ـ

ـ

ـ

الأربعاء 06/08/2008

تطلعات الاقتصاد التركي والفرص التجارية في تركيا

بقلم / غزوان مصري

تحظى تركيا، البالغ تعداد سكانها 70.5 نسمة، بموقع جغرافي فريد بين الشرق والغرب، حيث تلتقي آسيا بأوروبا، مما يمنحها مزايا جيو سياسية في منطقتها بفضل الممرات البحرية الاستراتيجية. وتركيا بامتلاكها مثل هذه المزايا الخاصة تقدم فرصا متنوعة للمستثمرين من كافة أرجاء العالم. وتشمل هذه المزايا الموقع الجغرافي والاستقرار الاقتصادي والسياسي، والقوة العاملة المؤهلة ومستويات المعيشة المناسبة، والإمكانات السياحية الرفيعة، والبنية التحتية العصرية، والنظام الضريبي المتفق مع المعايير العالمية، كل هذه ترقى إلى درجات عليا.

كي تكون هذه الفرص ذات معنى وأن تستخدم بصورة فعالة، ينبغي أن تسهم المؤشرات الاقتصادية في البيئة تبعا لذلك. ولقد بت الاقتصاد التركي في العديد من مشكلاته في السنوات الست الماضية، كما أن عملية النمو بدأت في الربع الأول من عام 2002 واستمرت في عام 2007 أيضا، مضيفة إلى نمو متراكم بلغ 49% في السنوات الست الأخيرة وبمعدل 7% على أساس سنوي، مما يعني تحقيق نمو قابل للتعزيز.ولقد أصبحت تركيا في السنوات الأخيرة بلدا قابلا للتنبؤ بما لديها من تطلعات اقتصادية مستقرة، وملاذا آمنا في منطقتها.

بلغت تدفقات راس المال الأجنبي مستويات قياسية حيث بلغت 10 بليون دولار في عام 2005، و20 بليون دولار عام 2006 و 22 بليون دولار عام 2007 مما رفع حصيلة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 52 بليون دولار في السنوات الثلاث الأخيرة. هذا وقد أصبحت تركيا الاقتصاد السابع عشر الأكبر في العالم وسادس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي إذ بلغ إجمالي الناتج القومي لها 660 بليون دولار( ومستوى دخل الفرد 9,333 دولار). تحتل تركيا المرتبة الحادية والعشرين بحجم صادرات بقيمة 120 بليون دولار ، والمرتبة السادسة عشرة بحجم استيراد بقيمة 177 بليون دولار. وتتوقع الوكالات الدولية معدلات نمو مماثلة لعام 2008 وما بعده. وتعتبر تركيا اليوم واحدة من الاقتصادات العشر الصاعدة في العالم إلى جانب الصين والبرازيل وروسيا والهند والمكسيك والأرجنتين وإندونيسيا وتايلاند والباكستان.

يقوم تعامل تركيا مع المستثمرين الدوليين على أساس الاعتراف بإسهاماتهم في الاقتصاد. وتسعى الاستثمارات الأجنبية إلى بيئة آمنة تتمتع بنظام إداري وقضائي فعالين، حيث لا يحتاجون للصراع مع المعوقات البيروقراطية, وباتجاه تحقيق هذا الهدف، أطلقت تركيا وكالة دعم وتشجيع الاستثمار عام 2006 كي تجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، وتتخذ القرارات بشأن السياسات الهادفة لتحسين البيئة الاستثمارية، وخدمة المستثمرين في مضمار الإجراءات وتحسين صورة البلاد. وتوفر هذه الوكالة الدعم المستمر بشأن الفرص التجارية والإجراءات المتبعة في تركيا، فلا يوجد اليوم عمليا أي فرق بين الاستثمارات المحلية والأجنبية. فإقامة العمل التجاري لا يقتضي أسابيع أو أيام بل  ساعتين فقط، مما يعني إمكانية إقامة العمل التجاري بغضون يوم واحد.

يعمل في تركيا اليوم حوالي 18,000 شركة أجنبية ( 5,000 شركة أجنبية فقط عام 2002 ) مع نهاية عام 2007. وبالنسبة لمناقصات الخصخصة، الجذابة للمستثمرين المحليين والأجانب، بلغت صفقات الخصخصة 33 بليون دولار أمريكي في غضون السنوات الخمس الماضية. وفي الوقت الحالي، سوف تستمر مناقصات الخصخصة بتحويل حقوق الطرق الرئيسة والجسور ومنشئآت توزيع الكهرباء واليانصيب القومي.

تشتهر تركيا بامتلاكها قوة عمل مؤهلة ذات قدرة تعلم عالية في قطاعات مثل التصنيع والمعادن والماكينة والمحركات والأقمشة والملابس والسلع المعمرة والتمويل والبناء واللوجستيات والنقل والبنية التحتية وخطوط الطاقة. وهذا يضيف قيمة على الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا بالإسهام في قدراتهم التنافسية وتزويدهم بفوائد من حيث جودة وتكاليف السلع. واستنادا لتقديررات OECD ، سوف يصل معدل عمر السكان فوق 65 بالنسبة لقوة العمل 45% في أوروبا عام 2020 بينما سيكون الرقم ذاته في تركيا 26%. وفي تركيا،50% من السكان دون سن 28.8 مما يعني قوة استهلاك شابة نابضة بالحياة. وعلى الرغم من الزيادة الحديثة في الدخل بفعل النمو الاقتصادي المستمر لم تصل العديد من قطاعات السوق النقطة المثلى بعد.  ولدى تركيا سوق شابة لا تزال منفتحة على التكنولوجيا والعلوم والمبادرات الإبداعية.

في السنوات الأخيرة، حظي نقل وتوزيع الطاقة إلى أسواق أوروبا والمتوسط بواسطة خطوط أنابيب البترول والغاز الطبيعي بأهمية خاصة. وتشكل تركيا نقطة الالتقاء التي تتقاطع فيها خطوط الطاقة هذه. ولدى تركيا موقع هام لنقل الطاقة من الشرق إلى الغرب حيث أنها تستضيف العديد من خطوط أنابيب البترول والغاز الطبيعي على أراضيها. ويعمل خط نفط باكو – تبليسي – جيهان (BTC) الذي ينقل النفط الأذري إلى العالم بطاقة 1 مليون برميل يوميا و50 مليون طن سنويا. وحصلت تركيا على 2.5 بليون دولار رسوم نقل من خط أنابيب BTC في عامين. وسوف تصبح جيهان صرة عجلة طاقة دولية رئيسة وسوف تكسب موانئ المتوسط أهمية وتفتح أبوابها للقطاع الأجنبي للاستثمارات التحفيزية، وسوف تقدم استثمارات البنية التحتية فرصا عديدة للمستثمرين.

دفعت زيادة السكان والتمدين قطاعات البناء والبنية التحتية إلى الأمام كمحركات للاقتصاد. ومن خلال نظام الرهن المعمول به حديثا، سوف ينشط  الطلب على السكن بصورة كبيرة في المستقبل القريب. ويبلغ الطلب السنوي على السكن في تركيا حوالي 300,000 وحدة سكنية. وتحظى شركات المقاولات بنجاح كبير جدا في المشاريع داخل تركيا وخارجها بما لديها من 22 شركة بناء تركية ضمن رابطة شركات البناء الـ225 في العالم لعام 2007. وبالنسبة للعديد من الأوروبيين، اصبحت تركيا مقصدا محبوبا للتقاعد فيه. ولقد انتشر في السنوات الأخيرة الاندماج والاستملاك في قطاع العقارات، وربح المقاولون الأتراك وأبرموا عقودا خارجية بقيمة 20 بليون دولار عام 2007، وبإجمالي 105 بليون دولار في 4,300 مشروع تولت العمل بها في 69 دولة على مدار السنوات الست والثلاثين الأخيرة.

تقدم تركيا فرصا في الترفيه والتسلية والسياحة الدينية للعالم  باستضافة 25 مليون زائر وعائدات سياحية بقيمة 18.5بليون دولار سنويا. ولقد سجلت تركيا زيادة بنسبة 9% في عدد الزوار و 10% في عائدات السياحة على أساس سنوي في السنوات الخمس عشرة الأخيرة. وتتوقع تركيا 30 مليون زائر سنويا بحلول عام 2010. وبلغ نصيب قطاع الخدمات 10% من الاستثمارات الأجنبية عام 2007. ومن حيث الإمكانات،  يوجد العديد من فرص الاستثمار في القطاع السياحي. ولا تزال مناطق بحر إيجة والمتوسط غير كافية السعة السريرية.

تركيا مناسبة لجميع أنواع الانتاج الزراعي بما لديها من مصادر مياه غنية وحقول شاسعة ومناخ معتدل. ومعظم الأراضي التركية ملائمة للزراعة مفضية إلى إنتاج زراعي بقيمة 45 بليون دولار وصادرات بقيمة 12 بليون دولار سنويا. وتم حديثا عمليات تطوير في قطاعات الفواكه والخضروات والبذور الزيتية والزراعة العضوية. وتمتلك المنتجات العضوية إمكانات قوية في السوق الأوروبية. ولدى منطقة بحر إيجة النصيب الأوسع في هذا القطاع وتقدم فرصا لا حصر لها. وسوف تسجل تركيا زيادات هائلة في إنتاج الذرة والقطن والقمح عند اكتمال مشروع    GAP (مشروع الأناضول الجنوبي الشرقي، أحد أكبر مشاريع التطوير الإقليمية في العالم) والذي ستبلغ تكلفته 40 بليون دولار.

تعلق تركيا أهمية خاصة على  SMEsالتي تسهم في 71 من إجمالي التوظيف و34% من إجمالي الانتاج و 20% من إجمالي التصدير في الاقتصاد التركي. وتبعا لمعايير الدينار، يوجد 24 شركة تركية من بين كبريات الشركات المئة في منظمة المؤتمر الإسلاميي البالغ عدد أعضائه 57 عضوا. وتدعم الحكومة التركية عمليات الدمج والاستملاك والمشاريع المشتركة والاستثمارات الجديدة من حيث النظم والتطبيقات العملية على حد سواء.

لقد أصبحت تركيا بلد الفرص في الاقتصاد العالمي. وسوف تفتح تركيا الواقعة في أوروبا وآسيا تقع في حدود 3.5 ساعة طيران مع 55 بلد مختلف الباب للصادرات إلى دول البلقان والشرق الأوسط وشمال افريقيا ومنطقة القوقاز وجمهوريات آسيا الوسطى. وتلك الشركات التي تستثمر الثقة في المهارات والمثابرة التي لدى الشعب التركي وتركيا، سوف تحرز النجاح وتظل قوية في السباق التنافسي في السنوات القادمة.

ـــــــــــــ

*منسق العلاقات مع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في

جمعية رجال الأعمال والصناعين المستقلين ( الموصياد )

gazwan@gazwan.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ