ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ميشال
سليمان ... أهلا بك رئيساً للبنان
في دمشق حـسَـان
ريـاض*
تشكل زيارة الرئيس اللبناني
لدمشق اليوم منعطفا تاريخيا بين
البلدين الشقيقين ، بعد مراحل
من العلاقات المتباينة منذ (استقلالهما)
الذي كرسه الإستعمار الفرنسي
برسمه الحدود بينهما وفق
اتفاقية (سايكس ـ بيكو) . وكان
اللبنانيون ـ أو قل بعضهم ـ
يخافون دوما من أن تلتهمهم
الشقية الكبيرة ، فكانوا
يطالبون دمشق بعلاقات
دبلوماسية وسفراء متبادلين في
بيروت ودمشق . وكان السوريون
ينظرون إلى لبنان على أنه
الشقيق الصغير الذي عليه أن
يستمع إلى توجيهاتهم وأن لا
يتصرف بغير مشورتهم .
وفي أواخر الخمسينات من
القرن الماضي كان السياسيون
السوريون الذين يعارضون الحكم
في دمشق يجدون في بيروت الفسحة
التي يعيشون فيها في (جزء) من
بلدهم ، ويسمعون صوتهم عبر
الصحافة اللبنانية التي كانت
الصحافة العربية الأولى في تلك
الفترة التي نشبت فيها الحرب
الأهلية اللبنانية الأولى ،
وكان للجمهورية العربية
المتحدة وقتها دور في دعم بعض
السياسيين السنة ، إلى أن إنتهت
الحرب بتسلم قائد الجيش فؤاد
شهاب رئاسة الجمهورية بتوافق
الإخوة المتحاربين .
وعندما تأججت الحرب الأهلية
الثانية (اسننجد) الرئيس
اللبناني ـ وقتها ـ سليمان
فرنجية بالرئيس حافظ أسد ليرسل
قوات من الجيش السوري لحماية (المسيحيين)
من (المنظمات الفلسطينية)
وحلفائها من بعض القوى
اللبنانية (التقدمية) . وبعد أخذ
الضوء الأخضر من القوى
الإقليمية والدولية (تهذيب
لكلمتي اسرائيل والولايات
التمحدة) بدأت عمليات الدك
للمخيمات الفلسطينية ، وعندما
تنفس المسيحيون الصعداء وبدأوا
يستعيدون قوتهم أتى عليهم الدور
من (قوات الردع) ، فالنظام
السوري كان يسير وفق (برنامجه
الخاص) وليس وفق تطلعات أية فئة
من اللبنانيين ، فكان يعمل على
ضرب هذه الفئات ببعضها ليضعفها
جميعا ، ويسعى بتميزه في عمليات
التفجير والإغتيال ليجعل
الجميع خاضعين (لمفوضه
السامي) في عنجر ، فاستطاع إيجاد
حفنة من السياسيين الذين غدوا (موظفين)
لدى النظام السوري .
أصبح رؤساء الجمهورية في
لبنان (يعيينون) من قصر
المهاجرين ، فضلا عن رؤساء
الوزرات ووزرائهم وقادة الجيش
وكافة المناصب الحساسة في
الدولة . أصبح لبنان كمحافظة
سورية لها استقلال ذاتي ، وكان
الجميع (راغبين أو مكرهين أو
مضطرين) يتوجهون إلى دمشق
للتمسح و إظهار الولاء ، أو
لتلقي التعليمات ، أو لتوقي غضب
(الأسد السوري) خوفا من
الإغتيالات التي لم توفر أحدا
يتردد في تنفيذ الأوامر حتى لو
كان رئيسا للجمهورية . وعندما
استقرت الأمور لحافظ أسد في
لبنان وأضعف كل الفئات
اللبنانية وجردها من أسلحتها
بدأت لعبة المقاومة التي جعلها
حقا حصريا لمجموعة وحيدة من
طائفة من طوائف المجتمع
اللبناني العديدة ، حتى غدت
لديها ترسانة من الأسلحة لا
يملكها الجيش اللبناني ، وأصبح
الجنوب ساحة لها ليس لغيرها
الدخول إليه . كما قام بتجنيس
أعداد كبيرة من طائفته لتغيير
التوازن السكاني في شمال لبنان
، وخاصة في مدينة طرابلس . وبدأ
في نقل نموذج الحكم المخابراتي
من سورية إلى لبنان . وبدأت
عمليات (التوحيد) بين الشعبين
الشقيقين في ظل وجود مئات
الآلاف من القوات السورية ،
فكانت مهزلة يسخر منها الجميع (والعجيب
أن جميع مؤسساتها قد تبخرت الآن
ولم يبق منها شيء) . ورغم
كل التغيرات التي حدثت في
العالم أواخر القرن الماضي ، من
انهيار الإتحاد السوفيتي ،
وسقوط الأنظمة الشمولية ،
والإنفتاح العالمي ، فقد كان
النظام السوري مستمرا في اعتبار
لبنان (مزرعته) الدسمة ، ولم يكن
يتصور أن يخرج أحد في لبنان عن
إرادته . وبعدما ورّث حافظ حكم
سورية لإبنه بشار الذي أغراه
شبابه في أن يكون رئيسا لقطرين
أن يتولى بشكل مباشر إدارة
الملف اللبناني . فرغب في ممارسة
ذلك بإصراره على التمديد لإميل
لحود رئيسا للبنان ، وكانت (خطيئته)
في تهديد الرئيس الراحل رفيق
الحريري عندما أبدى رغبته في
عدم الموافقة على التمديد ، وما
تلى ذلك من إغتياله الذي فجّر (ثورة
الأرز) وما نتج عنها من قرارات
دولية أجبرت بشار الأسد على
السحب المخزي للجيش السوري من
لبنان . وبقيت رسائله (المتفجرة)
لا توفر أحدا من الذين كانوا
يرفعون الصوت برفع (الوصاية)
السورية عن لبنان ، فكانت
المحكمة الدولية وما تلاها من (خدمات)
قدمها النظام في دمشق لمن أعطوه
الضوء الآخضر لدخول لبنان
ليحافظ على استمراه على الكرسي
ولإبعاد إصبع إتهام المحكمة
الدولية عنه ، وقدم قرابين لذلك
من دماء الرفاق (كنعان ومغنية
وسلمان) .
اليوم أنت أيها الرئيس
سليمان في دمشق ، يرحب بك الشعب
السوري بكل فئاته رئيسا لبلد
توأم وليس شقيقا فحسب ،
فالأواصر التي تربط بل تمزج
الشعبين في البلدين لا ينال
منها جور طاغية ، ولا ممارسات
جائرة لفئة مارست مع شعبها مثل
ما فعلت في لبنان : دكت المدن ،
اعتقلت الأحرار ، كممت الأفواه
، أفسدت الذمم والأخلاق ، نهبت
الثروات ، بررت سكوتها الاحتلال
الإسرائيلي وطلعاته الجوية فوق
القطر، وانقلبت فجأة من (الممانعة)
إلى (المفاوضة) بدون حياء أوخجل .
اليوم أيها الرئيس سليمان
أنت بين أهلك وفي وطنك ، لطي
صفحة ـ بل صفحات وسجلات ـ من
الماضي الأليم لنا كسوريين ولكم
كإخوة لبنانيين . كنتم تعلمون
وتثقون أن شعبكم في سورية لم يكن
راضيا عنها .
اليوم أنت أيها الرئيس في
دمشق ( نِـدٌ ) رغم أنف (المعلم) ،
وستبحث مع (الرئيس بشار) ملف
العلاقات الدبلوماسية وتبادل
السفارات بين البلدين . وأنت
تعرف ـ أيها الرئيس سليمان ـ أن
هذا الطلب يحز في نفوس جميع
السوريين واللبنانيين الذين
عاشوا كأسرة واحدة في بيتين .
يحق لنا أن نعبّر لك عن ألمنا من
أن نرى العلم اللبناني يرفرف
على سفارة في دمشق كأن لبنان
غريب عنا ، وهو في قلوب جميع
عائلاتنا الموزعة بين القطرين .
ولا نرضى أن يكون لنا سفارة في
بيروت لأننا نعتبر لبنان كله
بيت لنا . لكن ممارسات (الطغمة
الأسدية) أجبرتنا أن نقبل بما
يطمئنكم.
وإن تطرقت مباحثاتكم ـ أيها
الرئيس ـ إلى ملف المعتقلين و
المفقودين اللبنانيين في سجون
السلطة السورية ، فإننا نناشدكم
بحق إخوتنا كشعبين شقيقين أن
تسألوه عن مئات الآلاف من
السوريين المفقودين في السجون
السورية ـ وليس اللبنانية ـ وإن
تطرقتم إلى تعويض اللبنايين عما
(عنمته قوات الردع) خلال وجودها
في لبنان ، فهل لكم أن تسألوه أن
يعيد الأموال والممتلكات
والمساكن المصادرة لآلاف
السوريين المعتقلين والمبعدين
عن وطنهم ؟
أيها الرئيس سليمان : أثقلنا
عليك بمطالبنا فقد توسمنا فيك
الخير للبنان ، فأردنا أن يشمل
بعض الخير أهلك في سورية.
أهلا بك رئيسا للبنان
التوأم الحبيب لسورية ، رئيسا
توافق عليه الجميع ، ونحن
بانتظار زيارة قادمة لك في
ولايتك الأولى ليستقبلك في دمشق
رئيس قد توافق عليه أهلكم في
سورية ، فتطوى صفحة (الحقبة
الأسدية ) إلى الأبد . ------------------------- المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |