ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رايس
والعجز عن مراجعة الذات بقلم:
علاء بيومي يبدو أن إدارة بوش
سوف تترك الحكم دون أن تتعلم من
أخطائها والأدلة على ذلك كثيرة،
أحدثها مقال مطول نشرته وزيرة
الخارجية الأميركية كونداليزا
رايس في مجلة "الشئون
الخارجية" الأميركية واسعة
الصيت في عدد يوليو- أغسطس 2008
تحت عنوان "إعادة التفكير في
المصلحة الوطنية"، وذلك بهدف
تلخيص خبرتها في إدارة السياسة
الخارجية الأميركية - منذ عام 2001
- حيث احتلت منصبي مستشار الأمن
القومي ووزير الخارجية تباعا وفي بداية المقال
المطول تؤكد وزيرة الخارجية
الأميركية على أن أحداث 11-9 كانت
العامل الأهم في صياغة سياسة
بوش الخارجية، حيث أصابت
الهجمات أميركا "بصدمة
إستراتيجية" دفعتها للتحرك
"لقيادة العالم" برؤى
وإصرار جديدين وتقول رايس أن 11-9 لم
تحدث انقطاعا كاملا في سياسة
أميركا الخارجية حيث استمرت بعض
أهم معالمها المتعلقة بالسعي
لدمج القوى الكبرى كروسيا
والصين في النظام الدولي دمجا
واعيا يرحب بها ويطالبها بمزيد
من الإصلاحات السياسة والتعاون
الدولي في آن واحد، كما وثقت
أميركا علاقاتها مع حلفائها
بأوربا الغربية من خلال دعم
توسع الاتحاد الأوربي وحلف
الناتو واللذين توسعا ليضما
دولا جديدة من بلدان شرق أوربا،
وقد مثل انضمام تلك الدول
للتحالفين السابقين حافزا
كبيرا لهم للتعاون مع أميركا في
قضايا صعبة كحربي العراق
وأفغانستان أما أهم انقطاع أو
تغيير طرأ على السياسة الخارجية
الأميركية بعد 11-9 – وفقا لرايس
– فكان ذلك المتعلق بالسعي
لتغيير الشرق الأوسط والتوقف عن
الاعتماد على النظم
الديكتاتورية كما جرت العادة
بالسياسة الأميركية على مدى "ستة
عقود" سابقة حتى جاءت 11-9
وأثبتت لأميركا خطأ السياسة
السابقة وهنا تؤكد رايس رايس
على أهم الخبرات التي تعلمتها
خلال السنوات الأخيرة، وهو
الدرس المتعلق بضرورة الربط بين
القيم والمصالح الأميركية في
تعريف "المصلحة الوطنية
الأميركية" وفي صياغة سياسة
أميركا الخارجية، حيث تطالب
رايس الأميركيين – في خلاصة
مقالها – بالثقة في أنفسهم وفي
دور أميركا الدولي وبالإيمان
بحاجة العالم للقيادة
الأميركية وبعدم التخلي عن نشر
الديمقراطية والقيم الأميركية
عبر دول العالم المختلفة وانطلاقا من الرؤية
السابقة لا تعبر رايس عن ندمها
بخصوص سياسات الرئيس بوش إلا
فيما يتعلق بالعراق، حيث تعترف
رايس – بشكل سريع ومقتضب - بأن
أميركا "ارتكبت أخطاء"
بالعراق، ولكنها تعود وتقول أن
الحكم على ما حدث في العراق
متروك للتاريخ وأن قرار إزالة
نظام الرئيس العراقي صدام حسين
كان "صحيحا" لأنه كان يمثل
"تهديد للأمن الدولي"، وأن
الشرق الأوسط الحالي "المضطرب
جدا" ليس أسوأ من الشرق
الأوسط السابق لذا يتبين للقارئ أن
رايس لا تقدم - في مقالتها -
مراجعة نقدية حقيقية لسياساتها
بقدر ما تحاول تبرير تلك
السياسات وما تقوم عليه من
تناقضات مع النظر لتلك
التناقضات كتحديات - ضرورية أو
عارضة - دون البحث في جذورها
ودون الاعتراف بأخطاء السياسة
الأميركية التاريخية خاصة فيما
يتعلق بالموقف من القضية
الفلسطينية إذ ترى رايس أن سياسة
نشر الديمقراطية بالشرق الأوسط
واجهت تحديات بسبب تعدد مصالح
أميركا "الحيوية" بالمنطقة
وهي "تأمين (مصادر) الطاقة
والحد من انتشار الأسلحة وحماية
الأصدقاء والحلفاء وحل
الصراعات القديمة ... والحاجة
لشركاء على المدى القصير في
الصراع العالمي ضد التطرف
الإسلامي العنيف" وتقول أن المصالح
المتعددة السابقة دفعت أميركا
لتبني منهج مزدوج يقول على دعم
النظم الديكتاتورية أمنيا
لمكافحة قوى "التطرف
الإسلامي" والتدخل في الوقت
نفسه للضغط على تلك النظم
لإدخال مزيد من الإصلاحات
الديمقراطية كما ترى رايس أن
أميركا تدعم إعادة تشكيل
استراتيجي للتحالفات بالمنطقة
يقوم على بناء تحالفا يضم مصر
والأردن ودول الخليج لمواجهة
إيران وسوريا ونفوذهما
بالمنطقة ولدعم القوى المساندة
لأميركا في لبنان وبين
الفلسطينيين وتلقى رايس
المسئولية على الفلسطينيين
فيما يتعلق بمسار "عملية
السلام" حيث تتحدث عن "خلاف
أصولي في قلب المجتمع الفلسطيني"
تجاه عملية السلام ورفض العنف
والاعتراف بإسرائيل، وترى أنه
ينبغي على الفلسطينيين حل
الخلاف السابق وبناء مؤسساتهم
الديمقراطية من أجل بناء
دولتهم، فالدولة الفلسطينية
"لن تولد فقط من خلال
المفاوضات الساعية لحل قضايا
صعبة تتصل بالحدود واللاجئين
ومصير القدس" كما تقول رايس،
وبهذا تعود رايس بالقضية
الفلسطينية إلى المربع الأول
بإلقاء عبئ تقدم عملية السلام
على الفلسطينيين بالأساس وعلى
قدرتهم على الإصلاح الداخلي
واختيار بديل "ديمقراطي
لحماس"، وذلك في الوقت الذي
ترى فيه رايس أن فتح "لا تمثل
بعد" هذا البديل، كما تشير
بشكل سريع وعابر إلى أن "عيش
الفلسطينيين حياة طبيعية في
دولة خاصة بهم" سوف يساعدهم
على تحقيق الإصلاحات المطلوبة أما فيما يتعلق
بعلاقة أميركا مع الجماعات
الإسلامية فتقول رايس أن بعضها
لم يتخل بعد عن العنف بسبب نشأة
تلك الجماعات في ظل نظم سلطوية،
وتركز رايس بشكل واضح على حركة
حماس وفوزها في الانتخابات
الفلسطينية وكيف كشفت هذه
الانتخابات – من وجهة رايس - قوة
حماس "على التدمير"
ووضعتها موضع المسئولية أمام
الفلسطينيين وأمام المجتمع
الدولي وتقول رايس أن "مشاركة
الجماعات المسلحة في
الانتخابات أمرا استشكاليا"
لا يجب مواجهته بمنع الانتخابات
أو بحرمان الشعوب حق انتخابات
جماعات لا تؤيدها أميركا، ولكنه
يجب مواجهته بوضع شروط مسبقة
كالتي فرضها المجتمع الدولي على
حماس – بعد فوزها بالانتخابات -
عندما خيرها بين أن تكون "جماعة
إرهابية أو حزب سياسي"، ولكن
رايس تعود وتؤكد أن استثناء "الجماعات
العنيفة" من العملية السياسة
سوف يمنحهم مزيد من القوة بدون
حساب أو مسائلة وفي الخاتمة ينبغي
الإشارة إلى أننا حرصنا على
العودة لمقال رايس والاستشهاد
به تكرار – في تحليلنا هذا - لكي
نترك كلمات رايس تتحدث عن نفسها
ولكي نترك جزءا من الحكم
للقارئ، أما رأينا الشخصي فهو
مسجل في المقال منذ عنوانه ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |