ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عصيان سجن صيدنايا .. برقية
إلى من يهمه الأمر! الطاهر
إبراهيم* أقول بصراحة أني فوجئت بضخامة الأخبار
التي تناقلتها وكالات الأنباء،
-"المرصد السوري" كان أول
من أذاع الخبر-عن الاضطرابات
التي جرت، وما تزال تتفاعل في
معتقل "صيدنايا" ( أقول لم يفاجئني أن يقوم معتقلون بالتمرد
على وضعهم اليائس المأساوي.
فمعتقلو "صيدنايا"
–ككل المعتقلين العرب
في سجون الحكام العرب- لم يعد
لديهم ما يخسرونه وقد خسروا
أغلى ما يملكون وهو الحرية. وقد
اعتقلوا ابتداء، من دون ذنب
جنوه. وهم يعيشون –نقول يعيشون
لأن أرواحهم مازالت في عالم
الدنيا، وإلا فإن حياة المعتقل
ليست أفضل من الموت- ولا أمل
لديهم بأن يطلق سراحهم. حتى
المكرمات الرئاسية –كما يزعم
إعلام الحكام العرب- شطبت من
قواميس الحكام. وما الذي يجبر
الحكام العرب على إطلاق سراح
المعتقلين، والشعوب ساكتة
ساكنة لا تبدي حراكا، كأنهم
بقايا أهل الكهف. وبقاء
المعتقلين في السجون أدعى لراحة
البال، وكفى الله الحكام العرب
الخوف مما قد يفعله هؤلاء
المعتقلون فيما لو أطلق سراحهم. لكن الذي فاجأني أني كنت أتوقع أن تقوم
الشعوب العربية، التي يحكمها
حكام عرب مستبدون، بالتحرك
رافضين سياسة الاعتقال
والتشريد والاستعباد، في تحدٍ
سافر لسياسة الإلغاء والشطب
التي يمارسها الحكام العرب.
وعلى ما يظهر فإن الشعوب، وهي
تعيش في المعتقلات العربية،
التي اسمها الأوطان، لم تصل
بعد، إلى ما وصل إليه المعتقلون
السوريون في سجن "صيدنايا".
الإعلام السوري –في تغطيته للحدث- لم
يغير ديباجته الخشبية. فوكالة
"سانا" السورية تساهم في
تزوير الحقائق فتقول: "أقدم
عدد من المساجين المحكومين
بجرائم التطرف والإرهاب على
إثارة الفوضى والإخلال بالنظام
العام في سجن صيدنايا واعتدوا
على زملائهم"، -من يصدق هذا
الكلام؟- وهي الاسطوانة نفسها
التي صاغها هذا الإعلام نهاية
سبعينيات القرن الماضي. وهو يظن
-جهلا أو تجاهلا- أن هناك من
السوريين من قد يصدق هذا الكلام
الممجوج. نحن لا ندعو إلى استعمال العنف في الوصول
إلى الحرية. لكن الإنسان يملك
نفسه على الأقل ، وله أن يتصرف
بهذه النفس بشكل سلمي، فيمارس
القدر الضئيل الباقي له من هذه
الحرية، من دون أن يؤذي غيره،
فيجلس في بيته ولا يخرج إلى عمله
احتجاجا على ما يجري له من تهميش
واستبعاد. ولعل العصيان المدني
–في عصر الإعلام المفتوح- يكون
أجدى وأنفع من عصيان مسلح قد
يتخذه الحاكم ذريعة، فيعيث في
المواطنين اعتقالا وتقتيلا وقد
ملك الذريعة. ولعل العصيان
المدني يكون تذكيرا لكل العالم
أن هناك شعوبا انتهكت حرياتها،
وأن الشعوب إذا وصلت إلى طريق
مسدود، فقد تخرج الأمور عن
السيطرة، وقد ينكسر الخوف،
ويتمزق الحاجز الرقيق الذي
يختبئ وراءه الحاكم، وعندها لا
يدري أحد كيف ستكون الأمور؟
والسيل إذا بلغ الزبى أخذ في
طريقه الحاكم والمحكوم، ولات
ساعة مندم. *كاتب سوري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |