ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 30/06/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


النظام الأسدي - البعثي في سوريا

بين جبهتي الممانعة والمعانقة

جان كورد

قد لايروق لبعض فصائل المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية، ما نود توضيحه، قبل التوغل في موضوعنا هذا، ولكن علينا التذكير والتوضيح – من باب من رأى منكم منكرا فليغيره- بأن الرئيس الراحل الذي كان البعثيون يحيونه بشعار" الرئيس الأسد قائدنا إلى الأبد!" ومن بعده نجله أيضا، هو الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، ويتم ترشيحه لرئاسة الجمهورية "الوراثية" من قبل حزبه، كما يتم اعادة انتخابه أمينا عاما للبعث في مؤتمره العام، مثلما انتقلت السلطة من الأب إلى الابن عن طريق مبادرة بعثية، دون أي اعتراض ظاهر وواضح من قبل القواعد الحزبية، بل وسط التصفيق والشعارات والقفز عاليا والقسم بالولاء حتى الموت، ولذا لايمكن الفصل بين النظام الأسدي "العائلي" وبين "الحزب العقائدي، ذي الرسالة الخالدة (!)، مهما حاول بعضهم التملص من المسؤولية الوطنية في مجال السياسات الداخلية والخارجية التي ترسم في ما يسمى ب"قصر الشعب" وتتم الموافقة عليها  في الحزب وما يطلق عليه ظلما وعدوانا "مجلس الشعب!"...

وهذا هو الذي دفعنا لاستخدام مصطلح " النظام الأسدي- البعثي"، اذ لايمكن القبول مطلقا بما يحاوله بعضهم لتبرئة ساحة حزب يحكم البلاد منذ عام 1963 أو يرضى بأن تحكم البلاد باسمه كل هذه الفترة، دون ابداء أي مقاومة في الدفاع عن نفسه ورجالاته وكرامته و"رسالته الخالدة!" التي لم نفهمها في يوم من الأيام بشكل صحيح...فالذي يحكم البلاد ليس "العائلة" الأسدية وحدها أو"الطائفة" التي تنتمي إليها هذه العائلة وحدها، وانما يشارك في حمل المسؤوليات وترسيخ النظام والدفاع عن، بل المشاركة في جرائمه واختلاساته ومغامراته واطالة عمره، أناس عقائديون، ملتزمون حزبيا حتى الرمق الأخير بمقررات حزبهم "القائد!"، وهم من مختلف العوائل والعشائر والملل والنحل في سوريا... وهذا يعني أنه لايحق لنا أبدا جعل "الطائفة الفلانية" قربانا لمسلسل طويل من جرائم النظام الذي ما كان ليستمر في عنجهيته وجبروته، دون وجود ركائز اجتماعية- اقتصادية قوية تنتشر في كل البلاد، وتساهم في بنائها وصونها وتقويتها قوى وشخصيات من مختلف فئات الشعب السوري، إلا أن دور "الطائفة" هام، حيث تلعب "العصبية" – كما تعلمنا من ابن خلدون رحمه الله- دورا كبيرا وهاما في الابقاء على نظام اجتماعي – سياسي – اقتصادي ما...ولذا فإن "طائفة الرئاسة" تتحمل وزر مساهمتها الفعالة في حمل خطايا النظام، ولكن هذا لايبرىء من هو خارج "الطائفة" من تبعة مشاركاته في كل ما جرى ويجري في البلاد تحت مظلة "النظام الأسدي – البعثي"... وهنا نذكرهم بمقولة "المسؤولية تجاه الرعية" التي هي ركن أساسي من أركان الحكم العادل إن وجد مثل هذا الحكم... وعلينا أن نجعل قاعدة "ولا تزر وازرة وزر أخرى" أساسا للمحاسبة القضائية والسياسية، بمعنى أن لانحمل هذا جريمة ذاك، أو أن نعمم التهم ونطلقها جزافا بحيث نخلط الحابل بالنابل في المحاسبة والجزاء أو أن نكيل سيل التهم كيفما شاء، مثلما نقرأه ونسمعه – مع الأسف- من كثيرين ممن يعتبرون أنفسهم معارضين وطنيين وسياسيين مرموقين....

منذ أن سيطر البعث على البلاد والعباد، وهو يطلق العيارات البركانية بصدد الوحدة العربية وتحرير فلسطين وبناء عالم الاشتراكية، ولكن بعد ما يقارب النصف قرن من حكمه المستمر هذا بالحديد والنار، نرى أنه لم يتقدم سنتيمترا واحدا صوب أحلامه الكبيرة، ونتساءل : متى سيحقق الحزب "القائد" أهدافه؟ ... أم يملك من الجرأة ما يدفعه إلى التنازل لغيره ويقول: "نعم، لقد فشلت في برنامجي، فتفضلوا باستلام المسؤولية الوطنية مني!"...

لو كان هذا الحزب عاملا من أجل الوحدة العربية حقا، لأعاد سوريا إلى حظيرة "الجمهورية العربية المتحدة" بعد قضائه على "زمرة الانفصاليين!" في عام 1963مباشرة، بدل الاكتفاء برفع الشعارات الزاهية بالألوان والقيام بمحاولات وحدوية غير جادة، مع العراق واليمن وليبيا ومصر، والادعاء بأنه الحزب الأكثر "عروبة" في العالم العربي...

لو كان هذا الحزب مهتما حقا بتحرير شبر واحد من الأراضي العربية، وهو الذي كان يتبجح كل يوم بأن "لواء الاسكندرون السليب" جزء من الأرض السورية، لفتح على الأقل جبهة عسكرية على حدود هذا اللواء الذي لايقل أهمية استراتيجية واقتصادية بالنسبة لسوريا من فلسطين، فلماذا كان الاهمال العسكري للاسكندرون من قبل البعث الذي بعض قادته الكبار ورواده الأوائل من ذلك اللواء السوري المغتصب؟ مقابل ذلك الاهتمام العظيم ب"تحرير فلسطين!"؟ فهل هناك بعثي واحد يستطيع الاجابة عن هذا السؤال بشكل مقنع وكاف؟...

لو كان البعث العربي الاشتراكي حزبا تحريريا وثوريا وعقائديا كما يدعي حتى الآن، فلماذا رضخ للضغوط "الامبريالية والصهيونية والرجعية!" بعد ستة أيام فقط من حرب حزيران 1967 وقبل بالهدنة واحتلال الجولان ورقابة دولية صارمة للمناطق التي تفصل بين قواته العسكرية وقوات الاحتلال الاسرائيلي؟ على الرغم من أنه كان يحظى وقتذاك بدعم واضح وكبير من المعسكر الدولي الآخر، المنظومة الاشتراكية وحلف وارسو...لماذا لم يستمر في القيام بواجباته الوطنية، على خط النار، إن كان فعلا يؤمن بهذا الوطن، وان كان يحظى بدعم وتأييد الجماهير العربية له فعلا ، كما يزعم باستمرار؟... ولماذا باشر الجيش السوري فورا بالرد العسكري الحاسم والقوي على القوات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، أثناء فترة التشنج السياسيى بين القيادة السورية وقيادة المنظمة المتمثلة آنذاك بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات؟ ولم نجد مثل هذا الرد في لبنان أيضا على الاحتلال الاسرائيلي في عام1982؟

لقد تقلد البعثيون السوريون أوسمة وأنواط "جبهة الرفض العربية" و سخروا من الرئيس المصري المغتال محمد أنور السادات لزيارته اسرائيل والقائه كلمة عن السلام في الكنيست واتفاقه في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وبرعايته مع مناحيم بيغن الاسرائيلي بعد حرب 1973ونتائجها التي أنتجت ظروفا جديدة في المنطقة، ثم بحثوا عن مسميات جديدة على أثر لقاءات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مع ايهود باراك في كمب ديفيد تحت رعاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، بهدف ايجاد حل سلمي وعادل للقضية الفلسطينية، فاكتشفوا تعبيرا رائعا معروفا ب "خط الممانعة"، وراح الإعلام التابع للبعثيين وأتباعهم في العالم العربي يطبل ويزمر صباح مساء لهذا الخط الذي ازدادت سماته وضوحا بدخول نظام الملالي الفارسي على الخط ، ومحاولته الدؤوبة للتوغل غربا وجنوبا في عمق العالم العربي، مستندا على قوة "العقيدة الإسلامية الصحيحة للثورة الخمينية الرائدة!" وقوة "المال والبترول" التي تسيل اللعاب وبتاريخ طويل من "المكر السياسي و التقنع بفكرة التقية...!!!"  وإذا بسوريا البعث – الأسدي التي كانت عاصمتها في يوم من الأيام مركزا للخلافة الأموية السنية تتحول من بلد عربي موغل في "العروبة" إلى "جسر عسكري" للقوات الفارسية المتقدمة صوب البحر الأبيض المتوسط، حيث القلعة "الحلم" للامبراطورية الساسانية التي تسمى اليوم ب"حزب ألله"، على مقربة من الحدود اللبنانية – الاسرائيلية... ولكن أي جبهة رفض عربية كانت وأي خط ممانعة يتشدق بها البعثيون؟

فالبعث السوري وقف إلى جانب ايران في الحرب ضد العراق، طوال سنوات تلك الحرب الشرسة ، بخلاف كل البلدان العربية الأخرى، ووقف مع الأمريكان والانجليز وحلفائهم الآخرين ضد العراق أثناء حرب الكويت، ووقف ضد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، ووقف ضد اللبنانيين مع منظمات مشبوهة ومعادية للسلام والحرية والديموقراطية في البلد الذي يدعي البعثيون أنهم حافظوا على وحدته وسلامه عقودا من الزمن... وها هم البعثيون اليوم يلتقون بأعدائهم (!) الاسرائيليين تحت رعاية تركيا التي تغتصب لواء الاسكندرون الذي لايقل مساحة عن الجولان السوري بالتأكيد، بهدف استرجاع الجولان... ولايضيرهم أن يتبادل الرعاية في الأمر الفرنسيون والأتراك والأمريكان، وكل هؤلاء هددوا سوريا مرات ومرات وأهانوا حكوماتها واعتبروا نظامه راعيا للارهاب، وخارجا على قرارات الشرعية الدولية، فتركيا هددت في عهد رئيس وزرائها بولند أجاويد بغزو سوريا مالم تطرد زعيم حزب العمال الكردستاني السيد عبد الله أوجلان من أراضيها، وطالبت بأن تكف سوريا عن المطالبة بلواء الاسكندرون، مرة وإلى الأبد... والفرنسيون هددوا سوريا بالقتال إن لم تسحب قواتها العسكرية من لبنان، والأمريكان لايزالون حتى اليوم يلوحون بالعصا والجزرة ويستخدمون بحق القيادة السورية تعابير لا تليق... فرضخ الممانعون البعثيون – الأسديون وأحنوا رؤوسهم للجميع ناسين ممانعتهم إلا تجاه مطالب الشعب السوري، ومدوا أيديهم للاسرائيليين الذين قصفوا مفاعهلم النووي في أقصى الشرق من البلاد، ولا يزالون يتوسلون من أجل السلام، بعد أن كانوا يقومون بحركات عنترية ويهددون برد الصاع صاعين بسبب العدوان الجوي الذي قام به الطيران الاسرائيلي، ووافقوا على اجراء تحقيق دقيق على الأرض لنتائج ما جرى وللتأكد من أن سوريا لاتملك سلاحا نوويا، وهم يعلمون بأن كل ما سيحصل عليه المحققون الدوليون على الأرض السورية سيكون في أيدي الاسرائيليين أيضا، خلال أيام قلائل...

البعثيون الممانعون والرافضون للسلام الانبطاحي مع اسرائيل سيقبلون بكل الشروط التي يفرضها الاسرائيليون كما قبلوا بالشروط التي فرضها الفرنسيون والأمريكان بصدد تواجدهم في لبنان...لأنهم بعد فشلهم الذريع في كل مشاريعهم السياسية والاقتصادية والعقائدية يجدون أنفسهم مضطرين للانتقال من جبهة "الممانعة" إلى جبهة "المعانقة" التي كانوا يحتقرون منتسبيها ويسخرون منهم ويحرضون الجماهير العربية عليهم في كل مناسبة...

والعالم ينتظر لحظة "المعانقة التاريخية" هذه بين الرئيس الوريث بشار الأسد (قائد البعث إلى الأبد!) وبين  رئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت، وفي عيني كل منهما دمعة لم تجف بسبب خوفهما من محاكمة مهينة قد يدعيان إليها، الأول بتهمة اغتيال والآخر بتهمة احتيال...

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ