ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أين
تقع المصالح الفلسطينية
العليا؟! أ.د.
محمد اسحق الريفي في خضم الأحداث المؤسفة التي تعيشها
الضفة وغزة، لا بد من تحديد أين
تقع المصالح الفلسطينية العليا
وكيف يمكن أن تتحقق، إذ يُفترض
أن تكون تلك المصالح العليا
الحكم الفيصل بين الفصائل
المتنازعة والمعيار الأساس
لبناء مواقفها السياسية وتوجيه
ممارساتها وتحديد ولائها
السياسي. ولكن المعضلة الكبرى تكمن في أن الفصائل
الفلسطينية المتنازعة تختلف
فيما بينها ليس فقط على موقع
المصالح الوطنية العليا، بل
كذلك على كيفية تحقيقها، إضافة
إلى غياب آلية للتوافق حول تلك
المصالح، وذلك بسبب فساد منظمة
التحرير الفلسطينية، وغياب
إطار وطني فاعل للعمل للقضية
الفلسطينية، وإصرار حركة فتح
على التفرد بقيادة الشعب
الفلسطيني والوصاية عليه. فقد
اتخذت حركة فتح منهجاً
براغماتياً في التعاطي مع
الصراع العربي–الصهيوني،
فصاغت المصالح الوطنية العليا
وفق إرادة المجتمع الدولي، الذي
تهيمن عليه أطراف رئيسة في ذلك
الصراع، ورهنت حركة فتح تلك
المصالح بموازين القوى
الدولية، متجاهلة خريطة القوى
السياسية الفلسطينية، وذلك
بذريعة الاستجابة لحكم الواقع
وعدم التصادم مع الإرادة
الدولية. هذا النهج الذي اتخذته حركة فتح أدى إلى
هبوط سقف التوقعات الفلسطينية،
وإلى إعادة صياغة الطموحات
والمطالب الفلسطينية بطريقة
ضيقة لا تتجاوز محاولة السعي
لتوفير حياة يومية مريحة –إلى
حد ما– للمواطن الفلسطيني، لكن
هذه المحاولة فشلت فشلاً ذريعاً
في ظل سعي الصهاينة الحثيث
لتصفية القضية الفلسطينية
بإقامة دولة يهودية، الأمر الذي
أدى إلى تفاقم معاناة
الفلسطينيين في الضفة وغزة على
حد سواء، بينما بقي مشروع
الدولة اليهودية يتقدم إلى
الأمام على حساب القضية
الفلسطينية ووجود الشعب
الفلسطيني. أدى ذلك إلى تعميق الانقسام الداخلي
الفلسطيني المزمن وتفاقم
نتائجه المدمرة، وإلى غياب
أرضية للتوافق الفلسطيني أو حتى
لإمكانية إجراء حوار وطني شامل،
يضع حداً لحالة الانقسام، ويعيد
صياغة المصالح العليا وفقاً
لإرادة الشعب الفلسطيني،
والبحث عن مقومات الصمود
والانتصار في معركة الوجود مع
الصهاينة والصليبيين، وذلك
بعيداً عن إملاءات القوى
الإقليمية والدولية المعادية
وضغوطاتها ونفوذها ومصالحها،
ودون الرضوخ لحكم الواقع أو
الاستسلام له. أما حركة حماس، التي تؤمن بأن نهج حركة
فتح يضر كثيراً بالمصالح
الوطنية العليا ويؤدي إلى تصفية
القضية الفلسطينية وفق الرؤية
الصهيوصليبية، فقد اتخذت
منهجاً آخر يقوم على أساس
احترام إرادة الشعب الفلسطيني،
ورفض التنازل عن الحقوق
والثوابت أمام ضغوط المجتمع
الدولي، ورفض الخضوع للواقع
الصعب الذي تعيشه الأمة العربية
والإسلامية. وصاغت
حركة حماس المصالحة الوطنية
العليا على هذه الأسس الوطنية
والقومية، فرأت أن استمرار
مقاومة الاحتلال الصهيوني هو
الطريق الوحيد لتحقيق المصالح
الوطنية العليا للشعب
الفلسطيني، ولا سيما في ظل
الغطرسة الصهيونية وتأكيد
المجتمع الدولي في كل مناسبة
على دعمه المطلق لكيان الاحتلال
الصهيوني وتجاهله لمعاناة
الشعب الفلسطيني وحقوقه
المصيرية. ومما يعزز نهج حركة حماس، فشل حركة فتح في
تحقيق الأهداف الوطنية
الفلسطينية من خلال اتفاقيات
أوسلو المشئومة، التي كرست
الاحتلال، وعمقت الانقسام
الداخلي، وحسنت من صورة
الاحتلال لدى الرأي العام
الغربي والعالمي، وخدعت
الفلسطينيين والعرب والمسلمين
وأهمتهم بأن الفلسطينيين أصبح
لهم دولة ذات مطار وأجهزة أمنية
وطنية ورئيس شرعي منتخب!!
بينما الحقيقة تقول عكس
ذلك، ويشهد الواقع على فشل نهج
حركة فتح في تحقيق المصالح
الوطنية العليا للشعب
الفلسطيني، حتى من وجهة نظر
حركة فتح. ولذلك فمن الصعب الجمع بين النهجين أو حتى
التوفيق بينهما، ومن المستحيل
إخضاع الشعب الفلسطيني وقواه
السياسية المجاهدة لرؤية حركة
فتح حول حل القضية الفلسطينية
وتحقيق المصالح الوطنية
العليا، إذ إن حركة فتح قد
التزمت أمام العالم بخريطة
الطريق الأمريكية وفق رؤية
الرئيس الأمريكي جورج بوش
الصغير، التي تدعو إلى إنهاء
فوري "للنشاط المسلح ولجميع
أشكال العنف ضد الإسرائيليين
حيثما كانوا"، وقد اضطلعت
حركة فتح بتنفيذ المهام الأمنية
التي تحقق هذا البند من خريطة
الطريق منذ توقيعها على
اتفاقيات أوسلو، وقد ازدادت
وتيرة تنفيذ أجهزة عباس–فياض
الأمنية لهذه المهام الأمنية
والتعاون مع جيش الاحتلال
والأجهزة الأمنية الصهيونية
بشكل جنوني منذ وصول حركة حماس
إلى الحكم، فالمقاومة في الضفة
المحتلة تتعرض في هذه الأثناء
إلى عملية اجتثاث واسعة النطاق.
ولذلك لا يمكن إيجاد حل لهذا الانقسام
الذي يعرض مصير الشعب الفلسطيني
للخطر دون إعادة صياغة المصالح
الوطنية العليا على أسس صحيحة،
وأهمها احترام إرادة الشعب
الفلسطيني، وقراءة تاريخ
القضية الفلسطينية والصراع
العربي–الصهيوني قراءة صحيحة
بعيداً عن المصالح الحزبية
الضيقة، وفهم حقيقة المشروع
الصهيوني المدعوم صليبياً،
والثقة بقدرة الشعب الفلسطيني
على إدارة الصراع مع الاحتلال
ورعاته دون استسلام أو رضوخ
لحكم الواقع.
وفقط بعد ذلك، سيتمكن الشعب
الفلسطيني من تحديد مواقع
مصالحه الوطنية العليا، وسيصبح
من السهل على الجميع رسم الحد
الفاصل بين ما هو وطني وما هو
غير وطني. لقد أثبتت الوقائع والأحداث أن جزءاً
كبيراً من المشكلة الفلسطينية
يرجع إلى فشل الفصائل
الفلسطينية في إيجاد آلية
مناسبة وصحيحة للتوافق الوطني
على المصالح الوطنية العليا
وكيفية تحقيقها، وهذا هو سبب
الانقلاب الكبير الذي نشهده على
المعايير والمبادئ الوطنية
والإسلامية، الذي يعطي
الاحتراب الداخلي أولوية على
مقاومة الاحتلال، ويعطي
التفاوض العبثي مع القتلة أولية
على الحوار الوطني، ويجعل
السياسة الأمريكية محدداً
للمواقف وموجهاً للسياسات!! ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |