ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الأضرار
المتوقعة على دول الخليج في حال
شن الحرب على
إيران مشهور
إبراهيم أحمد* غني عن القول إن توجيه ضربة عسكرية لإيران
لن تُلقي بآثارها فقط على
الأطراف المتحاربة، لكنها
ستكون بمثابة كارثة على كثير من
دول المنطقة، وعلى رأسها بالطبع
دول مجلس التعاون الخليجي (الكويت
ـ قطر ـ البحرين ـ سلطنة عمان ـ
الإمارات ـ السعودية)، ففضلاً
عن أن تلك الضربة ستعود في
آخر المطاف على أمريكا وإسرائيل
بأضرار كبيرة؛ إلا أن الأمر
الذي يقلق الجميع هو أن تلك
الحرب قد تشعل منطقة الشرق
الأوسط المتوترة أصلاً ويدفعها
إلى المجهول، خاصةً أنه لا يمكن تصور
الرد العسكري الإيراني إزاء أي
اعتداء يُشن عليها سواء من الولايات
المتحدة أو من إسرائيل. الآثار العسكرية والأمنية من المرجح في حالة نشوب الحرب أن تقوم
إيران ليس فقط استهداف الأساطيل
البحرية الأمريكية، ولكن أيضًا
باستهداف القواعد العسكرية
المتواجدة في دول الخليج، وهناك
تصريحات صدرت بالفعل من طهران
تؤكد أن "الرد على أي هجوم
عسكري سيكون باستهداف القواعد
العسكرية الأمريكية في دول
الخليج في حال استخدام تلك
القواعد في أي هجوم أمريكي". وعلى الرغم من تأكيد دول الخليج رفضها
استخدام أراضيها أو أن تكون
منصة لأي هجوم عسكري على إيران،
إلا أن خبرات حرب أفغانستان
والعراق، تشير إلى أن ذلك قد
يحدث وربما بشكل غير مباشر عن
طريق تقديم دول الخليج لتسهيلات
عسكرية. وتتجلى خطورة التهديد الإيراني بضرب
المصالح الأمريكية إذا علمنا
حجم التواجد الأمريكي في منطقة
الخليج، فمقر الأسطول الخامس
الأمريكي يقع في البحرين،
وتتمركز قواعد المشاة
الأمريكية في الكويت، أما قطر
فتحتضن "قاعدة العديد الجوية"،
التي تعد من أكبر القواعد
العسكرية الأمريكية في الخارج. وتضم الدول الخليجية الست مجتمعة حوالي 40
ألف عسكري أمريكي، فحسب تقرير
"التوازن العسكري 2005-2006"،
الصادر عن المعهد الدولي
للدراسات الإستراتيجية IISS، يوجد في الكويت وحدها نحو 25 ألف عسكري
أمريكي من فروع الأسلحة الأربعة
(الجيش والقوات البحرية وسلاح
الجو ومشاة البحرية المارينز)،
وإن كانت هناك تقديرات أخرى
تشير إلى أن عدد القوات
الأمريكية في الكويت يصل إلى 18
ألف عسكري. ولن تحتاج طهران لجيوش برية لمهاجمة هذه
القوات، فمنظمة "بدر" وحزب
"الدعوة" في العراق وغيرها
من الجماعات المدربة والموالية
لإيران أو حتى المتعاطفة معها
قد تقوم بهذا الدور، وكلها
جماعات ومنظمات قادرة على
مهاجمة القوات الأمريكية في
الكويت (وقبل ذلك فإنها بالطبع
قادرة على مهاجمة القوات
الأمريكية المتواجدة في العراق). وعلى الجانب
الآخر، لا توجد تحليلات معمقة
تدرس رد فعل دول الخليج في حال
استهداف أراضيها، وهل ستضطر
للدخول في هذه الحرب بشكل مباشر
إذا هوجمت القواعد الأمريكية
المتواجدة في أراضيها أم ستقبل
بأن تكون ساحة للحرب وتقف
مكتوفة الأيدي؟. وعلى المستوى الداخلي، من المحتمل أن
تزيد الاحتقانات في دول الخليج،
وأن تزداد الأوضاع توترًا (ناهيك
عن احتمال حدوث صدامات داخلية
في دول الخليج)، خصوصًا إذا اتخذ
الشيعة في تلك الدول موقفًا
متعاطفًا مع طهران. من جهة أخرى، فإن بعض الجماعات الجهادية
والأصولية ـ حتى تلك التي لا
تربطها رابطة بإيران ـ لن تتردد
في مؤازرة إيران، كراهيةً
للولايات المتحدة وإسرائيل. وأخيرًا، فإنه لا ينبغي أن ننسى تصريح
القنصل الإيراني الأسبق في دبي،
عادل السعدانية، لصحيفة "ديلي
تلجراف" الإنجليزية، حين كشف
عن أن "إيران جندت "خلايا
نائمة" في دول الخليج لشن
هجمات ضد المصالح الغربية، ونشر
الفوضى في حال تعرضت لضربة
عسكرية"، وهي تصريحات لابد من
التأمل في معانيها ومضمونها،
وقبل ذلك لابد من التأكد من
صحتها. خسائر اقتصادية لا تقتصر آثار اندلاع الحرب على الأضرار
العسكرية والسياسية والأمنية،
بل تمتد أيضًا إلى الجوانب
الاقتصادية، وهو الأمر الذي
انتبه إليه أستاذ الجغرافيا
السياسية والخبير القانوني
الدكتور فهد بن عبد الرحمن آل
ثاني، حين أشار إلى أن منطقة
الخليج ستتضرر ضررًا كبيرًا في
حال قيام الحرب، فعلى عكس ما قد
يتخيل البعض للوهلة
الأولى من أن
الحرب قد تؤدي إلى بعض النواحي
الإيجابية لدول الخليج نتيجة
ارتفاع أسعار البترول بشكل
كبير، إلا أن ذلك يقوم على
افتراض صعب التحقق وهو "استمرار
تصدير النفط
خلال الحرب"، في حين أن
الاحتمال الأقرب للتحقق على أرض
الواقع، هو حدوث توقف شبه كامل
للصادرات النفطية، في ظل احتمال
تعرض المنشآت النفطية في
المنطقة إلى التدمير، أو في ظل
احتمال قيام الإيرانيين بشل
الحركة البحرية في الخليج
العربي، وإغلاق مضيق هرمز الذي
تُنقل عبره حوالي 70% من طاقة
العالم. وثمة بعد آخر على هذا الصعيد، وهو وضع
ناقلات النفط والتي لن يغامر
أصحابها سواء أفراد أو شركات أو دول بإرسالها إلى
مياه الخليج عند وقوع هجوم
أمريكي علي إيران، ومن المرجح
أن تمتنع شركات التأمين
العالمية عن التأمين على مرور
هذه الناقلات، أو على الأقل
فإنها سترفع من قيمة بوليصة
التأمين. باختصار، فإن كل عمليات نقل النفط من
المنطقة ستتقلص إلى حد التلاشي،
وهو ما سيؤدي إلى الإضرار ليس
باقتصادات دول الخليج فقط، ولكن
بالاقتصاد العالمي ككل. ومن الآثار السلبية أيضًا التي ستنعكس
على الاقتصاد الخليجي، اتجاه
رؤوس الأموال للخارج وهروب
الاستثمارات الأجنبية، وسيتأثر
القطاعين السياحي والعقاري
أيضًا تأثرًا كبيرًا
باعتبارهما الأكثر حساسية إزاء
أي توترات سياسية وعسكرية، وقد
تفقد دبي ـ على سبيل المثال ـ
مكانتها الاقتصادية والمالية
المتميزة، وفي هذا الصدد يقول
الخبير الاقتصادي فؤاد زيدان إن
"الأنظمة الاقتصادية في
المنطقة العربية والخليج
خصوصًا ستشهد تباطؤاً ربما ينهي
سنوات من الازدهار."
تسرب إشعاعي وأخيرًا، فإن هناك جانب يتجاهله البعض
رغم خطورته، ألا وهو احتمال
حدوث تسرب إشعاعي من المنشآت
النووية الإيرانية، خاصًة أن
تلك المنشآت ستكون هي أولى
المواقع المستهدفة في الحرب،
وسيكون ذلك بلا شك كارثة ليس على
إيران ولكن على دول الخليج
أيضًا، فمفاعل بوشهر النووي لا
يبعد عن سواحل البحرين سوى 120
كيلومترا، وعن الكويت حوالي 272
كيلومترًا، وبالتالي فإنه أقرب
إلى دول الخليج من العاصمة
الإيرانية طهران، وبحسب
تصريحات مدير إدارة رصد تلوث
الهواء في الهيئة العامة
الكويتية للبيئة الدكتور سعود
الرشيد, ، فإنه في حالة حدوث أي
تسرب إشعاعي من مفاعل بوشهر،
فإن تأثيرات ذلك يمكن أن تصل إلى
أجواء الكويت في أقل من 15 ساعة،
وبشكل عام، فإن التسرب الإشعاعي
سيكون تأثيره على إيران أقل من
تأثيره على دول الخليج، ولن
يتأثر به سوى 10 % فقط من سكان إيران،
في حين ستطول آثاره 40 % من سكان
دول الخليج!!. وأخيرًا، فإن الأمر الذي ينبغي أن تنتبه
له دول الخليج هو أن حجم خسائرها
من اشتعال الحرب في المنطقة
سيكون مرهونًا ـ إلى حد كبير"
بموقفها من الحرب المحتملة ومدى
مشاركتها وتقديمها تسهيلات
عسكرية، الأمر الذي يتطلب من
دول الخليج أن تتأني في اتخاذ
قراراتها وأن تحسب حساباتها
جيدًا، لأن الهجوم الأمريكي على
دولة بتماسك إيران، سيكون
مختلفًا عن حرب على دولة مثل
العراق أنهكتها الحروب
المتتالية والتمزق الداخلي
والحصار الخارجي. *محلل سياسي مصري ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |