ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الملف
النووي الإيراني : كرة من نار عدنان
برجي* يستمر الملف النووي
الايراني بالتفاعل ، فتعلو تارة
اتجاهات الحرب وتخفو تارة اخرى .
ويستمر جراء ذلك التشنج الذي
ينعكس توترات اقليمية ومصاعب
اقتصادية لا تسلم منها اميركا .
واذا كان البعض قد عوّل على ان
سعي اميركا لفتح مكتب تمثيلي
لها في طهران وعلى مشاركة وليم
بيرنز ، نائب رئيس مجلس الامن
القومي الاميركي في اللقاء
الاخير الذي جمع مفوض الاتحاد
الاوروبي خافيير وسولانا وكبير
مفاوضي ايران السيد جليلي في
سويسرا، قد يفتح باب التفاوض
الايجابي بين اميركا وايران ،
فأن عدم التوصل الى نتائج
ايجابية في اجتماع سويسرا ،
اعاد التخوف من تصعيد الموقف،
سيما وان الحكومة الاسرائيلية
تستمر في دفعها الادارة
الاميركية الى الحرب ، لأنها
تعتبر ان امتلاك ايران للسلاح
النووي سوف ينهي الاحتلال
الصهيوني لفلسطين وربما ينهي
اسطورة الصهيونية بكاملها. ليس سرا ان الادارة
الاميركية ومعها الادارة
الاسرائيلية لن يألوا جهدا
لايقاف البرنامج النووي
الايراني سواء كان للاستخدام
السلمي او العسكري ، لان ذلك
يجعل من ايران قوة اقليمية ، وهي
التي تجاور روسيا وتحظى بدعم
روسي – صيني واضح، وقد رفض
مؤخرا وزير خارجية روسيا تحديد
مهلة زمنية لايران للرد على
الطروحات الاميركية –
الاوروبية. من جهة ثانية ، فأن
ايران تعتبر ان من حقها الحصول
على الطاقة النووية لتضمن لها
موقعا اقتصاديا في سوق العولمة
حيث التنافس على اشدّه، وهي
بالتالي لن ترضى ان توقف
برنامجها النووي السلمي ، في
حين ان العدو الصهيوني يمتلك ما
لايقل عن مئتي رأس نووي تدميري . في منطق الصراع لابد
من معرفة نقاط قوة كل طرف ونقاط
ضعفه ليتبين المرء اتجاهات حسم
الصراع . ولا شك في ان اميركا،
كقوة اعظم، تملك امكانيات
عسكرية لاتقارن بامكانيات
ايران العسكرية ، والقوات
الاميركية تحيط بايران من جهات
ثلاث . ويضاف الى القوة
الاميركية قوة اسرائيل
العسكرية ، وبذلك يميل الميزان
العسكري لكفة التحالف
الاميركي-الاسرائيلي المدعوم
اوروبيا . لكن لهذه القوة نقاط
ضعف يعرفها الايراني جيدا، ولا
شك انه خطط للتركيز على هذه
النقاط ، لتكون مواجهته مؤثرة
ولتزيد من تكاليف العدوان
الاميركي الاسرائيلي في حال
حدوثه. نقاط ضعف التحالف
الاميركي – الاسرائيلي، تتمثل
في انتشار الاميركيين عسكريا في
العراق وافغانستان، وبالتالي
عدم توفر القدرة الكافية لحدوث
هجوم ارضي يواكب الضربات
الجوية. وقد بينت حرب تموز ان
القصف الجوي، وان ادى الى تدمير
منشآت وابنية وبنى تحتيه
وازهاق ارواح الابرياء، فأنه
عاجز عن حسم المعركة لصالحه ،
وهذا مادفع برئيس هيئة اركان
الجيوش الامريكية الادميرال
مايكل مولن للاعلان : ان فتح
جبهة ضد ايران سيضع "ضغوطا
شديدة للغاية" على الجيش
الامريكي الذي يخوض القتال في
كل من أفغانستان والعراق.ويضيف
إنه "من منظور الجيش الامريكي
فإن فتح جبهة ثالثة الان سيشكل
ضغوطا هائلة علينا، والامر
سيكون شاقا بالفعل ومن الصعب
احيانا توقع عواقب ذلك". ومن نقاط الضعف
الاميركية ايضا الازمة
الاقتصادية الخانقة التي يمر
بها الاقتصاد الاميركي، وفي حال
حدوث حرب ايرانية اميركية فأن
الازمة الاقتصادية مرشحة
للتفاقم واسعار النفط قد تصبح
خيالية ، فضلا عن ان الادارة
الاميركية البوشية اصبحت في
اشهرها الاخيرة وأية مغامرة غير
محسوبة العواقب قد تطيح بكل
آمال الجمهوريين في العودة الى
البيت الابيض، وربما لسنوات
طويلة قادمة. ومن نقاط ضعف العدو
الصهيوني ان لاحدود مشتركة مع
ايران ، وهو لايأمن جانب حلفاء
ايران في المنطقة ، وبالتالي
وان تمتع بقدرة جوية عسكرية
فانها بالنتيجة تبقى محدودة ،
وقد ذكرت انباء ، ان الايرانيين
اشتروا اسلحة صاروخية مضادة
للطائرات من روسيا وان زيارة
اولمرت العام الماضي الى
الكرملين كان بهدف وقف صفقة
الصواريخ الروسية لكن النجاح لم
يحالفه، وكثيرون يقولون ان
الصواريخ في طريقها الى
ايران. كذلك فإن الصواريخ
البعيدة المدى قادرة على ضرب
عمق الكيان الصهيوني ، فيما
المجتمع الصهيوني غير مهيأ
لاستعادة تجربة الاختباء
والتهجير كما حصل معه ابان حرب
تموز 2006. في الجانب الآخر فإن
من نقاط قوة ايران ، المساحة
الجغرافية الكبيرة التي ينتشر
عليها مراكز تخصيب اليورانيوم
،وهي بملايين الكيلومترات
المربعة، وبالتالي يصعب القضاء
على هذه المراكز بسرعة. كذلك فأن
ايران تهدد جديا مضيق هرمز وقد
تستطيع اقفاله وبالتالي منع
تدفق النفط الى الغرب ، مع
مايعني ذلك من تأثير سلبي على
المجتمعات الغربية والتي سوف
تتصاعد نقمتها ضد الادارة
الاميركية. ايضا يمكن احتساب
نقاط قوة لصالح ايران ،
مجاورتها لروسيا فمن غير
المنطقي ان تقبل روسيا بعودة
ايران لتكون موقعا
لمراكزالتجسس الاميركي عليها
كما كان الحال ايام الشاه بهلوي. واذا ماأخذنا بعين
الاعتبار مقولة ان القوي قد
يخسر امام الضعيف في حال تمكن
الضعيف من اصابة نقاط ضعف
القوي ، فإن الحرب الاميركية
الايرانية ليست نزهة لا
للاميركيين ولا للاسرائيليين،
وتداعياتها اكبر من ان تحصى ،
على المستوى العالمي، وهذا
مادفع بمدير الوكالة الدولية
للطاقة الذرية الدكتور محمد
البرادعي للقول: "إن الحل
العسكري في نظري هو اسوأ
الخيارات، اذ من شأنه تحويل
المنطقة برمتها الى كرة من
نار." وعليه فإن المرجح ان
التهويل الاميركي الاسرائيلي
الاوروبي لن يستطيع ان يتحول
فعل عدوان، وما على الاميركيين
سوى القبول بالامر الواقع ،
والمسارعة الى قبول ايران في
النادي الدولي النووي للاغراض
السلمية . وحتى لا تتحول ايران
الى قوة نووية عسكرية ينبغي
تضافر جهود القوى الدولية لجعل
منطقة الشرق الاوسط خالية من
اسلحة الدمار الشامل، وهذا يعني
سحب اسلحة الدمار الشامل من
الكيان الاسرائيلي اولا. *مدير المركز الوطني
للدراسات - بيروت ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |