ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المفتشون
الدوليون ... سورية بعد العراق ياسر
سعد زيارة
فريق مفتشي الوكالة الدولية
للطاقة الذرية لسورية للتحقق من
مزاعم بنائها مفاعل نووي, تدفع
بالذاكرة العربية لتستحضر
وبمشاعر مؤلمة زيارات وفود
التفتيش الدولية للعراق في
مرحلة ما قبل الغزو والاحتلال
الأمريكي. كان يُطلب من العراق
دولياً وعربياً التعاون مع تلك
الفرق والتي كان تصرفات كثير من
أعضائها يتسم بالعنجهية
والاستفزاز وتعمد الإساءة
والإذلال. وبالفعل تعاون العراق
مع تلك الفرق وصبر على تعدياتها
وتجاوزاتها ليتجنب حرباً مدمرة
وضربات ماحقة, فتوالت طلباتها
وأوامرها من تدمير صواريخ ونصب
كاميرات, غير أن أقساها كان في
تسليم قوائم بأسماء العلماء
العراقيين, وكأن العقل العربي
المبتكر هو واحد من أهداف تطويق
العراق ومحاصرته. ومع
عجز المفتشين في العراق عن
الحصول على دليل واحد يدينه حتى
من خلال مقاييس جائرة تحرم على
العرب امتلاك أسباب القوة فيما
غيرهم يتبجح ويتفاخر بها, طُلب
من المفتشين وعلى عجل الانسحاب
من العراق تمهيداً لتدميره
واحتلاله. تقارير ودراسات
متعددة أشارت إلى أن الكثير من
أعضاء الفرق الدولية كان
متعاوناً مع الأجهزة
الاستخباراتية الأمريكية
والإسرائيلية, ولنكتشف بعدها أن
مهمات تلك الفرق الأساسية كان
في التحضير والتهيئة لغزو
العراق, ليس عبر إقامة الحجج
وتأسيس الذرائع عليه, ولكن من
خلال الحصول على المعلومات على
الأرض عن قدراته ونقاط ضعفه. بيد
أن أسوأ ما أقترفه أولئك
المفتشون هو الحصول على قوائم
بالعقول العراقية والتي بدأت
بالفعل عمليات تصفيتها وبشكل
واسع بعد الاحتلال الأمريكي. ماذا
يريد المفتشون أن يتحققوا منه
في سورية؟ الهدف المعلن محاولة
التحري عن الموقع الذي قصفته
المقاتلات الإسرائيلية في
سبتمبر الماضي، في حدث أحيط
بالسرية والغموض حتى تم الكشف
عن أهدافه مؤخراً. المفتشون
الدوليون يرغبون بالتأكد فيما
إذا كان المفاعل السوري "المفترض"
يشبه طراز المفاعلات النووية
لكوريا الشمالية كما تقول
الولايات المتحدة, والتي كشفت
عن صور قيل إن "إسرائيل"
حصلت عليها من داخل المفاعل.
وحسب مجلة "دير شبيغل"
الألمانية واستنادا لمصادر من
الاستخبارات الألمانية فإن
الموقع الذي دمرته "إسرائيل"
كان موقعاً نووياً يهدف إلى
تطوير برنامج إيراني نووي عسكري
على الأراضي السورية وبمساعدة
من كوريا الشمالية. ما
يحدث في سوريا مقلق تماماً,
فالحديث الآن يدور فقط على
إدانة أو تبرئة النظام السوري
من القيام بأنشطة نووية دون
التطرق إلى العدوان الإسرائيلي
على الأراضي السورية وانتهاك
سيادتها. وكأن هناك اعتراف بحق
"إسرائيل" في تدمير ما تشاء
وكيفما تشاء دون الالتزام
بالقانون الدولي, وللأسف فإن في
تصرفات الحكومة السورية إقرار
ضمني بذلك. ثم إذا كان هناك شك
بأن ما قصفته "إسرائيل" كان
مفاعلاً نووياً, لماذا لم تأخذ
بالاعتبار التداعيات الخطيرة
على سكان المنطقة من ترسبات
إشعاعية محتملة, ولماذا لا
تحاسب على ذلك؟
لا
داعي للتساؤلات أو المناقشات
المنطقية, والتي منها لماذا
تغامر إيران في وضع إسرارها
خارج بلادها وفي مناطق من
المعروف أن الاستخبارات
الغربية لا تجد صعوبة في
اختراقها؟ ولماذا يحق للدول
العبرية امتلاك ما تشاء والرفض
على التوقيع على المعاهدات
الدولية في حين تمنع الدول
الأخرى من ذلك؟ إذا كانت سورية
تبحث عن أدلة تبرئها فهي واهمة
ولم تستفد من التجربة العراقيةّ!!
فالإدارة الأمريكية زورت أدلة
لتدين العراق قبل احتلاله ودخلت
حرباً دون الموافقة الدولية, ثم
ذهبت للأمم المتحدة وحصلت على
تفويض منها, وها هي تفاوض من
نصبتهم في العراق لتقنين
الاحتلال وتشريع تدمير العراق
ونهبه. إذا
كان السوريون جادون في مواجهة
الضغوط ويرغبون في أن يتم
التعامل معهم كطرف له دوره
الفاعل ومكانته المعتبرة,
فعليهم أن يعاملوا مواطنيهم كما
تفعل الولايات المتحدة والدولة
العبرية مع مواطنيهم, وهو أمر
غاب تماما في التجربة العراقية
المرة. المواطن هو الخلية
الأساسية في المجتمع والدولة
وما لم يشعر بمكانته ودوره
وحريته في التعبير والمشاركة
فإن الجسم المكون من تلك
الخلايا منهار المناعة, عديم
الفاعلية, يغير وبسرعة وخفة
أولوياته ووجهاته كالذي يتخبطه
الشيطان من المس. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |