ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحدث
المزلزل والمصاب الجلل: مجزرة
سجن تدمر الصحراوي في ذكراها
الثامنة والعشرين الدكتور
علي حسين* (في
مقال للكاتب والسجين السياسي
السابق فرج بيرقدار "في سوريا
: حرية الصمت ممنوعة أيضاً!" ،
يقول : كان السوريون في الماضي ،
كلما ورد اسم "تدمر"، ذهب
بهم الخيال إلى مملكة "زنوبيا"
الشهيرة ، وتلك الحضارة العريقة
، التي تأسست في عهدها ، في
النصف الثاني من القرن الأول
قبل الميلاد . ولكن منذ مطالع
الثمانينيات من القرن الماضي ،
صارت كلمة "تدمر" تذهب
بالخيال إلى ذلك السجن الصحراوي
الرهيب المعروف باسم "سجن
تدمر العسكري"، وما يعنيه من
محاكم ميدانية عسكرية ، وعمليات
قتل انتقامي ، وجولات شبه يومية
من التعذيب الوحشي المنظم ، ما
أودى بحياة الآلاف من السجناء
السياسيين . واسم "تدمر" في
اللغة الآرامية يعني "المعجزة".
في الواقع هي إحدى معجزات
الحضارة في تاريخنا القديم ،
وإحدى "المعجزات" الوحشية
الدامية للاستبداد في تاريخ
سوريا المعاصر . في سجن تدمرالذي
أمضيت فيه الخمس
سنوات الأولى من اعتقالي
بانقطاع تام عن العالم الخارجي .
يشعر المرء أن كل شيء ممنوع ما
عدا التعذيب والموت . هناك لا
زيارات ، لا نقود ، لا رعاية
صحية ، لا راديو ، ولا حتى ثياب..
أما الطعام ففي الحد الأدنى
لحفظ الحياة. انتهى الحديث ). تمر
بنا اليوم الذكرى الثامنة
والعشرين لمجزرة سجن تدمر ،
تلك المجزرة البربرية الوحشية
التي ارتكبها أساطنة الإجرام
وجلاوزة القتل وعشاق سفك دماء
الأبرياء "آل الأسد" ، وفي
مقدمتهم طاغية الشام حافظ الأسد
وسفاحها المجرم رفعت الأسد ،
وباقي طغمة الشعوبيين
والطائفيين ومن لف لفيفهم . مجزرة
سجن تدمر التي ارتكبها نظام آل
الأسد الطائفي بحق السجناء
العزل واحدة من أفظع وأبشع
المجازر في العصر الحديث . مجزرة
سجن تدمر التي نفذتها يد الغدر
والخيانة ( سرايا الدفاع )
التابعة للنظام الطائفي الدموي
كشفت للعالم ودون حياء طرفاً
يسيراً من واقع حقوق الإنسان
المتردية في سورية في ظل نظام
طائفي دموي متسلط منذ أكثر من
أربعة عقود . مجزرة سجن تدمر
كشفت ودون حياء زيف المجتمع
الدولي حيال ما تعرض له الشعب
السوري ، في تلك المجزرة
الوحشية ، مئات
من معتقلي الرأي الأبرياء
حُصدوا بنيران من يفترض أن
يحموهم ويؤمنوا لهم محاكمات
عادلة . شهداء
تلك المجزرة هم ثلة مختارة من
خيرة أبناء سوريا ، فمنهم
الطبيب ، والمهندس والتاجر
والطالب والعامل والفلاح ، ولم
يشفع لهم ذلك أمام نظام طائفي
بني على عقيدة القتل والحقد
والكراهية والتمييز وإلغاء
الآخرين . حتى أن الحجة والذريعة
التي قام على أساسها قتل هؤلاء
الأبرياء كانت مفبركة وملفقة ،
وغير صحيحة من أساسها . كيف
تمت المجزرة : في
السابع والعشرين من حزيران
العام 1980 حصدت آلة الحقد
الطائفي التابعة لنظام آل الأسد
الدموي قرابة ألف ومائة من خيرة
شباب سوريا
في زنازينهم في سجن تدمر
الصحراوي . كانت
الآلة والأداة
المنفذة للمجزرة " سرايا
الغدر " التابعة مباشرة لأمرة
"هولاكو" العصر رفعت الأسد
. انقضت كتيبتان منها على
سجن تدمر الصحراوي وقام
عناصرهما بحصد أرواح المعتقلين
العزل بدم بارد وهم في زنازينهم
غافلين وجاهلين عما دبر لهم ،
وبعد الانتهاء من المجزرة
تم دفن الضحايا في مقابر جماعية
في وادي عويضة
على بعد اثني عشر كيلومتراً
شمال شرق تدمر ، وتم التكتم
تماما على أسماء الضحايا أو
حيثيات المذبحة كما أن أهالي
الضحايا لا يزالون يجهلون مصير
أحبائهم داخل السجن : أقضوا في
المذبحة أم ما زالوا على قيد
الحياة. ليومنا
هذا لم تكشف سلطات النظام
السوري الأمنية أو الرسمية
شيئاً عن هذا الملف الذي تكتنفه
الظلمات ، فالكثير من أبناء
الشعب السوري ينتظرون بفارغ
الصبر عودة المفقودين من أب
وابن وزوج وأخ وصديق ضاربين عرض
الحائط وغير مصدقين لتقارير
منظمات حقوق الإنسان التي تقول
بأنهم قضوا ولن يعودوا... ، مما
أدى إلى اختلاف الروايات حول
عدد ضحاياها ، وأشارت بعض
المصادر الأجنبية إلى مصرع
قرابة 600 شخص
، بينما تشير بعض المعلومات
إلى ان عدد شهداء المجزرة أكثر
من ذلك بكثير
، فلقد
قدرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان
أن الرقم 1181 ضحية ، وتذهب بعض
المصادر إلى أن عدد ضحايا
المجزرة يقتربون من الألفين .
وفي كتاب (تدمر: شاهد ومشهود : ص193)
. ورد أن اللجنة السورية لحقوق
الإنسان ، تحتفظ
بقصة مجند كان يعمل طابعاً
للآلة الكاتبة في قيادة الأركان
بدمشق وردته قائمة أسماء 813 ضحية
ليطبعها، قتلوا في سجن تدمر في
اليوم المذكور، ولقد نقل القصة
لبعض أصدقائه واستأمن أحدهم على
نسخة من الأسماء، لكن يبدو أن
الخبر انتشر وعرف أنه المصدر،
فحكمت عليه محاكمة ميدانية
بالإعدام ونفذ فيه الحكم فكان
الضحية 814 في هذه المجزرة .
واستطاعت اللجنة السورية لحقوق
الإنسان أن توثق أسماء أكثر من
450 معتقلاً كانوا محتجزين في سجن
تدمر قبيل وقوع المجزرة ثم
اختفى كل أثر لهم بعدها مما يؤكد
أنهم من ضحاياها .
فيما تؤكد بعض المصادر ، أن
عدد الذين ابتلعهم سجن تدمر
واختفت آثارهم فيه سبعة عشر
ألفاً من الأطباء والمهندسين
والعلماء والعمال والفلاحين
والمدرسين والطلاب والشعراء
والأدباء والشيوخ والقاصرين. في سجل
النظام الطائفي لم تكن هذه
المجزرة هي الوحيدة التي نفذت
بدم بارد ضد معتقلي الرأي
والأبرياء من أبناء الشعب
السوري ، فهناك العديد من
المجازر الدموية التي ارتكبها
النظام البربري
في حماة ، إدلب ، جسر الشغور
ودير الزور وباقي المدن السورية
، حُصدت فيها آلاف الأرواح
البشرية في حملات الإبادة
الجماعية والإعدامات
التي تناسقت مع تصريحات وزير
دفاع النظام السابق مصطفى طلاس
لمجلة دير شبيغل الألمانية ،
بأنه كان يصادق على إعدام 150
معتقل سياسي إسلامي أسبوعياً
لمدة سنوات طويلة . هذا بالإضافة
إلى النزيف اليومي المستمر
للأرواح البشرية التي أزهقت تحت
التعذيب الشديد حتى الموت . والسؤال
الذي يتداوله الشرفاء من أبناء
سوريا ، وحتى منظمات حقوق
الإنسان السورية والإقليمية
والعالمية ، لماذا يستمر نظام
آل الأسد في
التكتم على هذه المجزرة
وباقي المجازر التي اقترفها
بحق الأبرياء ، ويتحمل طائعاً
مختاراً وزر ارتكابها مع من سبق
أن ارتكبوها ، بحمايتهم والتستر
عليهم ، والضرب عرض الحائط
بمطالبات ذوي الضحايا ولجان
حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع
المدني ، بإنهاء هذا الملف
العالق كالشوكة بل السكين في
حلق الوطن والمواطنين ؟ ،
والسؤال الآخر لماذا وكيف يمكن
لسفاح ومرتكب هذه الجريمة أن
يعيش حراً طليقاً شريكاً
تجارياً في منشأت حيوية لدول
تدعي بأنها تحمي وترعى حقوق
الإنسان في كل مكان ؟ . والجواب :
هو أن النهج والسلوك السلطوي
الذي أفرز مجزرة تدمر مستمر
استمرار المادة الثامنة في
الدستور التي تقسم المواطنين
إلى طوائف وقبائل ، وفقراء
وأغنياء ، ولأن النظام الطائفي
الذي جاء على الدبابة لا يستمر
ولا يمكن أن يستمر إلا باستمرار
نهج القتل والترويع والتشريد ،
وفي كثير من الحالات التعذيب
حتى الموت ، ولا مانع لديهم من
ارتكاب المجازر الجماعية
والحرب الأهلية إذا لزم الأمر ،
كما حصل في الثمانينات من القرن
الماضي . وما
قرارات المؤتمر العاشر للقيادة
القطرية للحزب الحاكم إلا إصرار
على هذا النهج ، فماذا ينتظر
الشعب السوري من المجتمع الدولي
المنافق اللاهث وراء مصالحه
الخاصة ضارباً عرض الحائط كل
القرارات والمواثيق الدولية
التي أصاغها وأقرها ؟ ، وماذا
تنتظرون من المجتمع الدولي الذي
يستضيف المجرم رفعت الأسد
وحاشيته ؟ ، نعم يأمن له الحماية
والرعاية على حساب دم الشهداء
الأبرياء في وطني ، ولكن تذكر
أيها المجرم أن دماء الشهداء لن
تذهب هدراً وسيأتي اليوم الذي
يقتص فيه منك ومن النظام
الطائفي الذي أذاق الشعب السوري
الأمرين . وبهذه
المناسبة نود أن
نذكر كل سوري وطني حر شريف ،
وكل عربي غيور ، وكل من يأمن
بالحرية والأمن والأمان ، بعظم
وهول ووحشية وفداحة هذه المجزرة
الرهيبة ،
والفاجعة الوطنية الأليمة
والكارثة الإنسانية التي أدت
إلى استشهاد كوكبة من خيرة
أبناء سوريا الأبطال ، أبناء
صلاح الدين وخالد أبن الوليد
ويوسف العظمى ، رجال أقوياء
أشداء لا يخافون الموت ، رووا
بدمائهم أرض سورية الحبيبة ،
وقالوها صريحة صرخة قوية في
وجهة الطغاة الطائفيين
الحاقدين لا للظلم ولا للقهر و
لا للاستبداد فدفعوا حياتهم
ثمناً للحرية والكرامة
، وكما أسلفنا فإن مجزرة سجن
تدمر ليست هي أول المجازر التي
يرتكبها الطغاة المنحرفون عن
منهج وقيم وتعاليم السماء ، ولن
تكون الأخيرة في ظل صمت مدقع من
أبناء الوطن والمجتمع الدولي ،
بل هي حلقة من حلقات القتل
الطائفي الهمجي التي ارتكبها
الطغاة عبر التاريخ فجاء نظام
آل الأسد الطائفي
ليرتكب هذه المجزرة ويقول
للشعب السوري ويذكره بأجداده
الطواغيت الذين ارتكبوا أقبح
المجازر بحق الأبرياء ،
فرحم الله شهداء
مجزرة تدمر وكل شهداء سوريا
الذين رووا بدمائهم تراب الوطن
، وأعان الله تعالى شعب سورية
الذي يعشق الحرية على استرداد
حقوقه المغتصبة من آل الأسد
الطغاة ، ونطالب
أبناء الشعب السوري وكل القوى
المحبة للحرية والديمقراطية ،
الا تنسى هذه المجزرة و
مرتكبيها وسيأتي اليوم الذي
يتمكن فيه شعب سورية من محاسبة
كل القتلة و المجرمين . *كاتب
سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |