ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
نحو
مشروع إسلامي نهضوي عالمي أ.د.
محمد اسحق الريفي هناك مشروع أمريكي عالمي يهدف إلى إقامة
نظام عالمي جديد يخضع لهيمنة
الولايات المتحدة الأمريكية
دون منافس، ويأتي ضمن مراحل هذا
المشروع مشروع آخر يهدف إلى
إعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط
جغرافياً وسياسياً وثقافياً،
لتمكين الولايات المتحدة من
إقامة النظام العالمي الجديد
الذي تطمح إليه.
وهناك أيضا مشروع صهيوني
يهدف إلى إقامة دولة يهودية على
أنقاض فلسطين.
والترابط العضوي بين
المشروع الأمريكي والمشروع
الصهيوني من حيث الوسائل
والأهداف والاستراتيجيات جعل
الكثيرين يصفونه بالمشروع
الصهيوأمريكي. ومع ذلك فإن فئة قليلة من أبناء أمتنا
تقاوم هذا المشروع من خلال
حركات الإسلام السياسي وبعض
الحركات القومية والوطنية، ولا
تزال هذه المقاومة لا ترقى من
حيث الحجم والتنظيم إلى المستوى
المطلوب لمواجهة المشروع
الصهيوأمريكي، وهذا يستوجب على
شعوبنا إطلاق مشروع إسلامي
عالمي يتناسب مع حجم الهجمة
الشرسة التي تشنها الولايات
المتحدة الأمريكية وحلفاؤها
وكيان الاحتلال الصهيوني على
أمتنا وشعوبنا. ولكن هل يمكن لشعوبنا في هذه اللحظات
الحالكة التي تعيشها أمتنا
إقامة مشروع إسلامي عالمي يهدف
إلى نهضة الأمة؟! نعم، هذه أنسب اللحظات لإطلاق المشروع
الإسلامي العالمي، فشعوبنا
التي عانت كثيراً من الظلم
والاستبداد والاحتلال تطمح إلى
الحرية والتغيير والإصلاح،
ولتحقيق هذه الطموحات على العرب
والمسلمين إنشاء إطار عمل
إسلامي نهضوي، ينظم الجهود التي
تبذلها الحركات والأحزاب
العربية والإسلامية ويعمل على
تكاملها وتناسقها ضمن مشروع
إسلامي عالمي. فعِظم التحديات وخطورة المرحلة تتطلب
وجود هذا المشروع الإسلامي
لتحقيق طموحات شعوبنا وآمالها
العريضة وتطلعاتها الحضارية،
وذلك تلبية لنداء الإسلام
ودعوته الربانية لصد الهجمة
الشريرة التي تقودها الولايات
المتحدة وحلفاؤها وعملاؤها على
أمتنا. ومقومات هذا المشروع متحققة، فقد بلغت
الصحوة الإسلامية ذروتها،
وهناك مئات الآلاف من الشباب
مستعدون لتسخير حياتهم
والتضحية بها للدفاع عن الأمة
وصد العدوان. وهناك
آلاف العلماء المسلمين الذين
يتمتعون بقبول شعبي واسع يؤهلهم
لقيادة شعوبنا في إطار هذا
المشروع الإسلامي العالمي. كما
سقطت كل الأفكار التي جرَّت
الويلات على أمتنا، وظهرت حقيقة
أنظمة الحكم الموالية للولايات
المتحدة، وأماط الغرب اللثام عن
وجهه القبيح المعادي للعرب
والمسلمين. كما
خاضت الحركات الإسلامية
المجاهدة تجارب عديدة أكسبتها
خبرة في التعامل مع الأحداث
بحكمة وكفاءة، وهناك وسائل
اتصالات حديثة تتجاوز الحدود
وتختصر المسافات وتجمع الشتات
وتؤلف القلوب والأفكار. إن غياب المشروع الإسلامي العالمي يمثل
قمة الضعف لأمتنا، فبعد الحديث
عن "أستاذية العالم"،
أصبحنا اليوم نتحدث عن تحرير
فلسطين والعراق وأفغانستان
وغيرها من الاحتلال. وبعد
الحديث عن نشر الإسلام في
العالم، أصبحنا نتحدث عن حرية
بناتنا في ارتداء الحجاب، وعن
حرية العبادة وإقامة الشعائر
الإسلامية. وبعد
أن كنا نترجم القرآن الكريم إلى
لغات العالم وننشره في دول
العالم، أصبحنا نخشى عليه من
التحريف والتشويه وحذف آياته
وسوره. وغياب مشروع إسلامي عالمي يتصدى لتلك
الهجمة الشرسة، سيؤدي إلى
التقوقع والانعزال والسلبية
وانتشار اليأس بين شعوب أمتنا،
بل إن غياب هذا المشروع يساعد
أعداء أمتنا على الإمعان في
إذلالها والنيل منها، عبر توجيه
الضربات الاستباقية والوقائية،
ومن خلال إلهائنا بالفوضى
الهدامة والحروب الأهلية. لذلك يجب أن تسعى الحركات الإسلامية
المجاهدة لإنجاز هذا المشروع
الإسلامي، بعد وضع أسسه وأهدافه
واستراتيجياته، ولا سيما تلك
الحركات الإسلامية واسعة
الانتشار، التي تحظى بتأييد
شعبي كبير، مثل حركة الإخوان
المسلمين في الدول العربية،
والجماعة الإسلامية في الهند
والباكستان، وجماعة العدل
والإحسان في المغرب، والجبهة
الإسلامية للإنقاذ في الجزائر،
والاتجاه الإسلامي في تركيا،
وامتدادات تلك التنظيمات في
الغرب وفي الولايات المتحدة. والخطوة الأولى في طريق قيام هذا المشروع
الكبير، هي تكوين إطار عمل
إسلامي تقف على رأسه قيادة
جماعية، تمثل كل الحركات
الإسلامية المجاهدة، وتضم
علماء مسلمين يلتقون على
القاعدة التي أطلقها الإمام
الشهيد حسن البنا: "نتعاون
فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا
بعضا فيما اختلفنا عليه". وفي
ظل تلك الهجمة الشريرة على
أمتنا، لا شك أن هناك عناصر
التقاء كثيرة وقواسم مشتركة
كبيرة بين الحركات والأحزاب
العربية والإسلامية المنتشرة
في العالم. أما الخطوة الثانية، فهي وضع مواثيق
للقيادة الجماعية وأسس المشروع
الإسلامي وتحديد الأهداف
والاستراتيجيات، ثم يلي ذلك
الإعلان عن هذه القيادة ومطالبة
شعوبنا بنصرتها والولاء لها،
وجعل قراراتها مرجعية عليا في
التعامل مع الاحتلال والمشاكل
التي تعاني منها شعوبنا. وتتحمل
هذه القيادة الجماعية مسؤولية
توجيه شعوبنا وتنسيق جهودها
وشحذ هممها وتفعل أدوارها. ويجب أن تشمل أهداف المشروع الإسلامي
العالمي العمل على تحقيق
التعاون الوثيق والفعال مع
الجاليات الإسلامية في الغرب
ومع مسلمي الغرب، واختيار أسلوب
العمل الذي يتناسب مع الأوضاع
المحلية للدول التي يتواجد فيها
المسلمون، وإقامة برامج
وفعاليات شعبية متجددة ومتكيفة
مع الأحداث المستجدة، وحماية
شعوبنا من العفوية وردود
الأفعال غير المحسوبة، ونبذ كل
الأعمال التي تشوه صورة الإسلام
والمسلمين. لقد اختلف أعداء أمتنا على قضايا كثيرة،
لكنهم اتفقوا على محاربتنا
وتمزيق أمتنا ومنع وحدتها
ونهضتها. وقد
أقام أعداء أمتنا الأحلاف
وعقدوا الاتفاقيات لتحقيق
أهدافهم الشريرة بمحاصرة حركات
الإسلام السياسي، وهم يعملون
بجد على جبهات عديدة وينفقون
الأموال الطائلة لتحقيق
غاياتهم، فكان لزاما علينا أن
نكون على قدر المسؤولية،
استجابة لقول الله تعالى:
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ
اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ
تَفَرَّقُواْ...}آل عمران103. ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |