
شيطانياً تدعمه إمبراطورية
الشر الأمريكية، وحلفاؤها
الأوروبيون، والأنظمة السياسية
العربية الخاضعة لها. ولا شك أن معاناة شعبنا لن تدفعه إلا إلى
مزيد من الثبات والإصرار على
دحر الاحتلال، فشعبنا لا يمكن
أن يكافئ من يحاصره وينكل به
ويجوعه، ولا يمكن أن تنسيه
المعاناة حقوقه الثابتة
وثوابته الوطنية، مهما حاول
أعداؤه إشغاله في تدبير أمور
حياته اليومية. فلا
تنازل عن الحقوق، ولا اعتراف
بحق العدو فيما اغتصبه من
فلسطين، والخزي والعار لمن يسعى
لتوظيف معاناة شعبنا في خدمة
الاحتلال وإجبار شعبنا على
الاستسلام. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |