ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مرحبا
بالإملاءات الأجنبية (؟!) كتب:
عريب الرنتاوي بعيدا عن السياسة،
كان مجلس الشعب المصري يشهد
خلال الأشهر الماضية واحدة من
"أسخن" جولات الصراع
الاجتماعي بين "السلطة
وحزبها الحاكم" من جهة، ونواب
"الإخوان المسلمين" من جهة
ثانية، وهذه المرة حول "ختان
البنات" و"سن الزواج"
و"إثبات نسب الطفل لأمه"،
انتهت على الطريقة اللبنانية
"لا غالب ولا مغلوب"، مع
أننا كنا نتمنى – وبخلاف
المألوف – أن تنتصر السلطة على
المعارضة في هذه الجولة. إسلاميو مصر،
مدعومين من بعض
"المحافظين" المبثوثين في
مجلس الشعب، بمن في ذلك الحزب
الحاكم، نجحوا في الإبقاء على
ثغرة في "قانون الختان"
تسمح بإجراء العملية في ظروف
صحية محددة، ولا أدري أية ظروف
يمكن أن تجعل من ختان الفتاة
متطلبا وضروريا وعلاجيا، وكان
المأمول أن لا يتضمن مشروع
القانون فقرة من هذا النوع، وأن
يكتفي بتجريم هذه العادة، التي
يقول إخوان مصر أنها "أمر
إسلامي" ويقول مجرمو الختان
بأنه عادة أفريقية – فرعونية
كريهة، لطالما أزهقت حيوات مئات
الفتيات وتسبب في آلام وعذابات
جسدية ونفسية مبرحة لهن. النصر الثاني الذي
سجله إخوان مصر، تمثل في إسقاط
المادة في "قانون الطفل"
والتي تنص على رفع سن زواج
الفتاة إلى 18 سنة، معارضو هذه
المادة تذرّعوا بالخشية من تفشي
الزواج العرفي، لكنهم بدل أن
يغلظوا العقوبات على مقترفي
فعلة الزواج من
"القاصرات"، أباحوا هذا
الزواج و"شرّعوه"، ودائما
بالاستناد إلى مرجعيات دينية
تحلل وتحرّم. أما النصر الثالث،
فقد سجّله مشرعو التيار
الإخواني بعد أن ثارت ثائرتهم
ضد مادة في القانون تخص من يطلق
عليهن في أوروبا والعالم وصف
"الأمهات العازبات"، حيث
نجح القوم في إسقاط المادة التي
تمنح المرأة الحق في الإبلاغ عن
طفلها ونسبته إليها في حال تعذر
معرفة الأب أو امتناعه عن
الاعتراف بنسب طفله، التسوية
التي تمت بين "السلطة
والمعارضة" أتاحت المجال
للمرأة لتسجيل طفلها باسمها
لغايات إثبات واقعة الولادة لا
أكثر، ما يبقي هؤلاء الأطفال في
خانة اللقطاء، ويبقي أسماءهم
مذيلة بـ"عار" لم يقترفوه،
ويجعلهم يدفعون ثمنه مدى
الحياة، وعند الممات يورثونه
لأبنائهم من بعدهم، إن قدر لهم
أن يتزوجوا وأن ينشئوا أسرا،
وينجبوا أبناء وبنات. هي انتصارات ثلاث
سجلها إخوان مصر على سلطتها
وحزبها الحاكم، بالنقاط وليس
بالضربة القاضية الفنية،
ودائما بذريعة رفض
"الإملاءات الخارجية"
والذود عن "الشرع
والشريعة"، ولا أدري أية
شريعة تجيز تعذيب القاصرات
بالختان والزواج المبكر، وأية
عدالة تلك التي تجعل إنسانا
يدفع طوال حياته الثمن الباهظ
لفعلة لم يقترفها، وأين هذا
وذاك وتلك من ثقافة"وإذا
الموؤدة سئلت.." و"...ولا تزر
وازرة وزر أخرى"، وإذا كان
رفع الظلم والمعاناة عن فتياتنا
القاصرات، إملاء خارجيا، فأهلا
ومرحبا بهذه الإملاءات وإلى
المزيد منها.
------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |