ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 15/07/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الممانعة كلمة حق يراد بها باطل ..

هذا ما تؤكده المفاوضات والتصريحات

الطاهر إبراهيم*

ليست واشنطن وحدها فقط من يكيل بمكيالين. وليس الغرب الأوروبي وحده الذي يغمض عينه عن الحقيقة إذا كان له مصلحة في ذلك. وليست الأنظمة العربية القمعية فقط من يقمع الرأي الآخر. وليس الشيطان الأخرس هو وحده من يسكت عن الحق. فقد انقلبت الموازين حتى أصبحنا نرى دعاة الوطنية والمناضلين ضد الاستعمار والصهيونية والمنادين بالحرية للشعوب المستضعفة، قد اقتبسوا كثيرا من سلوكيات واشنطن والغرب الأوروبي والأنظمة القمعية. وأهونهم عريكة تحول إلى شيطان أخرس، وقد اعتصم بالمقولة "ربي أسألك نفسي" ،ليس بمفهومها، الديني بل هروبا من أن يمد يد العون لإخوانه المستضعفين في الأرض.

حتى لا أتوسع كثيرا في الموضوع، فأضيع بين تشعباته ويضيع معي القارئ، فسأكتفي بأن أنبه إلى أن بعض القوميين العرب، -والإسلاميين أحيانا- وجدوا ضالتهم في زعماء عربٍ  امتهنوا خداع الشعوب، فرفعوا راية العروبة، وشتموا أمريكا، ووجهوا إعلام أنظمتهم لينفخ في بوق الحرب ضد إسرائيل، ونادوا بالحرية للشعوب المضطهدة، فصدقهم الناس وأسبغوا عليهم صفات، لو سمعها من لا يعرفهم –أي الزعماء- لظن "القبة مزارا". وإذا وجد هذا الزعيم أو ذاك أن هذه البضاعة أصبحت كاسدة، انقلب على شعاراته القومية، لا يلقي بالا إلى خيبة الأمل في وجوه من سبحوا بحمده، يوم كان في نظرهم بطلا.

المشاركون في مؤتمر الأحزاب القومية العربية والإسلامية، أُحْبِطوا من كثير من الزعماء العرب الذين أسقطوا من أجندة أنظمتهم القتالَ طريقا آخر –على الأقل- لتحرير فلسطين.  فيمم هؤلاء وجوههم شطرَ حكامٍ عربٍ، غرهم منهم أنهم رفعوا راية العداء لإسرائيل. كما خرج البعض الآخر من الزعماء بمقولة أنه سيرمي إسرائيل في البحر.

في سورية، على سبيل المثال، دعا الرئيس الراحل حافظ أسد إلى التوازن الإستراتيجي مع إسرائيل. كما رفع راية الصمود والتصدي. فاستقطب حوله أحزابا قومية من أقطار عربية أخرى. وفي مرحلة لاحقة استطاع عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق أن يجري تحالفا مع الإخوان المسلمين في الأردن. لم ينكر الإخوان السوريون عليهم ذلك، -رغم أنه كان العديد منهم في المعتقلات، أو منفيين في الأرض- أملا في أن يستطيع هذا التعاون أن ينهي العداء بين الإخوان والنظام. مضت السنون ولم يتمخض عن هذا الحلف أي تقارب.

وعندما سقطت مقولة إلقاء إسرائيل –المقولة انطلقت في الخمسينيات- في البحر، أو حتى مقارعتها بالقتال، وخبا شعار الصمود والتصدي، ولم تبصر نظرية التوازن الاستراتيجي النور، وجدنا الرئيس السوري بشار أسد يرفع راية الممانعة، التي ترفض الانضواء في حظيرة الأنظمة التي اكتفت بالسلام فقط، وحذفت من أجندتها الكفاح المسلح طريقا إلى استعادة الحقوق الوطنية والفلسطينية.

ابتداء، نحن نشجع أي زعيم عربي يقف موقفا يرفض فيه الاستسلام للحلول السلمية، مهما اشتدت الخصومة بيننا وبينه. لأن مصلحة الجميع أن يكثر الذين يرفضون سياسة التطبيع مع إسرائيل، على ألا يكون الرفض إعلاميا فقط، وما كلفنا الله أن نشق على قلبه.

للأمانة، فإن بعض التيارات الإسلامية وجدت نفسها محرجة أن تقف ضد نظام آوى عنده منظمات فلسطينية مثل حماس التي تسعى لاستعادة الحقوق الفلسطينية بالقتال أو بغيره، ولم تسقط من قاموسها الكفاح المسلح وإن كانت تقبل –مؤقتا- بالحلول التفاوضية.

قد يُقبل من حركة حماس أن تتحالف مع نظام يسمح لها بالإقامة على أرضه، لأنها لا تجد أرضا أخرى تؤويها. وقد نقبل –على مضض- من أحزاب إسلامية أن تفتتح علاقات مع النظام السوري  على أن لا تتغاضى عما يمارسه مع إخوانهم، بحجة أن النظام يؤوي قادة حماس. ولا يقبل من تلك الأحزاب أن تقول: طالبنا بحل كريم لإخواننا السوريين المهجرين وما استجيب لنا، وكفى الله المطالبين شر العتاب. إذ لا بد من المتابعة والضغط، ثم التلويح بمفاصلة النظام، إذا تبين لهذه الأحزاب أنه يسوّف ويماطل.

إذا كانت هذه الأحزاب القومية والإسلامية قد بنت موقفها من أنظمة عربية اتخذت الممانعة شعارا لها، فهاهي تلك الأنظمة العربية قد طرحت الممانعة جانبا، وانخرطت في مفاوضات مع إسرائيل، سرا أو جهرا، فشكل التفاوض لا يهم إذا اخترقت المبادئ.

قيل لقياديين إسلاميين في قطر عربي مجاور: لم نسمع لكم موقفا مما حصل للمعتقلين في سجن "صيدنايا"؟ قالوا لم نعلم بالأمر إلا متأخرا. قيل لهم: وقد سمعتم الآن؟!. لا جواب.

حتى القضايا الشكلية تم تجاوزها وسحب البساط من تحت أقدام الأحزاب "الإسلاقومية"، بعد أن تبين أن نظام الممانعة الذي "يأرزون" إليه مرة أو مرتين كل عام، قد خلع رداء الممانعة، وهو الآن يفاوض إسرائيل في تركيا.

الرئيس السوري (في مقابلة له مع "الجزيرة" القطرية في يوم 13 تموز الجاري) أعلن: (أن النتيجة المنشودة للسلام مع إسرائيل، هو افتتاح سفارات وإنشاء علاقات، عادية أو طبيعية، سمها إن شئت "تطبيعا"، فالألفاظ لا تهم كثيرا). وهنا نسأل هؤلاء القوميين والإسلاميين عن موقفهم من الممانعة والممانعين بعد هذا الكلام المبين؟!. لا جواب.

كنا سابقا نَعذُر، عندما كان يقال لنا إن هناك محاولة لاستقطاب زعامات عربية للوقوف في وجه المشروع الأمريكي الإسرائيلي. أما الآن فقد سمعنا من الرئيس السوري -على هامش مؤتمر باريس المتوسطي- أنه الآن يفاوض إسرائيل بوساطة تركية. وعندما تنضج الطبخة لا بد من الراعي الأمريكي. مع ذلك ما سمعنا أن رموزا قومية إسلامية تداعت إلى مؤتمر لتقول فيه كلمتها حول ما يجري في تركيا، أو صرحت تستنكر ما قيل في باريس. وإذ لم تفعل، فإنا نقول لهم "بالمشرمحي وبالقلم العريض": إن "الممانعة" كلمة حق يراد بها باطل. وإن الباطل لا يغني من الحق شيئا. 

*كاتب سوري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ