ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
العمل
السياسي تحت عباءة أوسلو أ.د.
محمد اسحق الريفي عندما تختل موازين القوى لصالح العدو
الصهيوني، تصبح المنازلة
السياسية معه بمعزل عن المقاومة
المسلحة وفي ظل تمزق الجبهة
السياسية الفلسطينية خسارة
حتمية لنا نحن الفلسطينيين، إذ
تتحول السياسة في هذه الحالة
إلى سلاح بيد عدونا وحده وسيف
مسلط على رقاب شعبنا. ولذلك حرص العدو الصهيوني منذ البداية
على تجريد شعبنا الفلسطيني من
كل أدوات المقاومة المسلحة،
وبذل ما يسمى "المجتمع
الدولي" الداعم للمشروع
الصهيوني ضغوطاً هائلة على
شعبنا لمنعه من استخدام القوة
المسلحة في الدفاع عن نفسه
وانتزاع حقوقه من الاحتلال، ولا
يزال المجتمع الدولي يرهن
الاعتراف بالشرعية الفلسطينية
بتخلي شعبنا عن مقاومة الاحتلال
والتسليم بما يدعيه هذا
الاحتلال الغاصب من حقه في
اغتصاب فلسطين. ورغم أن الاحتلال الصهيوني ورعاته
الغربيين يسعون لإقناع شعبنا
بعدم جدوى المقاومة، فإن
المقاومة السلمية والمسلحة على
حد سواء هي التي تجعل الحلول
السياسية ذات قيمة وجدوى
بالنسبة لنا، وهذا ما أكدته
تجارب حركات التحرر الوطني من
الاحتلال على مدار التاريخ،
فترك المقاومة المسلحة ضد
الاحتلال يجعل السياسة أداة
بيده وحده يستخدمها ضد من يحتل
أرضهم ويستبيح حقوقهم ولا يبالي
بما يصل إليه حالهم من ذل وخسارة
وهوان. ولذلك لا تكون الحلول السياسية ذات جدوى
إلا عندما يصبح لدى العدو
استعداد للتنازل من أجل تفادي
ضربات المقاومة وما تلحقه به من
خسائر لا يقوى على تحملها،
حينذاك يصبح الانخراط في
العملية السياسية أمراً لا بد
منه لتوظيف إنجازات المقاومة في
التحرر من الاحتلال وانتزاع
الحقوق منه وإجباره على كف
عدوانه. أما
طرح خيار المقاومة جانباً وتبني
الحلول السياسية خياراً
استراتيجياً، فإن ذلك يمثل
انتحاراً سياسياً واستسلاماً
للعدو، لأن الحلول السياسية في
هذه الحالة لن تؤدي إلا إلى
تكريس الاحتلال وإضاعة الحقوق. وبالنسبة للحالة الفلسطينية، فلسنا هنا
بصدد تقييم نتائج دخول حركة
حماس في المعترك السياسي، لأن
مشاركة حركة المقاومة
الإسلامية في السلطة تهدف
أساساً إلى حماية المقاومة من
الاجتثاث وتأكيد شرعيتها
وتوظيف إنجازاتها في خدمة
القضية الفلسطينية، وانتزاع
قيادة الشعب الفلسطيني ممن
خطفها واحتكرها وإنقاذه من
محاولات تدجينه وتركيعه، ومنع
نظام أوسلو من الانفراد بالقرار
الفلسطيني وتصفية القضية
الفلسطينية وفق الرؤية
الصهيونية. ولتحقيق
هذه الأهداف، رأت حركة حماس أنه
لا بد من الحصول على الشرعية
السياسية عبر المشاركة في
النظام السياسي. وبما أن بقاءها خارج نظام أوسلو لا يقل
خطورة – على القضية الفلسطينية
– عن مشاركتها فيه، اضطرت حركة
حماس لخوض تلك المغامرة
السياسية، التي لا يمكن تفادي
أخطارها إلا برفض إملاءات
المجتمع الدولي المتمثلة في
شروط اللجنة الرباعية الدولية
والتشبث بحق شعبنا في مقاومة
الاحتلال. وهذا
ما فعلته حركة حماس، مما دفع
بالولايات المتحدة الأمريكية
وحلفائها الأوروبيين والعرب
والفلسطينيين إلى عدم الاعتراف
بشرعية الحكومة التي تتولاها
حركة حماس. وطالما تمسكت حركة حماس بمواقفها
وثوابتها، فمن العبث توقع حدوث
تغييرات جوهرية على موقف
المجتمع الدولي من مشاركتها في
السلطة، ومن غير المعقول توقع
حدوث اختراق لصالح حركة حماس في
موقف الاتحاد الأوروبي، الذي لا
يزال يرفض الاعتراف بشرعيتها
ويشارك في عزلها سياسياً والضغط
عليها. فالأوروبيون ينظرون إلى حركة حماس على
أنها لم تستطع حتى الآن القيام
بأية خطوة سياسية بعد وصولها
للسلطة وتوليها الحكومة
الشرعية، وهم يقصدون بذلك
الاعتراف بما يسمى (إسرائيل).
وبعبارة أخرى، لكي يسمح
الأوروبيون لحركة حماس
المشاركة في العملية السياسية،
يجب عليها عدم المساس بنظام
أوسلو والتقيد بالتزاماته تجاه
الاحتلال. وقد جسد خطاب الرئيس الفرنسي ساركوزي
أمام الكنيست الصهيوني موقف
الاتحاد الأوروبي من القضية
الفلسطينية، وهو موقف ينطوي على
قدر كبير من المكر والمراوغة،
ويعبر عن انحياز كامل للكيان
الصهيوني. فقد
أكد ساركوزي في خطابه حرص بلاده
على أمن الكيان الصهيوني
ويهودية ما يسمى (إسرائيل)،
وأعتبر مقاومة الاحتلال
الصهيوني غير شرعية، وتعهد
بالاستمرار في عزل حركة حماس
سياسياً حتى تستجيب لإملاءات
المجتمع الدولي. والموقف الأمريكي من مشاركة حركة حماس في
السلطة لا يختلف عن الموقف
الأوروبي إلا في كون الأول أكثر
وضوحاً وأشد صلابة.
أما أنظمة ما يسمى "محور
الاعتدال العربي"، فتتسم
مواقفها بالتواطؤ مع الإدارة
الأمريكية والكيان الصهيوني،
إضافة إلى سعيها لإفشال تجربة
حركة حماس، بسبب عداء تلك
الأنظمة لحركات الإسلام
السياسي. وفي
ظل هذه المعطيات البائسة، سيظل
باب العمل السياسي الفاعل
موصداً في وجه حركة حماس، وستظل
المقاومة الفلسطينية في بؤرة
الاستهداف الصهيوصليبي. وهنا تبرز مسألة هامة تتعلق باتفاقية
التهدئة في غزة، فما الهدف
السياسي من وراء مثل هذه
التهدئة المفتوحة التي يتوقع أن
تمتد لتشمل الضفة المحتلة في
غضون ستة شهور؟! فهل الهدف منها
إعطاء عملية التسوية السياسية
فرصة جديدة عبر إفساح المجال
لحركة حماس للعمل تحت عباءة
أوسلو أم أنها تهدف إلى تمكين
الاحتلال الصهيوني من مواصلة
الحلول أحادية الجانب في مقابل
تخفيف الحصار الاقتصادي
المفروض على غزة؟! ليس من المتوقع أن تؤدي التهدئة إلى إي
تغيير في موقف المجتمع الدولي
من حركة حماس، ولن يجدينا نفعاً
العمل السياسي تحت عباءة أوسلو،
ولا يمكن للشعب الفلسطيني أن
يصمت إزاء الإجراءات الصهيونية
الرامية إلى إقامة دولة يهودية
على أنقاض فلسطين. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |