ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 02/08/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أسس الحكم من المنظور الإسلامي

بقلم : يسري عبد العني عبد الله*

عندما جاء الإسلام وضع للحكم نظاما صالحا ،لم يكن معروفا في أي مجتمع من المجتمعات السابقة له ،وكانت له أسسه الواضحة التي تصلح لكل المجتمعات ، وفي كل زمان ومكان . إن الإسلام يستمد قواعد الحكم ومبادئها من دستور سماوي ، هو القرآن الكريم ،فهو لم يترك للعقل البشري وضع هذا النظام ،لأن الإنسان يخطئ ويصيب ،وكل قانون وضعه الإنسان على مدى العصور والدهور ،أصابه التغيير والتعديل ،وهذا دليل على أن قانون البشر لا يسلم من الخطأ .

هذا ،وقد يرفض الإنسان تشريع إنسان مثله ،ولكنه من المحال أن يرفض تشريع الخالق الأعظم ، والمشرع الأعلى سبحانه وتعالى .

لقد دعانا الإسلام الحنيف إلى أن نؤدي الأمانات إلى أهلها ،وأن نحافظ عليها ، ونسلمها إلى أصحابها كاملة غير منقوصة ،والأمانات تشمل أمانة المسلم مع ربه ،وأمانة المسلم مع الناس ،كما تتطلب أن يكون الحكم بالعدل من جانب الحكام وأولياء الأمور ، والقضاة ،والآباء في أسرهم .

كما دعانا الإسلام إلى طاعة الله عز وجل ،وإلى طاعة رسوله الأمين ( صلى الله عليه وسلم ) ،وطاعة أولي الأمر منا الذين يتولون شؤون الناس ،في حدود الشريعة الغراء ،فإن وقع خلاف في شئ ما ،فعلينا أن نرجعه إلى أصول التشريع ، والتي جاءت في القرآن المجيد ،وسنة رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم ) ، وليس من شك في أن ذلك خير وأسلم عاقبة ،من استقلال العقل البشري بالحكم ،والعقل معرض للخطأ والصواب .

وعلينا أن نضع في الاعتبار أنه إن لم نجد الأحكام التي نريدها في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة فلا ضرر ولا ضرار في أن نجتهد ما وسعنا الجهد بشرط عدم الخروج عن حدود الشرع وثوابته المقررة ،وقد علمنا معلمنا الأول ( صلى الله عليه وسلم ) أننا أعلم بشئون دنيانا .

نقول : إن من أهم أسس الحكم في الإسلام : الشورى ويقصد بها استعانة الحاكم برأي غيره من العلماء والحكماء وأهل الخبرة ، وأهل الرأي والفكر ، بغية الوصول إلى أصح الآراء فيما يصادفه من معضلات ،وقد حث الإسلام على الاستمساك بهذا المبدأ المهم ، واتخذه أساسا للحكم ،فدائما أهل الإسلام أمرهم شورى بينهم ،ولنا في رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه الميامين المثل الأعلى ،والقدوة الحسنة .

إن مبدأ الشورى يحقق فكرة إشراك الناس في الحكم ،وإعدادهم للقيادة ، واقتناعهم بما يتخذ من الآراء ،والعمل على تنفيذها ،فما تشاور قوم قط ، إلا هدوا لأرشد أمورهم .

ومن أسس الحكم في الإسلام أيضاً كفالة حقوق الإنسان في أسمى معانيها ، وأنبل مقاصدها ،حيث قرر للإنسان حقوقه ، منذ أشرق بنوره على وجه المعمورة الأرضية ،فأعطاه حق الحياة والأمن ،وكفل له الحريات على اختلاف ألوانها : حرية العقيدة ،حرية الفكر ،حرية الرأي ،حرية الإبداع والابتكار ،حرية الحل والترحال ،حرية الملكية والتصرف فيها ،كما كفل له حق الكسب ،وحق العمل المناسب لقدراته وإمكانياته ،وحرية التعليم والتعلم والمعرفة ، في نفس الوقت الذي دعا فيه الإسلام إلى رعاية غير القادرين على الكسب ،انطلاقا من تقرير الإسلام لمبدأ التكافل الاجتماعي في أعظم معانيه .

ونذكر كذلك من أسس الحكم في الإسلام : العدالة والتي هي قوام الحكم في الإسلام في مختلف مجالاته ،فالناس أمام التكاليف الدينية سواسية كأسنان  المشط ،والله تعالى لم يكلف نفسا إلا وسعها ،لها ما كسبت ، وعليها ما اكتسبت ، أي أن الإسلام لم يكلف أحداً من الناس بما أعفى منه الآخر ،ولا ميزة لأحد فيها على أحد ، والعدالة الاجتماعية مكفولة للجميع والكل في حق الحياة سواء ،فلا عنصرية أو عرقية بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو العرق ،وبالعدالة يطمئن الناس ،ويستقر المجتمع ،وتنهض الأمة ،ويعمل الجميع في أمن وأمان وخير وسلام من أجل مستقبل أفضل ،وواقع أحسن لهم ولذويهم ،ولمن سيأتي بعدهم ،بالعدالة ينطلق الناس إلى تحقيق الأهداف السامية ، وتسعد نفوسهم ،وتنصلح أحوالهم .

ونؤكد هنا على أنه لا ديمقراطية بدون شورى ،أو بدون كفالة لحقوق الإنسان ،أو عدالة  تشمل الجميع ،وتظلهم بظلها .

نقول : لعل القارئ المفضال يؤمن معنا تمام الإيمان أن العدل هو أساس الملك ،بل هو الأب الشرعي للوطنية الحقة ،وحارسها الأمين .ولعله يدرك معنا جيدا عن وعي ، وعن خبرة ،أن ثروة الإنسان المادية من الممكن أن تهجره في موته ،بل إن ذلك حتمي ،أما شرفه فيؤنسه في قبره دائما وأبدا . وأن حرية الأمم في كل زمان ومكان حق مقدس وطبيعي ،فلا حرية لأمة بدون حرية أفرادها ، والحرية الحقيقية هي جدارة واجتهاد ،يسعى إليها بالعمل الجاد ،والجهد الخلاق الأصيل ،وإذا عرفنا وأدركنا معنى الحرية  فمن المحال أن نفرط فيها مهما كانت الظروف والملابسات .

ونستطرد قائلين : يتحدث الناس عن الديمقراطية ،وازداد الكلام عنها في أيامنا الراهنة في الشرق والغرب ،وبالتجديد بعد أن دخلنا ( طوعا أو كرهاً ) إلى ما يسمى بنظام [ العولمة ] أو [ الكوكبية ] أو [ الكونية ] ،وأول حديث عنها بدأ بعد الحرب العالمية الأولى ،وأيام قيام عصبة الأمم ،ثم تحدثوا عنها وبشكل مكثف بعد الحرب العالمية الثانية ،وقيام هيئة الأمم المتحدة 1945 م ،ويتغنى بها اليوم كل من الأقوياء والضعفاء على السواء .

وبدأ القوم عندنا في عالمنا الإسلامي ،وفي وطننا العربي من المحيط إلى الخليج ، يتحدثون ويكتبون ذاكرين هذه الكلمة ( الديمقراطية ) في أوائل القرن العشرين ، وهي ليست عربية ،ولا شرقية ، وبما أن هذه الكلمة أصبحت الآن ثابتة في صلب لغتنا العربية الشريفة ،وكذلك في اللغات الشرقية ، فنحب أن نؤكد علي أن : الديمقراطية التي نريدها ديمقراطية تنطلق من النظام السياسي في الإسلام ،النظام الذي يقوم على تحديد علاقة الفرد بربه ،وعلاقته بمجتمعه ،وعلاقته بوطنه ،وعلاقة الأمة المسلمة بغيرها من  الأمم  .

إن الإسلام يقر أن الأمة هي مصدر السلطات ،والحاكم يستمد سلطته منها ، ويقر الإسلام بأن يحكم الشعب نفسه بنفسه ،عن طريق التمثيل الصحيح ، والمناقشة الحرة ،والتسليم برأي الأغلبية .

فنظام الحكم في الإسلام يقوم على أساس حرية الفرد العقائدية ،وحرية الرأي ، وحرية الفكر والتعبير من أجل صالح الجماعة ،في نفس الوقت الذي يعلي فيه من قيمة العدل الذي هو محور المجتمع السليم المتماسك ،ويكفل حقوق الإنسان بجميع أنواعها ،ويجعل الشورى أمر حتمي وأساسا للحكم .

 ونظام الحكم في الإسلام يؤكد على أهمية تضامن الجماعة ، وعلى العلاقات الدولية حيث أن الأساس في خلق البشر هو التعارف والتآلف ،مهما تنوعت الأجناس ،واختلفت اللغات ،وتعددت الأوطان ، وبعدت المسافات .

وعلينا أن نؤمن بأن التاريخ وشواهده وأحداثه بجب أن تستقرأ جيداً ، ويؤخذ منها الدروس والعبر من أجل أن تفيدنا في حاضرنا  ومستقبلنا ، فالتاريخ شعاع من الماضي يضئ للحاضر والقادم ، وعليه فيجب أن نحاول - قدر الطاقة - أن نربط بين الماضي والحاضر ، لنتعلم من دروس التاريخ وعبراته .

و الله ولي التوفيق

ــــــــــــــ

*باحث ومحاضر في الدراسات العربية والإسلامية

Ayusri_a@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ